«الأوانطة» هي ادعاء ما ليس لك، وهي أيضا ضرب من الاستهبال والاستغفال، وهي داء واسع التفشي في الوطن العربي الشقيق، ولا يمر شهر من دون أن تعلن صحيفة عربية ان طبيبا اكتشف دواء أو علاجا ناجعا لداء مستعصٍ، ثم لا تسمع بذلك الدواء أو العلاج بعدها أبدا، لسبب بسيط وهو ان الطب بالذات يتشدد في مثل تلك الأمور ولا يُسمح بتداول علاج او عقار، ما لم يتم تجريبه وفق ضوابط صارمة على مدى زمني معلوم، ولكن بما ان كل شيء عندنا «صابون» فإن الاوانطجية يمارسون الأوانطة علنا بلا حسيب أو رقيب، وتتجلى الأوانطة في أبشع صورها في مجال التداوي بالأعشاب، حيث يقتحم المجال أشخاص صلتهم بعلوم التشريح ووظائف الأعضاء وعلم الأمراض، مثل صلة رزان بأبي الجعافر، وتحتفي الصحف بهم فيتحدث الواحد منهم عن عشبة مجربة تزيل سرطان الدم في أسبوع، ولكن الصحف لا تسأله: إذا كان ذلك صحيحا فلماذا تتعرض للبهدلة في هذا الدكان البائس وتجني دريهمات قليلة بينما بمقدورك ان تصبح مليونيرا من دون حاجة الى جورج قرداحي!! وبالمناسبة فإنني أتداوى كثيرا بالأعشاب المجربة، من دون الحاجة الى استشارة «عشّاب»، فمثلا فوائد النعناع والميرامية في علاج الاضطرابات الهضمية مؤكد ومحسوم، وخير وسيلة لوقف الإسهال الشديد هي تناول حبيبات الحلبة بكميات تجارية مع الماء، وعلى مسؤوليتي فإن الحلبة ستكتم أنفاس جهازك الهضمي والأهم من كل ذلك أنها مليئة بالحديد ونحن في السودان نصنع منها شرابا وعصيدة خفيفة للمرأة النفساء أي الحديثة الولادة بعد ان ثبت ان الحلبة تساعد في إدرار اللبن. وفي دولة الإمارات ادعى باحث ان عنترة بن شداد من أبناء منطقة ليوة غربي الإمارات، وبالتحديد في بقعة تحمل اسم الجواء! والموجع في الأمر ان الجهة التي نشرت خلاصة بحثه هي جريدة الاتحاد، التي أمضيت فيها تسع سنوات، والتي يعرف معظم العاملين فيها أن أبا الجعافر هو الحفيد والممثل الشرعي الوحيد لأبي العناتر، وان هذه المسالة لا صلح او تفاوض او تباوس فيها، ويغلب الظن عندي ان جهة سعودية قامت بتمويل الدارسة التي أجراها الباحث الإماراتي، لتضعف القضية التي أعتزم رفعها لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي للمطالبة بأملاك جدي عنترة في راس تنورة وبقيق في الشرق (يعني شركة أرامكو) ومنتجعه الصيفي في أبها عاصمة منطقة عسير في جنوب غربي المملكة، وموقفي قوي لأنني نلت الاعتراف الدبلوماسي من الأستاذ الشاعر الأديب والسفير والوزير الراحل الدكتور غازي القصيبي، - رحمه الله - بكوني حفيد عنترة ولدي مستندات بخط يده تفيد بذلك، وغازي درس القانون ولم يمارسه لأنه لم يكن بحاجة إليه، فقد حباه الله بلسان لاسع يجرح ويداوي في الوقت نفسه، ولعل بعضكم يذكر كيف خسر غازي معركة الاقتراع على منصب مدير عام اليونسكو، ثم حول خسارته إلى انتصار شخصي معنوي فندم جماعة اليونسكو على اليوم الأغبر الذي تآمروا فيه عليه، بعد أن أصدر ديوانا كاملا مسح الأرض بمن ساندوا المرشح الياباني الذي فاز بالمنصب. وحتى إذا أثبت الباحث الإماراتي ان عنترة مدفون في دولة الإمارات فإن ذلك يعزز نزعاتي الإمبريالية التوسعية، فأطالب بمضيق هرمز بوصفه من إرث جدّي! وبالمرة جزر ابوموسى وطنب الكبرى والصغرى، وعلى إيران أن ترحل عنها وأنا «أصفي حسابي» مع دولة الإمارات بتسوية ودية: مثلا تسجيل جزيرة النخيل في دبي باسم جعفرة بن عنترة العبسي الأسوداني! وبغير ذلك فإنني سأصفي حسابي مع ذلك الباحث في لاهاي، وسيندم عندما يجد نفسه في الزنزانة الملاصقة لزنزانة سيف الإسلام القذافي [email protected]