فجأة وبلا مقدمات ، طفح الكيل بشباب السودان... أصبح الناس ذات يوم ليجدوا الشباب وقد حملوا حقائبهم ، وغادروا البلد .. لم يتبق في البلد أي شاب عمره أكثر من ثمانية عشر عاما .. الخريجون ، طلاب الجامعات، العمال و العاطلين كلهم قرروا إن الحياة لم تعد تصلح لهم هنا .. بلد ليس لك فيها مستقبل أو عمل أو حبيبة تستطيع أن تتزوجها لا يعتبر وطنك .. هذا هو الشعار الذي رفعوه.. طالما إن الفتيات صرن يرتفعن وينخفضن مع الدولار ، فلنترك لهن البلد بكباره ومسئؤليه ليتنافسوا فيهن مثنى وثلاث ورباع .. وقد كان ... في البداية وبشموخ أنثوي ، قالت إحداهن : - خليهم يمشو... بنمشي أمورنا برانا وفعلا بدأن في مزاولة العمل لوحدهن .. لأول مرة صرنا نسمع عن سائقة ركشة ، وبتاعة ورنيش وأشياء من هذا الوزن ... ولكن كما نعرف جميعا ، فإن وعود البنات اللحظية شبيهة بوعود الحكومة في اللقاءات الجماهيرية .. سوف نفعل وسوف لن نفعل ألخ ألخ ، وفي النهاية سوف يفعلون حيث لا يجب أن يفعلوا .. المهم .. بدأ التململ من الشهر الثاني للهجرة الكبرى .. في الجامعات لم تعد الفتيات هن الفتيات .. ولا واحدة منهن صارت تهتم بنفسها .. إن هي إلا عباءة سوداء واحدة تدس الواحدة منهن نفسها داخلها وتهرع للجامعة .. لا كريمات ولا مساحيق وأحيانا لا سواك .. ولماذا تضع مكياج ؟ من أجل سوسن وعبير ؟ هه ؟ .. أحيانا الطرف الآخر مهم حقا لنبدى بعض الإهتمام بأنفسنا ، ولولا وجود البنات في الجامعة لرأيتم الاولاد وقد تحولوا ل( بعاعيت ) كاملة ولما تورع أحدهم ان يأتي للجامعة ب (سفنجة ) .. في الشهر الثالث أرسل الشباب رسالة مفادها أنهم لن يرجعوا مالم تتراجع الأمهات عن مواقفهن المتشددة تجاه الزواج ويطبقن قاعدة الحديث ( أقلهن مهرا أكثرهن بركة ) .. ولكن الأمهات لم يكن يعرفن حتى معنى كلمة بركة .. فالبركة بالنسبة لهن هي برج في السوق العربي ، تأتي منه الملابس والأجهزة الباهظة وبه سوق مسمى على إسم إتفاقية سلام فاشلة مشهورة ، لذلك رددن على الشباب : - أقعدو قبلكم ما تجو أو أبقو رجال وخلو حركات الإعتصامات دي وتعالو عرسو وظهرت فكرة جديدة عندهن وهي محاولة تزويج الفتيات للبنغالة .. ولكن البنغالة جميعا رفضوا وقالو بالحرف الواحد : - بنات سودان طوال هنا . قصير نحن بنات بنغالي نحب رخيص هناك غالي هنا أي إنهم حرفيا رضوا بالبنغالة ولكن البنغالة لم يرضوا بهم .. وفي النهاية تمردت الفتيات على أمهاتهن وخرجن للشوارع .. وفي خبر عاجل في قتاة الجزيرة شاهدنا الفتيات يخرجن بالألاف وقال مذيع الجزيرة : - في خطوة هي الاولى من نوعها خرجت فتيات ونساء السودان في مظاهرة حاشدة حملت إسم ( جمعة يا غريب عن ديارك مصيرك تعود ) .. وظهرت على الشاشات اللافتات التي تحملها الفتيات من طراز ( تعال بالعندك أبوي بسندك ) .. ( بعادك طال كفاية تعال ) .. أطرف واحدة منهن كانت تولول كالمجنونة وهي تحمل لافتة كبيرة كتوب عليها ) أرجع يا أبراهيم .. أمي ماتت ) كيف أنتهت هذه القصة ؟ أنا لا أدري .. مذيع الجزيرة لا يدري .. أنا بإنتظار إقتراحاتكم د.حامد موسى بشير