من القصص الخالدة والتي تركت أثرها عبر الزمن ، واستمر تداولها من جيل لجيل حتي وصلت إلينا أربع قصص زواج ناجحة ملؤها الحب والود والتفاهم ، من هذه الزيجات أربع زيجات مشهورة ، منها قصة أبونا آدم وزوجته أمنا حواء ، وقصة نبي الله إبراهيم وزوجته سارة ، وقصة سيدنا محمد وزوجته السيدة خديجة ، ثم قصة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزوجته .. وإليكم ما وردنا عن هذه الزيجات المميزة .. ** قصة سيدنا آدم وحواء : يذكُرالأثر ، أن سيدنا آدم حين دخل الجنة استوحش وحدته في جنة الله الواسعة ، وهذه هي الجنة التي يعمل كل منا لينال رضى الله فتكون هي سُكناه وجزاء عمله ، ورغم ذلك لم يهنأ سيدنا آدم بالعيش وحده ، ، وشعر أنه مُحتاج لمن يُونسه ، فبينما هو نائم إذ خلق الله من ضلعه حواء ، فاستيقظ فرآها بجواره ، فسألها : من أنت ؟ قالت : إمرأة ، قال : مااسمك؟ ، قالت حواء ، قال : ولما خُلقت ؟ قالت : لتسكن إلىّ ، سألت الملائكة آدم عليه السلام : أتحبها يا آدم ؟ ، قال : نعم ،، فسألوا حواء : أتحبينه يا حواء؟ ، قالت : لا ! ، وكان في قلبها أضعاف مافي قلبه من حب ،، فقالوا لو صدقت إمرأة في حبّها لزوجها لصدقت حواء ! كما ورد في الأثر أن سيدنا آدم بعد أن هبط إلى الأرض مع زوجته ، إفترقا في طريقهما إلى الأرض ، فظل يبحث عنها كثيراً حتى وصل إليها وكانت هذه أول قصة حب في تاريخ البشرية . ** قصة سيدنا إبراهيم وسارة : كان عليه السلام يحبها حباً شديداً ، حتى أنه عاش معها ثمانين عاماً وهي لا تنجب له الذرية التي ينتظرها ، لكنه لم يكن يرغب في الزواج من أخري حتى لا يؤذي شعورها ، حتى طلبت منه بنفسها أن يتزوج من وصيفتها أو جاريتها - السيدة هاجر - لتُنجب له الذرية التي يتمناها من كل قلبه ، وبعد أن تزوّج سيدنا إيراهيم من هاجر وأنجبت له الولد الذي ينتظر ، انتابت السيدة سارة غَيْرَةً شديدة وهذه هي طبيعة المرأة ،، فرغبت ألّا تعيش مع هاجر وابنها الرضيع في مكان واحد ، ووافق تلك الرغبة أمر الله لسيدنا إبراهيم بالهجرة بزوجته وابنه لوادٍ غير ذي زرع ،، فوافق سيدنا إبراهيم عليه السلام وأخذ هاجر وابنها الرضيع إسماعيل بعيداً إرضاءاً لزوجته الحبيبة ، وامتثالاً لكلام ربه .. فكانت تلك ثاني حالة حب فريدة من نوعها . ** قصة سيدنا محمد وخديجة بنت خويلد : الجميع يعلم كيف ساندت السيدة خديجة نبي الله محمد في بادئ دعوته ، وكيف آزرته في المِحن والمشاق والصعاب حتى أصاب جسدها الوهن بعد حصار المسلمين في شِعب مكة ، وكيف صدّقته وآمنت به في وقت كذّبه الناس جميعاً ، وبعد وفاتها رضوان الله عليها بعام ، جاءت امرأة من الصحابة لرسول الله تسأله ، ألا تتزوج كحال الرجال ؟ لديك ذُرّيّة تحتاج الرعاية ودعوة تتبعها المتاعب والمشاق وأنت بحاجة لمن يقطع معك بقية الدرب العصيب ، بكى رسول الله وقال لها : { وهل بعد خديجة أحد؟ } ، لم ينس سيدنا محمد زوجته خديجة حتى بعد وفاتها بأربعة عشر عاماً ، ولم يتزوج سيدنا محمد بعد خديجة إلا لمتطلبات الدعوة ورسالة النبوة ،وبأمر من الله ، ويوم فتح مكة وقد مرّ على رحيلها أربعة عشر عاما والناس ملتفون حوله وقريش كلها تأتي إليه ليسامحها ويعفو عنها ، فإذا به يرى سيدة عجوز قادمة من بعيد ، فيترك الجميع ويقف معها ويكلمها ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويجلس مع العجوز عليها ، فتسأله السيدة عائشة عن تلك السيدة التي ترك لها كل ذلك الحدث المهيب - فتح مكة - وجلس معها مُفترشاً الأرض ! فيرُد عليها هذه صاحبة خديجة ، فتسأله ، وفيم كنتم تتحدثون يارسول الله ؟ ، فقال : كنا نتحدث عن أيام خديجة ،، غارت السيدة عائشة وقالت له : أما زلت تذكر هذه العجوز وقد واراها التراب وأبدلك الله خيراً منها ؟ ، رد عليها النبي : { والله ما ابدلني خيراً منها ، فقد واستني حين طردني الناس ، وصدقتني حين كذبني الناس } فشعرت السيدة عائشة أن النبي غضب من حديثها ، فقالت له : استغفر لي يا رسول الله ، فقال : { استغفري لخديجة حتى استغفر لك }. ** قصة عمر بن الخطاب وزوجته : كان أحد الصحابة يضيق بزوجته جدا ، فصوتها دائما مرتفع ، وتعلمون أن من النساء من تملك حنجرة متمرسة على الصياح ، فما كان من هذا الصحابي إلا أن توجه لبيت أمير المومنين عمر بن الخطاب ليشكو له حاله ، اقترب من باب أمير المؤمنين ليطرق الباب فإذا بصوت زوجة أمير المومنين يعلو على صوت عمر بن الخطاب ، فخاب أمله وهمّ بالإنصراف ، فإذا بأمير المؤمنين يفتح الباب ويقول له : كأنك جئت لي ؟ ، قال الرجل : نعم ، جئت أشتكي صوت زوجتي فوجدتُ عندك مثل ما عندي ! ،فرد عليه سيدنا عمر بعطف مُحب : « تحمّلتني ، غسلَتْ ثيابي ، بسطَتْ منامي، وربَّتْ أولادي ، ونظّفتْ بيتي ، تفعل ذلك ولم يأمرها الله بذلك ، إنما تفعله طواعية وتحمّلت كل ذلك ، أفلا أتحملها إن رفعتْ صوتها ؟ » هكذا يكون الحب وهكذا تكون العاطفة وهكذا هي المعاملة الحسنة للزوجة ، وهذا هو سيدنا عمر بن الخطاب وخُلقه الجميل وحُلمه وصبره وسعة صدره الذي لا يضيق إلا في سبيل الذود عن الحق . هنادي محمد عبد المجيد [email protected]