هل هي نعمة ام نقمة ان يكون لك خمسة من الآباء والأمهات؟ لا أعني «مجازا» بل فعلا! إذا كنت تجيد الإنجليزية فاقرأ ما جاء في مجلة ريبروداكتيف بيوميديسين أونلاين على الانترنت، المهتمة بشؤون الإنجاب من الناحية «الهندسية».. نعم الهندسية، فقد أصبح الشغل الشاغل للعلماء هو التحايل والتلاعب بالطبيعة البشرية، ولن يتوقفوا عند مسعاهم الإجرامي الرامي إلى جعل الرجال يحبلون أي يحملون أطفالا، او بالأحرى أجنة في بطونهم، أي كروشهم (وسيقولون ما فيها شي لأنه عادي أن المرأة تحمل خارج الرحم) وكل ذلك بزعم ان حمل الرجال يكفل المساواة بين الرجل والمرأة.. في بريطانيا يعتبر برايان وودوارد أشهر خبراء علم الأجنة، وقد أشرف على أغرب عملية ولادة، وبما أنني ضعيف في علم الجبر والرياضيات عموما، فقد قرأت حكاية العملية خمس مرات حتى فهمت خطوطها العامة: العملية انتهت بمولد توأم ولد وبنت ينتمون إلى خمسة آباء وأمهات.. هذا إذا استخدمنا القاموس البريطاني، اما بقاموسنا فان التوأم «عيال حرام»، بلا لف او دوران، وبدأت الحكاية عندما تبرع زوجان لعيادة تخصيب ببويضة مخصبة تم تجميدها مدة طويلة، وكانت هناك امرأة في السابعة والعشرين قد خضعت في طفولتها لعلاج إشعاعي قضى على سرطان عانت منه، وبعد الزواج اكتشفت انها غير قادرة على الإنجاب، وفشلت كل محاولاتها للحمل بالأنابيب والمواسير والتحاميل/ اللبوس، لأن رحمها لم يعد مهيئا للحمل.. ذهبت هذه المرأة إلى العيادة التي فيها البيبي المجمد بنفس طريقة الدجاج «الطازج»!! نعم فالدجاج الطازج المجمد اختراع عربي لأن العربي يشتري الدجاج الطازة ثم يضعه في الفريزر، ويزعم أنه لا يشتري الدجاج المجمد.. المهم ذهبت تلك السيدة واشترت البيبي من ثلاجة العيادة! طيب ما العمل ورحمها لا يصلح لحمل البيبي الجاهز بعد «تذويبه»؟ فكرت وقدرت وذهبت إلى أمها التي لم يكن الطمث قد انقطع عنها وقالت لها: ايه رأيك يا مامي تجيبي جوز بيبي.. يعني توينز،.. توأم، وتكوني أمهم وجدتهم في نفس الوقت؟ فكرة هايلة تهبل تجنن.. وتدخلي التاريخ.. فكرت الأم، وراقت لها حكاية دخول التاريخ وقالت لها: أوكي.. نو بروبليم! وهكذا انطلقتا إلى العيادة حيث تم وضع الجنين المجمد في فرن المايكروويف (هذه من عندي لأنني لا أعرف كيف يقومون بتسييح وتذويب البيبي المجمد)، وبعد ذلك زرعوا التوأم في رحم أم السيدة بنت السابعة والعشرين.. وسار الحمل على ما يرام وولد التوأم بعملية قيصرية.. طيب: من الناحية القانونية فان للتوأم أم طبيعية هي صاحبة البويضة المخصبة وأم أخرى هي ام السيدة العاقر التي حملته تسعة أشهر في بطنها! هنا ظهرت الأم الثالثة التي هي العاقر التي اشترت بيبي الفريزر وأقنعت أمها بان تحمله في بطنها،.. فقد ذهبت وزوجها إلى المحكمة حيث نالتا حق تبني التوأم.. ومن جانب آخر هناك الأب الفحل الذي قام بتخصيب البيبي وكانت بالتالي زوجته شريكة في التبرع به، وهناك زوج المرأة العاقر الذي صار أبا للتوأم بحكم القانون البريطاني الذي يبيح التبني... ثلاثة أمهات وأبوان.. تذكروا ان علماء من الصين نجحوا قبل أعوام في تخليق كائن نصف أرنب ونصف بشري، علما أن القانون الصيني يجرم إنجاب اكثر من طفلين وان القانون البريطاني رفض تحريم مثل ذلك العبث بحجة انه سيضر بالبحث العلمي (عاش خريجو كليات الآداب والعلوم الإنسانية). جعفر عباس [email protected]