مباشرة بعد أن أدليت بحديثي للتلفزيون القومي حول "مذكرة الإصلاحيين" هاتفني وراسلني منتقدا الشيخ والدكتور والمجاهد اسامة توفيق وذلك لأنني اختزلت القضية في مطالبتهم بتراجع الحكومة عن قرارها برفع الدعم والبحث عن بدائل عبر خبراء. وحسب الشيخ أسامة فإن المذكرة المقدمة شاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي وليست مجرد رد فعل لموضوع رفع الدعم والاحتجاجات التي تلته وأنني فهمتها خطأ. قبل شرح وجهة نظري أؤكد حقي الطبيعي والدستوري في تبني الإصلاح وحقي الطبيعي والدستوري أيضا في انتقاد هذه المذكرة واعتبارها خطأ كما أود أن أؤكد أن الشخصيات الموجودة في كشف المذكرة كلها قمة في الكسب والعطاء وتجد تقديرا لا حدود له من شخصي الضعيف وخاصة الدكتور غازي صلاح الدين لأنه مفكر إسلامي ومن البدريين الذي لا يزايد عليهم أحد كائنا ما كان ولكنني أود تسجيل هذه النقاط الناقدة للمذكرة ودعاتها: 1- مفردة الإصلاح لا يوجد شخص عاقل يرفضها ولكنها إذا كانت تعني الرغبة في التجديد والتغيير والصدع بهذا القول علنا وعبر مقالات ومذكرات فإن هذا التوجه لا يجوز اختزاله في الشيوخ والرجال الأكارم والنساء الفضليات الذين وقعوا على هذه المذكرة المتزامنة مع الأحداث المؤسفة في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر. هنالك شخصيات داخل الحزب والحكومة سجلت اعتراضات مشهودة وقدمت أفكارا وخططا ومازالت تجتهد في نشاط واضح في تصحيح ما تراه معوجا ولكنها تختار الأسلوب والطريقة والتوقيت لهذه المجهودات الإصلاحية. 2- ما زلت منتقدا تزامن المذكرة مع احتجاجات سبتمبر وبالرغم من حديث الدكتور أسامة أن الدعوة الإصلاحية سابقة للمذكرة ولا علاقة لها بالتوقيت المذكور ومع أنني أقر بهذا السبق وأقر بوجود أدبيات جيدة في مقالات الإصلاحيين عموما و(ليس أهل المذكرة وحدهم) ولكنني أعتقد أن التوقيت غير موفق إطلاقا وبالنسبة لأبسط الناس معرفة بالسياسة سيرى أن التوقيت مقصود لذاته بغرض المساهمة في ثورة كانت "متوقعة" ... ولذلك أنا أرفض المذكرة لأنني إصلاحي ولا أتحالف مع دعاة إسقاط النظام وهذا من حقي! 3- من الخطأ بمكان أن يتم الزج بمطلب إداري اقتصادي في المذكرة أو "الخطاب المفتوح كما يقول شيخ أسامة"، ولذلك فإن الحديث عن ضرورة تراجع الحكومة عن قرار رفع الدعم يعتبر قضية تفصيلية وليست مطلبا إصلاحيا كليا. 4- هنالك أدبيات مصاحبة للآراء الإصلاحية المنسوبة لعدد من الرموز الإصلاحية ومنها الطعن في "نيفاشا" والزعم بأنه بالإمكان أحسن مما كان لو لم يتم تحويل ملف التفاوض من الدكتور غازي صلاح الدين للأستاذ علي عثمان محمد طه وهذه مجرد مزاعم الغرض منها المفاضلة بين الأشخاص تحت غطاء المفاضلة بين "مناهج" ومن المعروف أن منهج "ميشاكوس" التي أقرت حق تقرير المصير والانفصال لجنوب السودان هو منهج "نيفاشا". كما أن الزعم بأن الدكتور غازي صلاح الدين كان يرغب في إشراك القوى السياسية كلها فالسؤال لماذا لم يشركها في "ميشاكوس"؟! وحتى لو أشركها هل كان ليمحو حق الانفصال الذي مهره بتوقيعه في "ميشاكوس" وعلى فرض أنها شاركت ألم يكن من المتوقع أن تنحاز للحركة الشعبية كالعادة وتركل الحكومة كما كانت تفعل كل مرة وعندها ستندم الحكومة لأنها استضافت خصما ومنحته ثلث الطاولة فانضم للثلث الآخر وهو الحركة الشعبية. 5- ونواصل الطرح .... أنا مع الإصلاح يا شيخ اسامة ولكنني أرفض ديكتاتورية الإصلاحيين وإصرارهم على إجبارنا على نقد أمور محددة من وجهة نظر محددة... والتحية عبرك للشيخ غازي مع كامل الود والتقدير. نهاركم سعيد - مكي المغربي صحيفة السوداني