يوم دموعه حلوة .. وضحكاته من القلب.. و حكاياه لا تنسى، مزاجه من مسك وبخُور وصندل، وبينما تتوسط تلك الجميلة (نوارة) البيت كل من أحبوها وهي في حلة من الدانتيل الأبيض.. تضرب اكفهن الناعمة على طبول الفرح.. ثم تفتح أبواب البيت أحضانها للآتين على شرف تلك الغالية وتصدح الحناجر النسائية لها بالزغاريد وهن يغنين لها ( عروسنا قمر بين الأزهار )، وبينما يردد القاضي بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير، تكون هي في مكان ما، ربما أمام مرآة أو بين صديقاتها.. أو حتى نائمة في بيت الجيران، المهم أن الخبر الذي يخصها بالذات سيطرق بابها عاجلاً أو حتى آجلاً، والمهم أنها مآل الأمر سوف تستلم صك تزويجها ومعه خمسون جنيهاً كمهرها الشرعي!. هذا على طريقتنا وعلى طريقة الإمام مالك، أما على طريقة المسلسلات التركية فإن عقد القران لا علاقة له بالمسجد، والقاضي لن يجلس قبالة العريس ووكيل العروس ولكنه سيأتي متبختراً بعباءة القضاة المهيبة بشرائطها الحمر ثم يجلس قبالة العريس ومعه العروس حتى توقع العروس بنفسها التوقيع الأهم في حياتها، والذي في الغالب لا ينوب فيه عنها أحد، ورغم أن مراسم الزواج على الطريقة الاسطنبولية هي مراسم زواج مدني ولكن وفقاً لمذهب الإمام أبو حنيفة فإن المرأة يحق لها عقد قرآنها بنفسها، فلماذا لا تتوسط العروس الطاولة، أو على الأقل .. تجلس شاهدة على قرانها بدل أن يتم تبليغها بعد كل من لا يهمهم الأمر ؟ كانت (هدى) هي الفتاة الأولى التي أصرت على حضور عقد قرانها على الرغم من الانتقادات الاجتماعية، وباسم المساواة بين المرأة والرجل تشاطرت مع العريس كل التكاليف الخاصة بالزواج حتى تلك الخاصة بجهاز العروس أو (شيلتها) التي اشترتها على نفقاتها الخاصة، وبالرغم من اختيار هدى اليوم الثامن من مارس وهو التاريخ الموافق لليوم العالمي للمرأة ليكون تاريخ زفافها على (طارق)، واعتمادها على احترام تاء التأنيث فيما كتب على رقاع الدعوة .. إلا أنها باختيارها اقتسام الأعباء والمشاركة بمالها الخاص وبصورة صريحة مناصفة مع العريس و بإصرارها على القيام بأعمال (النقاشة) لم تخدم قضايانا كنساء بشيء، ولم تقدم مثلاً وجب الإحتذاء به في إنصافنا، بل على العكس فهي بذلك جردت نفسها من الحق الوحيد الذي لا يقبل الجدال و يقره الله ومن بعد أمره الناس!. متى سوف نفهم جميعاً أن المساواة لا تعني تبادل الأدوار أو المشاركة في كلها، فعلى الرغم من أن المرأة يحق لها الحصول على حقوق مواطنتها الكاملة تماما مثل الرجل، وأن تشترك في القرار داخل مؤسسة الأسرة ويشاركها الرجل في الأعباء فإن الإنفاق هو الحق الوحيد الذي لا يصلح التخلي عنه تحت أي ظرف، لأن الرجل لن يشاركك وان استطاع كل ما تضطرك الحياة لإحتماله من مخاض أليم وفصال في عامين ولن يحمل عنك مسئولية وهموم تربية الأولاد، يحق لك وأنت الزوجة حتى وإن شاركك الرجل في كل الأعباء المنزلية, بذلك الحق المنصوص عليه في دستور الإسلام، فإن ذلك العبء يمثل جوهر قوامته على المرأة وهو مكلف برعايتك وتعزيزك ومناط به الذود عن حماك حتى الموت، وبذلك .. وعندما يقوم بتلك الأدوار على أتمها فقط يستحق أن تتنازلي له طواعية عن رتبة القبطان وتنزلي إلى رتبة قبطانٍ ثاني بالطبع وليس مجرد تابعة مطيعة، إذن فبأي منطق يعد تنازل المرأة طواعية عن أهم حقوقها تعزيزاً لمكانة النساء يا هدى؟. أرشيف ساندرا طه - صحيفة حكايات