البارحة يوم 19/2/2014 وأول التسعينات.. العداء الملحاح يجعل الخرطوم تبعث الزبير إلى مبارك في مصر ليسأله عن السبب. والأسبوع الأسبق الخرطوم تبعث الفريق عبد الرحيم إلى السيسي ليسأله عن السبب. سبب العداء المجنون. والسؤال هنا وهناك يفترض أن مصر تملك أمر نفسها.. والافتراض خاطئ. «2» ونهار الإثنين لمَّا كان البشير في إثيوبيا كانت الصحف تحمل الطلب المصري الذي يرجو من الخرطوم قيادة الوساطة بينها وبين إثيوبيا. ومصر.. في اليوم ذاته.. تعلن ضم حلايب إلى مصر!! ونحدث هنا الأسبوع الأسبق عن خلية من خلايا التمرد ترصد مطار الخرطوم. والخلية تذهب.. ومخابرات مصر تفتح محلاً تجارياً قريباً من مطار الخرطوم للقيام بالمهمة هذه. وتفتتح «خلايا» أخرى. وتقارير عالمية ممتعة تقص الحكايات عما تفعله مخابرات العالم بمصر.. والسودان.. والسعودية. وتجعلها تتخبط. «3» وما بين عام 2011 واليوم كل شيء يضج. والمخابرات العالمية التي تعيد تخطيط المنطقة تجعل أخطاء «المدافعين» أسلحة جيدة لتنفيذ المخطط كله. ومن المدافعين.. كانت السعودية. و المعركة السورية تجعل «فرز الكيمان» يتكامل. والعالم الإسلامي يصبح الآن هو حرب «سُنة ضد الشيعة» وحرب «حكام ضد الشعوب». وحرب «مخابرات أجنبية تضرب هذا بهذا» ويناير 2011 السعودية تصرخ في واشنطن تحتج على خذلان أمريكا لصديقها زين العابدين بن علي في تونس. ولما كانت طائرة زين العابدين تهبط جدة/ بعد أن رفضت باريس استقبالها.. ومصر والمغرب/ كانت السعودية تعرض على شاشات العالم مشهد طائرة شاه إيرانوواشنطن وأصدقاء واشنطن كلهم يغلق مطاراته حتى لا تهبط عليها طائرة صديق واشنطن الأول.. شاه إيران. والسعودية التي تشعر بالخطر تعيد الحسابات. والسعودية قائدة معسكر السُّنة ضد الخطر الشيعي.. تدعو المغرب والأردن «أيام هياج المظاهرات هناك» للانضمام إلى حلف الخليج. السعودية كانت تهرع لإصلاح الخطأ حين أبطأت في دعم صالح في اليمن ومبارك في مصر. ومدهش أن السعودية بعدها تصلح الخطأ هذا بدعم حكومة السيسي في مصر ضد الإخوان المسلمين/ الفصيل المثقف في العالم السُّني كله/ وتدعم المخطط الإيراني في السودان ضد الحكومة السُّنية.. ولا خطأ هنا فالسعودية تدعم المخطط الإيراني في السودان. فالمخابرات الإيرانية تجعل السعودية تعتقد أن الخطر الحقيقي ليس هو ما ينحدر من إيران الشيعية. وتجعلها تعتقد أن الخطر هو ما يصعد من الخرطوم السُّنية ومن القاهرة السنية. «4» لكن العاصمة السورية تصبح هي «الطرد المركزي» الذي يجعل التقسيم الجديد للمنطقة يبلغ درجاته العليا. تقوده عوامل كاسحة. والصراع الروسي الصيني/ الغربي يقفز إلى مرحلة جديدة. وروسيا والصين من هنا وأمريكا وحلفاء الحرب العالمية الثانية من هناك كلهم ينطلق إلى الحرب الجديدة. حرب المال من هنا «بيع السلاح واحتكار الأسواق» وحرب النفوذ من هناك. وحرب النفوذ في المعسكر السُّني الإسلامي تشتعل. «وقطر والسعودية وتركيا كلهم يسعى إلى مركز قيادة العالم الإسلامي السُّني».. ويتعاركون. وإيران التي كانت تخوض حرب الثمانينات ضد العراق بأموال القذافي تستعيد المشهد الآن وهي تجد الجيش الحر يخوض حربه ضدها بأموال السعودية والخليج. والهياج المختلط هذا يجعل مصر الآن تتخبط. والهياج هذا.. والتخبط هذا.. أشياء تعد لمصر أياماً رهيبة قادمة. وسقوط مصر يكمل سقوط قضية فلسطين. وسقوط السودان يكمل سقوط العالم الإسلامي. آخر الليل - اسحق احمد فضل الله صحيفة الانتباهة