أخواننا الأتراك.. عشقي لهم لا تحده حدود, فرغم أن مسلسلاتهم تتسم بالكثير من الحشو ولا تسلم أحياناً من المشاهد الخارجة عن اللباقة, ولكن بما أننا نحنْ _أي الشعب السوداني سمح الخصال_ نتميّز بشيء من (القردنة) وبعض (الببغائية), تجدنا نتفاعل كثيراً مع ما نشاهد ونقرأ على طريقة ماذا شاهدت البارحة, المهم أنه ومنذُ عرض المسلسل سيء الذكر (نور) والذي تسبب في طلاقات سببها الولد الأصفر مهند.. أصبح الشعب أكثر تقبلاً لموضوع الرومانسية, والتي لم تكن من قبل ضمن (المنيو) في مطبخ العرس السوداني.. أما على أيامنا فإنه وبحمد الودود " الما رقص (سلو) ما عرّس!. تمهلوا قليلاً.. فأعمامنا وعماتننا الأكبر سناً والذين مادار لهم يوماً في خلد أن يشهدوا اليوم الذي سيمسك فيه الأزواج أيادي زوجاتهم علناً في شوارع الخرطوم! لهم الحق كله في الإصابة (بالرمد الربيعي) بعد مشاهدة النسخة السودانية من نور في حفلة عرس, حيث أن التقاليد _أعني التقاليد التلفزيونية على غرار (تباً لك كرستيانو)_ صارت تقضي بإنهاء رقصة الاسلو بقبلة ضرورية محلها من الإعراب معروف.. و يحكى أن شقيق العروس الحِمِش _والمعذور طبعاً_ لم يتمالك غيرته وهو يشاهد من يتحرش بأخته علناً ليندفع نافشاً ريشه مثل معتز في باب الحارة نحو العريس في مشهد غاية في الغرابة وهو ينوي ضربه.. وربما بعد نزول ابليس عن مراجيح عقله وبعد أن حاول المعازيم تهدأته خشية أن يسلم العريس لشرطة الآداب! استدرك الشقيق الحمش ان التحرش قانوني فطلب منه ومعه لفيف من أعمامه وأخواله أن يطلق ابنتهم محتجين بعدم أحترامه لهم وتجرأه على لمسها في حضورهم!. وبصرف النظر عن مدى شناعة الفعلة في نظر الأعمام والعمات أو سواههم.. لكنها ومن وجهة نظري المتواضعة جداً.. حرية شخصية! إذ أن الحرية الشخصية للفرد تقف عند حدود الإخلال بالحلال والحرام أو ضرر الغير, فما الضرر الأخلاقي والمعنوي الكبير الذي سيسببه للمجتمع مشهد الغزل الحلال في العرس بين من جمع بينهما المأذون على سنة الأمين ومذاهب الأئمة الأربعة بينما تطاردنا على المحطات مشاهد مهند وسمر الذين جمع بينهم السيناريو على برَكة الخيانة وعلى طريقة المخرجة هلال سارال!. يقال أنه وعند ظهور الدراجة في السعودية لأول مرة أفتى شيوخ (بريدة) بتحريم ركوبها ولقبوها بحمار ابليس فكانوا يشيحون بوجوههم عن راكبها ويحرّمون عليه حمل الطيبات!, وبنفس الطريقة استنكر ود الراسي ابن الجزيرة على صديقه العريس رقصة الاسلو لأنه وبلا (حليفة) كان شريكه بالأمس في (حش) البرسيم!, والرقصة مع طقوسها بالمثل تعدّ عادات شيطانية رجيمة بالنسبة لمجتمع اعتاد أن يقابل كل جديد لم يتعود عليه بالكفر, فلماذا لا نحاول لمرةِ أن نوارب الباب قليلاً لشيطان التودد المطرود من جنتنا منذ الأزل.. والحبيس في قمقم دواخلنا ليخرج ويحقق لنا تمنياتنا المدفونة التي ننكرها.. والتي نتستر عليها بكل ذلك النفاق الساذج!. (أرشيف الكاتبة) ساندرا طه - صحيفة حكايات