*دخل (حكيم) على خليفةٍ أموي فوجده يستجدي جلساءه أبياتاً (يسهر!!) بها .. *فانبرى من ينشد له من شعر الأحوص : يادار عاتكة الذي أتعزل ، حذر العدى وبه الفؤاد موكل .. *فأشاح الخليفة بيده تأففاً .. *فتقدم آخر ينشد له من شعر جرير : هاج الهوى لفؤادك المهتاج ، فانظر بتوضح باكر الأحداج .. *فلم يتحرك لها الخليفة .. *فرفع ثالث صوته منشداً من شعر المجنون : بربك هل ضممت إليك ليلى ، قبيل الصبح أو قبلت فاها ؟.. *فأعرض عنه الخليفة وقد بد عليه الضيق الشديد .. *وهنا فاجأ أحدهم الجميع وأنشد - متجرئاً - أبياتاً (هابطة!!) نستعيض عن بعض مفرداتها بنقاط : أحب منك منك منك ، مكاناً ..........، ف........فيه فيه فيه بمثل........ *فاتفض الخليف طرباً وصفق بيديه طالباً (الشراب) و(القيان) و(الدفوف) .. *ثم طفق يستعيد الأبيات هذه حتى مطلع الفجر .. *فقال (الحكيم) أنه أدرك ساعتذاك أن عهد بني أمية قد ولى ؛ و(قد كان!!) .. *والآن ندرك نحن - دونما حاجة إلى (حكمة) - أن (عهداً سودانوياً) قد ولى من منظور (المقياس الغنائي!!) ذاته الذي اعتمده الحكيم هذا .. *فحين تجد أن مناسبة فرحٍ ما لا يطرب فيها القوم - شيباً وشباباً - لكلمات أغنية (غصن الرياض المايد).. *ولا تهزهم كلمات أغنية (يامسافر وناسي هواك) .. *ولاتحرك فيهم ساكناً كلمات أغنية (الزمان زمانك) .. *وتجد - في المقابل - أن هؤلاء أنفسهم يتصايحون بجنون مع كلمات من قبيل التي طرب لها الخليفة الأموي ذاك فاعلم أن (الزمان) ماعاد هو (زماننا) اقتباساً من الأغنية أعلاه .. *وعلى كل (من يعنيه الأمر!!) أن يفسر (الزمان) هذا تبعاً لما (يليه) .. *فلو لم يكن هنالك (هبوط ذوقي) - ذو غلبة - لما احتشدت فضاءاتنا و(فضائياتنا) بكلماتٍ من (قاع المدينة!!) .. *وأحد (مبتذلي) الكلمات هذه يفاخر البارحة - دونما حياء - بأنه (أثرى) من مده (مغنواتية) زماننا هذا بها إلى حد تعيينه (حرساً خاصاً) يرافقونه في حله وترحاله .. *ثم أثرى (المغنواتية) هؤلاء بدورهم - من التغني بالكلمات هذه - بما أن من بيننا (أشباهٌ كثرٌ!!) للخليفة الأموي ذاك يعجبهم كل (منحطٍ) من الغناء و(تافه) .. *وليفرح شاعر (أحب منك منك منك) ذاك - في قبره - وقد أنجب زماننا هذا تلاميذ له يحملون معاوله ذاتها (هدماً للأمم!!) .. *وليحزن - قبل فوات الأوان - من هم في (مقام الخليفة المذكور) إعراضاً عن جيد الغناء و (محتشمه) .. *وليتأهب (حكيم) ما - إن لم نتدارك الأمر- ليصيغ لنا خبر (نعينا) ونحن في فورة إعجابنا ب(حرامي القلوب !!) .. *ثم يقول - مشيراً إلى (حرامي الشعوب)- : (علمت أن أمرهم قد ولى !!!!!) *وذلك بدلاً من أن أعالجها قبل أن تصير مدعاةً ل(الدهشة !!!!!) . بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة