وغائِيّ اسم منسوب إلى غايَة، وعلَّة غائيّة: هي التي من أجلها يُصنع الشَّيءُ، أما بله الغائب، فهو مصطلح صحفي جديد سكّته (صُحف الخرطوم) بما بهدف الترفيه على قرائها من عنت ومشقة يوميات الحياة، والتخفيف على قرائها من غلواء عناونينها الرئيسة التي تحتاج (أن تُحلب عليها ليمونة) قبيل قرائتها. ومن أجل هذه (العلة الغائية)، صنعت صحف الخرطوم نماذج كثيرة – بمثابة مقبلات – لفتح الشهية، فكان بله الغائب بين تلك المقبلات (كشطة قبانيت)، يسيل لعاب الصحافة كلما ذُكر، لكنه أيضاً يجعلها كطفل في مرحلة (تسنين)، يحتاج (مريلة) حتى لا تتسخ ملابسه. (العلة الغائية) الحقيقة التي صنع من أجلها هذا الشيء الذي اسمه (بلة الغائب)، علة سهلة الإدراك، لكنها عصيّة على (التصريح)، على الأقل حتى تخلع الصحف عنها (مريلتها) وتشب عن الطوق – فلا زالت بعد (طفلاً يحبو)، تحت إشراف وعاية والديه – وليست متاحة له حُرية كاملة في فعل ما يُريد، إذ أنه لم يبلغ الأهلية بعد. المتأمل لغائلة (بله الغايب) التي رمت الصُحف هذه الأيام، يشعر أن الوضع الراهن كله أصبح (ما عندوش أخلاق)، ألم يقل بله الغائب ل (دلاّي) أمس، إن السُفلي جن كافر (ما عندوش أخلاق)، ألم يقل لمضوي قبل إذ، إن الطائرة الماليزية اختفت في بلاد الجن الأحمر، ألم يقترح على الحكومة تشكيل قوات مسلحة من النحل، ما يجعل الصحف تكتب عناوين غريبة، مثل ما صرح قائد العمليات اللواء ركن (نحلة بين عسل) أن الأوضاع صارت أكثر استقرارا بعد أن أحكمت القوات المسلحة النحلية على كل الخلايا المتمردة. حضور (الغائب) الفذ، وحلولة الدائم ضيفاً على الصحف، لا ينبغي أن يمضي – هكذا – دونما (وقفة)، ليس (وقفة) على (عرفة بلة)، ولا على أبواب عاد وثمود، بل على عتبات الصحف، لأن الرجل تمدد في غيبوبته حتى ترك بلاد الجن الأحمر والجن التركوازي، واصبح يتحدث عن نسبة الفقر، ويكذب الأرقام الرسمية، بل ولا يعرف حتى اسم الرجل الذي ادعى أنه قدم إليه دعوة لحضور أحد المؤتمرات الإسلامية في الأردن، فهل يعقل أن لا يعرف أحد المرحوم الشيخ (محمد متولي الشعراوي)، لكن بله يقول (متولي الشعراني). إذن، ما الغاية، لولا أن الصحف ضربها الجن حين غفلة، من أن يحدثنا بله ونحن نستمع إليه ببله شديد عن (الجن الرومانسي الذي له علاقات مع نسوان البشر)، وأن كثيرين ممن يمشون يومياً في مناكب العاصمة ويأكلون من رزقها (إن وجد) نفر من الجن، وليسوا بشراً أسوياء، ثم يتحدث عن أن (البابا) أهداه صورة للجن الحقيقي ( ما المزور)، لذلك فهو يعلقها على صدر مجلسه. غايتو، مما ربنا خلقني، ما شفت انحطاط زي دا، يعني هسي الناس في شنو (وبله والصحافة) في شنو؟ الحصة الأولى - صحيفة اليوم التالي