ونصل اليوم لسلسلة مراجعات الانتخابات العربية التي جرت وتلك التي ستجري في غضون الأشهر القليلة المقبلة، نصل إلى بلد المليون شاعر، إلى ديار بني شنقيط التي تشبه السودان في كل شىء، حتى في الخيبات السياسية. حيث يتقاسم البلدان تاريخاً من الانقلابات العسكرية، بجانب التقارب الاجتماعي والثقافي بين البلدين، ولكننا لسنا بصدد حصر نقاط التلاقي والتمازج بين البلدين، وهي كثيرة بل بصدد الحديث عن الانتخابات الرئاسية التي تقرر لها يوم 21 يونيو المقبل، وكما أشرنا أن موريتانيا والسودان يتشابهان حتى في الخيبات السياسية، فالأجواء السابقة لهذه الانتخابات هي ذات الأجواء التي تعيشها الساحة السياسية في السودان. حيث تطالب المعارضة الموريتانية إرجاء موعد الانتخابات من أجل إتاحة الفرصة لفتح حوار موسع مع المعارضة التي تتهمها الحكومة بالفشل السياسي الذي أدى إلى انهيار الحوار بينها والحكومة، ذلك الحوار الذي كان يعول عليه كثيراً في تمهيد الأرض لإجراء الانتخابات في أجواء توافقية تضمن مشاركة واسعة لأحزاب المعارضة التي هددت بالمقاطعة بعد صدور مرسوم رئاسي مثير للجدل يحدد كما تقول المعارضة موعداً للانتخابات من جانب واحد تجسيداً لعودة النظام لأجندته الأحادية. وفي خطاب إعلان ترشحه في الانتخابات المقبلة، شدد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على أن الانتخابات الرئاسية ستنظم في موعدها، ولن يتم تأجيلها بأي شكل من الأشكال، واضاف: إن كان هنالك من سيقاطع الانتخابات، فأنا لن أقاطعها. بهذا الخطاب وضع الرئيس الموريتانى المعارضة في موقف صعب، فهو لم يترك لها الباب موارباً، بل كان الخطاب الذي يندرج في إطار الحملة الانتخابية يسعى إلى إبراز المعارضة كشريك غير جاد في العملية السياسية، خصوصاً وأن الساحة السياسية في موريتانيا عقب فشل الحوار الوطني تمور بتراشقات بين الحكومة والمعارضة، يتبادل خلالها الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن فشل الحوار. حيث أعلن وزير الإعلام الموريتاني سيدي محمد ولد محمد أن الحكومة لا تزال مستعدة للحوار مع المعارضة رغم ما يواجه هذا الحوار من صعوبات، متهماً أطرافاً في المعارضة باختلاقها، مؤكداً أن الحكومة قدمت الكثير من التنازلات في الوقت الذي ترفض فيه جهات في المعارضة الدخول في الحوار بجدية. من جهته وجه المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، انتقادات قوية للحكومة اتهمها فيها بانعدام الجدية في الحوار، وقال في بيان إن تحديد موعد الانتخابات الرئاسية «أجندة أحادية خطيرة على مستقبل الديمقراطية في موريتانيا». إذن انتخابات أخرى ستجرى في البلدان العربية دون أن يتوفر لها الحد الأدنى من التوافق على إجرائها من حيث التوقيت والطريقة، ما يجعل نتائجها المتوقعة بفوز الرئيس محمد عبد العزيز بولاية ثانية يشوبها الكثير من النواقص. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي