تحل بعد أيام الذكرى الأولى لتظاهرات 30 يونيو/حزيران، التي أعطى بعدها وزير الدفاع المصري "آنذاك" عبد الفتاح السيسي، مهلة ال 48 ساعة للرئيس للاستجابة ل"المطالب الشعبية"، ثم أصدر بيان 3 يوليو/تموز، الذي عزل بموجبه الرئيس الأسبق محمد مرسي في مشهد شاركت فيه قوى سياسية ورموز دينية. هذا التاريخ لم يكن فقط نهاية لحكم أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011، لكنه كان إيذانا ببدء حقبة جديدة من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي، وصلت فيها بعد عام إلى وضع "لا تحسد عليه" بحسب مراقبين. قوام هذه الحقبة، هو حاضر "محاصر" عبر أحكام قضائية بمصادرة أموال وقبضة أمنية تواجه مسيراتهم ومظاهراتهم، ومستقبل "غامض" في ظل وجود قيادات الجماعة بالسجون، وماض ينتظر حكما قضائيا بتجريد الرئيس الأسبق محمد مرسي من شرعية انتخابه رئيسا. * الحاضر المحاصر: منذ ألقى وزير الدفاع " آنذاك" عبد الفتاح السيسي بيان عزل مرسي في 3 يوليو، بدأت إجراءات محاصرة حاضر الإخوان، عبر ملاحقات أمنية طالت أغلب قيادات الجماعة الذين أودعوا السجون، وشملت تلك الإجراءات القاعدة الشعبية لهم، بل وامتدت للمتعاطفين معهم. وتردد الجماعة بأن هذه الملاحقات منبعها بالدرجة الأولى "الخصومة السياسية "، وهو ما ترفضه وزارة الداخلية المصرية، عبر التأكيد على أن هذه الملاحقات، هي تنفيذ لقرارات صادرة من النيابة العامة، بحق متهمين بارتكاب أفعال جنائية (عنف وتحريض على العنف). وتضاربت المعلومات حول تقدير أعداد المحبوسين، فبينما يقدرهم، جورج إسحق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) ب 8 آلاف، رجحت تقارير صحفية أجنبية في مارس/آذار من العام الجاري وصول أعدادهم إلى 16 ألفا، وذهبت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" الحقوقية، في تقرير لها، خلال شهر يونيو/ حزيران الجاري إلى أن عددهم وصل إلى نحو 41 ألف شخص. وإلى جانب الحصار الأمني، تعاني الجماعة حاليا، من حصار يستهدف وجودها في الأساس، وذلك من خلال أحكام قضائية تحظر أنشطتها (وهي أحكام ما زالت في طور النظر القضائي من طعون واستئناف). وأصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في سبتمبر/ أيلول الماضي، حكما ب"حظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، وجماعة الإخوان المسلمين المنبثقة عنه، وجمعية الإخوان المسلمين، وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها والتحفظ على جميع أموالها العقارية والسائلة والمنقولة"، وهو الحكم الذي يواجه طعونا. وتبع هذا الحكم حصار اقتصادي، شمل تشكيل لجنة قضائية في سبتمبر/أيلول الماضي لحصر وإدارة أموال الإخوان المسلمين، وأصدرت هذه اللجنة قرارات بالتحفظ على أموال ومشروعات اقتصادية ومدارس تملكها قيادات الإخوانية، آخرها كان التحفظ على سلسلتي المحال التجارية "زاد" و "سعودي" المملوكتين للقياديين الإخوانيين خيرت الشاطر وعبد الرحمن سعودي. غير أن محكمة القضاء الإداري، أوقفت الثلاثاء الماضي، قرار التحفظ على الأموال الذي أصدرته اللجنة القضائية، وقضت ببطلان القرار، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة فى ذات الشأن أواخر العام الماضى. ومثل الملاحقات الأمنية، يردد الإخوان أن الأحكام القضائية لا تستند لإجراءات قانونية، لكن منبعها "خصومة سياسية"، غير أن وزارة العدل دائما ما تردد أن القضاء المصري مستقل ونزيه ولا يتأثر بالمواقف السياسية. * المستقبل الغامض: وفي ظل هذا الحصار والمنع، يبدو مستقبل الإخوان غامضا، لاسيما أن الأشخاص الذين من المقرر أن يخططوا لهذا المستقبل موجودون في السجون حاليا. ويرى عدد من الخبراء حراك الإخوان الاحتجاجي وأنصارهم "لا يستند إلى رؤية مستقبلية، ويبدو بلا هدف"، وأرجعوا ذلك إلى غياب القيادات في السجون ومن بينهم مرشد الإخوان. ولا يبدو في الأفق القريب، أن ثمة تسوية سياسية يمكن أن يتم بموجبها الإفراج عن قيادات الإخوان، بل إن مرشدهم محمد بديع صدر بحقه حكم بالإعدام، وأحيلت أوراقه إلى المفتي في قضية أخرى ينتظر الحكم عليه فيها بالإعدام أيضا. ويطرح البعض رؤية للتصالح بين الدولة وجماعة الإخوان، غير أن هذه الأصوات تواجه بانتقادات من الطرفين، حيث يقول الإخوان إن لهم قتلى، سقطوا من أجل تحقيق مطلب "عودة شرعية الرئيس الأسبق محمد مرسي" ولا يمكن التنازل عن هذا الهدف، بينما تصف الدولة الإخوان بأنها جماعة "تلوثت أياديها بدماء الشعب المصري"، وأنه لا تصالح مع من تلوثت يديه بالدماء. وفي هذا الإطار، فإن مصير حزب الحرية والعدالة "المنبثق عن الجماعة" لا يزال غامضا أيضا، حيث حددت محكمة مصرية، يوم الرابع من أغسطس/ آب المقبل، للنطق بالحكم في دعاوى حله، والتي أقامتها قوى مدنية. * ماض ينتظر حكما قضائيا وبينما تردد الحكومة دائما عبر قياداتها أن الرئيس الأسبق، محمد مرسي، كان ماضيا وأنتهى، وأنها لا وجود لما يسمى ب "شرعية مرسي"، فإن هذا الماضي ينتظر حكما قضائيا، قد يهدد وجوده على الأقل من الناحية القانونية. وبحسب مصادر قضائية لصحيفة "الشروق" الخاصة ، فإن لجنة الانتخابات الرئاسية، برئاسة القاضي أنور العاصي، النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية العليا، بدأت الثلاثاء الماضي استكمال نظر الطعن المقدم من الفريق أحمد شفيق، ضد قرار إعلان فوز منافسه مرسى فى يونيو/ حزيران 2012، وحددت أسبوعا للفصل فيه. ووفقا لهذا الموعد، فإن حكما سيصدر من اللجنة في 30 يونيو، إما بصحة إعلان فوز مرسي أو بطلانه، لما شاب العملية الانتخابية من تزوير. وفي تصريحات خاصة لمراسل الأناضول، قال محمود السقا، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة: "إذا أثبتت اللجنة الرئاسية أن انتخابات 2012، شابها مخالفات وتزوير، فلم يعد لمرسي الحق في الحديث عن شرعية، والتي ستنتقل إلى منافسه شفيق، لنبدأ أزمة جديدة بين شرعيته وشرعية الرئيس المنتخب الجديد عبد الفتاح السيسي". غير أن شوقي السيد، محامى شفيق، قال في تصريحات لصحيفة الشروق (الخاصة)، إن شفيق "لا يبتغى مصلحة شخصية من هذا الطعن، بل يختصم القرار عينياً فقط، ولن يؤثر على شرعية انتخاب الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي إذا صدر القرار لمصلحتنا". الأناضول