مرت علينا بالأمس الذكرى الثالثة والأربعين لحركة 19 يوليو 1971 التي يعتبرها بعض الشيوعيين حركة تصحيحية للمسار المايوي لم يكتب لها النجاح، بينما يعتبرها بعضهم الآخر انقلاباً أخرق عاد بالوبال على الحزب وأفقدته ثلة من خيرة قياداته التاريخية وأورثته ندوباً وجراحاً مازال يعاني من آثارها ويدفع ثمنها الباهظ حتى اليوم، كما مرت علينا قبل تسعة عشر يوماً الذكرى الرابعة والعشرين ل(30 يونيو 1989) التي اعتبرها الإسلاميون في مبتدئها (ثورة) لإنقاذ البلاد قبل أن ينكص بعضهم لاحقاً ويعتبرونها (انقلاباً) عاد على الحركة الإسلامية بالناكوس وما كان له داع، وما بين يوليو1971 ويونيو 1989 هناك الكثير الذي يمكن أن يقال مما لا تسعه هذه المساحة المحدودة، وحسبنا من ذكرى هذين (الانقلابين) أن نتذكر للعظة والعبرة مقولة وطرفة رغم شساعة البون الزماني بينهما، إلا أنهما تظلان حاضرتان في مشهد الذكرى وكأني بهما تقولان ما أشبه الليلة بالبارحة. المقولة للبروفسور إبراهيم أحمد عمر وأذكر أنه قال مرة وهو من هو في الحركة الإسلامية والحكومة والحزب الحاكم، وهو من يوصف عندهم بالصدق والتصالح مع النفس والجرأة في قول الحق ولو على نفسه، أنه قال بصيغة استنكارية في لحظة صدق وتجلي (ماذا فعل المؤتمر الوطني تجاه التحديات التي واجهت البلاد طيلة أكثر من عشرين عاماً مضت؟)، ثم أردف هل قدنا البلاد أم جطناها؟. ومقولة البروفسور تقع وقع الحافر على الحافر مع الطرفة المنسوبة للمطربين الكبيرين، الثنائي ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة -رحمهما الله- وتقول الطرفة المروية عنهما- والعهدة على الراوي - إنهما عند نجاح إنقلاب هاشم العطا 1971 الذي لم يدم سوى ثلاثة أيام، سارعا لإجراء بروفة عاجلة لأنشودة تمجد الانقلاب وقائده، يقول مطلعها (هاشم العطا صلحّ الخطأ) كناية عن أن انقلاب 19 يوليو كان (ثورة) تصحيحية على انحرافات مايو التي بدأت شيوعية. يقول الراوي وبينما هما منهمكان في أداء البروفة، إذا بمن يقتحم عليهما الاستديو ويصيح فيهما بلهجة منذرة أن أوقفا البروفة فقد فشل الانقلاب وعاد نميري، فما كان من المطربين الكبيرين وهما يتلقيان هذا الوعيد إلا أن يتصرفا بسرعة وقد اسعفتهما قريحتهما على إجراء تعديل فوري وناجز على النشيد الذي كان (هاشم العطا صلحّ الخطأ) فصار بعد الزنقة (هاشم العطا لخبط الوطا)، وبعد وعلى ذكر مقولة البروف ومناسبة مرور ربع قرن على 30 يونيو هل تراها أنقذت البلاد كما ادعت وأصلحت الخطأ أم تراها لخبطت الوطا؟ أم ترانا لسنا في حاجة لإجابة أحد، ف(الجواب يكفيك عنوانه). بشفافية - صحيفة التغيير حيدر المكاشفي