٭ على غير المعتاد في إتحادات ونقابات ولجان وأمانات الانقاذ وحزبها التي تعودت على تدبيج تقارير أدائها الشفاهية والمكتوبة بالالتفاف على السلبيات وأوجه القصور وسوء الاداء وفقر الخيال وضمور الابتكار والابداع، والتركيز على بضعة أعمال بسيطة لا تقارن بما توفر لها من إمكانات وأموال، على غير ذلك جاء حديث البروف ابراهيم احمد عمر رئيس قطاع الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني الذي طالب فيه بالمحاسبة والمساءلة لنفسه وقطاعه أولاً، ثم لكل المنظومة الحاكمة على ضآلة المردود في كل المناحي بعد أكثر من عشرين عاما من الحكم، ولم يقف?رجل الانقاذ والحركة الاسلامية الذي يوصف بالصدق والتصالح مع النفس والجرأة في قول الحق ولو على نفسه، عند النقد الشفيف الذي قدمه بين يدي المؤتمر التنشيطي لقطاع الثقافة والفكر الذي يترأسه، وإنما مضى ليطرح بصيغة استنكارية بعض الاسئلة، منها تساؤله الاستنكاري ( ماذا فعل المؤتمر الوطني تجاه التحديات التي واجهت البلاد طيلة اكثر من عشرين عاماً مضت؟)، وسؤاله الآخر (قدناها أم جطناها؟).. عند مطالعتي لسؤال البروف الاخير ( قدناها أم جطناها) ضحكت بيني وبين نفسي، فقد ذكرتني مقولته هذه، الطرفة المنسوبة للمطربين الكبيرين، الثنائي ميرغني المأمون واحمد حسن جمعة -رحمهما الله- وتقول الطرفة المروية عنهما- والعهدة على الراوي- إنهما عند نجاح إنقلاب هاشم العطا (1791) الذي لم يدم سوى ثلاثة ايام، سارعا لاجراء بروفة عاجلة لأنشودة تمجد الانقلاب وقائده، يقول مطلعها (هاشم العطا صلحّ الخطأ) كناية عن أن إنقلاب (91 يوليو) كان (ثورة) تصحيحية على انحرافات مايو التي بدأت شيوعية، يقول الراوي وبينما هما منهمكان في أ?اء البروفة، إذا بمن يقتحم عليهما الاستديو ويصيح فيهما بلهجة منذرة أن أوقفا البروفة فقد فشل الانقلاب وعاد نميري، فما كان من المطربين الكبيرين وهما يتلقيان هذا الوعيد إلا أن يتصرفا بسرعة وقد اسعفتهما قريحتهما على إجراء تعديل فوري وناجز على النشيد الذي كان (هاشم العطا صلحّ الخطأ) فصار بعد الزنقة (هاشم العطا لخبط الوطا)، ومعلوم عن المطربين الكبيرين أنهما كانا قد مجدا النميري بنشيد يقول أحد مقاطعه ( خليك حريص إنت القائد وانت الرئيس واصل كفاحك)، ومع اختلاف المفردات في نشيد الثنائي وعبارة البروف، إلا أن المقاربة ?ينهما تظل قائمة، فالبروف مثل الثنائي، فقد إدرك (الجوطة واللخبطة) في وقت متأخر، وهو من كان جزءاً منها بل ومدافعاً عنها حتى آخر مواقعه في قطاع الثقافة والفكر نفسه الذي هو الآن بصدد الخروج منه على طريقة المرحوم محمد توفيق الوزير والصحافي المشهور، الذي استقال من الوزارة وعندما سئل عن السبب قال (لقد خرجت من الجوطة)، ولكننا على كل حال سنلتمس العذر للبروف، فمن كان داخل (المعمعة) قد يعشى بصره وتتقاصر بصيرته عن إدراك الحقيقة ناصعة بلا رتوش، فهو ليس مثل من هو خارجها ليرى المشهد بوضوح، وفي ذلك نقترح على أهل الانقاذ ا?تلاف الطريقة التي ابتكرها كبار مدربي كرة القدم لكشف الملعب كاملاً ورصد الاخطاء بوضوح لتصحيحها، وذلك بجعل مساعديهم يجلسون على المقصورة ويتم التواصل بينهم عبر أجهزة الموبايل، ولو ارادت الانقاذ مساعداً جاهزاً يؤدي لها هذا الدور فلن تجد أفضل من الصحافة، فقط تتركها تؤدي عملها بلا مضايقات أو (كلتشات).