*لولا القرحة الذي ألزمتني الفراش لهرولت مع المهرولين إلى حيث زميلنا عثمان ميرغني مساء الأول من أمس.. *فنحن قوم نجيد الهرولة جداً بعد وقوع المصائب (المتوقعة!!) .. *ومن قبل هرولنا نحو حوادث الخرطوم بعد أن لم يعد رأس زميلنا الشهيد محمد طه مُلصقاً بجسده.. *وصاحب هذا الباب نفسه كاد أن يضحى هدفاً للهرولة هذه إثر تلقيه تهديداً من بعض منسوبي الدفاع الشعبي ذُيل بعبارة ( ولو تعلقت بأستار الكعبة).. *وليست الهرولة المذكورة وقفاً على الصحفيين وحدهم .. *فكم من مطرب اكتفينا بالفرجة على محنته حتى إذا ما تولاه (درمه) هرولنا صوب المقابر.. *وكم من مذيع وممثل وتشكيلي ومبدع فعلنا إزاءه الشيء ذاته كذلك .. *بل و(فقه) الهرولة ينسحب حتى على المجالات الخدمية وليس البشر وحسب .. *فنحن نهرول نحو مصارف المياه بعد أن ينهمر مطر الخريف وليس قبله.. *ونهرول تلقاء فتحة مجاري لقفلها بعد سقوط مواطن فيها وليس قبله.. *ونهرول نحو أطراف العاصمة نُحصنها بعد وقوع الغزو وليس قبله.. *ونهرول تجاه بورتسودان لتأمينها بعد وقوع العدوان الإسرائيلي وليس قبله .. *وكل هرولة من الهرولات هذه - من قِبَل جهات الاختصاص - هي محض تظاهرة إعلامية لا معنى لها بعد وقوع خطر كان متوقعاً .. *فأن يهرول نفر من الصحفيين - مثلاً - نحو زميلهم المعتدى عليه عثمان ميرغني فهو أمر طبيعي بما أنهم ليسوا في مواقع مسؤولية.. *ولكن أن يهرول مثلهم من كان بمقدورهم منع الاعتداء فهو الأمر غير الطبيعي .. *فالاعتداء على رئيس تحرير (التيار) كان متوقعاً بمثل ما كان متوقعاً الاعتداء على الشهيد محمد طه محمد أحمد.. *ورغم ذلك لم يكلف مسؤول نفسه - من ذوي الاختصاص - عبء القيام بمهمة إجراء اللازم (احترازياً).. *وبغض النظر عن تقبل المسؤولين هؤلاء حديث عثمان ميرغني عن إسرائيل أو رفضه فإن التهجم (المسلح !!) عليه ينتقص من هيبة الدولة لو كانوا يعلمون.. *هيبة الدولة هذه التي تحت شعار الحرص عليها يهرولون سريعاً نحو هذه الصحيفة أو تلك لمعاقبتها قبل - وليس بعد - أن يقول القضاء كلمته.. *يعني هي هرولة (قبلية) وليست (بعدية) مثل التي نتحدث عنها في كلمتنا اليوم.. *والبارحة قال وزير الدولة للإعلام أن صحيفة (الصيحة) لا يمكن أن تعاود الصدور إلا بأمر قضائي .. *طيب لماذا الاحتكام إلى القضاء بعد الإيقاف وليس قبله يا ياسر يوسف ؟!.. *فمسكينة والله صحافتنا السودانية (دوناً عن) صحافة العالم كله .. *فالضرائب تضربها ، والجمارك تضربها، والقوانين تضربها، ولجان البرلمان تضربها ، و(أحمد بلال) يضربها.. *ثم يضربها الآن- كذلك - (الملثمون).. *وب(الدبشك !!!). بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة المستقلة