بالأمس تناولنا تحليل الصحيفة الكينية للمشهد بجنوب السودان، وما ذهبنا إليه من الدعم الأمريكي للرئيس سلفاكير من شأنه تعقيد المفاوضات بينه وخصمه السياسي رياك مشار، ولكن الإدارة الأمريكية، وفي بيان وصفته وسائل الإعلام بأنه شديد اللهجة وبشكل غير معتاد، انتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجانبين لفشلهما في تسوية خلافاتهما ولعدم الوفاء بالمهلة التي انتهت في العاشر من أغسطس لتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية بحسب اتفاق الطرفين في مايو الماضي الممهور بتوقيع الرئيس سلفاكير وزعيم المعارضة مشار، ولكن يبدو أن الهوة لا تزال كبيرة في التوصل إلى اتفاق بشأن الخروج من هذه الأزمة فتصريحات المسؤولين في جوبا وبطء مسار التفاوض في أديس أبابا لن يمنحا أي مراقب إمكانية التفاؤل بالتوصل إلى تسوية سياسية سليمة للأزمة في المستقبل المنظور، فقد استقبل وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنجامين وفد مجلس الأمن الدولي لعقد قمة خاصة حول الأزمة في جنوب السودان بتصريحات حمل خلالها المسؤولية في تفاقم الأزمتين الأمنية والإنسانية على طرف واحد، هم المتمردون بقيادة مشار، عندما قال على مجلس الأمن الذي يجتمع غدا الخميس بنيروبي أن يعرف جيدا موقف حكومته الراغبة في الاستمرار في عملية السلام من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية متهما في الوقت نفسه المعارضة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار وعرقلة مفاوضات السلام بعدم السماح للمعتقلين السابقين المشاركة في المفاوضات. اجتماع مجلس الأمن الدولي في نيروبي مطلوب منه إظهار صرامة أشد على طرفي النزاع من خلال عقوبات رادعة في حال فشلت المفاوضات التي عليها أن الإجابة عن سؤال الحكومة الانتقالية هو السؤال الأصعب والعقبة الكؤود أمام التفاوض الآن، حيث ترى جوبا في الحكومة الانتقالية تآكل لشرعيتها وانتصارا لمشار الطامح إلى السلطة، وفي الإطار واصلت جوبا تصريحاتها النارية الناسفة لإمكانية تشكيل الحكومة الانتقالية عندما نفى المستشار القانوني للرئيس سلفاكير أي مفاوضات مع المعارضة حول تنحي الرئيس، وقال تيلارا دينقي في حوار مع صحيفة (الموقف) الجنوبية تنحي الرئيس وحل البرلمان خطان أحمران لا يمكن تجاوزهما واستبعد دينق إمكانية التوصل إلى سلام مع المعارضة هذه الأيام بسبب طموحات مشار في الرئاسة، واتهم كذلك باقان أموم الأمين العام السابق للحركة الشعبية بالتورط في الصراع الراهن عندما رفض هو ومجموعة المعتلقين العشرة العودة إلى جوبا بعد إطلاق سراحهم. على مجلس الأمن في اجتماعه المهم غداً بنيروبي حسم مسألة الحكومة الانتقالية بإلزام الأطراف على ما اتفقوا عليه في مايو الماضي، وحتى تنطلق مفاوضات أديس أبابا بوتيرة متسارعة لإحلال السلام والاستقرار في الدولة الوليدة. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي