الكاريكاتيرست (نزيه) مبدعٌ لا شك. وأمس في أخيرة الزميلة الرأي العام رسم رجلاً قابل زوجين، فسألهما (أها ما بقيتوا مازدا؟)!! يقصد (ما بقيتوا تلاتة؟). مازدا هو السيد (محمد عبد الله) لاعب كرة قدم سابق بنادي المريخ ومدرب راهن وسرمدي للمنتخب القومي، أما (نزيه) وبطريقته اللافتة/ اللاذعة، أراد أن (يكبسل) تجربة (مازدا) في عبارة مختزلة ومكثفة، استعان فيها بالرقم ثلاثة ضمن عبارة سودانية شائعة وشديدة الحرج، وهي أننا ما إن يتزوج منا أحد (ذكراً كان أم أنثى) حتى نسأله صبيحة (التالي)، (ما بقيتوا تلاتة)، ونظل نلاحقه بالسؤال حتى يضطر إلى تغيير الدروب (البتودي لينا). لكن ما علاقة المدرب السرمدي (مازدا) بالرقم (3)؟، هي بالتأكيد ليست علاقة مقدسة كما عند العبرانيين، إذ أن الكون عندهم مؤلف من ثلاثة (السماء والأرض والبحار)، ولا كالتي عند المسيحيين (الثالوث المقدس)، ولا كالتي لدينا في الإسلام حيث مراتب اليقين ثلاث (علم اليقين، عين اليقين، وحق اليقين)، وللتوحيد ثلاث مراتب، وللفسق والبدعة والكفر والقسم، ثلاث مراحل وأنماط. لكن (ثلاثات) مازدا، تشبه إلى حد كبير تلك الواردة في قصيدة (الطرماح ابن الحكيم) على ها النحو: "وقد ضمرت، حتى انطوى ذو ثلاثها، إلى أبهري درماء شعب السناسن". وما يهمنا في هذا البيت (صعب المراس) أن نشرح عبارة (ذو ثلاثها)، وكي نفعل ذلك لا بد لنا أن (نستعين بصديق)، وها هو (لسان العرب) يقول: ذو ثلاثها، (الحرصيان والغرس والبطن)، وقال ابن السكيت: الحرصيان جلدة حمراء بين الجلد الأعلى واللحم تقشر بعد السلخ. وقيل عنة بقوله (ذو ثلاثها) (الحرصيان والرحم والسابياء). (بعد الشرح دا كلو)، أنا شخصياً لم أفهم إلا القليل جداً، وهذا ما أفرحني جداً، لذلك (سيبكم من معنى السابياء وما جاورها)، وتعالوا إلى مازدا، ففي العام 2008م في (غانا)، وتحت إدارته خسر السودان ثلاث مباريات متتالية (وبالتلاتة)، وكان هذا سبباً كافياً بأن (يطلق) المنتخب الوطني (بالتلاتة)، ولكنه مكث إلى أن ضربتنا جنوب أفريقيا الأسبوع المنصرم (بالتلاتة) في عقر دارنا. صحيح أن المسؤولية لا تقع على المدرب وحده، فلدينا لاعبون (كسالي) ليس لديهم حضور ذهني ولا خيال، يتحركون كأشباح باهتة، لكن ما لا يختلف عليه اثنان أن جلهم لديهم مواهب كبيرة، يحتاجون إلى من يوظفها، وهذا ما فشل فيه (مازدا) أكثر من مرة، وفشلت فيه إدارة اتحاد كرة القدم مرات ومرات. لذلك، تعرضنا لتلك الهزائم المتتالية، هزائم (بالتلاتة)، أحالت منتخبنا الوطني إلى ما يشبه تلك الجلدة حمراء (الحرصيان) التي تقشر بعد سلخ (الخروف) كما جاء في بيت (ابن الطرماح)، أو كتلك العبارة الذائعة التي وردت في كاريكاتير (نزيه). الحصة الأولى - صحيفة اليوم التالي