تأمُلات ما شاهدناه بالأمس لا يسر كمال الهدي [email protected] . لم يقدم منتخبنا الوطني بالأمس ما يقنع بأن لاعبيه استفادوا ولو قليلاً من معسكر الدوحة. . لا لياقة بدنية، ولا لياقة ذهنية ، ولا خطة لعب ، واضحة ولا انسجام، ولا استيعاب للمهام، ولا تمركز جيد ، ولا علاج لأخطاء المدافعين المعتادة ولا حتى تطور في السلوك، فما جدوى المعسكرات إذاً؟! . قد يقول قائل أن المباراة لم تكن أكثر من تجربة تحدد للجهاز الفني مواطن الخلل قبل بدء النهائيات، لكنني على الصعيد الشخصي لست مقتنعاً بمثل هذا الكلام الذي شبع منه الرياضيون السودانيون وذلك لعدة أسباب. . أول هذه الأسباب وأهمها أن ما مضى من زمن أقل بكثير مما تبقى لانطلاقة النهائيات، ولهذا فإن الأخطاء التي لم تصحح طوال الفترة الماضية يستحيل التغلب عليها في الفترة القصيرة المتبقية. . وثاني هذه الأسباب أن منتخبنا وجهازيه الإداري والفني أضاعا الكثير من الوقت فيما لا طائل منه من خلال معسكرات وبطولات عديدة لم نخرج منها سوى بما يشابه ما رأيناه بالأمس. . أما كيف أضاعوا الوقت وهم يعسكرون ويشاركون في بطولات من شأنها أن تحسن الأمور، فذلك لأن الكثير من أفراد القائمة النهائية الذين رأينا غالبيتهم بالأمس والذين سيشاركون في النهائيات لم يكونوا ضمن أكثر من تشكيلة شاركت في المعسكرات والبطولات السابقة. . في وقت مضى كان الحديث السلبي عن المنتخب غير مطلوب بحجة أن مدربه ما زال يجرب ولم يصل للتشكيلة النهائية بعد. . والواقع أنني لم أفهم اطلاقاً أن يحتاج الجهاز الفني للمنتخب لكل الوقت الذي مضى قبل أن يصلوا للتشكيلة النهائية رغم أنهم من أبناء البلد الذين يتابعون جميع منافساته ويعرفون لاعبي معظم الأندية حق المعرفة. . المفارقة أن الكثيرين عندما رفضوا استمرار المدرب الإنجليزي قسطنطين كانوا يتحججون بأن مازدا يعرف اللاعبين، وقد وصل معهم لدرجة من التفاهم تمكنه من تحفيزهم على تقديم الأفضل، فكيف يحتاج مازدا - الذي يعرف اللاعبين ويعرفونه - لكل هذا الوقت الطويل للوصول إلى التشكيلة النهائية! . مازدا ليس المسئول الوحيد عن مهازل المنتخب بالطبع، فالمنظومة كلها تحتاج لمراجعة جذرية ( هذا إن وجدت منظومة أصلاً) والشواهد على فوضى وعشوائية القائمين على أمر الكرة في البلد لا تحصى ولا تعد وقد كان آخرها انتظار بعثة المنتخب بمطار دبي لعدد طويل من الساعات بسبب أن نصفهم تقريباً لم يكونوا يحملون معها تأشيرات دخول للإمارات. . ورغماً عن مثل هذه الأخطاء ( البليدة ) وهذا التقاعس من إداريين لا هم لهم سوى التهافت على الرحلات الخارجية، يقول رئيس الاتحاد أنهم يخططون ويضعون الاستراتيجيات! . عاد مازدا للعب بمهاجم وحيد يتحرك أمام خط وسط جله من أصحاب المهام الدفاعية وفي وجود أطراف غير فاعلة وهي نفس الطريقة التي عدنا بسببها بالثلاثيات في نهائيات غانا. . بالأمس كنا نلاعب منتخب تونس في مباراة إعدادية ولم يكن هناك كأس على المنصة، فما الداعي لأن يلعب مازدا بهذه الطريقة العقيمة! . كل من تابع لاعبينا بالأمس ووقف على عجزهم التام عن مجاراة لاعبي تونس لابد أنه قد شعر بحجم المأساة التي تعاني منها كرة القدم السودانية ومنتخبها الأول على وجه الخصوص. . لو أنهم جاروا التوانسة وهاجموا وسددوا في المرمى ثم خرجوا مهزومين لقلنا أنها تجربة مفيدة ولما أغضبتنا الهزيمة. . أما أن يبدو لاعبو منتخبنا كما الأقزام تماماً أمام نظرائهم التوانسة، ونأتي لنقول أنها تجربة ستفيد الجهاز الفني، فقد لا يكون ذلك دقيقاً. . حتى مازدا - الذي يقول أن المباراة ليس أكثر من إعداد- بدا في غاية الاضطراب والانفعال ولعلكم تابعتم ذلك بصورة واضحة لا تحتاج للتذكير. . من الواضح أنه كان خائفاً من الهزيمة، ربما بسبب الإعلام، لكن كمان ماذا بوسع الإعلام أن يفعل طالما أن الجهاز الفني عاجز عن تلافي أخطاء الماضي! . لو ساعد الجهاز الفني نفسه واجتهد اللاعبون لساعدهم الإعلام. . انفعالات مازدا بالأمس ما كان لها أن تكون لو أنه عمل عملاً جيداً طوال الفترة الماضية مع لاعبيه. . أقول هذا الكلام بشيء من التحفظ لعلمي التام بضعف عقلية اللاعب السوداني وعدم قدرته على تنفيذ ما يطلب منه كاملاً. . لكننا نتوقع مثل هذا الاضطراب في المباريات الرسمية وليس هناك ما يبرر للاعبينا سوء أدائهم في مباراة تجريبية. . ما يلي مازدا من اللوم هو إصراره على الاستمرار كمدرب للمنتخب رغم هذا التراجع المستمر في وتيرة الأداء وعدم جدوى الطريقة الوحيدة التي يلعب بها هذا المنتخب. . في الأشهر القليلة التي تحرر فيها مازدا من اللعب الدفاعي بدا شكل المنتخب أفضل بكثير، لكن المؤسف أن ذلك لم يطول ليعود مازدا للطريقة التي تجعلك وأنت تتابع مباريات منتخبنا على يقين تام من أنهم لو لعبوا لثلاثة أيام متتالية لما تمكنوا من الوصول لمرمى الخصم. . فمتى يقتنع مازدا بعدم جدوى هذه الطريقة! . أصلاً اللاعب السوداني لا يعرف كيف ( يقفل) ولهذا فالاعتماد على الخطط الدفاعية لا يجدي معه، والأفضل دائماً أن نلعب بتوازن وأن يتحرك لاعبونا للأمام فعسى ولعل أن يفلحوا حينها في فرض التراجع على خصومهم. . أما أن نأتي لكل مباراة ونحن في حالة ( خندقة ) وخوف دائم من الجميع لننتظرهم في الجزء الخاص بنا، فسوف يصبح أمرنا مكشوفاً ولن يحتاج المدربون الكبار الذين سيواجههم مازدا ومنتخبه لكبير عناء في التغلب علينا. . طبعاً لن نتحدث عن تغيير المدرب لأن الرد على مثل هذه المطالبات صار محفوظاً عن ظهر قلب طالما أن المنتخب صار ملكاً لمجموعة بعينها. . حتى الدعوة لتعيين لجنة استشارية من مدربين وطنيين لمساعدة مازدا في المهمة لم تجد أذاناً صاغية لدى ( ملاك) المنتخب! . فليس أمامنا الآن سوى أن نذكر بأن طريقة مازدا الحالية ستؤدي لتكرار ( ثلاثات) غانا، هذا إن لم تتضاعف الهزائم هذه المرة. . اللاعبون أيضاً يقع عليهم الكثير جداً من اللوم، فمعظمهم يفترض أنهم من الكبار الذين نتوقع أن يؤدوا بشكل جيد حتى إن أتوا للملعب بدون مدرب. . لكن من الواضح جداً أنه لا يوجد في السودان لاعبون كبار باستثناء اثنين أو ثلاثة. . لم أشاهد الهدف الأول، لكن الهدف الثاني نتج عن أخطاء دفاعية تكررت لمئات المرات في ملاعبنا دون أن يتعلم هؤلاء اللاعبون شيئاً، وقد تكرر ذات الشيء في هدف تونس الملغى. . ضحكت كثيراً وأنا أتابع محاولة الباشا الخجولة لمتابعة المهاجم التونسي قبل أن يسلمه وهو متقدم باتجاه مرمانا لزميل له ولسان حاله يقول \" قد عجزت أنا عن فعل شيء، فحاول أنت يا زميلي.\" . وطبعاً كانت النتيجة أن يسدد اللاعب الذي تقدم بكل سهولة الكرة بالطريقة التي يريدها على يسار بهاء الدين لتعلن الهدف الثاني. . الهدف الثالث أيضاً جاء بسبب التهاون الدفاعي وعدم القدرة على الانقضاض السريع فقد وقف نجم الدين والباشا وبلة كالمتفرجين معتمدين على حالة تسلل لم يحتسبها الحكم، بدلاً من أن ينقضوا على المهاجم سريعاً، فلم يجد صعوبة في إسكان الكرة الشباك. . لاعبو الوسط المدافع لم نر لهم وجوداً بالأمس، رغم أن المعلق الهمام كان يردد أن أمير كمال يؤدي مباراة كبيرة! . كيف أدى أمير مباراة كبيرة والفريق مهزوم بثلاثة أهداف، لا أدري! . وكيف أدى أمير كمال مباراة كبيرة وهو يعجز عن تمرير الكرة إلى زملائه بصورة صحيحة، لا أدري. . ذات مرة ( الدقيقة 34) كانت الكرة بحوزته وعلى يمينه كاريكا ولو أنه يجيد أبسط أبجديات الكرة ( التمرير) لقدم لكاريكا تمريرة هدف أكيد، إلا أنه عجز عن التمرير رغم أن المسافة بينهما لم تتعد مترين وقتها، ورغما ًعن ذلك يقول المعلق أنه أدى مباراة كبيرة! . أضحكني المعلق مرة ثانية حين قال بعد الهدف الثالث انه جاء في غفلة ! فمتى كان لاعبونا صاحين يا عزيزي المعلق! . وأضحكني المعلق مرة ثالثة عندما سدد مهاجم تونسي الكرة بكل هدوء بقدمه اليمني ( Placing) على يسار بهاء الدين لتخطي طريقها للشباك ببوصات قليلة وكان المعلق يردد حينها \" لعبها المهاجم أي كلام لكنها مرت للآوت! فإن كانت تلك اللقطة أي كلام فما قول المعلق فيما يقدمه لاعبونا! . علاء الدين يوسف يبدو واضحاً أنه لن يكبر فقد نصحه الكثيرون بالكف عن هذا السلوك غير اللائق بلاعب ظل يركض في الميادين لعدد من السنوات دون جدوى. . اعتداءات متكررة وارتماء على أقدام الخصوم ورغماً عن ذلك يرفض قرار البطاقة الحمراء.. فما الذي كنت تتوقعه يا علاء، أن يقدم لك الحكم باقة من الورود وانت تضرب لاعب المنتخب التونسي على ساقيه بتلك الرعونة بعد أن مرت الكرة! . عندما كان يفعل علاء هذا الشيء خلال مباريات الهلال ظل البعض يبحثون له عن المبررات الواهية كأن يقولوا إنها الغيرة على الشعار وحب ناديه. . فما الذي اجبر علاء بالأمس لارتكاب مثل هذه المخالفات الحمقاء الغبية خلال مباراة ودية لمنتخبنا! . المدرب الناجح ونجم المريخ السابق بشارة قال بالأمس عبارة بالغة الأهمية بعد انتهاء المباراة هي \" الفترة الطويلة لمازدا مع لاعبي المنتخب ( حوالي 9 سنوات ) تؤدي لنوع من التراخي والتساهل، ولابد من الحزم والانضباط في أمر منتخب البلاد.\" . ما قاله بشارة هو ما ظللنا نردده على أيام قسطنطين الذي رفض الكثيرون جديته ومحاولاته لفرض الانضباط وسط اللاعبين. . كلامك سليم مائة بالمائة يا كابتن بشارة لكن من يسمع؟!