:: ومن قوانين ( بيوت العزابه)، أول من يستيقظ صباحاً - يوم الجمعة - يتولى مسؤولية إعداد الشاي وكنس الحوش و إحضار الرغيف والفول و (توضيب الفتة)، أي هو المدير العام لهذا اليوم.. ويبدو أن الدولة تمضي قُدماً نحو ذلك، أي تشهد تطوراً تشريعياً بحيث تُدار شئون الناس في المستقبل القريب بقوانين (بيوت العزابه).. وعلى سبيل المثال، نقرأ الخبر الآتي..( شرعت الحكومة في إجراء تحقيق حول توقيع زعيم قبيلة المساليت السلطان سعد عبدالرحمن بحرالدين اتفاقية ثنائية مع مدير مشروع الكنغو وتنمية أفريقيا إبراهيم الفيومي والقاضي بربط نهر النيل بالكنغو)..هكذا حال بلادنا، أي ( اليقوم بدري يسوي الشاي) ..!! :: ولذلك، كان طبيعياً أن نتفاجأ بهذه الإتفاقية المسماة في عالم الإتفاقيات ب ( الإتفاقية الدولية)..نعم هي - في الأصل - إتفاقية دولية، ولكن هنا من يمثل الطرف السوداني (زعيم قبيلة)، ومن يمثل الطرف الأجنبي (مدير مشروع مصري)..هذا وذاك وقعا إتفاقية لربط نهر النيل بنهر الكنغو عبر ولاية غرب دارفور..بعد توقيع الإتفاقية و تناول الحلوى والعصائر ثم الإحتفاء بها في بعض وسائل الإعلام المصري، تفجأت الحكومة هنا ثم غضبت وقالت على لسان وكيل وزارة خارجيتها السفير عبد الله الأزرق لصحف البارحة : (ليس من حق أي مواطن أن يوقع اتفاقاً باسم الدولة)..ربما لايعلم الوكيل أن السودان يشهد تطوراً تشريعياً بحيث ينص الدستور على مادة ( اليقوم بدري يجهز الفتة)..!! :: ولإنشغالها بما يحدث بأديس أبابا، لم ترصد وسائل إعلامنا وقائع هذه (المهزلة).. ولكن فوضى الخيال ببعض الصحف والفضائيات المصرية خلقت من المهزلة حدثاً عريضاً، إذ يقول الفيومي - لصحيفتي الفجر والمصري اليوم - متحدثا عن إتفاقيته : ( ستكون التنمية فى كافة التخصصات ووفق احتياج كل قبيلة)، هكذا..تأملوا احتياج (كل قبيلة)، وليس ( كل دولة)..ثم يحلم قولاً : ( هناك عدد كبير من الموافقات القبلية ستعرض فى الأسبوع المقبل على الرأى العام)، أي هناك إتفاقيات دولية أخرى مع قبائل سودانية أخرى..ربما وقع الفيومي إتفاقية دفاع مشترك مع ( عُمدة الدناقلة)، أو أي عُمدة آخر حسب نصوص التطور التشريعي ومنها ( إنو يقوم بدري)..!! :: ولكن أخطر ما في هذا العبث، هو الآتي : ( مشروع تنمية أفريقيا - أي مشروع ربط نهر النيل بنهر الكنغو - لديه خرائط لتوزيع القبائل، وقمنا بلقاء الكثير من رؤساء القبائل ورحبوا بالمشروع)، عبد العال حسن عطية، الخبير الإقتصادي بمشروع تنمية إفريقيا، للمصري اليوم.. فالسؤال لكل أجهزة الدولة، وخاصة الأمنية، كيف - ومتى - زار الفيومي وخبراء مشروعه السودان و إلتقى بالعمد والنظار و رؤساء القبائل؟.. فالرجل لم يوقع فقط ما يسميها باتفاقية ربط نهر النيل بنهر الكنغو مع زعيم قبلي بغرب دارفور، بل ذكر إنه التقى أيضا بعلي محمود منصور عمدة العالياب بنهر النيل حول ذات الموضوع..ثم يقول انه التقى بالكثير من رؤوساء القبائل السودانية.. !! :: كيف إلتقى بهم؟، ولماذا يلتقي بهم؟..وهل مثل هذه اللقاءات - القبلية - مكفول للمسؤولين السودانيين؟..أي ناهيكم عن القبائل المصرية، فهل يستطيع السيد موسى محمد أحمد - أو أي مواطن سوداني - أن يلتقي بزعماء القبائل السودانية بحلايب وشلاتين للنقاش حول قضايا مناطقتهم ؟؟..وعليه، يا سادة : هذه كانت دولة ذات هيبة، و إن عجزتم عن إعادتها وإدارتها كدولة ذات هيبة، فدعوها لشعبها، أي ليس من العدل أن تديرها ( القبيلة البتصحى بدري)..!! الطاهر ساتي إليكم - صحيفة السوداني [email protected]