هل احتاجت الدكتورة "مريم الصادق" إلي رافعة الدم حتي تصل إلي موقع نائب رئيس حزب الأمة القومي أم أنها حازت علي هذا المنصب الكبير بالكفاءة والعطاء والعرق في دروب العمل السياسي المتشابكة من خلال قناعات راسخة وعزيمة لا تلين. الإجابة علي هذا السؤال المركزي.. لابد أن تدخل معمل المنطق والحجة والشفافية حتي تخرج من رواسب التدليس والنفاق والظلم، فالإمام الصادق كأنه قد رمي قنبلة هيدروجينية في الساحة عندما قرر تصعيد ابنته "مريم" في هذا المنصب الرفيع، حيث كانت العاصفة عاتية وردود الأفعال عنيفة جراء الخطوة الدراماتيكية فقد كان هناك رافضون يحاولون كسر السياج والنصال يرون بأن مجئ مريم إلي هذا الموقع الرئاسي ارتكز علي عامل التوريث وتلبية نداء المذاق البيولوجي بينما كانت هنالك فئة أخري تدرك حجم الكفاءة السياسية التي تتمتع بها "مريم" وتعترف بوجود خطواتها علي طريق النضال والمنافحة في ميادين التكاليف العامة والقضية المركزية، بل يري هؤلاء أن خصوم الدكتورة "مريم" نظموا الهجوم عليها من زاوية التوريث كغطاء مزيف عن النوايا المستترة!. في الصورة المقطعية صارت متلازمة التوريث والكفاءة في المعادلة السياسية قضية محورية تحتاج إلي وقفة متأنية ودراسة عميقة انطلاقاً من المعاني والدلالات التي برزت علي السطح من خلال قرار تصعيد "مريم"، فالخطوة حركت الكوامن الساكنة في إطار العمل علي تحديد المسلمات الصحيحة في التفريق بين الكفاءة السياسية والتوريث عندما يرتبط الأمر في التقييم العادل والشفاف بأداء الرموز السياسية المتصلة بعوامل الإرث، فلابد أن يقهر السلاح الذي يضرب أصحاب العطاء من زاوية صلة وبذات صلة القرابة، وبذات القدر يجب محاربة القيادات الفاشلة التي تريد الصعود علي سلم العائلة، فالسؤال المنطقي مازال قائماً حول حصول "مريم" علي موقعها الجديد إذا كان بالكفاءة أم التوريث؟ فالشاهد أن الإجابة الدقيقة يجب أن تستلم متحركات الشفافية والشواهد الدالة.. في سجل الدكتورة "مريم" أنها ناشطة سياسية لا تفتر من كثافة المهام العامة وكان دورها متعاطفاً في إرتريا من خلال قوات التجمع فضلاً عن قيادتها في التصدي للمسيرات المناوئة للحكومة مروراً بحادثة كسر يدها وحركتها الدائبة في تحالف المعارضة علاوة علي إيداعها في المعتقلات، ولا تعرف "مريم" الترطيب والراحة وهي تحاول تغيير الصورة النمطية المرسومة عن تقاعس المرأة السودانية في التصدي للتكاليف العامة وقد نالت (بيناظير بوتو) في إطار التحركات السياسية المدروسة التي تقوم بها في الساحة، وأيضاً وصولها إلي مواقع متقدمة في الحزب بالانتخاب الحر المباشر. ها هو البروفيسور "حسن مكي" الخبير الإستراتيجي يقول بلا مواربة إن الدكتورة "مريم" مؤهلة للزعامة وأنها رقم أساسي في معادلة الخلافة بحزب الأمة القومي، ويضيف قائلاً إن التقاليد الأنصارية لا تقف في وجه الدكتورة "مريم" من الصعود في نهاية سلم القيادة السياسية بالحزب، وبذات القدر يقول نائب حزب الأمة القومي اللواء (م) فضل الله برمة إن الدكتورة "مريم" دايماً تحزز علي الأصوات في الكلية الانتخابية وأن الإمام "الصادق" يرفض صعيد ذريته بناءً علي صلة الدم – (المجهر السياسي بتاريخ (16/7/201م). وفي صورة أخري يقول المحامي "ساطع الحاج" الأمين العام للحزب الوحدوي الناصري بأن الدكتورة "مريم" شخصية سياسية لها إيقاع مجلجل في الساحة السودانية وأنها تتفوق علي الكثيرين من ناحية الكفاءة السياسية وارتفعت علي تلة عرقها ولو لم تكن ابنة الإمام "الصادق" لكانت أيضاً في هذا المقام العالي (جريدة الأهرام اليوم بتاريخ 6/7/2012م). علي المستوي الشخصي لا أريد النفخ في شخصية "مريم" فهي تخطئ في بعض الأحايين وتتعثر خطواتها في مرات عديدة بحكم المسؤوليات المتشابكة والكثيرة في المشهد السياسي، وفي الإطار هنالك من يقول إن الإمام "الصادق" ظل يتعامل بالحساسية المفرطة عند تقييم مسار خطوات ذريته في باحة الحزب وأنه ترك "مريم" تستقوي علي جهدها رغم الهجوم المعاكس عليه. مهما يكن فإن تحديد المسلمات الصحيحة في التقييم العادل بين الكفاءة والتوريث يجب أن يكون بعيداً عن الرأي الميكافيلي. صحيفة المجهر