"لم أيأس ولست نادمة على مشاركتي في اعتصام رابعة، وسنظل رغم التضحيات نطالب بحرية مصر".. كلمات قالتها ابتسام البدري التي فقدت أحد أبنائها خلال فض اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي بميدان رابعة العدوية في أغسطس/ آب العام الماضي، وحرمت بعد ذلك من زوجها وابنين آخرين، حبسوا على ذمة اتهامات بارتكاب العنف، بخلاف ابن رابع مطارد أمنيا. بأسى، تروي "البدري" (55 عاما) القاطنة بمحافظة بورسعيد (شمال شرق) ذكريات فقدانها لذويها قائلة للأناضول "في أحداث فض رابعة العدوية (شرقي القاهرة)، استشهد نجلي عمر، ثم اعتقل الأمن زوجي محمد زكريا (أمين حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بالمحافظة والذي تم حله منذ يومين) منذ أكثر من 10 أشهر، في تهمة تتعلق بالتحريض على العنف". وأضافت "بعد القبض على والده ب 4 أشهر تم القبض على نجلي إسماعيل على ذمة قضية مماثلة، ثم نجلي عبد الله من حوالي شهر فيما يلاحق الأمن نجلي الخامس إبراهيم". وتابعت قائلة "لم يتبق لي سوي الله ثم ابني السادس عبد الرحمن وهو طالب في الصف الثالث الثانوي، وابنتين أحدهما متزوجة". "البدري" التي تصفها جماعة الإخوان عبر مواقعها الإلكترونية ب"خنساء مصر" تعود بذاكرتها إلى يوم فض ميدان رابعة العدوية، وهي تلح في الاتصال الهاتفي بنجلها عمر بلا مجيب، بينما رد عليها نجلها عبد الرحمن الذي كان موجودا معه في الميدان وقال إنه بخير ويبحث عن شقيقه عمر. وقالت "قبل الفض بساعات، قال لي عمر يا ماما هاكون (سأكون) بكره (غدا) عندك (أي في بورسعيد)، لكن لم أكن أعلم أنه سيأتي لي في كفن .. حرموني من أفضل أبنائي .. حرموا زوجته وطفلته منه .. لم يتركوا لنا إلا دم ابني ولم يحققوا (أي السلطات المصرية) في قتله حتى اليوم". ابتسام البدري تلك المنتقبة التي تتشح في زيها الأسود، عرفتها أحد شوارع بورسعيد القريب من منزلها بوقوفها يوميا لنحو نصف ساعة على مدار عام منذ فض رابعة بلافتة عليها صور ذويها ما بين مقتول ومحبوس. وعن هذا، قالت "أقف في الشارع ، أدعو الله أن ينتقم لابني وأعلم أن يوما ما سيتسجيب لي الله، لي صفحة على فيسبوك (موقع التواصل الاجتماعي) أعرض فيها صور ابني الذي قتلوا شبابه ومستقبله برصاص حي، ولكني مطمئنة أنه في الجنة وأنا راضية عنه ومنتظرة عقاب الله لمن قتله". وتابعت "فقدت الأمل في العدل .. لم يفتح تحقيق واحد في مقتل ابني في رابعة، ووالده وأبنائي محبوسين ومطاردين بقضايا ملفقة ولكن صابرة وأعيش راضية كما كنت من قبل، وأتحمل تربية أبنائي وزوجي منشغل بخدمة المصريين والدعوة". وعن اليأس الذي يتسرب لكل صاحب محن، قالت البدري :"لم أيأس ومتفائلة مهما بلغت التضحيات ولست نادمة على مشاركتي في اعتصام رابعة وسنظل نطالب بحرية مصر وتحررها من الاستبداد والفساد، ومؤمنة أن الله سيمزق حكم من ظلمنا ومهما حدث سأدافع عن وطني مصر". وحول وصف الإخوان لها بالخنساء، أضافت "هناك أيضا خنساوات من زوجات وأمهات فقدن ذويهن في الجيش والشرطة"، مضيفة " الذي قتل أولادنا وقتل أولادهم واحد ونحن لا نقتل أحد ولا نتجرأ على استباحة دم إنسان وأتمني أن تتضح لهم الحقيقة قريبا، وأسال الله أن يحقن دماء أبناء مصر جميعا". وكانت قوات الشرطة المصرية مدعومة بقوات من الجيش، قامت مع فجر 14 أغسطس/ آب 2013، بفض اعتصام ميداني رابعة العدوية و"نهضة مصر" بالقاهرة، بعد أكثر من 48 يوما قضاها المعتصمون هناك، ما خلف أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى. ومنذ الإطاحة بمرسي يوم 3 يوليو/ تموز من العام الماضي، تتهم السلطات الحالية قيادات جماعة الإخوان وأفرادها ب"التحريض على العنف والإرهاب". فيما تقول الجماعة إن نهجها "سلمي" في الاحتجاج على ما تعتبره "انقلابا عسكريا" على مرسي، وتتهم في المقابل قوات الأمن المصرية بقتل متظاهرين مناهضين لعزل مرسي. وفي 25 ديسمبر/ كانون أول 2013، أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وحلت حزبها الحرية والعدالة منذ يومين. وكالة الاناضول