أجرى المؤتمر الوطني تغييرات هائلة داخل مؤسساته وغالبيتها توقعناها، حيث أصابت تحليلاتنا مرتين بشأن التعديلات، ففي أيام قيام المؤتمر العام للحزب الحاكم كتبت مادة موسومة ب «ما بين التوازن وضخ دماء جديدة.. الوطني.. معركة اختيار 30 قيادياً»، توقعنا خروج قيادات كبيرة من المكتب القيادي أمثال قطبي المهدي، د. أمين حسن عمر والتجاني مصطفى، وأشرت لضرورة أن تجد قيادات من بعض الولايات حظها وتوقعنا صعود الوزيرة السابقة أميرة الفاضل ودخول وجوه نسائية مثل الوزيرة تهاني عبد الله، وشددنا على أنه آن الأوان لمغادرة سامية أحمد محمد وأن الفريق الاقتصادي يتطلب تجديداً حقيقياً، وفي الأسبوع الفائت كتبت مادة بعنوان «الوطني.. كيف سيُكمل مكتبه القيادي؟»، رجحنا حدوث محاصصة جهوية خاصة في البحر الأحمر، وقلت سيتم الدفع بوزير الدولة أوشيك محمد أحمد، بجانب النيل الأزرق وأشرت إلى أن حظوظ صلاح ونسي وافرة ومؤهل لتولي منصب حزبي كبير، بينما حصرت أمانة المرأة بين زينب أحمد الطيّب وسامية محمد عثمان، وجاءت الأولى. وذهبنا في اتجاه تغيير سيطال أمانة الشباب. وبالفعل مضى الوطني في إحداث تغييرات كبيرة وهائلة، فأمناء القطاعات الخمسة تم تغييرهم، حيث انتقل حسبو محمد عبد الرحمن من السياسي إلى الاقتصادي، ويتسق التغيير كون حسبو رئيس اللجنة الاقتصادية في الحكومة، بجانب أن العمل الاقتصادي يحتاج رؤية انعدمت لدى الاقتصاديين، كما أن التحدي في المرحلة المقبلة اقتصادي وليس سياسياً، فهناك قضايا تحتاج معالجة مثل «الإنتاج، الاستثمار، التجنيب» وعبد الرحمن بصفته نائباً للرئيس مؤهل لذلك، بينما إسناد الأمانة الاقتصادية لوزير المالية بدر الدين محمود دلالة على التنسيق المحكم بين الجهازين الحكومي والحزبي، بجانب التأكيد على طي صفحة الاقتصاديين القدامى أمثال صابر محمد الحسن. أما تولي د. مصطفى عثمان للقطاع السياسي، فهو تطور طبيعي، إذ أن مصطفى كان أميناً للسياسية وملماً بهذ الملف منذ وقت طويل، وله مقبولية وسط الأحزاب، بينما غادر الدرديري قطاع العلاقات الخارجية وحل محله صلاح ونسي، وباعتباره وزيراً للرئاسة يمكن أن يضطلع بكل سهولة بهذا الملف، كما أن عمله وزيراً للدولة بالخارجية في فترة ما سيعينه على أداء مهمته، فضلاً عن أن نائبتيه «أميرة الفاضل ومروة جكنون» من القيادات المتمرسة في العمل العام والخارجي وتحديداً أميرة الفاضل التي كانت في أمريكا، بجانب توليها أمانة آسيا في الفترة السابقة. أما التغيير المهم هو الذي حدث في القطاع الفئوي بمغادرة سامية أحمد محمد ومجيء نائبها جمال محمود بديلاً لها وهو من العناصر الفاعلة ونجح عندما كان أميناً للطلاب وحقق ذات النجاح في موقعه كوزير دولة بمجلس الوزراء، ويتوقع أن يكون القطاع أكثر حيوية في المرحلة المقبلة. بينما ذهبت أمينة المرأة د. إنتصار أبو ناجمة أمينة لقطاع الفكر والثقافة بدلاً عن الوزير د. فرح مصطفى الذي لم يوفق في تسيير القطاع، وملاحظ أن نائبي إنتصار ليسا بعيدين عن مهام القطاع وهما وزير الثقافة الطيّب حسن بدوي والشاعرة والكاتبة د. هاجر سليمان طه، أما مغادرة حامد صديق لقطاع التنظيم فكانت متوقعة بعد حالة الإرتباك في القطاع وما صاحب مؤتمرات الولايات، كما أن حامد فشل في بلوغ المكتب القيادي، أما خلفه الوزير عبد الواحد يوسف أصاب نجاحاً مقدراً في أمانة دارفور وهو من الوزراء النشطين وتسلمه لأمانة مهمة كالتنظيم، وعبد الواحد متواصل مع كافة مكونات الحزب لكن ثمة ملاحظة فهو الوحيد من بين المرشحين لمنصب الوالي أسندت له أمانة، بل دخل المكتب القيادي بجانب والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر مما يفسر أن عبد الواحد لم يعد خياراً لتولي منصب الوالي، كما أن اختيار بلال عثمان بلال نائباً له دلاله على نجاح متوقع لهذة الأمانة، حيث ظل بلال متابعاً لكل تفاصيل العمل التنظيمي بالحزب إلا أن النائب الثاني الشريف بدر لم يكن خياراً مناسباً والرجل من الشخصيات التي لازمها الفشل في كل المواقع التي تقلدها آخرها رئيس مجلس إدارة سودانير. وعلى صعيد الأمانات فكانت الغلبة للشباب بداية من تولي أمين الشباب حامد ممتاز للأمانة السياسية وهو دلالة على تغيُّر مفاهيم الحزب في تعاطيه مع المشهد السياسي، فممتاز وجه جديد بالنسبة للأحزاب ورسالة لهم من الوطني بتقديمه للشباب، ويتمتع حامد بمقبولية وله خبرة مقدرة في العمل السياسي منذ كان أميناً للطلاب الإسلاميين في الجامعة الأهلية، كما أنه من أكثر الشباب الذين احتكوا وجاوروا الترابي مما جعل له حصيلة وافرة في التنظيم والسياسة. بينما خلف ممتاز في الشباب الوزير بحكومة الخرطوم بلة يوسف الذي كان بالأمس القريب رئيساً للاتحاد الوطني للشباب وقد ترك بلة تجربة ثرة في الاتحاد الوطني، ويتميز بلة بقدرته على خلق المبادرات وضبط المال العام وتوظيفه في المشروعات الحيوية، ويذكر له الجميع أنه ترك أموالاً طائلة في خزانة الاتحاد الوطني في سابقة هي الأولى من نوعها ولحظة مغادرته للاتحاد كان قد وفر أسطولاً من السيارات الجديدة لإخوانه في الدورة الجديدة للاتحاد. أما تكليف الوزير السابق كمال عبد اللطيف بأمانة المنظمات خلفاً لعمار باشري - الذي كان خروجه مفاجأة - فهي إضافة للحزب، فكمال صاحب إمكانات هائلة ويمتلك طاقة جبارة وعلاقاته ممتدة وواسعة ومن المتوقع أن يحدث حراكاً في الأمانة أسوة بما فعله في كل المناصب التي تولاها بالجهاز التننفيذي آخرها المعادن. أيضاً من التغييرات المهمة تولي زينب أحمد الطيّب - حرم نائب الرئيس - لأمانة المرأة ووجودها وحسبو في قيادة الحزب ذكّر الناس بحالة غازي صلاح الدين وزوجته سامية هباني، وقد أتت زينب للموقع بكسبها وهي عضو بالبرلمان ومن الفاعلات في الاتحاد العام للمرأة. وعضوة بأمانة المرأة، ومن العناصر النسائية التي تولت أمانة مها عبد العال «الاجتماعية» بديلاً لمحمد أحمد حاج ماجد وهي نائب رئيس شورى الوطني بولاية الخرطوم ومن قيادت المرأة بالحركة الإسلامية، ومها من أكثر النساء تواصلاً على كافة المستويات وذات صلة وثيقة بالقيادات ما يعني أنه الخيار الأنسب، وبالنسبة لأمانة العاملين فإن نائب الأمين الوزير معتز موسى أصبح أميناً بديلاً لصلاح ونسي وهي أمانة مهمة تم ضبط إيقاع عملها بشكل كبير وربما لذلك تم تصعيد معتز.، أما احتفاظ ثلاثة أمناء بمواقعهم وهم مهدي إبراهيم «الشؤون البرلمانية»، الفاضل حاج سليمان «العدلية» وياسر يوسف «الإعلام» فكان متوقعاً. تقرير: اسامة عبد الماجد صحيفة آخر لحظة