*حين كانت جدتنا تحتاج إلى (قديم) يعينها على (حديث) تلجأ إلى سحارتها الأثيرة.. *ونترك لغيرنا مهمة شرح مفردة (سحارة) ولكن نقول - احترازاً - إنها ليست التي تُنسب إلى (ناوا) خطاً.. *فبلدة ناوا- بالشمال النوبي - لا سحر فيها سوى الذي يتصف به جمال بيئتها وجنائنها وأناسها.. *والمعنيون بالشرح هنا هم أبناء جيل اليوم الذين يتمثل السحر لهم في مقطع أغنية (أمشي لشمبات، واجيبو بالبخرات!).. *أي (يجيب) المحبوب - المستعصي - بواسطة سحر أحد شيوخ منطقة شمبات.. *أما ما نريد أن (نجيبه) نحن اليوم فهو حادثة (قديمة) تعيننا على تناول أخرى (حديثة).. *فقبل سنوات كنت أجلس داخل سيارتي - صباح يوم - أمام صحيفة (السوداني) استمع إلى تلاوة للشيخ السديس من مذياعها.. *فإذا بمُمجد الإنقاذ - (عمال على بطال) - عبد الرحمن الزومة يقبل نحوي وهو يصيح (بالله انت بتسمع قرآن زينا؟!).. *لم يقل (زي) المسلمين وإنما قال (زينا!!) نحن... *أي مثلنا نحن أهل المؤتمر الوطني من جماعة الإخوان المسلمين.. *وكأنما القرآن هذا حكر لمنسوبي الوطني لا ينبغي لأحد سواهم أن يقربه دون أن (يتطهر!).. *والتطهر المقصود هنا هو ولوج مقر الوطني - الكاثوليكي سابقاً - وإعلان التوبة عن كل ما مضى من (ضلال!).. *وقبل يومين - وخلال قيامي بواجب العزاء للزميل الرزيقي- حصلت (حاجة غريبة!) أيضاً.. *فقد استشهدت أثناء حديثي بكلام ديني فإذا بواحد - من الجماعة - يصيح مثل صيحة الزومة تلك (بالله انت بتتكلم زينا؟!).. *واقتنعت عندها بكلام كنت أراه بعيداً - ويراه غيري قريباً - عن أن (الجماعة) يرون في أنفسهم مرجعية دينية يُقتدى بها.. *وفهمت أكثر حديث إسحاق فضل الله من أنه يمثل دور حارس بوابة دولة السودان الإسلامية.. *يمثل الدور هذا - إسحاق - وإن (كذب!!) كما اعترف بعظمة لسانه حين (قتل) الحلو وهو حي يرزق.. *ونرجع إلى (سحارة) ذاكرتنا - مرة أخرى - نتخير منها (شيئاً) يناسب الذي نتحدث عنه اليوم .. *فهنالك طرف قديمة - ومعروفة - عن القروي الذي زار الخرطوم ودخل دار سينما لأول مرة في حياته.. *وفي عز اندماج الحضور مع أحداث الفيلم (الأجنبي) إذا بصرخة عظيمة تنطلق من حنجرة القروي لتطغى على ضحكات البطل المجلجلة.. *صرخة فُهم من بين ثنايا صخبها تساؤل تحفه الدهشة (بالله هو الخواجة برطن انجليزي وبضحك عربي؟!).. *سخيفة هي الطرفة هذه مثل سخافة سؤالي الزومة و(أخيه!) الذي بسرادق العزاء المذكور.. *ولولا أن ب (سحارتنا) حكمة قديمة تحذر من الضحك بلا سبب لانفجرنا ضاحكين عقب كلا السؤالين هذين.. *فلا (سبب) - فعلاً - يدعو إلى الضحك دون أن يكون (قلة أدب!).. *اللهم إلا إن كان هناك ضحك (تأصيلي!) هو خاص بالجماعة أيضاً.. *ضحك إن فعلناه بالصدفة فربما نسمع ما يشابه سؤال القروي ذاك.. *نسمع من يتساءل دَهِشاً (بالله انت بتضحك زينا؟!!).