أثارت التعديلات الاخيرة في حكومة الجنوب والتي طالت (8) حقائب وزارية والتغييرات والاعفاءات في قيادة الجيش الشعبي اهتمام الساحة السودانية عامةً والجنوبية على وجه الخصوص بمثل ما أغرت المراقبين لطرح جملة من التساؤلات حول مغزى التعديلات وما اذا كانت تجديد دماء في جسم حكومة الجنوب والجيش الشعبي، ام انها مرتبطة مباشرة بالتحضيرات للانتخابات؟، وتساءل كثيرون حول علاقة التعديلات بالحديث عن الفساد بالجنوب والذي اعترفت قيادات الحركة الشعبية بوجوده مراراً. ومثلما يحدث دائماً فقد سبقت تعديلات الجنوب الاخيرة تسريبات جانب بعضها الصواب ونظر اليه آخرون من باب الشائعات. وفي هذا الجانب يقول نيال بول رئيس تحرير صحيفة «سيتزن» الناطقة بالانجليزية بأن التعديلات جاءت متأخرة ويضيف كان من المفترض ان تصدر في وقت سابق. ويرى بول أن قرار التعديلات والاعفاءات مرتبط بسوء الادارة، وذكر أن بعض هذه القيادات التي تمت اقالتها موصومة بالفساد وسوء الادارة واللعب بأموال مواطني الجنوب على حد قوله، واضاف إن كثيراً من مشاكل حكومة الجنوب مرتبطة بالجيش الشعبي والتي ظهرت من خلال مؤتمر السلاطين الذي انعقد ببانتيو حاضرة ولاية الوحدة وشكا فيه السلاطين من ممارسات الجيش الشعبي، وذكر أن قانون الجيش الذي تمت اجازته اخيراً من قبل البرلمان ينص أيضاً على ادخال تعديل في الجيش كل خمس سنوات. ورأى محلل للأوضاع أن التعديلات كانت جزء من شروط نيال دينق نيال وزير الجيش الذي عين قبل عدة اشهر بهدف تحويل الجيش الى جيش نظامي احترافي لمواجهة المرحلة المقبلة والتي وصفها بالمرحلة الحساسة، خاصة وان الجنوب مقبل على حق تقرير المصير والاستفتاء.، وعزا تعيين جيمس هوث رئيساً لهيئة الاركان لعدم ارتباطه باي اجندة قبلية بالرغم من انتمائه للنوير، وقال ان لهوث اسهاماته في فض النزاعات القبلية التي حدثت أخيراً. وذكر المصدر بأن الذين تم تعيينهم أخيراً ليست لديهم اية مشكلات مع الفريق سلفاكير. يوهانس موسى قوك الكاتب والمحلل السياسي قال: إن الجيش الشعبي بحاجة الى وجوه جديدة لمتطلبات المرحلة المقبلة، خاصة وان الانتخابات على الابواب وقال أن المرحلة السابقة كانت قد شهدت مشاكل داخلية وقبلية في الجيش، وأضاف ان رئيس هيئة الأركان السابق لم يقم باي دور لاحتواء النزاعات القبلية. وتفاءل الكاتب بالقيادات الجديدة وقال نأمل أن تصب التعديلات في مصلحة الوزير الجديد الذي يتطلع الى دور أكبر داخل الجيش الشعبي. ويرى مراقبون أن تقلد الوزير نيال دينق للجيش الشعبي يعتبر بمثابة تصحيح لمسار الجيش الشعبي وإعادة تشكيله مرة اخرى، خاصة وان لدى الجيش الشعبي مشكلات كثيرة ارتبطت بالفساد، والخلل الاداري، الذي يتمثل في تأخير المرتبات، والمشاكل القبلية، وانتشار السلاح، وانفلات الأمن، في جوبا خاصة الحوادث المتكررة من النهب والسرقة والتحايل على المواطنين الأمر الذي عبر عنه رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت في احتفالات ذكرى تأسيس الحركة الشعبية بجوبا اذ قال «أن هناك من يرتدون زي الجيش الشعبي للنصب على المواطنين، وأصدقاء الحركة، والأجانب الذين جاءوا من أجل الاسهام في تنمية الجنوب». ويؤكد مراقبون أخرون ان تنصيب ديفيد وزيراً للمالية في حكومة الجنوب جاء لامتلاكه خبرة واسعة لمواجهة الازمة المالية بعلاقاته التي اكتسبها عندما كان سكرتيراً مالياً للراحل جون قرنق، ويضيف المراقبون إن الرجل يمتلك علاقات واسعة مع المؤسسات المالية والدولية، خاصة وأن الحركة وحكومة الجنوب مقبلتان على سياسة مالية جديدة للتعامل مع الازمة التي ضربت الاقليم جراء انخفاض أسعار النفط. ومن زاوية انطلاق الحملة الإنتخابية في البلاد بشكل او بأخر وبدء العد التنازلي لتقرير المصير، بالإضافة الى آثار الازمة الاقتصادية العالمية على الأداء في الجنوب وغيرها من القضايا الأساسية الملحة، ينظر المراقبون لهذه التعديلات والتغييرات آملين ان تحدث نقلة نوعية في الأداء على مستوى حكومة الجنوب والجيش الشعبي وربما كانت بداية لسلسلة اصلاحات مقبلة.. ربما.