لما كانت النهضة الزراعية مشروعا نهضويا تنمويا كبيرا اعلنته الدولة وخصصت له الميزانيات للنهوض بالعملية الزراعية على مستوى ولايات السودان، كانت ولاية جنوب دارفور من بين تلك الولايات التى يعول عليها كثيرا فى الاسهام فى تنمية وترقية الموارد الاقتصادية، باعتبار ان جنوب دارفور من اكبر الولايات التي تمتلك الثروة الحيوانية، بالاضافة الى ما تتمتع به من ميزات تفضيلية اكتسبتها من خلال موقعها الاستراتيجى. ورغم اجتهاد بعض المزارعين وحرصهم للاستعداد مبكرا للعملية الزراعية، الا انه لم تصلهم الميزانيات فى وقت مبكر من الخرطوم، مما خلق شعورا غير طيب وسطهم تجاه المجلس الاعلى للنهضة الزراعية فى ممارسة بعض سياسات التهميش وعدم الاهتمام بما اعلنت عنه الدول والتذرع بحجة عدم توفر الامن بولايات دارفور. ولكن اتضح جليا ان النهضة الزراعية بجنوب دارفور صفر كبير. وما اعلنته اللجنة العليا للنهضة الزراعية من ارقام مالية كبيرة كانت محفزة ومشحعة للجميع على أن يعملوا بجد واخلاص من اجل التنمية والزراعة، الا انها كانت سرابا. وللمطالبة ومعرفة حقوق الولاية من نصيب النهضة كونت لجنة عاليا لهذا الصدد بغرض المتابعة بالمركز، الا انها هى الاخرى لم تتمكن من التوصل الى حقائق حتى تقنع بها مواطن الولاية. وهنا ينتقد بشدة رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس التشريعى بجنوب دارفور محمد العاجب ما وصفه بمماطلة امانة النهضة الزراعية بالمركز فى تقديم المعلومات الصحيحة للوفد الذى ابتعثه المجلس لمعرفة حقيقة النهضة الزراعية، ولكن تمكن من خلال عدم الاهتمام بالوفد من معرفة ان النهضة الزراعية انحصرت على مستوى اداراتها العليا بالخرطوم ولم تتنزل الى ارض الواقع خاصة بجنوب دارفور، رغم الآمال التى بنيت تجاه المشروع، مشيرا الى ان المجلس التشريعى ارسل وفدا للخرطوم لمتابعة اجراءات النهضة الزراعية، الا ان امانة النهضة الزراعية ظلت تماطل لاكثر من عشرة ايام، داعيا نائب رئيس الجمهورية الى التدخل لمعالجة العقبات تواجه تنفيذ مشروع النهضة الزراعية بالولاية. وفى ذات السياق يرى وزير الزراعة بالولاية عمر عبد الرحمن ان ما اعلنته الدولة من ارقام مالية كبيرة بغرض دعم مشروعات النهضة الزراعية انها ارقام فلكية ووهمية لا اساس لها من الصحة فى الوجود، وان الميزانيات تدخل وتدمج عاما فى عام، وهذا يرجع لعدم التزام وزارة المالية، لهذا نطالبها بسداد ما التزمت به من ارقام فلكية. وقال عمر إنهم فى الولايات النائية بغرب السودان يشعرون بعدم الاهتمام من قبل مشروعات النهضة الزراعية، لان الميزانيات التى نسمع عنها فى نشرات المجلس لم يكن لها وجود. ولهذا طالبنا وزارة المالية والقائمين بأمر النهضة الزراعية بأن يتعاملوا مع دارفور باعتبارها حالة استثنائية، لأن دارفور لم تستفد كثيرا من برامج النهضة الزراعية، والعمل على اكمال مشروعات التنمية وخاصة طريق الانقاذ الغربى وتأهيل خط السكة حديد. وعلى كل حال نطالب المركز باعطاء اهل دارفور كامل حقوقهم والعمل على ازالة كافة انواع الغبن والتهميش الذى نشأ فى النفوس من مثل هذه السياسات الخاطئة. واضاف عمر ان ولاية جنوب دارفور ولاية تنموية تبلغ مساحتها حوالى 138 الف كم مربع تساوى 32 مليون فدان، منها 24 مليون فدان صالحة للزراعة، ولكن لقلة الامكانات يستغل منها ما بين 8 الى 10 فدادين، وتوجد مشروعات كبرى اذا توفرت لها الامكانات يمكن ان ننافس بها القضارف والجزيرة. واضاف عمر إن بالولاية كميات كبيرة من المحاصيل التي لا توجد ببقية الولايات، بالاضافة الى المناخ الذى تتمتع به دارفور «مناخ البحر الأبيض المتوسط». ونوَّه عمر الى ان فدان القمح فى الشمالية او سنار ينتج حوالى 6 جوالات فقط، بينما بدارفور ينتج الفدان 31 جوالا، لأن نسبة هطول الامطار تتراوح ما بين 500 الى 800 متر فى العام، وفى بعض المناطق يصل الى الف مليمتر. واشار عمر الى ان هذه الكميات الكبيرة من المياه منحدرة دون الاستفادة منها نتيجة للسياسات الخاطئة، ولهذا وضعنا خططا للاستفادة منها فى مشروعات النهضة الزراعية حتى تسهم فى استقرار المزارعين والرعاة، والتقليل من الاحتكاكات القبلية بسبب شح المياه. وقال عمر الولاية غنية من كل النواحى، ففى القطاع الغابى فإن انتاج الصمغ العربى يسهم بنسبة 17 الى 20% من الناتج القومى، ولهذا رصدت له اموال حتى الآن لم نر منها شيئاً. وعدم الاهتمام بانتاج وتسويق للصمغ العربى ادى الى تكدسه فى بورتسودان. واستعدادا للعام الزراعى لهذا العام قال عمر إن نصيب الولاية فى التقاوى من النهضة الزراعية أقل بكثير من الكمية المطلوبة مقارنة بالعام الماضى الذى تم فيه مد الولاية بحوالى 62 الف طن من التقاوى، ولم يصل الولاية فى وقته، ولكن هذا العام تم توفير 400 طن فقط. وهى نسبة ضئيلة جدا. وعزا عمر ذلك الى ان ادارة النهضة الزراعية بالمركز قد أرجعته الى الازمة الاقتصادية العالمية التى تأثرت بها الدول، مطالبا المسؤولين بالمجلس الاعلى للنهضة الزراعية بأن يولوا مشروعات النهضة الزراعية بدارفور عامة وجنوبها خاصة اهتماما حتى يستفيد السودان، الى جانب الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية الذى يصل ما بين 13 الى 15 مليون رأس، وبعد الشهادة التى تحصلت عليها صادرات الماشية وخلوها من الامراض، على وزارة المالية الاتحادية الالتزام بما وعدت حتى ولو 25%، وألا يلعبوا بمشاعر المواطنين، لأن ذلك يؤدى الى خلق عدم ثقة بين المواطن والدولة والمسؤولين. ولكن النهضة الزراعية بدارفور وخاصة جنوب دارفور فى ظل الحاجة الماسة للمواطن للاستفادة من المشروعات الكبرى مثل النهضة الزراعية، فإن لجنتها تظل فى قفص الاتهام والتهميش الى حين تتساوى ولايات دارفور بنفس حجم التمويل من آليات وغيرها، مثل بقية الولايات التى تم فيها إنفاذ المشروع. عبد الرحمن ابراهيم :الصحافة