ثارت ثائرة شيوعيون كثر بعد تعريض الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي بهم وبالفكر الشيوعي وذلك في بيان له يناشد فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعدم إنفاذ أحكام الإعدام ضد قيادات الإخوان المسلمين في مصر وكانت أحكام بالإعدام صدرت من قبل القضاء المصري بحق قيادات الإخوان المسلمين في مصر وعلى رأسهم الرئيس المصري السابق محمد مرسي والأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، محمد بديع وجاءت عبارة في بيان المهدي اشعلت غضب شيوعيين سودانيين وهي العبارة التي قال فيها المهدي إن من محاسن الإخوان المصريين إيقاف المد الشيوعي عن المنطقة وحمل بيان المهدي تلك العبارة التي يصفها بعض الشيوعيين بالمسيئة ،في وقت يحدث فيه تقارب وتحالف بين الحزبيين في مواجهة حكومة الخرطوم ،الأمر الذي إعتبره مراقبون سياسيون لا يصب في مسار العلاقات بين الحزبين وتحالفهما كمعارضة ضد الحكومة ،خاصة وأن الحزبين يجمعهما “نداء السودان” الموقع بين أحزاب المعارضة بالداخل والحركات المسلحة من أجل الحوار والبحث عن تسوية سياسية ، ولئن بدأ الحزب الشيوعي ينفض يده رويدا رويدا عن ذلك الاتفاق بعد تعثر مسار الحوار ، إلا أن كثيرين يرون ان المهدي لم يتحلّ بالحساسية اللازمة مع حليف يقف معه في ذات خندق مجابهة حكومة الخرطوم، ففي وقت قريب قبيل الانتخابات التقى الحزبان وأصدرا بيانا مشتركا يدرسان فيه خيار الانتفاضة الشعبية حال إصرار الحزب الحاكم على إجراء الانتخابات وتجاهل دعوات المعارضة والمجتمع الدولي بإدارة حوار مجد وشفاف ،بحسب عبارات البيان المشترك الصادر عن الحزبين بعد اجتماع مطول مشترك رهن فيه الحزبان المشاركة في المؤتمر التحضيري للحوار مع الحكومة السودانية في أديس ابابا بإيقاف انتخابات ابريل، وناشدا المجتمع الدولي بالضغط على الحزب الحاكم للوفاء بتعهداته وإكمال الحوار ، وهو الاجتماع المهم الذي أمن فيه الحزبان على مقاطعة الانتخابات ودعم حملة (ارحل) التي اطلقتها تنسيقية نداء السودان. وشددا على ضرورة تكثيف العمل الجماهيري خاصة داخل العاصمة القومية بالتركيز على أطرافها وعبر القطاعات الأكثر حيوية: النساء، الشباب، والمهنيين وحثت كل عبارات البيان على ضرورة العمل المشترك ووحدة الرأي بين الحزبين غير أن تقلبات المواقف وعدم استناد الحزبين على قاعدة فكرية واحدة جعل من الصعب إكمال مشوار الاتفاقات والبيانات المشتركة، فالحزب الشيوعي يبدو قريبا من الخروج تماما من اتفاق نداء السودان كما خرج من قبل من وثيقة برلين ،فعلى الرغم من تاريخ طويل من العمل المشترك إلا أن الخلافات دائما ما تقطع الطريق أمام تحالفات الحزبين مثلما حدث في التجمع الوطني الديمقراطي عندما خرج منه حزب الأمة في عام 1999م، ليوقع اتفاقا مع المؤتمر الوطني اطلق عليه اتفاق نداء الوطن في عام 2000م ليعود بعدها الحزب الى الداخل ، وهو الاتفاق الذي ظن فيه المهدي أنه قد اصطاد فيلا غير أن الخلافات سرعان ما دبت مع المؤتمر الوطني ليعاود حزب الأمة المحاولة مرة أخرى مع الحزب الحاكم فيما عرف بإتفاق “التراضي الوطني” لينضم حزب الامة مجددا لتحالف جديد مع الشيوعيين فيما عرف ب”تحالف جوبا” ثم “تحالف قوى الإجماع الوطني” ليخرج الحزب مجددا من قوى الاجماع الوطني على إثر مطالبة حزب الأمة بإعادة هيكلة التحالف ووضع اعتبار للأوزان للأحزاب الكبيرة وهي العملية التي عجلت بخروج الحزب من التحالف ، ليجمع بين الحزبين مجددا اتفاقا “برلين” و “نداء السودان” في سياق عملية الحوار والبحث عن التسوية السياسية مع الحكومة ، ويبدو أن الخلافات قد طرقت بابها مجددا حول الاتفاقين وحول طريقة الحوار والتفاوض ويحمل حزب الأمة على الشيوعي اتهاما بضرب أو المشاركة في ضرب الجزيرة أبا وود نوباوي كما يحمل حزب الأمة كذلك اتهاما باستخدام النقابات لإجهاض حكومته في الفترة الديمقراطية ، وفي العام السابق 2014م ارتفع التوتر بين الحزبين بسبب تلك الاتهامات خاصة ضرب الجزيرة أبا وأوردت احدى الصحف المحلية في الخامس عشر من شهر يناير تلويحا للحزب الشيوعي بمقاضاة حزب الأمة القومي، على خلفية الاتهامات اللاذعة التي شنها الأخير عليه، ودمغه فيها بقتل آلاف من مواطني منطقة «الجزيرة أبا» و«ود نوباوي» إبان حكم الرئيس الأسبق “جعفر نميري”. وقال القيادي بالحزب الشيوعي “صديق يوسف” في تصريح مقتضب لتلك الصحيفة – إنه لن يرد على اتهامات حزب الأمة القومي، وأنه لن يخوض (مهاترات) معه، لكنه استطرد : قد نلجأ للقضاء في مواجهته . وذكرت الصحيفة في ذلك التصريح أن حزب الأمة القومي قد شن هجوماً عنيفاً على الحزب الشيوعي، مقللاً من دوره في العمل السياسي. وقال إن أياديه ملوثة بدماء الأبرياء في (الجزيرة أبا وود نوباوي). وتأتي اتهامات الأمة للشيوعي بعد حرب تصريحات عنيفة اشتعلت بين الطرفين، في أعقاب نقد تحالف المعارضة لتكريم “الصادق المهدي” من رئاسة الجمهورية بمناسبة أعياد الاستقلال وبالمقابل فإن الحزب الشيوعي يحمل على حزب الأمة إسهامه في حل الحزب وطرد نوابه من البرلمان عام 1965م فيما عرف تاريخيا بحادثة “حل الحزب الشيوعي” ،وهي الحادثة التي اتهم فيها الشيوعيون حزب الأمة والحزب الاتحادي بتقويض الدستور وتخريب الحياة الديمقراطية في البلاد وهي الحادثة التي قيل انها قد مهدت الطريق لانقلاب الرائد جعفر نميري في عام 1965م وبالأمس جاءت ردود افعال بعض الشيوعيين، خاصة في شبكات التواصل الإجتماعي عنيفا على العبارة التي أطلقها المهدي في بيانه أو رسالته الموجهة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والتي ذكر فيها أن من محاسن الإخوان المسلمين في مصر الوقوف ضد المد الشيوعي. تقرير: علاء الدين محمود