الجهة التي بادرت لتنظيم ندوة عن ظاهرة التطرف وسط الشباب في السودان برعاية السفارة الأمريكية في الخرطوم أخطأت حين استعانت بالسفارة الأمريكية أو سمحت لها برعاية أو استضافة الداعية الذي سيحيي هذه الندوة. مثل هذه الندوات لا تصلح سفارات الغرب والمنظمات الدولية للمساهمة فيها بخطاب توعية أو نصح أو إرشاد لأنه وبرغم إدانتنا الكاملة لكل أشكال الإرهاب والتطرف وعدم اعترافنا بوجود أية مبررات له، لكننا أيضا يجب أن نفهم أن خزانات وقود الفكر التكفيري المتطرف تشعلها وتفجرها استفزازات الغرب ومنظماته للإسلام وإساءاتهم المستمرة للمقدسات الإسلامية، لذلك تسقط عن هؤلاء أهلية الإسهام والرعاية لجهود النصح أو القيام بدور التوعية للمجتمعات المسلمة أو للشباب المسلم. لابد أن نقر بوجود علاقة كبيرة بين انتشار الفكر التكفيري المتطرف في الآونة الأخيرة وبين ظواهر الإساءة والاستخفاف بالإسلام وبرموزه المقدسة بواسطة منظمات ومؤسسات غربية عابثة أو متآمرة، ولابد أيضاً أن ندين الحكومات الغربية والحكومة الأمريكية على تهاونها مع هذه الخطوط الحمراء التي كان من الممكن منع تجازوها حتى ولو بنصوص وقوانين تحترم حقوق الإنسان وتضع عقائد البشرية خطاً أحمر لا تسمح بتجاوزه. لا نريد أن نقول إنهم يدفعون الآن الثمن لكن منهجهم وفلسفتهم في التعامل مع تلك الأخطاء شكل حماية لتلك الممارسات المتطرفة والمتآمرة والعابثة والمتجاوزة للخطوط الحمراء وحقوق الإنسان من جانبهم والتي تسببت في تنشيط وترويج مناهج الفكر المتطرف كرد فعل متوقع في هذه الحالة. السفارة الأمريكية غير مؤهلة لرعاية أية ندوات ضد التطرف وسفارات الدول الغربية جميعها فاقدة للصلاحية في هذا الجانب، بسبب سلبية مواقفهم تجاه التطرف الموجود في مجتمعاتهم ضد الإسلام. بنفس المستوى لا يمكننا فصل ردود الفعل الإجرامية والإرهابية التي تحدث ضد الكيانات الشيعية في دول الخليج عن الاستفزازات التي تقودها منابر إيران الطائفية وفضائياتها التي تكيل الإساءات للصحابة الكرام رضوان الله عليهم، هي منابر متطرفة ساعدت بعبثها واستفزازتها لأتباع منهج السنة والجماعة في تنشيط أعمال الإرهاب. أكرر أن ما سردته هنا ليس تبريراً للتطرف الذي نرفضه رفضاً قاطعاً لكن الذي نريد أن نؤكد عليه أن لكل مقام مقالا وأن رسالة الوسطية والاعتدال لا يصلح رعاة التطرف لبثها. شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين.