والحزن.. لموت عزيز حلو.. ليس شيئاً تعرفه تحت الضجيج والصراخ والبكاء.. والزحام الحزن تعرفه في اليوم الرابع أو الخامس.. حين تقف حيث كان الصيوان.. وما حولك هو.. آثار الأقدام.. وآثار المقاعد.. والأوراق الملطخة ببقايا الطعام و..و… وأحدهم من بعيد يعبر الطريق الصامت لحظتها تعرف ما هو الحزن «2» والكتب والكتابات عن الترابي تظل تتخبط لانها تبحث ولا تعرف ما تبحث عنه وأول التسعينات نجلس إلى الترابي بصحبة سيد الخطيب.. نطلب أن يحدثنا الترابي.. عن الترابي الذي «يمشي» في الأسواق ويمشي في البيت حافياً برأس مكشوف/ لا أحد يذكر أنه رأي الترابي حاسر الرأس/… والترابي الذي يقود عربته بسرعة مائة وثمانين ميلاً و.. و الترابي يروغ من الحديث ونعرف أنه يقول لنا أن من يكتب عن الترابي ليس نحن «3» والسيرة الذاتية.. التي تصنع الأحداث/ هي سراديب تحت البحر .. وبعضها/ في رسم الشخصية/ يذهب إلى ما وراء العقل والتربي حين يعتدي عليه هاشم بدر الدين في كندا «وهاشم معلم كاراتيه» تجتمع حول الشيخ خلاصة أطباء العالم وفي «لندن كلينك» أشهر مستشفى في العالم يفحص أطباء الأعصاب هناك نتائج الفحوص و«يجمعون» على شيء…… وطبيب سوداني في مستشفى لندن هذه يحدثنا بعد الحادثة بشهر/ وبحضور أستاذ حسن البطري الكاتب المعروف/ أن أطباء لندن كلينك يجمعون على أن من يصاب بمثل هذه الأصابة لا يبقى شهرين حتى يفقد ذاكرته.. تماماً ولكن الشيخ يظل يمشي خلف عقله الغريب.. العقل الذي يفعل به هو.. ما يفعل الترابي يعرف.. منذ زمان بعيد.. انه يملك. عقلاً لا يملكه أحد غيره وأنه يقود جيشاً من المسلمين تحت ضعف لم يسبق للعالم الإسلامي ان عرفه.. ليقاتل عدواً لم يسبق للأرض معرفة مثله قوة.. وحقداً والترابي يعمل «4» وحتى يقود العالم الإسلامي.. وليس السودان .. الترابي يقود القيادات وبأسلوب شديد الغرابة ولقيادة العامة.. الترابي يجعل الناس ينظرون إليه وهو : في زمان الإنقاذ.. أن انتقل إلى الحكومة رجحت وإن انتقل إلى المعارضة رجحت وقبلها ومنفرداً .. عبود والمحجوب والصادق والنميري.. كلهم يفعل الترابي به.. منفرداً.. ما يفعل والقيادات .. الترابي يجعلها ترى قيادته للحركات في العالم الإسلامي والمؤتمر الشعبي الإسلامي يجلب قيادات ستين حركة إسلامية من العالم .. وما يتنبأ به «مما يحدث اليوم» يقع.. يقع اليوم بعد عشرين سنة من النبؤة «5» والرجل / الذي يرزح تحت عقله/ يجد أن الإنقاذ تنوء تحت الحصار العالمي لأن العالم يطارد الترابي والرجل يجد أنه إن بقي في الإنقاذ هلكت.. وأن تركها هلكت.. عندها يصنع مسرحية/ حقيقة.. الإنشقاق.. والحل عنده.. وحتى يتمكن السودان من البقاء.. الحل هو التوحيد ولا أحد سمع الترابي وهو يحدث عن سيد قطب.. لكن العيون تجد أن حياة الترابي تدور حول جملة واحدة كانت عنواناً لمقال يكتبه سيد قطب المقال عنوانه «لا إله إلا الله منهج حياة» يعني أن كل ما يفعله الإنسان ما بين الأستيقاظ.. حتى النوم هو ترجمة للكلمة هذه والترابي ما بين «التفسير التوحيدي» وحتى حديثه نهار الجمعة الأخيرة في مسجد القوات المسلحة كان يطوف كعبة الجملة هذه وعن الناس والتوحيد لا احد يذكر أنه سمع الترابي «يجادل» ما يفعله الترابي هو أنه ينظر إلى الصوفية بحزن وهو يرى أنهم يحبون دين الله الكريم .. ولا يعرفونه وينظر إلى أنصار السنة .. والأنصار والختمية بالشعور ذاته وهو يرى أنهم يحبون دين الله الكريم.. ولا يعرفونه وحياة الترابي تظل أضطراباً يبحث عن المداخل للأمة.. وهاشم بدر الدين الذي يضرب الترابي ليقتله يحدث أمرأة كانت من جيران أهله في حي العرب يحدثها عن الترابي.. ويبكي ويبكي والحزن ليس هو أن تمشي خلف نعش الترابي مع مئات الآلاف من الباكين الحزن هو أن تذهب اليوم وتقف على قبر الترابي .. القبر المعزول.. الوحيد الصامت.. تحت الشمس