إرتفاع أعداد النازحين بالدبة إلى (40) ألف شخص    دبابيس ودالشريف    الشعلة والنيل الشرفة يتأهلان في كأس السودان برفاعة    اختبارات الفئات السنية لأكاديمية سيد الأتيام    رئيس مجلس السيادة القائد العام: الحرب لن تنتهي إلا بنهاية التمرد    شاهد بالفيديو.. في لقطة رومانسية أشعلت السوشيال ميديا.. فنان "ثورة ديسمبر" أحمد أمين يتبادل "الأحضان" مع عروسته احتفالاً بزواجهما    ضربة روسية قوية بصواريخ كينجال على مواقع عسكرية حساسة في أوكرانيا    من هوانها علي الدنيا والناس أن هذه المليشي المتشيخ لايعرف عن خبرها شيئاً .. ولايعرف إن كانت متزوجة أم لا !!    شاهد بالفيديو.. رجل البر والإحسان أزهري المبارك يرفض الحديث عن أعماله الخيرية ويعطي درساً للباحثين عن الشهرة: (زول قدم حاجة لي الله.. إن تكلم بها خلاص فسدت)    شاهد بالفيديو.. رجل البر والإحسان أزهري المبارك يرفض تكريم أقيم له: (تكرموا العتالي البشيل في ضهرو وبقسم رزقو مع اهلو في مخيم نازحين الفاشر ولا تكرموني أنا الدهابي؟)    شاهد بالصورة والفيديو.. المطربة الصاعدة "عزيزة اللذيذة" تبهر الجمهور بجمالها الملفت وتشعل حفل غنائي بإحدى أغنيات الفنانة ندى القلعة    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: جنوب السودان بلد العجايب    وزير الداخلية يترأس إجتماع هيئة قيادة شرطة ولاية سنار ويفتتح عددا من المشروعات الشرطية بالولاية    فريق مشترك من المفوضية السامية لشئون اللأجئين ومعتمدية اللاجئين ينفذان ترحيل الفوج رقم (25) من اللأجئين خلال العام الجاري    الالعاب الإلكترونية… مستقبل الشباب في العصر الرقمي    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    السودان..وفد عسكري رفيع في الدمازين    تعادل الإمارات والعراق يؤجل حسم بطاقة المونديال إلى موقعة البصرة    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    روبيو يدعو إلى وقف إمدادات الأسلحة لقوات الدعم السريع السودانية    نجم ريال مدريد يدافع عن لامين يامال: يعاملونه مثل فينيسيوس    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    المنتخب الوطني يتدرب بمجمع السلطان قابوس والسفير السوداني يشّرف المران    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثامن من مارس منزّهاً عن التأنيث
نشر في النيلين يوم 08 - 03 - 2016

في الوقت الذي يُعاد فيه ترتيب بعض معاني (ودلالة) الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، الموافق 8 مارس/ آذار من كل عام، تتجدّد الهموم الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية للمرأة، وتعود إلى النقطة الأولى التي لا يُنظر إليها بعيداً عن همّ الجسد. هذا الجسد الذي ما زال الأقرب إلى النّيْل منه، عنفاً وظلماً وتعسفاً، وهو الهاجس الأول والموقد الأكثر اشتعالاً لجذوة هذا الهمّ. ففي الحالة الأكثر بشاعةً، نجد العنف الجسدي، خصوصاً بأشكاله المرتبطة بزمن الحرب، أو حالة استخدامه وسيلة للقتل والتعذيب والإيذاء والإذلال والترهيب، وغيرها من حالات العنف والمضايقات والمعاكسات. كل هذه الظواهر السلبية، بوحشيتها وساديتها ولا إنسانيتها، تحمّل هذا الجسد أعباء ومسؤولية الذود عن هويته الخاصة، على الصعيدين، الفردي والاجتماعي.
تجيء ذكرى هذا اليوم، وتليها مباشرة ذكرى أخرى، استجدّت من دون ترتيب مسبق بين التاريخين. فيوم 8 مارس رمز نضال المرأة أخذ زمناً طويلاً حتى وافقت عليه المنظمة الدولية في عام 1977، أما يوم 9 مارس فينظمه المتظاهرون في مصر لإحياء ذكرى ما عُرف إعلامياً ب “كشوف العذرية”، والتي مارسها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 9 مارس 2011، ضد معتصمات في ميدان التحرير، حينما كان اللواء حينها عبد الفتاح السيسي رئيساً لجهاز المخابرات العسكرية. وقد اعترف بها، فيما بعد، مبرّراً للوكالات العالمية بأنّها كانت لحماية الفتيات من الاغتصاب، وحماية الجنود من الاتهام بالاغتصاب. ما تم إجازته للقوات المسلحة وقوات الشرطة المصرية في سبيل حماية أفرادها من ادعاء محتمل من المحتجزات، هو إجراء تحوطي، لا يتناسب مع حجم افتراض ما يمكن أن تقوم به هؤلاء الفتيات.
هاجس الحماية هذا، والذي وصل إلى استباحة حرمات كرامة المرأة وإهدارها، بفعل متعمّد ينطوي على الإذلال والإهانة المقصودة، كان نتيجة لعهد النساء الجديد الذي عمّ الوطن العربي، بمشاركتهن في ثورات الربيع العربي. وهي لم تكن مشاركة وحركات عفوية خرجت إلى الشارع، من دون تدبير، بقدر ما كانت حقّاً اقتلع من فك نُظم مستبدة بهبّة واحدة للشعوب، من دون التفريق بين ذكر وأنثى.
“المرأة، سواء كانت على قدر من الثقافة والتحضر أو متواضعة الثقافة، فهي من ضحايا همّ الجسد، وعبثية التفكير الدائم به”
محاولة كهذه لتغيير العالم نحو الأفضل لا تكون وليدة أيامٍ، ولا شهور، ولا كذلك سنين بل قرون عديدة. من الصعب وضع تاريخ محدد لها. ولكن، يمكن الرجوع، نظرياً، إلى القرن الثاني عشر، حينما جادل المفكّر الإسلامي ابن رشد، في موضوعٍ لا يزال يشغل الفكر النسوي، وهو شأن مساواة المرأة للرجل.
رفض ابن رشد في فلسفته “التأنيث” بمعناه الجنساني، والذي يختزل دور المرأة في وظيفةٍ معينة لا تتعداها. وجاءت بعده الكاتبة الوجودية الفرنسية، سيمون دي بوفوار، والتي اختصرت قوله في عام 1949 ليكون: “لا نولد إناثاً، وإنّما نصبح إناثاً”. إذن، اتفاق ابن رشد وسيمون دي بوفوار، ومن قبلهما ما صححه ابن رشد لفهم بعض الفلاسفة والعلماء، كالفارابي وابن سينا، لفلسفة أفلاطون وأرسطو ما هي إلا لاتفاقٍ ما مع الفهم الصحيح لمبادئ الأفكار النسوية، والتي لم تكن تُعرف في ذاك الزمان بهذا الاسم.
ما علمتنا إياه نساء الثورات العربية، من تونس ومصر وليبيا واليمن، أنّ الهدف في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتحقيق تنمية متوازنة وشاملة هي حقوق أساسية للمواطن، أياً كان جنسه. وإذا دخلت النساء مشاركاتٍ في تغيير النُظم المستبدة إلى نُظم ديمقراطية، فهنّ يشاركن في صنع القرار السياسي بشكل واقعي. فلطالما صُدّعت الرؤوس بمشاركة المرأة السياسية، وبعد جدل طويل، ومعارك ضارية، يتم اختزال هذه المشاركة في نص الدستور فقط، في حقها السياسي في التصويت والانتخاب وتخصيص مقاعد لها، وكل هذه تستلزم منها خوض غمار معركة أخرى، حتى تستطيع تنزيل هذه المشاركة إلى أرض الواقع.
ومع النظر إلى بعض الاعتبارات، والظروف المختلفة، فإنّ كل النساء في الهمّ جسد واحد. ففي المجتمعات الريفية، نساء يراوحن بين الجهل والفقر والتخلف، لا يكدن يسمعن بالمرأة المنفتحة على مباهج أنوثتها القريبة جداً من الآخر، بينما هنّ المكتويات بهجير الآخر وجحيمه، فرغماً عن ذلك، هنّ مهمومات بالجسد وكيفية صياغته وحمايته، وإظهاره على طريقتهن وبظروفهن الخاصة. وأخريات يفيض على جوانب حركتهن عبير نساء مسكوناتٍ بالحيرة والأسئلة من إشكاليات الحياة في مجتمع يضج بالشهوات، ما يجعلهن يعانين كثيراً من الإحباط والانكسار والاستلاب. وفي ظل المرفوض والمتاح، تدخل المرأة في المجتمعين المختلفين في أتون اختبار الذات من مرايا الآخر “الرجل”، تحاول ما استطاعت التشبث بطيف الأنوثة، من خلال استقصاء حالات القرب والهجر، الانبهار والانكسار.
يبدو حصر مفهوم النسوية في شقّه السياسي مترفاً بعض الشيء. ولكن، بعد أن خلُص المفهوم إلى مجموعة مراجعاتٍ، تفيد بأنّ التفاوت في الجنس هو أساس اللامساواة البنيوية بين النساء والرجال، وهو ما جعل النساء يعانين من الظلم الاجتماعي، اتضح أكثر أنّ اللامساواة بين الجنسين ليست نتيجة للضرورة البيولوجية، وإنّما أحدثتها البنية الثقافية للاختلاف في الجنس.
تجد المرأة نفسها اليوم في وضعٍ لا تحسد عليه، وسط اللغط الأخلاقي الذي يدور حولها، فالمرأة، سواء كانت على قدر من الثقافة والتحضر أو متواضعة الثقافة، فهي من ضحايا همّ الجسد، وعبثية التفكير الدائم به. وهي تحاول جاهدةً البحث عن منطقةٍ وسطى بين جنة هويته المستقلة، بمعزل عن أعراض الغواية والمنتظر منها، ونار النأي عن جوهر تصور متطلبات ذلك “الآخر”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.