لاتخلو مراسم الزواج من طقوس وعادات مختلفة في أي مجتمع , وقد تكون غريبة أو مضحكة بعض الشيء ، لكنها تتفاوت حسب درجة غرابتها تبعا لثقافة البلد ومعتقداته المتوارثة , ففي السودان تجتمع العادات مع أفكار كبار السن لتشكل الطقوس غريبة الأطوار وتحقق بهجة العرس التي ينتظرها الجميع . (!) أهم ما يميز طقوس الزواج في العرس السوداني هي ” ليلة الجرتك ” , تلك الليلة التي تمثل قيمة خاصة لدى أهل العروسين , والجرتك من أقدم العادات السودانية في ليلة الزواج فبعد انتهاء الحفل, تذهب العروس إلى بيت أهلها ويتبعها العريس وهناك يجلسان فوق ” العنقريب ” وهو سرير أحمر مخصص لهما كما ترتدي العروس زيا أحمر وإلى جانبها العريس لتبدأ كبار السن أو كما يطلق عليهم ” الحبوبات ” في الغناء لهما بالحان متوارثة وشهيرة( الليلة العديلة يا رسول الله ) , وعلى وقع هذه الألحان يتم إلباس العروسين ما يسمى بالخرزة والسبحة والحريرة في أيديهما ثم تقوم الحبوبات بتعطيرهما ورشّ مساحيق معينة فوق رأسيهمي للتبرك بهم بدعوى درء الحسد وعيون الحاقدين عنهما (!!) وطريقة الجرتق تكون وتبدأ كبيرات السن من الأسرتين في إلباس العروس غطاء الرأس المذهَّب وسبحة سوداء وحريرا أحمر على المعصم اليمين والقليل من عجينة العطر السوداني الاصيل الخمرة( بضم الخاء) على وسط الشعر قبل ان يجلس العريس قبالة عروسه ليتبادلا كميات من الحلوى والتمور لسبع مرات تناوله ما في يديها ويعيدها إليها ثانية وعند المرة السابعة ينهض العريس ليوزع تلك الكميات على الحضور ، وبعد نهاية المراسم يتراشق العريس وعروسه بالحليب وسط فرحة وتصفيق الحضور، ليعقب ذلك ترطيب الجو بحبات من العطر الفواح ينثر على الحضور الذي يشارك في الغناء بصوت جميل لتظهر العروس في زيها الأحمر اللافت وتتبادل الرقص بايقاع وأغنيات مخصصة فقط لأمسية الجرتق ، معلنة نهاية مراسم الجرتق وكذا نهاية مراسم الزفاف. (!!!) اجمع كثيرون أن هذه العادة اندثرت ولم تعد تحمل رونقها كما كان سابقا لاختلافات الزمن , ورغم ان تلك الطقوس صمدت كثيرا إلا أن وجه المجتمع الحديث يحاول بعض الشباب الاستغناء عنها بأعراس حديثة حلت فيها أجواء الطرب والقاعات الفخمة والديكورات الراقية, وتبقى الطقوس التى رسمت ملامحها في حياة السودانيين منذ مئات السنين إلا أن هذه الموروثات تعد تحديا للجيل الجديد بزعزعتها من قبل حواجز التعليم والحضارة.