رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الأسير العائد (شهاب برج) بعد إعلان استشهاده
نشر في النيلين يوم 10 - 03 - 2017

كنت أستعيذ في صلاتي من الأسر فالوقوع في أيدي الرجال مرير ولكنها أقدار الله
سنتحول إلى رسل سلام بدلاً عن رسل حرب
أنا مجاهد ولن أتخلى عن مبادئي ولكن الأولوية للسلام والتصافي والمحبة
أقول للحركة شهاب ليس جباناً ولن أنسى جميلكم طيلة حياتي
عرمان دعاني للغداء معه في منزل موسيفيني وقلت له(الشباب ديل ما بيدوروك) فضحك
المقدمة
“شهاب الدين محمد عبد الله” ،الشهير ب”شهاب برج”خريج كلية الآداب جامعة الخرطوم، عندما خرج في مايو 2013م لتحرير مدينة(أبوكرشولا) ،وكعادته في الخروج ل(الغزو) كان يظنها غزوة ككل الغزوات التي اعتادها، ولكن لم يكن يظن أن غيابه هذه المرة سيمتد لأربع سنوات كاملة وأنه سيتذوق مرارة الأسر الذي ظل يستعيذ منه في كل صلاة وأن أهله سيحتسبونه شهيداً، سيقيم له إخوته المجاهدون عرس الشهيد.. ولكن عندما شددنا الرحال إلى منزله في (أمبدة) وجدنا الفرحة تملأ الحي وشوارعه والذبائح تملاً الأمكنة ووجدناه صابراً محتسباً وسط أهله وإخوانه (المجاهدين) موقناً أنها أقدار الله .ولمسنا العبرة التي استقاها من مرارة الحرب التي جعلت منه وزملاءه في الأسر يعقدون العزم على التحول إلى (رسل سلام ) بدلاً عن (رسل حرب).
حوار: عقيل أحمد ناعم
# حدثنا عن اللحظة التي تم فيها أسركم .. وكيفية وقوعكم في الأسر؟
*طبعاً نحن كنا في مدينة (أبو كرشولا) في معركة بين القوات الحكومية وقوات الجبهة الثورية في (13/5/2013م) الساعة 2 ظهراً، وكنا متجهين لتحرير المدينة، وكما يقال (الحرب سجال يوم لك ويوم عليك)، والمعركة في نهاياتها رجحت الكفة لصالح الحركة الشعبية نسبة للظروف المحيطة بالمعركة، وتراجعت قواتنا لإعادة التنظيم.
# وماذا حدث بعدها؟
*عند لحظة التراجع ظهرت سيارات كنا نظنها تابعة لنا، وفكرنا أن نضربها ولكن تراجعنا لأننا حتى آخر لحظة كنا نظنها (عرباتنا)، ولكن في آخر لحظة اكتشفنا أنها تابعة للجبهة الثورية، وفي تلك اللحظة كان معظم ناسنا قد انسحبوا، وتبقينا نحن (ثلاثة أو أربعة) أشخاص: أنا والعقيد “هاشم تاج السر”، والأخ المجاهد “دفع الله الحسن”.
#كيف وقعتم بعدها في الأسر؟
*في تلك اللحظات أُصبت في رجلي اليسرى (في الركبة) .ولكن الأخوين “هاشم” و”دفع الله” استشهدا.
#تم أسرك لوحدك في هذا الموقع ؟
*في هذا الموقع وفي هذه اللحظة تم أسري لوحدي، وبعد خمس دقائق ظهر أحد الأخوان العسكريين اسمه “رحومة”،وهو قد توفي في الأسر. فنحن كنا في المقدمة وبقية الجيش في الخلف. ولا أستطيع تحديد إن كنا نحن أول من تم أسرهم ف(الحكاية كانت جايطة شديد).
# أنت عايشت لحظات استشهاد العقيد “هاشم” والمجاهد “دفع الله الحسين”؟
*نعم أنا عايشت لحظات استشهادهما.
# حدثنا عن شعورك وأنت موقن للوهلة الأولى أنك وقعت في أسر أعدائكم الذين ظللتم تقاتلونهم سنوات طويلة؟
*أنا كنت أدعو في كل صلاة (اللهم إني أعوذ بك من الأسر والبتر ومن عذاب القبر). فالأسر أمر مرير، وكونك (تقع في يد الرجال ) دي حاجة ما ساهلة .وأنا قد خضت معارك مع التمرد منذ العام (1999م) اشتركت في غرب النوير، وفي كسلا وفي تحرير همشكوريب، وشاركت في تحرير توريت، وهجليج وغيرها كثير من المعارك. وكانت كلها معارك أصعب من (أبوكرشولا) ولكن في النهاية كلها أقدار الله شاءت أن أصاب وأقع في الأسر في أبوكرشولا. وهي لحظات صعبة جداً عندما أيقنت أني وقعت في الأسر.
#كيف كان تعامل الحركة الشعبية معكم في اللحظات الأولى لأسركم؟
*طبعاً اللحظات الأولى صعبة، فالجو مشحون بالدماء والقتل من الطرفين، فقد يكون الشخص الذي ألقى القبض علينا قد قُتل أخوه أو قريبه ما يجعل هناك كثيراً من الانفعالات، ولكن رغم ذلك لم يكن الوضع صعباً بدرجة كبيرة، لأن القائد الذي أسرني أُعطى تعليمات بأن لا يتم التعرض لي بالضرب أو غيره، وللحقيقة والتاريخ لم يكن التعامل سيئاً.
# إلى أين تم نقلكم بعدها ؟
*من أبو كرشولا تم نقلي إلى قرية اسمها (الفرشة) ، وهي نقطة لتجميع الأسرى، وقد كنا (67) أسيراً هو العدد الكلي.
#هذه منطقة تجميع .. ما هي محطتكم التالية؟
*بعدها تم نقلنا لمنطقة اسمها (عرديبة) تبعد حوالى (15)كلم من الفرشة ، وهي منطقة نائية بين جبلين، مكثنا فيها حوالى شهر، وعملوا لينا (زريبة) كنا موجودين فيها.
# هنا يبدو أنكم مررتم بأوضاع صعبة؟
*نعم في (عرديبة) عشنا ظروفاً صعبة جداً، فمناطق الماء بعيدة، بالإضافة إلى أننا كنا في العراء، وكانت بداية الخريف، وكانت الأمطار تصب على رؤوسنا مباشرةً، وكان الطعام الذي يقدم لنا بسيطاً، وهذه ظروف صعبة جدا أن نكون تحت المطر والبرد وفي ذات الوقت جائعين.
# وإلى أين كانت وجهتكم بعدها؟
*بعدها نقلونا إلى (الجغيبة) وفيها رئاسة الحركة الشعبية بجبال النوبة.
#وهل كانت هي المقر الرئيسي الذي أقمتم فيه؟
*نعم هي المكان الذي أقمنا فيه طيلة السنوات الأربع.
#هل تم التعرف عليكم بالأسماء ومواقع عملكم.. وبأنك أنت شهاب برج الذي يتحدث عنه المجاهدون؟
*كان هناك بعض الشباب تابعين ل(عبدالواحد محمد نور، ومناوي) وكانوا معنا في جامعة الخرطوم، تعرفوا عليّ، فقد كنا نخوض معهم سجالات في الجامعة، وبعدها اخبروا الحركة الشعبية بهويتي.
#هل كان لمعرفتهم بك أثر سلبي في طريقة التعامل معك؟
*في البداية كان له أثر سلبي في التحقيقات التي أجريت معي، فقد كان فيها شئ من الضغط. ولكن بعد أن وصلنا (الجغيبة) أصبح الوضع عادياً.
# ما هي طبيعة التحقيقات التي تمت معكم؟
*سألونا عن المتحرك الذي أتينا فيه، وعن قادة المتحرك، والتنظيم الذي ننتمي له وكيفية العمل فيه وإدارته، بجانب أسئلة سياسية، وأسئلة متعلقة بالعمل العسكري وعن التسليح والتصنيع الحربي.
#كيف كانت ردة فعلهم عند رفضكم الإجابة عن بعض الأسئلة..هل كنتم تتعرضون للتعذيب؟
*طبعاً في النهاية كانوا يستخدمون كل الأساليب.بما فيها التعذيب أثناء التحقيق في منطقة (الفرشة) تحديداً.
# من الذين قابلتموهم من قادة الحركة الشعبية الكبار؟
*لفترات طويلة أثناء وجودنا في (الجغيبة) كنا نقابل رئيس أركان الجيش الشعبي اللواء “جقود مكوار” فقد كان يأتينا في زيارات راتبة. وكذلك نائب “جقود” اللواء “عزت”.بالإضافة للقيادات الموجودة أصلاً في (الجغيبة) سواء قائد إدارة الجبهة الثانية أو مسؤولي العمل العسكري هناك.
# كيف كانت طريقة تعامل هذه القيادات معكم؟
*كانوا يتعاملون معنا بشكل عادي،وبيقدموا لينا العدم رغم الظروف الصعبة.
#هل زاركم القادة السياسيون للحركة (عقار،الحلو،عرمان)؟
*لم يزورونا إطلاقاً، ولم نرهم طيلة أربع السنوات.
#هل كان يتم التعامل معكم كمجاهدين مدنيين بطريقة مختلفة عن أسرى الجيش؟
*كنا جميعنا موجودين في سجن الاستخبارات، وكل الناس في النهاية أسرى.ولكن أنا على المستوى الشخصي حسب وضعي هنا كأمير كان التعامل معي جيداً.
#متى سمحوا لكم لأول مرة بالتواصل مع أهلكم أو مع أي جهة خارج مناطق الحركة؟
*بعد سبعة أشهر من الأسر ومعي العقيد “رفعت” ،واثنان من الضباط وشخص آخر أعطونا فرصة نمشي(الشبكة) وهي منطقة قريبة من كادوقلي لنجري اتصالاً بالأهل ونطمأنهم أننا موجودون وبخير.
# لمدة هذه الأشهر السبعة كنتم محسوبين بأنكم شهداء ولم يكن أهلكم أو جهة هنا تعلم أنكم مأسورين؟
*نعم تم إعلاننا شهداء، ولكن كانت الأخبار تأتي لأهلنا بأننا موجودون،ولكن ما في ما يثبت أننا موجودون فعلاً. ولكن الاتصال قطع الشك باليقين.
#هل كنتم تعلمون بأنه قد تم إعلانكم شهداء..وأن أهلكم تعاملوا مع هذا الواقع؟
*أنا شخصياً لم أكن أعلم بأنه قد تم إعلاني شهيداً.
# ما هي أقسى اللحظات والمواقف التي عشتموها في الأسر ولا تستطيع نسيانها؟
*في فترة من الفترات عندما حررت القوات الحكومية مدينة (أم سردبة) تعرضنا لضغط شديد وظرف صعب.
# لماذا؟
*لأن الحركة كان لديها قتلى وجرحى كثيرون في هذه المعركة ،ما جعل تعاملهم معنا يتغير . ولكن هذا العمل لم يكن عملاً ممنهجاً، بل تصرفات أفراد كردة فعل طبيعية لما تعرضوا له في المعركة.
# باستثناء هذه المواقف..هل عشتم حياة طبيعية خلال سنوات الأسر الأربع؟
*نعم عشنا حياة طبيعية جداً، وكنا أحيانا نتجول بدون حراس. ونتلقى دعوات (غداء أو فطور) من مواطنين في المنطقة، وكنا نعيش مع المواطنين بشكل طبيعي وندخل بيوتهم .لذلك تأثر المواطنون جداً وبكوا عندما علموا بأننا سنغادر ويتم إطلاق سراحنا.
# هل هناك كهرباء ومياه في (الجغيبة)؟
*لا، ليس هناك كهرباء، والماء ب(الكرجاكة).
#كيف كنتم تتابعون الأحوال والأخبار عن البلد والعالم عموماً.. أم أنكم كنتم معزولين؟
*عبر الراديو، وفيه كل الإذاعات السودانية بما فيها أم درمان و(fm100 واالبيت السوداني وغيرها).
# هل نشأت بينكم والمواطنين العاديين في المنطقة علاقات طبيعية وتمكنتم من التعامل والتعايش معهم؟
*علاقاتنا مع المواطنين كانت طيبة جداً. وكانوا (يشفقون) علينا حسب الوضع الذي كنا نعيشه، وكنا نخرج في (عمل إداري) في بعض الدور الحكومية ومنازل القادة، وفي العمل الإداري نلتقي المواطنين والجيران ويقدمون لنا (ذرة ، وطعام ، مواد لصناعة ملاح) ومبالغ مالية.
#كنتم تتحركون بدون حراس؟
*في الغالب كانت هناك حراسات، ولكن ليس فيها تشدد كبير.
#متى عرفتم لأول مرة أن هناك جهوداً لإطلاق سراحكم؟
*أول مرة في رمضان الماضي،عبر مبادرة (سائحون) التي قادها أخونا “فتح العليم عبد الحي” وبقية الإخوان الذين معه، وهي كانت أول ضوء في آخر النفق المظلم، وأعطتنا أملاً كبيراً جداً، لأن هذا الكلام عن إطلاق السراح كان مسكوتاً عنه تماماً.
#هل يعني هذا أنه قبل رمضان الماضي وظهور مبادرة سائحون لم يكن هناك حديث عن إطلاق سراحكم؟
*إطلاقاً.. لم يكن هناك أي حديث عن هذا الأمر. حتى كلمة (أسرى) لم نكن نسمعها، ونحن كنا متابعين للراديو لم نكن نسمع أي حديث عن إطلاق سراحنا. ولكن بعد مبادرة (سائحون) كنا أكثر التصاقاً بالراديو وكنا نسمع كل (يومين تلاتة) عن المبادرة وكنا نسمع (ناس أخونا فتح العليم) يتحدثون، إلى أن ذهبنا إلى كاودا في عملية إطلاق السراح الماضية التي لم تنجح.
# ما هو إحساسكم عندما فشلت العملية السابقة في إطلاق سراحكم؟
*إحساس مرير جداً، وكنا مهيئين تماماً أننا راجعون والطيران جاهز لنقلنا، وحلقنا (صلع) استعداداً للمغادرة وكان في وداعنا الحاكم وكل المسؤولين، إلى أن أخطرونا بتأجيل العملية إلى يوم الجمعة، وبعدها السبت، وفي النهاية أنها تأجلت لوقت لاحق.
#هل أخطرتكم الحركة بالجهة التي ترى أنها المتسببة في فشل العملية السابقة؟
*الحركة حملت الحكومة المسؤولية، ولكننا تعاملنا بأنه (القدم ليه رافع). ولم نكن على علم بتفاصيل ما يجري، لذلك لا نلوم الحكومة.
# متى أطلعتكم الحركة بالعملية الأخيرة التي تكللت بإطلاق سراحكم.. ومتى بدأت فعلياً ؟
*قبل ترحيلنا بشهر،كان يحدثنا بعض منسوبي الحركة بأن هناك مبادرة من يوغندا لإطلاق سراحنا، واللواء “جقود” نفسه أخبر عدداً من الأسرى الذين كانوا يعملون في بيته بأنه سيتم إطلاق سراحنا عبر مبادرة من الرئيس اليوغندي . لكننا لم نصدق هذا الكلام واعتبرناها مجرد كلام لرفع معنوياتنا، وبعدها نسينا الموضوع.
#ومتى تأكدت العملية؟
*يوم (17 فبراير) الماضي تحديداً، كنا في عمل إداري في الخارج، فجاءت توجيهات بأن نرجع جميعنا السجن. وجاءنا قائد السجن الملازم أول “حماد كودي” وهو رجل ممتاز ومسلم ويحترم الأسرى وأنا أحييه جداً وقال لنا بأن هناك محاضرة سيقدمها قائد الأركان، وحتى هذه اللحظة لم نكن نعلم ماذا هناك. ذهبنا للمحاضرة في قيادة الجبهة الثانية مشاة، وقدم اللواء “جقود” محاضرة طويلة وأخطرنا أن الرئيس موسيفيني قابل “عقار وعرمان” وقدم مبادرة لإطلاق الأسرى، وأنهم اشترطوا أن تتم عبر يوغندا ووافق موسيفيني. وأخطرنا بأننا سنتحرك في الصباح .
# وإلى أين كان التحرك في البداية؟
*إلى (الجاو) وهي منطقة داخل الأراضي السودانية، وكان يفترض أن نتحرك يوم (18) إلى منطقة (إيدا) في الجنوب ولكن أخبرونا أن ترتيبات محددة لم تكتمل، فبقينا قرابة (16) يوماً حتى يوم (4 أو 5) مارس، وبعدها تم نقلنا من (الجاو) إلى (إيدا) عبر السيارات ومنها إلى جوبا عبر طيران الصليب الأحمر، وقسمونا إلى فوجين. ومن جوبا في نفس اليوم وصل الفوج الأول إلى يوغندا ،والسبت وصل الفوج الثاني.
#وماذا حدث في يوغندا؟
*يوم الأحد تناولنا الغداء مع الرئيس اليوغندي في منزله، وحوالى السادسة مساء توجهنا بالطائرة نحو الخرطوم.
#صف لنا إحساسكم وإحساس حراس السجن والأفراد الذين كانوا يشرفون عليكم وانتم ستغادرون بعد أربع سنوات؟
*نحن شعرنا أن منسوبي الحركة أنفسهم فرحين بإطلاق سراحنا، ربما لأن الفترة الطويلة التي قضيناها معهم خلقت بيننا إلفة ومودة، حتى الأهالي في المنطقة كانوا فرحين جداً. وأنا كنت أعمل عملاً إدارياً في منزل أحد القادة اسمه “حمزة الجمري” فلما أخطرونا بالرجوع للسحن تمهيداً لإطلاق سراحنا سمعت بنت أخت “الجمري” فأجهشت بالبكاء وأصرت أن لا نذهب قبل أن تذبح لنا، فذبحت (دجاجة) وصنعت لنا القهوة. وهو ما يدل أنه قد خلقت بيننا علاقة إنسانية رغم الحروب والمرارات.
#هذا يفرض طرح سؤال : ما هي الحكمة والتجربة والفائدة التي خرجت بها من هذا الأسر الطويل؟
*الأسر رغم أنه تجربة مريرة استمرت أربع سنوات، ولكن من خلال هذه السنوات كنت أقف مع نفسي وقفات للتأمل والتفكر في مشاكل السودان، وفي واقع أننا الآن أسرى داخل بلدنا،وأتساءل: (لماذا هذا الوضع؟!!!) ولماذا الحرب؟!!
#وهل يدفعك هذا لتبني مواقف ورسائل محددة؟
*نعم يجعلني أوجه عدة رسائل، أولاها للحركات المسلحة وللحركة الشعبية على وجه الخصوص، وأقول لهم إننا بقينا أربع سنوات داخل مناطقكم وشعرنا ورأينا ألم الحرب في وجوه المواطنين الذين عانوا من الحرب في كل مناحي حياتهم، وكل ما تستمر الحرب تزيد معاناة هؤلاء الأبرياء. لذلك أقول للحركة (تعالوا كلنا إلى كلمة سواء وضعوا يدكم في يد الحكومة لإيقاف الحرب ولنجلب السلام للبلد)، وكما يقولون (الجمرة يتحرق الواطيها) وإن وطأت جمرة هذه الحرب وكنت مأسوراً في بلدي أربع سنوات، كان مفروضاً أن أصنع فيها أشياء كثيرة وأغير فيها حياتي، ولكن الحمد لله. أيضاً أوجه الرسالة الثانية للحكومة السودانية أن تعمل على لم شمل الوطن وأن تمد يدها للحركات المسلحة، ففي النهاية هؤلاء أبناؤها وأبناء الوطن، وأن تسعى مهما كان بوساطة المجتمع الدولي وغيره لإنهاء الحرب، وأن تقدم تنازلات بقدر الإمكان كما هو مطلوب من الحركات.لأنه بدون سلام لا توجدون هناك تنمية ولا استقرار.
#ما هي نظرتك الآن للحركة الشعبية التي تقاتلها لسنوات طويلة؟
*أنا أكبرت في الحركة الشعبية موقفها الأخير بإطلاق سراحنا، رغم حديث البعض عن ضغوطات، ولكن نقول إن الحركة مشكورة بسعيها لإطلاق سراحنا، وقد شعرنا بفرحهم لاتخاذ هذه الخطوة ، وفي النهاية كلنا سودانيون.
#هل يمكن الآن أن يتبنى الأسرى بعد وطأتهم لنار الحرب مبادرات لإيقاف الحرب ونشر ثقافة السلام؟
*عندما كنا في يوغندا في القصر الرئاسي، سمعت شخص يقول (شهاب وينو) فالتفت ووجدته “ياسر عرمان”، فناداني “مبارك أردول” وطلب مني أن آتي للسلام على “عرمان”، فسلمت عليه وطلب مني “عرمان” أن (نتغدى) مع بعض.
#وماذا كان يريد منك “عرمان” ..وماذا دار بينكما على الغداء؟
*تفاكرنا في كثير من القضايا، وقلت له (طبعاً أغلب الشباب ديل مابيدوروك) ويروا أنك تتسبب في إفشال المفاوضات كلما اقتربت من النجاح، فضحك وقال لي إنهم فقط يطالبون بحقوقهم. فقلت له هذه الحرب عمرها لم تحقق شيئاً ولم تجلب حقوقاً.
#ما هي فكرتكم تحديداً في سبيل إيقاف الحرب؟
* نحن الآن عازمون أن يكون لنا دور في وقف الحرب سواء عبر النقاش مع المسؤولين أو عبر الصحف أو الاتصالات مع ناس مؤثرين، في سبيل إيقاف الحرب، ومن اليوم سأقود حملة مع إخواني الأسرى لنصبح (رسل سلام) وبعد هذا الأسر لن نصبح رسل حرب بل سنكون رسل سلام.
# الآن الرئيس “البشير” أعلن العفو عن المحكومين والمحبوسين التابعين للحركات المسلحة.. ما تعليقك؟
*هي عبارة عن رد جميل من الرئيس للحركات المسلحة وللحركة الشعبية، وبادرة حسن نوايا من الرئيس باعتبار أن الحركة الشعبية قدمت (السبت) وهذا هو (الأحد). وأنا أرى أنها بداية نهاية الحرب في السودان لأن أصعب خطوة هي إطلاق الأسرى، والآن نحن قمنا بالأصعب وما تبقى هو الأسهل، وما تبقت هي تفاصيل صغيرة مثل العون الإنساني وغيرها. وأرجو أن يكمل “البشير” مجهوده ويمد يده لكل الحركات وأن يردوا له التحية لتحقيق سلام حقيقي يحفظ لهم حقوقهم ويعيد التنمية والرخاء للبلد.
# عفوا سأطرح سؤالاً قد يكون حساساً..هل يمكن أن يعود “شهاب برج” مرة أخرى ويحمل السلاح؟
*أنا سأكون على ذات المبادئ،وأنا منذ سنوات في درب الجهاد وهو درب ضحى في سبيله كثيرون. وشكري وثنائي على الحركة الشعبية لا يعني أنها غير مخطئة. لكن الآن أنا وصلت لقناعة أن الحرب غير مجدية ولن تحل أي مشكلة . وفي النهاية “شهاب برج” مجاهد ولم يتخلَ عن مبادئه، ولكن الأولوية الآن للسلام وللتصالح وللمحبة. ويجب أن ندعو الحركات للسلام ونقنعهم به لنتصافى ونتسالم ولتقديم التنازلات من الطرفين لأجل الوطن.
#أين كانت تقف حياتك قبل الأسر..وما هي مشاريعك المستقبلية؟
* قبل الأسر بأيام كنت أتناقش حول مشروع زواجي، وإن شاء الله المشروع الأول سيكون إكمال نصف ديني. ورد الجميل لكل من وقف مع “شهاب برج” وكنت اخطط لتحضير الماجستير وسأواصل إن شاء الله.
#رسائل أخيرة؟
*أوجه رسائل شكر لكل من ساهم في إطلاق سراحنا سواء بالدعوات أو بمجهود مباشر وغير مباشر. وأشكر إخواننا في (السائحون) خاصةً الأخ “فتح العليم”، والأخوة في (السائحون الوطنيون) بالأخص الأخ “طارق” صاحب المبادرة الأخيرة، وأشكر الإخوة في الدفاع الشعبي وحكومتي جنوب السودان ويوغندا. وللإخوة في الحركة الشعبية أقول إن “شهاب برج” ليس شخصاً جباناً وسأحفظ لهم الجميل طيلة عمري. ولي شكر خااااااص لإحدى زميلاتي بكلية الآداب جامعة الخرطوم التي كانت تتابع أخباري مع الأسرة بصورة يومية وهي الزميلة (هاجر محمد صالح إدريس) ومهما فعلت لن أستطيع إيفاءها حقها، وأسأل الله أن يتقبل منها. وأشكر كل زملائي في الجامعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.