*زميلنا أزهري (ما مرتاح) اختفى فجأة.. *فهو صحفي وشاعر ومترجم وناشط في منظمات المجتمع المدني.. *اختفى مثل اختفائي (المفاجئ) عن الصحافة آنذاك.. *أي في الأيام التي أحكي فيها دواعي كلمتنا هذه قبل أعوام.. *واختفائي عن الصحافة- وزاويتي- كان لظروف (فنية).. *ظروف أشبه بظروف احتجاب الأعمدة الصحفية- أحياناً-لأسباب (فنية).. *أما عبارة (ما مرتاح) هذه فلقب أطلقته عليه ممازحاً.. *وكان ذلك عقب إخراجه من غرفة الإنعاش وقد أٌجريت له عملية جراحية.. *فقد كان يتمتم بشيء وهو محمول على النقالة.. *وحين دنوت منه لأسمع هذا الهمس وجدته عبارة (أنا نهائياً ما مرتاح).. *ثم يضيف إليها قسماً لتصير (والله خالص ما مرتاح).. *أما أنا فقد ارتحت من صديقه (الخواجة) الذي حمَّلني عبء ترحيله بسيارتي.. *رغم إنه قصد تحميل الخواجة عبء تخفيف (عبئي).. *عبء احتجابي (الفني) بتحويل مجرى الفلوس من جيب صاحب التاكسي لجيبي.. *فامتلأ جيبي- بالفعل- ولكن رأسي (خلا) من العقل.. *أو خلا عقلي- بتعبير أدق- من أي تبرير (عقلاني) لأسئلة الخواجة المحرجة.. *أسئلة تضرب عميقاً في قلب كرامتي الوطنية.. *فبيت الشعر(بلادي وإن جارت علي عزيزة) كان شعاري إزاء الخواجة المستفز.. *فهو لا يترك شاردة ولا واردة- في الشارع-إلا وسأل عنها.. *وأغلب هذا الذي يرصده يستحق عبارة علي الحاج الشهيرة (خلوها مستورة).. *علماً بأن أي سؤال منه تتفرع عنه عدة أسئلة موجعة.. *ثم لا يكتفي بإجاباتٍ (أي كلام)- تهرباً- وإنما يريد (كل الكلام).. *ومن هذه الأسئلة مثلاً (من أين أتى هؤلاء؟).. *وذلك حين مررنا- لسوء حظي- بمنطقة السوق العربي ذات الزحام الخرافي.. *فقلت له إنهم ليسوا جميعهم بسودانيين.. *ومن الآخرون إذن؟ وكيف تميزون بينهم وبينكم؟ وهل وجودهم هذا مقنن؟.. *وينهمر سيل أسئلة نطرحها نحن أنفسنا على المسؤولين.. *ثم لا نجد إجابات منهم بما أنهم غير (مجبورين) عليها كما هو حالي مع الخواجة.. *وتتنقل الأسئلة (البائخة) بتنقلنا من مكان لآخر.. *أسئلة عن (أكوام) طبالي الشاي، و(أكوام) الذين حولها، و(أكوام) الأوساخ خلفها.. *أسئلة عن كثرة رجال المرور، و(سوء المرور).. *أسئلة عن تعذيب المواطنين بتخصيص نوافذ خدمية محدودة للمئات منهم.. *أسئلة عن (تكرار) نشرات الأخبار بالتلفزيون.. *فلما قلت له إنها (متجددة) نظر نحوي نظرة كبير عاقل إلى صغير جاهل.. *ثم واصل ساخراً (وهل العصي والمقصات متجددة أيضاً؟).. *وعند هذا الحد رأيت أن (أقص) علاقتي به قبل أن أضربه ب(عصا).. *واعتذرت لأزهري بأنني (ما مرتاح خالص !!!). صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة