*انتشر في (القرية) هوس البنات بالموضة فجأة.. *فما من يوم يمر إلا وتتباهى إحداهن بتقليعة من تقليعات فتيات العاصمة.. *وساعد على انتشار هذا الهوس انتشار الباصات السفرية.. *انتشارها في طريق أم درمان لتجلب معها- إلى جانب الركاب والبضائع-الموضات.. *وحفلات الأعراس كانت المكان الأنسب لاستعراض الموضة.. *استعراض باروكة.. أو كعب عالٍ.. أو ثوب مزركش.. أو فستان ذي حزام.. *وذات يوم حمل أحد الباصات إلى القرية نساءً (عاصميات).. *وحملن هن هدايا إلى قريباتهن بالقرية…منها فستان نوم لإحداهن.. *وسبب مجيئهن- بعد غيبة- مناسبة زواج لوجيه من العائلة.. *وفي ليلة العرس فوجئ نساء العاصمة- والقرية – بواحدة (تقشر) بفستان نوم.. *فقد حسبته لبسة نسائية عصرية ذات (روب)…وآخر موضة.. *وتسبب الفستان في (خناقة) تطورت من غمز…فلمز…فتبسم…فمعايرة ضاحكة.. *وبلغ العراك النسوي- وأسبابه- مسامع كبير القرية.. *فكان القرار الحاسم بالكف الفوري عن مجاراةٍ للموضة دونما تمحيص وتدقيق.. *والآن يسري في بلادنا هوس لا يقل عنفاً عن الذي أشرنا إليه.. *هوس بالألقاب العلمية الرفيعة…الدكتوراه …الأستاذية… وحتى (الفخرية).. *ومن شدة الهوس بهذه الألقاب انتشرت ظاهرة تزوير شهاداتها.. *فالجامعية بثمنها.. والماجستير بثمنه.. والدكتوراه بثمنها.. والفخرية بثمنها أيضاً.. *وكل صاحب لقب حقيقي- أو مزور- يحرص على إبراز لقبه هذا.. *وضجت فضاءاتنا المسموعة والمقروءة والمشاهدة بلقبي بروف ودكتور.. *حتى من كانت دكتوراته فخرية فهو لا يرضى بغير حرف الدال.. *واتسع سوق تزوير الشهادات العليا ليغطي حاجة نفوس (مرضاها) إلى الألقاب.. *ومن لا يزور منهم يحتال على التزوير بالبحوث (الجاهزة).. *فما على (مهووس) الألقاب سوى التسجيل لنيل درجة الماجستير…أو الدكتوراه.. *ثم الانطلاق إلى سوق البحوث لشراء ما (يناسبه) منها.. *علماً بأن هذه الألقاب- في الدول المتحضرة- لا تستغل للتفاخر الاجتماعي.. *وتخلو أجهزة إعلامها- وصحفها- من لقب دكتور وبروف وأستاذ.. *أبلغ دليل على ذلك أن أوباما- طوال فترة رئاسته- كان اسمه يُنطق مجرداً.. *رغم إنه حاصل على درجة دكتوراه (لا شق فيها ولا طق).. *فمن الطبيعي- إذاً-ألا يسلم حتى مرشح لوزارة العدل عندنا من تهمة التزوير.. *فهوس موضة الألقاب سرى بيننا سريان الكذب والنفاق والفساد.. *وسريان عشق الكثيرين منا للمناصب…والوزارات… ومقاعد المجالس التشريعية.. *والحل فقط أن نعمل مثل الذي عمله كبير القرية.. *أن نتخذ قرارات حاسمة بالكف الفوري عن مجاراةٍ للموضة دون تمحيص وتدقيق.. *فلا يحق لأحد- من ثم-التباهي بدرجة علمية هي (بدرجة فضيحة).. *إلا إن كان من حق فتاة القرية (التباهي بفستان النوم!!!). صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة