*وجمال شعر إيليا…من جمال بيئته.. *من جداولها…وخمائلها…وروابيها…وأطيارها…وسحبها…وسحرها… وغموضها.. *ثم مساءاتها ذات القمر…والدجى…والشهب…والنجوم.. *ولذا فهو من أرق شعراء العرب المعاصرين إحساساً بالجمال…وتعبيراً عنه.. *وظل أسير بيئته الجميلة هذه رغم غربة المهجر…وبيئته.. *وبيئتنا – في أقصى الشمال – لا يزال جمالها يكمن بين طيات نسيج حاضري.. *وهو الذي يعين على تحمل وحشة الراهن المتوحش.. *وتهفو النفس- في بعض المساءات- إلى مساءات ذات أسمار تحت ضوء القمر.. *وعندما يغيب القمر تتلألأ السماء نجوماً…وشهباً…وكواكب.. *ويأتي الدجى بأطيافه…وأشباحه…وأفراحه…وأحزانه…وهواجسه.. *فكل لواعج النفس تشع عند الدجى…كما الشهب.. *وتتضخم فيه المخاوف من كائناته كذلك…ثم تكتسي جمالاً روائياً عند الصباح.. *كائنات تمر…وكائنات تمور…وكائنات تماري.. *وتبقى (بنت المريق) هي الكائن الأسطوري الأشد قبحاً…..وجمالاً.. *وبعد أن زعم أحدهم أنه نجا منها…هفت نفسه إلى الزواج.. *وتخيَّر واحدة من أجمل بنات البلدة…ووافقت.. *وظلت الموافقة لغزاً محيراً إلى وقت طويل…في طول سنوات رفضها الزواج.. *وتقاصر التفسير حول طبيعة الكائن عن إشباع فضول الأنفس.. *فقد قيل أن جمالها- رغم قبحها- يتمثل في تحريكها مكامن الجمال لدى ضحاياها.. *وضحاياها دوماً من الرجال…ولم تظهرلامرأة قط.. *فطبيعة (الإحساس) بالجمال الذي تحركه…يحرك بدوره (حسيات) ملازمة.. *وربما هذا هو ما جعل جميلة البلدة تقبل بذلكم (الناجي).. *وجعل حسناء رائعة الطيب صالح (عرس الزين) تقبل بالزين عريساً.. *وجعل زينة بنات القرية (زينة) تقبل بما فعله بها المجنون.. *وفي كتابنا (شذرات) قصصنا كيف أنه جن عقب ملاقاته (بنت المريق).. *وكيف أنه جُن- تحديداً- بجميلة جميلات القرية….زينة.. *وكيف أن زينة (البكر) هذه جُنت وهي تتبعه إلى طاحونة النصارى المهجورة.. *ويظل جمال الطبيعة (البكر) حاضراً في عوالم الفطرة.. *في القرى…والنجوع…والأرياف…والبلدات….. وفي دواخل إنسانها.. *وفي دواخلي أنا ميل فطري إلى عالم الفطرة.. *إلى مناطقنا- هناك – بنيلها…ونخيلها…وليلها…وشهبها…ونجومها.. *وفي شرقنا…وغربنا…وجنوبنا…….جمال مماثل.. *ومن قلب مثل هذا الجمال انطلقت إبداعات مشاهير الأدباء لتعم العالم بأسره.. *ومنها إبداعات إيليا…وتولستوي…والطيب صالح.. *فضجيج الحضارة يصم الآذان عن سماع الخرير…والهديل…والحفيف.. *ويعمي الأبصار عن رؤية الشهب…والنجوم…والسماء.. *ويرين على القلوب فلا تستشعر الشفق…والغسق…والسحر…والدجى.. *وفتاة من منطقتنا عاشت سنوات عمرها العشرين في لندن.. *وحين زارتها مع والديها تملكها ذهول (جمالي) أرادت التعبير عنه شعرا.. *فكتبت بالإنجليزية ما يُعد إسفافاً قياساً لشعر إيليا.. *بيد أنها رددت مفرداته ذاتها مثل القمر…والدجى…والشهب…والنجوم.. *وحملت معها بعضاً من هذا الجمال إلى عاصمة الضباب.. *فقد تعرفت على (جمال)، وأحبت…فيه…وبه…وعبره……الجمال.. *ولكنه عاد بعد أن لم يجد الشهب والدجى والنجوم !!!. صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة