*كان فيلماً كوميدياً داخل فيلم رومانسي.. *وذلك في زمان كان أحد معالمه (أين تسهر هذا المساء؟).. *زمان لا يُصطنع فيه الضحك والفرح والشعور.. *الأول بطله صبي يجلس في الصف الذي أمامنا.. *والثاني مصري بطله- كالعادة- (ثقيل الدم) محمود ياسين.. *وبصراحة استمتعنا ببطولة الأول أكثر من الثاني.. *وبطولته اقتصرت على تعليقات مقتضبة يستهلها بمفردة (هَيْ).. *ومنها – على سبيل المثال- (هَيْ ، عرقي مغشوش).. *و(هَيْ ، راجل كبير وما قاملو شنب ).. *و(هي ، شوف بسووا متل جوز الحمام كيفن).. *فرأى أن يداعبه أحدنا وقد كان أكثرنا ضحكاً.. *سأله وهو يربت على كتفه (إنت يا جنا من وين؟).. *فرد الصبي وهو يلتفت سريعاً نحونا (أنيّ؟ أنيّ من هنوووك).. *وأشار بأصبع معقوف جهة الشرق.. *فأردف صاحبنا وهو يزداد ضحكاً (والله هنووك دي إلا تكون الكهف).. *ثم أضاف شارحاً (الكهف بتاع أهل الكهف يا ولدي).. *وانفجرنا في ضحك داو بينما لم يعبأ بنا الصبي، وواصل (بطولته).. *والآن أحس بأنني أطل على الحاضر من نافذة الماضي.. *أو أعيش الحاضر بعيون الماضي.. *أو قدمت إلى الحاضر من ماضي أهل الكهف.. *أو ربما الحاضر هو الذي أتى إلى- قبل أوانه- من غياهب المستقبل.. *فحين استمع لشباب يتكلمون لا أكاد أفهم لغتهم.. *وحين أشاهد مطرباً- على الشاشة- يغني لا أفهم غناءه وكلماته وموسيقاه.. *وحين أتابع مسؤولاً يتحدث لا أفهم سوى (إن شاء الله).. *وحين أقرأ أخبار أنديتنا لا أفهم الفهود من النمور من الأسود من التماسيح.. *وحين أطالع أعمدة كاتباتنا لا أفهم ما يردن قوله.. *وحين أنصت لنشرة عرض (العاشرة) لا أفهم من المذيعة (عشر) كلمات.. *وحين أمر بالشارع لا أفهم معاني الكثير من اللافتات.. *وحين ألج ندوة أخرج بعد أن أجد نفسي لا أفهم إلا (الراهن وآفاق المستقبل).. *فهل العيب في شخصي؟ أم جيلي؟ أم الراهن هذا؟.. *لا أظن أنه في جيلي بدليل رؤيتي لمن هم أكبر مني (يتماهون) معه.. *بقي احتمال أن يكون بعضه في الراهن المأساوي هذا.. *وبعضه في شخصي الرافض لحال أراه (غريباً).. *فالسياسة غريبة ، والاقتصاد أشد غرابة، والمعارضة هي الغرابة ذاتها.. *وكذلك غريب كل ما له صلة بمجالات الإبداع.. *سواء غناءً كان ، أو شعراً ، أو تمثيلاً ، أو كتابةً ، أو تقديماً تلفزيونياً.. *وأيضاً صارت غريبة جداً (أخلاق الناس).. *فأنا – يا سادتي- (من هنوووك !!!). صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة