تحولات الحرب في السودان وفضيحة أمريكا    ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوثيقة المصطنعة مخطط دماغ سلالة الإنقاذ .. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 18 - 11 - 2014


المقال رقم (7) عن الوثيقة (ستون صفحة)
الفصل الأول، مقدمة
الفصل الثاني، الآثار الشكلية التي تثبت اصطناع الوثيقة
الفصل الثالث، الآثار اللغوية والخطابية التي تثبت اصطناع الوثيقة
الفصل الرابع، إثبات أن جهاز الأمن اصطنع الوثيقة
الفصل الخامس، أسباب نفي الحكومة لعلاقتها بالوثيقة
الفصل السادس، خاتمة (الوثيقة مخطط دماغ الإنقاذ)
..
الفصل الأول، مقدمات
أولا، الهم المستمر بالوثيقة
نخطئ إن نحن أهملنا الوثيقة. علينا أن نحتفظ بنسخة منها متاحة للمراجعة الدورية.
وأن نعتمدها واحدة من الوثائق المرجعية ذات الأهمية. لأنها ترسم لنا مخطط دماغ سلالة الإنقاذ.
عقلها الشرير، ومعرفتها، وذاكرتها، ومواقفها، وخطابها. جميعها مشبَّكة في الدماغ الفاسد بعصبونات العنصرية المحفورة فيها مخاوف السلالة وجنونها.
فإذا كان ذلك كذلك،لنقل، لابد من حسم نهائي لبقايا التساؤل عما إذا كانت هذه الوثيقة حقيقية أم مصطنعة.
وكذا فإن إثبات كونها مصطنعة، موضوع هذا المقال الطويل وفيه البينات المادية للإثبات الكافي، يعني بالاستتباع المنطقي نهاية النظرية القائلة إن الوثيقة محضر حقيقي لاجتماع أمني عسكري.
فلن نسمع بعد هذا المقال أن الوثيقة حقيقية.
ويثير إثبات الاصطناع التسآلَ: من اصطنعها؟
أهو إيريك ريفز، كما يرسل القول البروفيسور إبراهيم غندور، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني؟
أم مخابرات دولة معادية لحكومة الإنقاذ، كما توحي بذلك تصريحات الرئيس عمر البشير وأقوال إبراهيم غندور في مؤتمره المرتب؟
أم جهة ديدنها الكسل والعداء للإنقاذ، كما قد يقول د. عبد الله علي إبراهيم الذي حدد أن العريضة "ماسورة"؟
أم هو، وفق نظريتي، عميل لدى جهاز الأمن والمخابرات الوطني؟ كلفه الجهاز بالكتابة الاحتيالية المتدبرة للوثيقة.
نيابة عن الأربعة عشر حراميا من أعضاء العصابة المفترضين في الاجتماع الأمني الذي لم يكن. ونيابة عن نظام الإنقاذ.لتحقيق أهداف ثلاثة متداخلة:
(1) تضليل أعداء الإنقاذ وخصومها في الجبهة الثورية والمعارضة. ليصدقوا أن الإنقاذ قوية، تعرف كل شيء، وقادرة على هزيمة كل من يحاول تحديها.
(2) تهديد الجبهة الثورية بأن الإنقاذ عازمة على تدميرها، بالطيران،وبالمليشيات بأنواعها منها الجيش،
وبالتجويع، وبزرع الفتن، وبالإتجار ببنات الإنقاذ قليلات الأدب مقدمات الخدمات الجنسية.
وتهديد الشباب المستعدين للمظاهرات بأن الإنقاذ ستقتلهم تقتيلا بالضرب بالنار بواسطة الدبابين والكتائب الاستراتيجية وبكتيبة الحرس الثوري الإيراني المرابطة في السودان.
(3) إبلاغ الجميع بمواقف الإنقاذ الحقيقية،مع بعض حركات الغش، بشأن شتى القضايا: الانتخابات، الحوار الوطني،
إعلان باريس، الحرب والسلام والمفاوضات، تفكيك القوات المسلحة والمليشيات الحكومية والأمن، إيران،
دول الخليج، مصر، أمريكا، الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، العلاقة مع جمهورية جنوب السودان، وغير ذلك من قضايا.
ولا تستثني الوثيقة من القضايا المهمة التي خصتها بالذكر إلا أمر توقيف رئيس الجمهورية عمر البشير الصادر من المحكمة الجنائية الدولية، وموضوع استعادة الأرصدة التي نهبتها سلالة الإنقاذ. وهو إقصاء للموضوعين مفهوم. لا شيء في الدنيا يعذب سلالة الإنقاذ يحميها النوم إلا هذان الموضوعان.
وما اصطناع الوثيقة إلا استراتيجية. للوصول إلى الأهداف الثلاثة المتعلقة بالتضليل والتهديد وبتبليغ مواقف الإنقاذ المشدودة، تحِت تحِت، إلى موضوعي المحكمة الجنائية والتجريد من الأرصدة.
وقد تم اختيار وسيلة الاصطناع لأن الاصطناع يتيح التحكم في نسج الخدع التضليلية لتكون فعالة.
ولأنه يسهِّل تركيب قابلية أقوال الإنقاذ المعروف عنها الكذب، قابليتها لأن نصدق أقوالها عن وضعيتها وعن تهديداتها وعن مواقفها الحقيقية.
تريد الإنقاذ أن توهم الجميع بأن الوثيقة محضر اجتماع كان أفراد السلالة فيه يتحدثون بحرية وبصدق. يقولون لنا:
فهذا هو وضعنا القوي، وهذه هي مواقفنا الثابتة، وهذا ما خططنا لفعله بكم! وحدث أن تم تسريب الوثيقة السرية المحظورة بخرق أمني من قبل عملاء!
هكذا يريدون خدعنا.
فبهذه حيثيات الاصطناع، مما سأعزز إثباته بصورة نهائية، أقرأ الوثيقة، على أنها تنطوي على مخطط دماغ نظام الإنقاذ.
والوثيقة، لأنها مصطنعة، تحتوي على حقائق لا شك فيها، وأنصاف حقائق، وأكاذيب من كل نوع،
وخدع، وهراء، ومغالطات، وادعاءات فارغة، وكثير هذيان، وتهديدات بعضها جدي،ومنها ما هو فشنك. وتنطوي الوثيقة على حركات التدليس لإخفاء أفعال الانحراف والخداع والنذالة والإجرام.
كله ثابت في آثار مادية في النص، على المستويين الشكلي واللغوي-الخطابي.
الشكلي، المتعلق بإنشاء الوثيقة وتقنياتها ووجودها الفيزيائي كعلامات على سطح شاشة الكمبيوتر أو على الورق.
واللغوي، بالكلمات والعبارات والجمل في علاقاتها في وحدات خطابية في نص الوثيقة.
ونعرفمن الوثيقة المكتوبة هموم سلالة الإنقاذ.مخاوفها الحقيقية: وهي إسقاط النظام؛و"تدمير المؤسسات التي بنتها الإنقاذ؛ و"تصفية حكم الإسلاميين"؛ و"إعادة هيكلة الواقع السياسي"؛ (صفحة 2).
ونعرف من الوثيقة المخاوف التي تتصنعها الإنقاذ. لتبرير أفعالها وخططها الإجرامية.
تخترع نفسها بالكذب وكأنها الضحية في وضعية الدفاع عن النفس. ضد "مؤامرة كبيرة تحاك لتركيعنا" (صفحة 6). وضد "تقديم قادة للمشانق" (صفحة 13).
ونعرف من الوثيقة عن الأحلام وعن عوالم الخيال التي تهذي بها سلالة الإنقاذ.قالت في التوصيات في
الوثيقة إنها تريد أن "تتماشى" طريقتها بشأن السياسة الخارجية والأمن القومي مع "مفهوم السياسة الأمريكية"! في الوقت الضائع، بعد ربع قرن من الدعاء ضد أمريكا وقد بدأت تتكشف حقيقة ضعفها.
وتعرِّفُنا الوثيقة بجنون الإنقاذ،وباستحواذها بمشاعر العنصرية، وبالخوف الشرير.
مما هو مسطور في خطاب الردحي الممتد عبر صفحات الوثيقة.الردحي المخرج من لاوعي الكاتب عميل جهاز الأمن،
بمفهمة عميقة لعبد الرحيم محمد حسين، المفترض. لكنه في الواقع بل المطلوب القبض عليه لاقترافه الجرائم العالمية الفظيعة.
والردحي أغلبه موجه إلى الحركات المسلحة ومؤيديها في دارفور، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق.
"وفي نهاية كلامي الأجهزة الأمنية والاستخبارات لازم تشق الجبهة والحركة الشعبية في آن واحد
وازرعوا أكبر عدد من العملاء
واشتروا القيادات والكوادر
وسلطوا الإعلام عليهم
وارصدوا تحركاتهم
وشوهوا صورتهم بالداخل
وخوفوا المجتمع منهم
واعزلوهم من قواعدهم
وحرضوا عليهم أهلهم.
ومرروا معلومات استراتيجية وأمنية للدول التي يتعاملون معها عبر أجهزة أمنية صديقة نحاصرهم أمنيا واستخباراتيا دولي وإقليمي لإفشال خططهم" (ص 21).
زنقة زنقة!
...
فأدعو الجميع إلى إعادة قراءة الوثيقة. كيفما يريدون. ثم، أن يعيدوا قراءتها معي. من منظور ما كتبتُه عنها في ست مقالات سابقة،
ومن منظور هذا المقال الأخير المتعلق بالإثبات النهائي.أن الوثيقة مصطنعة. من قبل جهاز الأمن.
وإلا فإن الإنقاذ هي التي ستضحك أخيرا وطويلا. لأنا نكون فوتنا الفرصة التي أتاحتها لنا لننفذ إلى دواخل دماغها الفاسد لنتعرف على برنامج الخبث العميق. كله في الوثيقة.
وبعد أن يتم الإثبات النهائي بأن الوثيقة مصطنعة، وأنها مصطنعة من قبل جهاز الأمن،
يمكن للقارئ أن ينتقل إلى التفسير المشدود إلى التغيير. وفي التفسير مظان كيفية مقاومة نظام الإنقاذ وهزيمته. في مجالات الموضوعات التي وردت في الوثيقة.
ثانيا، لا شيء خارج النص ... مسرح الجريمة
في جميع الأحوال، لا يبق أمامنا غير نص الوثيقة.لأغراض الإثبات. فأصلا لا شيء موجود خارج النص في ماديته. كما كان يردد الفيلسوف جاك ديريدا، بفهم آخر.
وفي تاريخ كل نزاع بشأن الوثائق المشكوك في صحتها، أو المتسائل عنها، يستنطق الباحثون النص.
في كلياته وفي تفاصيله. بما في ذلك "شكله" الخارجي: طريقة طباعته وتنسيق صفحاته؛
وتوزيع فقراته في الأوراق؛ وسطوره وحرفه وجميع الأشكال الطبيعية، بمعنى الفيزيائية، لوجوده وحضوره.
وكذا يدور الاستنطاق للنص بشأن لغته، من حيث الأسلوب، والحركات الخطابية، والآثار المايكروسكوبية الدقيقة، والتعبيرات المُروْسَمة، والمعاني بمستوياتها المختلفة.
فيتم إخضاع النص للتفكيك والتحليل والتفسير. ليعترف، تحت التعذيب، بأسراره.
النص دائما. كالأساس للفصل فيما إذا كانت الوثيقة حقيقية أم مصطنعة. والنص دائما، حين نجد أنفسنا تائهين بين التنظيرات الكبرى.
وحين نتعرض للعدوان بالنص، مثل حال الاعتداء علينا بهذه الوثيقة، وبصويحباتها اللاحقات في القضية الراهنة عن الاغتصاب الجماعي في قرية تابت بدارفور.
وبالتركيز على النص، نعرف أنه لا أساس لادعاءات البروفيسور الأمريكي إيريك ريفز وفتحي الضو بأن الوثيقة حقيقية،
أو أنها محضر اجتماع أمني.بعد أن تمترس ريفز والضو بالسرية بشأن مصدريهما الكذَّابين. كذبُ المصدرين،
أعضد إثباته مجددا، ببينات إضافية نهائية، في هذا المقال.
أن الوثيقة مصطنعة. فتنتهي مصداقية المصدر الذي تبين أنه يعمل لحساب جهاز الأمن،
وتمكن من خدع الكاتبين. احتال فرصته في الحياة العامة وأكثر منها. بالغش. وأشاع الفوضى بشأن أمر جوهري. وتسبب في تثبيت ثقافة عدم الاكتراث للحقيقة.
ولا يعتد أصلا بالمغالطة بأن الوثيقة حقيقية فقط لأنها تشبه فعال سلالة الإنقاذ.
ولا بأقوال التغطية الاحتيالية من قبل الثلاثي عمر البشير وإبراهيم غندور ومصطفى عثمان. إن الوثيقة "مفبركة"،
و"مضروبة"، وإنها من "الكذب" من قبل ناس تانين. ولا لتكييف إبراهيم غندور للوثيقة بأنها "وثيقة إيريك ريفز"، أو بأنها صنعة المخابرات المعادية.
ونجد في نص الوثيقة ما يثبت أنه لا مصلحة لأية جهة غير نظام الإنقاذ في اصطناعها، بهذه الطريقة.
الطريقة ذات أدوات التملص والتنصل من النذالة والإجرام. التملص والتنصل المنسوجين في نص الوثيقة، بالكتابة الاحتيالية. في التعبيرات اللغوية والخطابية المزلقة خلسة لأغراض التدليس.
ولا يمكن لك القارئ أن تكتشف مثل هذه التعبيرات المزلقة في النص خلسة، إلا إذا ركَّبتَ ابتداء عدسة قرائية خاصة.
للتعرف على حركات "الكتابة الاحتيالية المتدَبَّرة". ولتتمكن بهذه العدسة من ملاحظة العبارات الانسحابية المُزلَقة بخبث في النص.
ومن التعرف على ذلك الذي قصد الكاتب عميل جهاز الأمن التدليس عليه، وعلى أدوات التدليس الدقيقة ذاتها.
فقط بهذه العدسة، أو هي ماكينة ديريدا متعددة الرؤوس القارئة تقرأ على عدة مستويات بالتزامن،
يمكنك أن تكتشف ما هو ظاهر أصلا على سطح النص أمام عينيك. عمليات التلفيق الواسعة النطاق.
على مستوى رقن الوثيقة، وتنسيقها، وكتابتها في حاسوب لا ينتج النص العربي صحيحا بشأن النقطة في نهاية الجملة.
وآثار المحاولات اليدوية اليائسة من قبل كاتب الوثيقة، عميل جهاز الأمن، لمعالجة جنون النص.
وعلى مستوى لغة الوثيقة. ستجد بكري حسن صالح المفترض يتكلم في البداية في عدة فقرات بلغة عربية رصينة،
وكأنه بكري ذاته المقال المرجعي في الدورية محل السرقة العلمية.
ثم يغير بكري أسلوبه إلى اللهجة المفتعلة عند الكاتب عميل الجهاز من نوع "هذا كله كوم" و"مافي زول مدينا حاجة"، و"دايرة شغل"، "ونحن دايرين سلام من الداخل"!
وستكتشف، إن ركَّبتَ العدسة الخاصة، عمليات القص واللصق بين نصوص الوثيقة.
وعمليات النقل من الكتب (النيتوورك أناليسيس نهاية صفحة 8). والترجمة الفطيرة للتعبيرات الإنجليزية الرنانة
("أجسام" ترجمة "بوديز" ص 5). وستكتشف تكرار العبارات المتكلسة في أسلوب الكاتب من نوع "وخاصة ..."
، و"مستواهم"، وكرت نستفيد منو"، تكرارها عبر مقالات المتحدثين المفترضين.
وستكتشف القوائم ذات المفردات الكاملة المدعومة بالمدد من المراجع والتقارير تذكِّر كاتب الوثيقة بكل مفردة تائهة.
وستستمتع بالروايات السخيفة عن لاقيت الرئيس اجتمعت بيهو وقال لَيْ!
فالوثيقة التي تكذب عن نفسها بطريقة غير جادة، بل تصرخ بأعلى صوتها تقول إنها في الحقيقة مصطنعة،
ومصطنعة من قبل جهاز الأمن. وكله يفسر سكوت إبراهيم غندور، المتحدث الأول بالكذب، وسكوت جهاز الأمن وبقية السلالة، إزاء الإسناد الأخير.
وإن كان لا ينسب إلى الساكت قول، فالسكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان. صمتهم إزاء هذا الإسناد الأخطر،
في سياق هذرهم المتكثر عن نظرية إيريك ريفز وعن الادعاءات الأخرى، دليل موافقتهم على أن جهاز الأمن هو الذي اصطنع الوثيقة.
وغير مسموح لأية جهة في الحكومة غير جهاز الأمن أن تنسج مثل هذه الوثيقة. الثابت أنها في مصلحة نظام الإنقاذ،
من أولها إلى آخرها. ومن بيده القلم لا يكتب نفسه شقيا. لا يغير منه أن بعض السودانيين الذين صدقوا الخدعة لم يقرؤوا في الوثيقة إلا نذالة سلالة الإنقاذ.
..
في هذا المقال، أربط بين الموضوعين المنفصلين: اصطناع الوثيقة، وهوية الكاتب المصطنِع. بالرغم من أن مظان الإثبات مختلفة.
فبالنسبة لاصطناع الوثيقة، يرتكز الإثبات على النص من حيث الآثار الشكلية واللغوية. أما بالنسبة لهوية الكاتب مصطنع الوثيقة،
جهاز الأمن، فيكون الإثبات على أساس والاستدلال من طبيعة محتوى الوثيقة ومن الوقائع الظرفية.
ثالثا، اصطناع الوثيقة لتكذب عن نفسها بنجاح
فأركز مجددا على تفكيك نص الوثيقة، مسرح الجريمة. لإثبات أن الوثيقة مصطنعة. مواصلة لمقالاتي السابقة في سودانايل.
أهمها في أربعين صفحة "يا شباب السودان انضموا إلى الجبهة الثورية!"، عنوان غير موفق بشأن الوثيقة. عند النظر إلى تعقيدات البحث بالغوغلة.
وغير موفق العنوان لأن المقال موضوعه الوثيقة في مجمله. لكنه كان مشدودا إلى الانتفاضة المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق
.لأني أرى العلاقة بين الوثيقة والانتفاضة المسلحة ثابتة. فأجمل ما حدث في تاريخ السودان هو انتفاضة الزرقة والعبيد المقاومين بالسلاح وبالكتابة.
ضد سلالة الإنقاذ الفاسدة لا تفهم إلا لغة السلاح. لأن السلاح هو المهدد الوحيد ذو القدرة الكافية على علقمة الاستمتاع بالأرصدة المنهوبة.
ومن ثم تكثر الردحي في الوثيقة ضد هؤلاء المروسمين في دماغ الإنقاذ على أنهم "الزرقة والعبيد".
وإن كان العقل الشرير يُخرِّج العقيدة الدفينة في أشكال عبارات احتيالية مثل "المتمردين" و"الحركات المسلحة" و"المنطقتين" و"حركات دارفور".
ولا يُخرج سلالة الإنقاذ عن طورها شيء كما تفعل بها الكتابة الانتقادية. لأن هذه الكتابة تكشف أقنعتها الزائفة،
آخرها "الإسلام السوداني" الذي مات فَرِد موتة، لم يتحمل مجرد عبارات بسيطة سخرت منه ومن حسبو عبد الرحمن المكلف بالتسويق.
فتخاطب الوثيقة من سلالة الإنقاذ أهل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. الموجودين في جميع مساحات السودان وخارجه.
بلغة واضحة. تقول لهم أنتم لستم سوى "الزرقة والعبيد"وعلى قادة حركاتكم المسلحة أن يأتوا إلى الحوار صاغرين مجردين من السلاح.
"الداير حوار يضع السلاح" (ص 20). وإلا ... مما كله بالحرف الواحد مسطور في الوثيقة المرجعية. المصبوغة من أولها إلى آخرها بالعنصرية.
قالت الوثيقة: "أصلا الجنوب لو [ما] الجوار ما دايرين علاقتو" (ص 24).
وإنهم ما ديرين يكونوا "مثل جنوب السودان وأفريقيا الوسطى" (ض 13). وإن "مشكلة الجنوب تاني ما بتنحل" (13).
و"نحنا مالنا والجنوب، خليهم يحلوا مشكلتهم مع بعض".
وأن "الجنوب ما زال يدعم التمرد للإطاحة بالحكومة وتحويل السودان زي الجنوب" (ص 10).
وما "الجنوب" في عقلية حلة ود بانقا إلا الزرقة والعبيد، دائما بمعلاق دارفوروجنوب كردفان والنيل الأزرق.
ما صدقوا أنهم تخلصوا من"الجنوب" وعملوا حفلة، إلا ووجدوه قاعد جوة في الدماغ، وكمان في باريس وأديس أبابا وفي الخرطوم.
..
وأربط الإثبات بالبينات الظرفية. لأُثبِت أن كاتب الوثيقة، المحتال، شخص واحد. محتال،
لأنه اقترف أفعال الكذب والغش والتزييف والتزوير واختلاق الوقائع وتثبيت أنصاف الوقائع والمغالطة ونشر الهراء في نص الوثيقة. ليتم تصديقها.
فأقدم في هذا المقال أن الكاتب عميل جهاز الأمن نفذ تلفيق الوثيقة في الحاسوب مباشرة. بالكتابة الاحتيالية المتدبرة.الكتابة التي يتفكر بشأنها الكاتب.
يستخدم المراجع. ينظر في الملفات الالكترونية ينسخ منها ويقص ويلصق. يكتب المسودة تلو المسودة ويراجعها.
يُدخل بيانات جديدة من الذاكرة ومن نصوص خارجية يستدعيها نص الوثيقة. كذلك ينسخ ويقص ويلصق بين نصوص الوثيقة ذاتها.
ويجري تحويلات الكترونية للنصوص. ويُحدث فيها التغييرات بالإضافة والتحشير والحذف والتغيير.
على مدى أيام متطاولة وأسابيع. حتى في الأيام الأخيرة قبل يومين أو ثلاثة من انعقاد الاجتماع الأمني الذي لم يكن. لإكمال المقال ذي الأربعة عشر جزءا.
ولتثبيت الخداع المايكروسكوبي في أشكاله الدقيقة. ولإخفاء الخداع. في ذات الوقت. بصورة رائعة.
هكذا، نجحت الوثيقة المصطنعة في تثبيت الخداع على نطاق واسع. وتمكنتمن أن تكذب عن نفسها بنجاح منقطع النظير.
فصدقَها قادة الحركات المسلحة. وأغلب قادة المعارضة. وصدقها عدد، قد يكون مقدرا، من الشباب.
فأربكت حسابات الجميع. ولابد أنها أدخلت الجميع في دوامة الإحباط واليأس. فقد وجدوا أنفسهم،
على حين غرة منهم، أمام شطن مكتوب عن محضر اجتماع موضوعه النذالة والإجرام والعنصرية من نوع لم يعهدوه من قبل مكتوبا.
وربما توصلوا إلى قناعة أنه شطن "مكتوب" من رب العالمين ابتلي به السودان فلا يمكن استئصاله. وكثيرون من القراء عامة قرأوا الوثيقة بهذه الطريقة.
وبالتحليل ندرك أن اصطناع هذه الوثيقة لابد جاء بقرار تم اتخاذه على أعلى المستويات في نظام الإنقاذ.
للتعامل مع وقائع المنعطف الخطير المتمثل في الدلفة الجديدة في المقاومة من قبل الزرقة والعبيد. المقاومة بإعلان باريس، وبتعبئة الرأي العام الأوربي ضد نظام الإنقاذ.
رابعا، بالتفكيك لكشف عمليات اصطناع الوثيقة
أما وقد نفذ الكاتب عميل جهاز الأمن اصطناع الوثيقة، فهو لم يعد يتحكم في الطريقة التي نقرأها بها.
لأن القراءة التفكيكية محررة أصلا من قيود الكاتب عميل جهاز الأمن الذي كان أكمل مهمته، فلم تعد الوثيقة وثيقته.
ولا هي وثيقة جهاز الأمن. على هذا المستوى المتعلق بكيفية قراءتها وتفسيرها.
فما أن تم إخضاع الوثيقة المحتالة للتفكيك، بالصرامة الكافية، حتى بدأت تنهار. واعترفت بأسرارها.
وظهرت الإنقاذ على حقيقتها. ليست سوى تلك البقرة السمينة المنفَّخة بأورامها الخبيثة. ليس في مخزونها للشر غير الخدع القديمة.
وما التفكيك إلا القراءة اللصيقة للنص. بأدوات التفكيكية لدى جاك ديريدا محورها كشف تناقضات النص وعدم مركزيته وترنحه.
والقراءة بأدوات تحليل الخطاب مبنى ومعنى. وبالتحليل القانوني للوقائع وتكييفها.
وبمفاهيم التحقيق الجنائي بتركيزها على الآثار المايكروسكوبية، مثل تلك المتروكة في النص مسرح الجريمة الكتابية.
وبإعادة تركيب مسار الجريمة استنادا على نظرية للجريمة ينبغي أن تقوى بصورة مستمرة ومتصاعدة.
وفي التفكيك بمعناه الأشمل نجد القراءة اللصيقة بالهندسة الاسترجاعية التي تفلفل النص إلى مكوناته الصغرىبتتيع عكسي لعمليات إنشائه،
وصولا إلى برنامج الخبث الذي يتحكم فيه. ونجد من أدوات التفكيك المفاهيم الأصولية في إيثنوغرافيا الاحتيال بانحرافه وخداعه وتدليسه.
وكله يدور في سياق ذي "نصوص" من ممارسات خطابية وغير خطابية، على مستويات السياسة والثقافة والاجتماعيات.
لكن أصل الشر الانقاذي موجود في الدماغ الفاسد. المتاح للتفكيك أيضا. بالنظر في الميكانيزمات العقلية والمعرفية المفعلة فيه.
لاتخاذ القرار بشأن المشكلة قيد النظر، هي القراءة "الصحيحة" للوثيقة. الوثيقة من حيث هي منتوج اتخاذ القرار من قبل سلالة الإنقاذ لاصطناعها.
وهو الاصطناع الذي تم تركيبه بعمليات دقيقة لحل المشكلات الكتابية، وبتفعيل التسبيب للتدليس على أفعال النذالة والإجرام،
وشحذ الذاكرة لإكمال محتوى الوثيقة، وتفعيل مشاعر الخوف والعنصرية والشرار المسوغة للعدوان على "الزرقة والعبيد"،
وتخريج اللغة الضرورية للكتابة الاحتيالية المتدبرة. مما نجده في نص الوثيقة.
فسلوكيات الإنقاذ المترجمة في الوثيقة لا يمكن ردها لأسباب اجتماعية يمكن التعامل معها. بل الأسباب في عميق الدماغ الفاسد.
والتفكيك عندي مشدود إلى مشروع للتغيير. تحركه المقاومة ضد القهر والطغيان في أشكالهما الخطابية وغير الخطابية.
وفي جميع الأحوال، نعرف بالتفكيك أنه يستحيل أصلا على الكاتب عميل جهاز الأمن تنفيذ جريمته الكتابية بصورة كاملة.
لأن عملية الاصطناع بالكتابة تحمل في طياتها بينات انفضاحها كخدعة محكوم عليها بالفشل.
بسبب عناد آثار التوتر بين تثبيت أفعال الخداع مثل الكذب والتزييف والإخفاء والاختلاق،
من جهة، ومساعي التدليس لإخفاء الخداع بالحركات الخطابية اللغوية الماكرة، من جهة أخرى.
ولا تسمح طبيعة اللغة للكاتب المحتال بإخفاء كل آثار جريمته بصورة كاملة مستخدما الحركات اللغوية للتدليس.
لأن الإخفاء الكامل لإثار الخداع سيلغي الأفعال الخداعية ذاتها التي كان الكاتب عميل الجهاز يريد تثبيتها في النص.
وهو قَدَر الكاتب المحتال دائما. يستحيل عليه أن يخفي آثار جريمته الكتابية.
بالإضافة إلى أن الكاتب عميل جهاز الأمن محكوم كذلك بأسلوبه المعرفي الكتابي. وهو أسلوب يتحكم فيه دماغه الفاسد،
بالرغم عن أنفه، هو الكاتب. تتفلت هفواته مهما اجتهد لقمعها. وذلك ما أقدم بشأنه بعض الأمثلة في هذا المقال.
أسلوب كتابة نص الوثيقة الذي يثبت أن الكاتب شخص واحد. وأنه لا وجود لأربعة عشر حراميا في العصابة اجتمعوا وتكلموا في اجتماع أمني، كل منهم بلهيجته الخاصة المفترضة.
فالاحتيال بالكتابة نوع فظيع من العنف اللغوي يترك آثاره في مسرح الجريمة، مهما حاول المجرم أن يغسل آثار جريمته الكتابية.
خذ وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، مثلا.وشاهد طريقة كلامه المعروفة،في اليوتيوب.
لا علاقة لها بأسلوبه المزعوم في نص الوثيقة. من حيث التقعر والمحاولات اليائسة، في اليوتيوب،
للتحدث باللغة العربية الفصحى. فقد ظل عدم الأمان اللغوي من بين هواجس العسكريين الإسلاميين.
في صراعهم مع المدنيين في تحالف العصابات. والمدنيون الإسلاميون أفضل حظا في معرفة اللغة العربية مقارنة بزملائهم العساكر.
كما كان يقول الزبير محمد صالح يتحسر على أن الترابي وشاكلته لا يتفوقون
علينا العسكريين إلا باللغة العربية ومعرفة النصوص الفقهية (محادثة مع عبد الرحمن شلي، من أقارب الزبير). عليه الرحمة.
..
فأقصد بهذه المقالات إلى الدحض النهائي لنظرية البروفيسور الأمريكي إيريك ريفز،
المدعومة بصمت الأستاذ الصحفي فتحي الضو. النظرية الفاشلة. لا أساس لها غير ادعاء في الفارغة.
أن الإثبات "هِنا هُوْ!". بعامية القاهرة في كلام البروفيسور المصري الذي أشار بأصبعه إلى مكان دماغه حين سألناه في مؤتمر اللغويات في تونس أين ورقتك التي ستقدمها؟ هِنا هُوْ!
قال لنا إيريك ريفز إن الإثبات هِنا هُوْ. في دماغه. فيه مصدره السري الذي حلف وأكد أن الوثيقة كانت محضر اجتماع للجنة الأمنية والعسكرية المشتركة.
ثم دافع إيريك ريفز عن نظريته بالأقوال المرسلة إن الوثيقة حقيقية لأن محتواها يشبه الإنقاذ!
ودونك الترجمة ذات الأخطاء الشنيعة، والمقصودة من قبل المترجمين السودانيين المتحمسين،
التي اعتمد عليها إيريك ريفز في تحليلاته (انظر مقالي في سودانايل ورطة البروفيسور إيريك ريفز).
فالجدال والإثبات بشأن حقيقة الوثيقة مكانهما الأساس في نص الوثيقة. مسرح الجريمة.
وأعتمد النص العربي الذي نشره الأستاذ فتحي الضو في سودانايل،
وذات النسخة المطابقة في الموقع الشبكي للبروفيسور إيريك ريفز.
والفرق الوحيد هو أن نسخة فتحي الضو تنقصها الورقة الأولى صفحة صفر. فلدينا نص واحد للوثيقة. هو الوحيد الذي تم تسريبه.
...
إن النظرية الصحيحة، نظريتي، تجد تعضيدا لها بصورة مضطردة. فكلما أعدت قراءة الوثيقة وجدت في النص بينات إضافية تثبت أن الوثيقة مصطنعة.
وقد وصلت مرحلة الكثافة الكافية لإثبات نهائي بأن الوثيقة مصطنعة. مما ألتفت إليه الآن في بقية هذا المقال.
الفصل الثاني،الآثار الشكلية التي تثبت اصطناع الوثيقة
فيما يلي أعرض للآثار الشكلية في الوثيقة. الآثار التي تعزز الإثبات أن الوثيقة مصطنعة. وأميزها من الآثار النصية اللغوية والخطابية التي أخصص لها الفصل الثالث، التالي.
وأقصد بالآثار الشكلية تلك التي تتعلق بكيان الوثيقة وهيئتها، من حيث عدد صفحاتها، وطريقة طباعتها، وتنسيقها،
وتوزيع الفقرات في الصفحات. والحرف المستخدم من حيث الحجم والخصائص الأخرى كإمالة الحرف.
وجميع أنواع التمثل الطبيعية، بمعنى الفيزيائية، لوجود الوثيقة وحضورها بمادية آثارها.
وللآثار الشكلية في الوثيقة بعد حركي. يتعلق بإعادة تركيب مسار كتابتها من بدايتها إلى نهايتها، عبر الزمن.
ونوعية الأدوات الحاسوبية التي تم استخدامها في كتابتها وفي طباعتها. وعمليات الإضافة والحذف والتغيير التي يمكن أن تكون طالتها في عملية إنشائها.
والميكانيزمات الإدراكية الدماغية التي لابد تحكمت في عملية إنتاج الوثيقة.
وانتهاء بتخريج الوثيقة في ملفيها الحاليين من ذات الأصل: في ملف الكتروني من نوع بي دي إيف (من الأستاذ فتحي الضو)،
وفي الصور الفوتوغرافية في ملف الكتروني من نوع جي بي قي (إيريك ريفز).
وأركز في هذا المستوى المتعلق بالآثار الشكلية على التقنية الحاسوبية التي استخدمها الكاتب عميل جهاز الأمن في إنشاء الوثيقة.
لأن هذه التقنية تداخلت مع إنتاج الآثار الخداعية والتدليسية التي تثبت أن الوثيقة نص مصطنع.
وألتفت إلى شرح هذا الموضوع التقني بصورة مبسطة أولا. قبل أن أقدم البينات الشكلية ذاتها التي تسهم في تعزيز الإثبات النهائي بأن الوثيقة مصطنعة.
(صفر) المشكلة التقنية في حاسوب الكاتب عميل جهاز الأمن
تمثل البرمجة في حاسوب الكاتب عميل جهاز الأمن واحدة من أقوى مظان البينات لإثبات أن الوثيقة مصطنعة.
والذي أراه، استنادا على تحليل الوثيقة من حيث الشكل الفيزيائي والموضوع النصي، هو أن الوثيقة التي بين أيدينا لم تكن تمت طباعتها،
في الحاسوب، من أصلها في محضر مكتوب بخط اليد، ولا من تسجيل صوتي لها،
ولا تمت الطباعة مباشرة أثناء تقديم محاضرات "التنوير" من قبل الأربعة عشر عضوا في العصابة الأمنية العسكرية السياسية في ذلك الاجتماع الذي لم يكن.
وإنما أنشأ الكاتب عميل جهاز الأمن الوثيقة إنشاء. بالكتابة الاحتيالية المتدبرة،مباشرة في الحاسوب.
وظل مثابرا في عملية "الكتابة"على مدى أيام وأسابيع.
واستخدم المراجع والملفات الالكترونية الخارجية لينسخ منها نصوصا فيلصقها في نص الوثيقة.
وأجرى التغييرات التنسيقية والموضوعية التي رآها ضرورية في النص. بالحذف والإضافة والتعديل.
أي،تم إنشاء هذه الوثيقة عبر عدة مسودات في تاريخ إنتاجها. مثلها مثل كل الكتابة البحثية ذات المراجع. والتي يعكس نصها النهائي الطريقة التي كتبت بها.
وعلى مستوى جوهري، يمكن الجزم بأن الحاسوب الذي كُتبت فيه الوثيقة افتقر إلى اللوغاريتمات الضرورية لعرض الكتابة العربية بصورة صحيحة من اليمين إلى اليسار.
بالنسبة لعلامات الترقيم. وللأعداد.
فالنقطة تظهر في بداية الجملة لا في نهايتها، (ص 2-25).
والأقواس، وهي مفارِقة لكيفية كتابة محضر اجتماع أصلا، تظهر فوضوية الاتجاهات وغير مكتملة (ص 24).
والنقطتان المتعامدتان تظهران في غير محلهما أو بصورة غامضة (24).
وعلامات التنصيص، المفارقة لكيفية كتابة محضر اجتماع، تظهر ناقصة، بغياب إحدى فردتيها (ص 4).
والأعداد جميعها باستثناء قلة من الحالات، تظهر ملصوقة بالكلمة التي تليها (ص 1، وص 4، وغيرهما كثير).
هذا النسق للمفارقات الشكلية، سببه اللوغاريتمات الضرورية غير المكتملة في حاسوب الكاتب عميل جهاز الأمن.
وهي متعلقة ببرنامج وورد المثبت في الحاسوب، وبتركيبة لوحة مفاتيح الطباعة،
وبرنامج ويندوز. بالإضافة إلى غياب الحقيبة اللغوية العربية الإضافية (ثمنها 26 دولارا إضافيا) من هذا الحاسوب.
فانظر في أية صفحة من صفحات الوثيقة الثمانية والعشرين، باستثناء الصفحة رقم 1 والصفحتين الأخيرتين (التوصيات).
وانظر في توزيع علامات الترقيم. تحديدا، النقطة. بوظيفتها المعروفة في موقعها المعروف في نهاية الجملة.
ستجد النقطة ملتصقة ببداية أول كلمة في بداية الجملة. بدلا عن موقع النقطة الصحيح في نهاية الجملة.
ذلك في كل واحدة من الخمس وعشرين صفحة الأولى من صفحات الوثيقة.
وربما لاحظت هذه الظاهرة المتعلقة بسلوكيات النقطة في تجربتك مع الحاسوب.
فالمعروف في تقنية اليونيكود، معيار الكتابة العالمي لجميع أنواع الحرف المحوسب تقريبا،
أن الاتجاهية يمين شمال أو شمال يمين مرسومة بالبرمجة السبقية في الحروف حسب لغتها وطريقة الكتابة فيها.
فالحرف العربي، على عكس الإنجليزي، لا يسير في داخل الكلمة إلا من اليمن إلى اليسار. والعكس صحيح بالنسبة للإنجليزية.
أما علامات الترقيم، مثل النقطة، فقد تُركت "محايدة"، في نظام اليونيكود.
لتعمل يمين شمال أوشمال يمين. وفق بيئة النص المبرمجة. عربية أكانت أم إنجليزية.
وهنا كانت ورطة الكاتب عميل جهاز الأمن. بحاسوبه المبرمج على أساس اللغة الإنجليزية.
فيمكنه الإنشاء باللغة العربية وطباعتها. وسيظهر الحرف العربي داخل الكلمة صحيحا.
لكن علامة النقطة (والأقواس) تظهر متأثرة بالبيئة الإنجليزية المبرمجة في الحاسوب.
أي، تظهر النقطة على يمين الجملة التي اكتملت طباعتها. كما في الجملة الإنجليزية.
فما أن يطبع الكاتب النقطة بعد الحرف العربي الأخير من الكلمة في نهاية الجملة،
إلا ويجد أن النقطة انتقلت، بقدرة قادر، إلى ما قبل الحرف الأول من الكلمة في بداية الجملة.
أي، كانت بيئة نص الوثيقة في حاسوب الكاتب عميل جهاز الأمن مبرمجة على اللغة الإنجليزية.
ومن ثم ظهرت النقطة في نص الوثيقة التي بين أيدينا "بالطريقة الإنجليزية"، شمال يمين. في نسخة إيريك ريفز الكاملة، وفي نسخة فتحي الضو الناقصة صفحتها رقم صفر.
وامتد اثر المشكلة التقنية إلى نص الوثيقة من أولها إلى آخرها.
وليس هذا من قبل الاحتيال. بل بسبب قلة معرفة الكاتب عميل جهاز الأمن بأسباب المشكلة التقنية التي لاحظها.
فعمد إلى حلها يدويا، وفشل. فاضطر إلى إحداث تغير راديكالي في معمار الوثيقة لتصبح بدون فقرات،
فيما عدا القليل. فيلاحظ القارئ أن الوثيقة تكاد تنعدم فيها الفقرات. لأن الكاتب ألغى التقسيم إلى فقرات ليحل مشكلة النقطة.
ثم عرقلت المشكلة التقنية المتعلقة بالنقطة على الكاتب إدخال إضافات في النص وتعديله في المسودات المتتابعة.
ومن ثم فضحت احتياله.حين ثبتت في النص الإمارات الشكلية الدالة على أن النص كان يخضع لتعديلات بصورة مستمرة. شأنه شأن كل مقال تتم كتابته بالاحتيال أو بالصدق.
وامتدت اللخبطة إلى الأقواس في نص وحيد في نهاية الوثيقة في صفحة 24،
سآتي إليه. وطالت عبارة واحدة على الأقل، فقلبتها رأسا على عقب.
بالإضافة إلى فرض قراءة غير صحيحة لكثير من النصوص في الوثيقة. بسبب ظهور علامة الوقف، النقطة،
في غير محلها. حين نجدها في بداية الجملة، لا في نهايتها؛ وأحيانا نجدها تفصل بين جزئي الجملة غير القابلين للفصل بينهما.
وبسبب استمرار الكاتب في إدخال عبارات وكلمات وجمل إضافية في النص، أثناء مسار الإنشاء.
هذه هي الورطة التقنية التي وقع فيها الكاتب عميل جهاز الأمن.
ومن ثم، قضَّى وقتا طويلا في ترتيب الفوضى التي أحدثتها في الوثيقة لوغريثمات البرمجة الناقصة.
وهو لم يدرك سبب المشكلة التحتانية وراء جنون النقطة، وجنون النص بصورة عامة. وحين حاول أن يحل المشكلة بطريقة يدوية، وجد ذلك يكاد يكون مستحيلا.
..
وكل ذلك كان سيكون غير ذي أهمية بالنسبة لموضوعي عن إثبات اصطناع الوثيقة.
ما لم تتداخل هذه المشكلة التقنية المحايدة غير المسؤول عنها الكاتب مع تلك التدخلات الاحتيالية التي أقدم عليها في إنشاء الوثيقة.
منها كذلك أنه كان ينسخ ويقص من ملفات الكترونية خارجية مبرمجة بطريقة صحيحة.
ثم يلصق النصوص في نص الوثيقة. لتظهر مغايرة لمجمل نص الوثيقة المتأثر بصورة كاملة بالمشكلة التقنية.
فالنص المنسوخ من ملف مختلف البرمجة يأتي إلى موقعه الجديد، محل اللصق في الوثيقة،
بخصائصه القديمة الصحيحة. فحين نجد نصا صحيحَ علامات الترقيم،فهو مؤشر لكونه تم نسخه من ملف خارجي ولصقه في نص الوثيقة.
فتشتمل الوثيقة على نصوص غير متسقة على المستوى التقني. هنا لا أتحدث على مستوى النص اللغوي،
من حيث هو عبارات ذات معان. بل على مستوى الخصائص التقنية الشكلية، بسبب البرنامج التحتاني، أو بسبب تدخلات الكاتب عميل جهاز الأمن.
هذه الخصائص، نجدها مترجمة في آثار شكلية مادية على سطح النص. سطح النص هنا، كورقة ننظر فيها بالعين المجردة.
أو كشاشة كمبيوتر أمام أعيننا. ولسطح النص دور في اكتشاف الاحتيال وفي إثبات أن الوثيقة مصطنعة.
وهنالك قدر من التباين في أشكال الوحدة قيد النظر. فالنقطة وحدة تباين ذات أشكال متغايرة.
وكذلك بقية الوحدات، كالقوس له متغيران من حيث اتجاهه يمينا أم يسارا. وهي نظرية التباين اللغوي المعروفة.
مثل الجيم في اللغة العربية يتم نطقها بطرق متغايرة في الدول العربية. ومثل الحاء في لهجات السودان
("هوا!"، فجاء الرد على المشاغلة: "أني ما هوا، أختى هوا ورا").
فالنقطة في محلها الصحيح في نهاية الجملة هي الحاء كمتغير للحاء العميقة وحدة التباين،
بينما النقطة في مكانها الانحرافي في بداية الجملة هي رصيفة الهاء المتغير الآخر للحاء العميقة وحدة التباين.
ألخص الخصائص الشكلية ذات التباين على سطح النص على النحو التالي:
(1) وجود النقطة في بداية الجملة ملتصقة بالكلمة الأولى فيها، وليس في مكانها الصحيح في نهاية الجملة. [بسبب البرنامج التقني التحتاني، لا بسبب الكاتب]؛
(2) وجود النقطة قبل الجزء الثاني الضروري نحويا لكمال معنى الجملة [بسبب احتيال الكاتب، وقد فضحته النقطة التي تفصل بين جزئي الجملة]
(3) وجود نقطة في نهاية الجملة، لكنها بعيدة عن الكلمة الأخيرة بمساحة أو بمساحتين [بسبب تدخل بريء من قبل الكاتب للإصلاح اليدوي للمشكلة التقنية التحتانية]؛
(4) وجود نقطتين في نهاية الجملة [ . . ] [بسبب تدخل بريء من قبل الكاتب الذي لا يفهم المشكلة التقنية]؛
(5) إلغاء الفقرات في الوثيقة [بسبب سعي الكاتب إلى ترميم فوضى النقطة]؛
(6) آثار عمليات النسخ والقص واللصق [بسبب احتيال الكاتب]؛
(7) وجود آثار شكلية ولغوية في النصوص الخارجية الملصوقة أو المدخلة يدويا [بسبب احتيال الكاتب]؛
(8) وجود اختلاف في حجم الحرف في الكلمات في الجملة الأولى في بعض أجزاء الوثيقة، مباشرة تحت اسم المتحدث المفترض [بسبب احتيال الكاتب]؛
(9) وجود الأقواس المعقوفة والمزخرفة في نص وحيد في الوثيقة [بسبب احتيال الكاتب]، وسلوكيات هذه الأقواس [بسبب البرنامج التحتاني]؛
وهنالك آثار أخرى متعلقة بظهور الأعداد، وبتنسيق الصفحات، والعناوين، والأخطاء ذات المعنى المتمثلة في ترتيب بعض الكلمات [كنتيجة لأمور الاحتيال].
فهذه الآثار الفيزيائية على سطح نص الوثيقة تقدم أفكارا ثاقبة لتفكيك الوثيقة ولإثبات أنها مصطنعة.
..
وعلينا أن ندرك أن البرنامج في الحاسوب سبَّب للكاتب عميل جهاز الأمن مشكلة عصية لم يتمكن الكاتب من حلها.
تحديدا، لأن الكاتب لم يكن يرقن "محضر الاجتماع الأمني".
وإلا لكان من السهل عليه إظهار النص بالصورة الصحيحة، بمجرد تركيب البرامج الضرورية وتنفيذ التدابير المعروفة.
لأن النص كان في هذه الحالة تم رقنه بصورة منطقية متصلة الحلقات، حتى وإن ظهرت بعض أجزائه معكوسة. وما أن يتم التعديل في البرنامج التحتي حتى ينصلح حال النص بأكمله.
لكن الكاتب عميل جهاز الأمن لم يكن يرقن محضر الاجتماع المزعوم. وإنما كان ينشئ مقالا طويلا بالكتابة الاحتيالية المتدبرة.
تلك التي تستدعي، في حالته وموضوعه، النسخ والقص واللصق بين الملفات وبين النصوص.
مما سأثبته. وتستدعي التحويلات لأجزاء من النص وعمليات تنقيل وتحشير ومسح وإضافة وتعديلات.
فلهذين السببين المتداخلين، المشكلة التقنية والكتابة الاحتيالية المتدبرة، وقع الكاتب عميل الجهاز في شر أعماله.
واستبانت الآثار الشكلية لذلك التداخل. رغما عن أنف الكاتب. وهذا ما أعتمد عليه لتعزيز إثبات أن الوثيقة مصطنعة.
أولا، نقطة الجملة في بدايتها وإلغاء الفقرات
فانظر أيها القارئ في واقعتين في نص الوثيقة:
(1) انظر في أية واحدة من صفحات الوثيقة من صفحة 2 إلى صفحة 25. وثق أن النقطة الملصوقة مع بداية الكلمة في بداية أية جملة بل هي نقطة نهاية تلك الجملة!
ذلك في أكثر الحالات. فالأغلبية الساحقة من النقاط في النص موجودة ملصوقة بالكلمة الأولى من جملةٍتأتي بعد النقطة مباشرة (هي جملتها).
وقد تكون أنت حسبت هذه النقطة في بداية الجملة على أنها نقطة نهاية الجملة السابقة، زاحة شوية إلى اليسار! كلا. هي نقطة نهاية الجملة في موقعها العكسي الخطأ.
(2) خذ كل جملة في نهاية فقرة لا تنتهي بعلامة النقطة. العدد قليل، لسبب. وستجد نقطة ملتصقة بالكلمة الأولى من ذات الجملة:
في صفحة 3 بعد كلمة "مانع "
في صفحة 5 بعد "المظاهرات "
في صفحة 6 بعد "مشروعهم "
في صفحة 14 بعد "أنفسهم "
في صفحة 18 بعد "للخرطوم "
في صفحة 25 بعد "ليهم "
فقرر الكاتب حل المشكلة بشأن النقطة وموقعها يدويا. عرف أنها مشكلة كبيرة، لكنه لم يفهمها إطلاقا.
لم يعرف أنها مشكلة تقنية تحتانية في البرمجة. ولم يكن مدركا أنه لا تجدي معها أية محاولات للإصلاح اليدوي في وثيقة طويلة من 28 صفحة.
فقضى الكاتب ساعات طوالا في إصلاح مشكلة النقطة في النص. موقعها في بداية الجملة ملتصقة مع بداية الكلمة. واستخدم للحل عدة طرق:
(1) مسح الكاتب النقطة في بداية الجملة الأولى في كل مقال من الأربعة عشر مقالا (ما عدا مقال بكري حسن صالح).
وهي النقطة التي لم تكن في وضعها الصحيح في نهاية الجملة، بل انتقلت إلى بداية الجملة. بسبب اللوغاريتمات التحتانية.
بهذا المسح للنقطة في بداية جملتها، يكون الكاتب حل مشكلة النقطة في بداية الجملة الأولى في الفقرة الأولى في كل مقال.
فقط. لكن تبقى الجمل في الفقرات الأخرى في كل مقال. وكل من الجمل تبدأ بنقطة، وتنتهي بمساحة خالية من النقطة!
مما هو شكل فظيع للفقرة في جملتها الأخيرة الخالية من نقطة النهاية. فلابد من إيجاد حل لهذه المشكلة.
عندئذ، تذاكى الكاتب. لم يطبق ذات الحل بمسح النقطة في بقية الجمل في فقرات المقال. لابد كان أصابه الإرهاق.
فقرر التحايل. بأن ألغى تقسيم المقالات إلى فقرات. وهو تقسيم لابد كان موجودا في الوثيقة أصلا.
لأنه يستحيل كتابة مثل هذه الوثيقة دون تقسيمها إلى فقرات موضوعية.بسبب تكثر موضوعاتها واختلافها.
بالإضافة إلى أن نص الوثيقة ذاته يقدم مؤشرات قوية إلى أنها كانت أصلا مقسمة إلى فقرات، وأن الفقرات تم دمجها لاحقا بصورة تعسفية!
فبالنقر المتواصل في لوحة مفاتيح الطباعة مسح الكاتب كل فاصلة تحتية لكل فقرة على حدة، وضمها إلى الفقرة التي تليها.
وهكذا نقرة بنقرة، بهذه الطريقة، تخلص الكاتب من شكل النقطة اللعينة في بداية الجملة الأولى من كل فقرة سابقة. وأظهرها وكأنها النقطة في نهاية كل جملة لكنها زاحة شوية إلى اليسار.
في أحد عشر مقالا. لا نجد الآن في أي منها في الوثيقة تقسيما للموضوعات في فقرات.
ولا نجد الفقرات إلا في مقال مصطفى عثمان، ومقال إبراهيم غندور، ومقال بكري حسن صالح. المفترضين. ولأسباب.
وبهذه الطريقة، اعتمد الكاتب أن النقطة في بداية الجملة التالية (وهي نقطة نهاية هذه الجملة التالية أصلا) هي نقطة نهاية جملته التي مسح للتو نقطتها.
نعرف أن الوثيقة لابد كتبها شخص متمكن من اللغة ومن المعلومات ومن فن الكتابة، بما في ذلك الكتابة الاحتيالية.
ولا شيء يفسر إلغاء الفقرات ليكون النص في كل من أحد عشر مقالا فقرة واحدة. أحيانا كل مقال مكون من صفحتين أو ثلاث صفحات.
(2) بقيت أمام الكاتب مشكلة الجملة الأخيرة في الفقرات وعددها 22 فقرة فقط في 14 مقالا.
فترك الكاتب بعضها على حاله بدون نقطة نهاية في مكانها الصحيح. لكنه اجتهد في بعضها فأدخل نقطة النهاية يدويا.
لكنها كانت تستعصي عليه بحكم البرمجة التحتانية. وفي مرة واحدة وضع نقطتين.
أما في الحالات المتبقية وهي قليلة لا تتجاوز خمس فقرات، فقد كانت النقطة في مكانها الصحيح. مما يعني عدم تأثرها بالبرمجة التحتانية.
وفي ذلك مؤشر لكونها نصوصا كان تم نسخا من ملف خارجي ذي برمجة صحيحة للعربية ثم جرى لصقها في هذا المكان في نص الوثيقة. وهذا الاستنتاج مدعوم ببينات أخرى،
منها اختلاف الحرف وعلامات الترقيم مثل الفاصلة، واختلاف الأسلوب اللغوي ذاته. مما نراه جليا في "مقال" بكري حسن صالح في نهاية الوثيقة.
وكله أعلاه لا يثبت الاحتيال ولا الاصطناع. لكنه يقدم الأساس الموضوعي لاكتشاف الحركات الاحتيالية ولتفسيرها. في الأجزاء التالية:
ثانيا، تحشير النصوص في مسودات الوثيقة
في هذا الجزء من المقال، أقدم الإثبات أن الكاتب عميل جهاز الأمن كان يدخل نصوصا جديدة على المسودات.
بتحشير كلمة أو عبارة أو جملة إضافية في النص.بصورة متواترة.
مما يثبت أن الوثيقة مصطنعة. فأقدم أولا بعض الأمثلة وشرحها. ثم أورد بقية حالات الإثبات.
والتي تمثل نسقا ثابتا يثبت بصورة قطيعة أن النص تم إنشاؤه إنشاء عبر الزمن وعبر المسودات المختلفة.
(1)
انظر في النص التالي في نهاية كلام مصطفى عثمان، المفترض. في صفحة .
ولاحظ العبارة التي تبين مكان "التعليم" وهو دارفور. وكان ينبغي أن تأتي بدون نقطة لتكون "دعم التعليم بدارفور".
".والاتحاد الأوروبي مؤيد لحوار والتقيت بكل سفرائه وأيدوا جميعهم الإصلاحات السياسية.وتبرعوا 18 مليون دولار لدعم التعليم .بدارفور وطلبوا زيارة إلى دارفور قلت ليهم مافي مانع"
والذي أراه هو أن الكاتب أراد أن يحتال بربط دعم التعليم حصرا بدارفور. فقد كانت الجملة انتهت في مسودتها الأخيرة بكلمة "التعليم".
لكن الكاتب، في مراجعة أخيرة قبل يومين أو ثلاثة من الاجتماع الأمني المفترض في يوم 31 أغسطس،
أضاف عبارة "بدارفور" مباشرة بعد كلمة التعليم لأنه فهم خطأ أن الجملة بدون نقطة ومفتوحة في ذلك المكان للإضافة.
لتصبخ كلمة "التعليم الأخيرة "التعليم بدارفور". فأضافها الكاتب ومعها العبارة عن طلب الزيارة إلى دارفور التي انتهت ب "قلت ليهم مافي مانع".
هنا، وضع الكاتب نقطة نهاية الجملة مباشرة بعد كلمة "مانع". لكنها قفزت إلى حيث بدأ التحشير عند كلمة "بدارفور".
وهكذا نجد الخطأ الظاهر أن "بدارفور" مفصولة عن جملتها قبلها بتلك النقطة.[".... دعم التعليم .بدارفور ...."]
فإذا كانت هذه هي الحالة الوحيدة، أو واحدة بين حالات قليلة، لكنا فسرناها بطريقة أخرى.
لكن النسق في وقوع مثل هذه "الأخطاء" سببه عناد النقطة التي تفضح الكاتب كلما جاء يعدل بالإضافي في المسودةالأخيرة.
فتظهر إضافته كجملة جديدة، غصبا عنه. بنقطتها التي تفصل شكليا بين جزئي الجملة. ونجد حالات متكثرة تثبت النسق أن هذه عملية جارية ومتواترة يوميا في تأليف المقال الوثيقة.
علما أن هنالك وقائع خارجية تدعم هذا التفسير بإضافة "بدارفور" لاحقا.
فالذي حدث هو أن الاتحاد الأوربي أعلن في يوم 27 أغسطس قبل أيام قليلة
من الاجتماع الذي لم يكن في يوم 31 أغسطس عن تبرعه بملغ 18 ألف يورو (ليس دولارا) للتعليم في عدة ولايات.
وكان نصيب ولاية دارفور 6 مليون يورو. أي ثلث المبلغ المخصص. فأضاف الكاتب المعلومة. ثم عاد إليها لاحقا في سياق المراجعة. فغزرها بالتحلية بدارفور.
(2)
في النص المشهور عن تجويع "ناس الجيش الشعبي بمنعهم من حصاد زراعتهم، قال الفريق صديق عامر، مدير الاستخبارات والأمن المفترض:
".وكلما جوعناهم .استسلم مهم قيادات وهروب مواطنين .ممكن نستفيد منهم في ملاحقة المتمردين .نحن الدولة الوحيدة الما بتضرر من صراعات الجماعات الإسلامية ولا الشيعة " (ص 10)
فنرى نقطة نهاية الجملة في بدايتها ملصوقة مع الكلمة الأولى من جملة ناقصة هي الشرط ".كلما جوعناهم"
وجواب الشرط ينتهي بنقطة في بدايته أيضا ".استسلم منعم قيادات وهروب مواطنين"
ثم يلتفت الكاتب إلى موضوع مختلف عن "الجماعات الإسلامية". مما كان ينبغي أن يكون في فقرة مختلفة. ولابد هو كان في فقرة مختلفة، لكن الكاتب ألغى بنية الفقرة لصعوبة التخلص من النقطة.
(3)
فيما يلي أمثلة تفصل فيها النقطية بين جزئين من الجملة لا يمكن فصلهما نحويا، بسبب الأداة النحوية اللازم التصاقها مع ما بعدها، أو مع ما قبلها:
ص 12: ".معناه كسر للحظر على الأخوان .ونحن لابد نستفيد .منها في تحجيم دور الصادق المهدي ...." [والصحيح "نستفيد منها"، بدون نقطة بينهما]
ص 14 ".ديل عندهم مشكلة ... وطعنوا في قومية القوات المسلحة ... وصعدوا عليها الحملات .لإيقاف زحف القوات إلى معاقل التمرد وتنظيفه ..." ["... صعدوا عليها الحملات لإيقاف ..."]
".ونحن ما عندنا تبادل أسرى مع التمرد ديل محكومين وفق قانون هم تمردوا ضد الدولة وليس. في دولة أخرى." ["...وليس في دولة أخرى"]
20: ".وتعليمات كل المواطنين الفارين في العمليات يتعاملوا معاهم كويس ويرغب أولادهم في.الانضمام للدعم السريع .الوضع الاقتصادي يتعالج ... ["في الانضمام"]
22: ".بقى ما عندنا حل غير .نحرر أرضنا من التمرد ." ["... حل غير نحرر ..."]
ص 12 ".معناه كسر للحظر على الأخوان .ونحن لابد نستفيد .منها في تحجيم دور الصادق المهدي ...." ["... نستفيد منها ..."]
ص17-18: ",وبهذا التصرف ممكن نقضي على الفتنة .التي يريدون تدويل قضية المنطقة " [... الفتنة التي ...].
فيتضح بصورة جلية أن الكاتب عميل جهاز الأمن كان يجري مراجعات وتعديلات مستمرة في مسودات الوثيقة
. لكن المشكلة التقنية التحتاينة كانت له بالمرصاد. وتركت لنا هذه الآثار المادية في شكل النص التي لا يفسرها إلا التحشير المستمر في سياق وجود المشكلة التقنية المتعلقة بالنقطة.
(4)
وفيما يلي بقية الأمثلة التي تثبت وجود الإضافة التي تفضحها النقطة في بداية العبارة التابعة لما قبلها خطابيا ومعني.
وسيتمكن القارئ من ملاحظة الإضافات التي تسبقها نقطة نهاية الجملة المضافة ذاتها.
ص 10 ".وقلت له أنتم بتتعاونوا مع أمريكا بصورة مطلقة .دون تراعوا حقوق الآخرين" ["مطلقة دون ..."]
ص 10 ".نحن نفهم الاستخبارات الإيرانية بخطورة الوضع وهم يتفهموا .ونستفيد وللسعودية نحن معاكم" ["... وهم يتفهموا ونستفيد ..."]
ص 10-11 ".وهم مهزومين في الميدان دايرين يرفعوا الروح المعنوية لكوادرهم .وتأجيل مشاكلهم الداخلية" [لاحظ واو العطف التي تشير إلى إضافة النص لتغزير المعنى المقصود]
ص 12: ".نحن لابد نوفر دعم ضخم لقوات رياك ليخوضوا حربا .ينضفوا بها كل منطقة أعالي النيل الكبرى .
ورياك وتعبان في زيارتهم للخرطوم ورونا .... و .... الدعم الذي يقدم .
ودعم موسيفيني للجبهة الثورية واستضافة كمبالا لأغلب قادة التمرد و...." [أيضا التغزير لنوع الحرب مضاف بعبارة "ينضفوا بها ...]
ص 12 ".بقينا عندنا معلومات ممكن تمكننا من اتخاذ القرار الصحيح تجاه الجنوب ويوغندا .وكيفية التعامل مع حركات عميلة" [واو العطف تضيف فكرة جديدة مضافة تفضحها النقطة]
ص 14 ".ديل عندهم مشكلة ... وطعنوا في قومية القوات المسلحة ...
وصعدوا عليها الحملات .لإيقاف زحف القوات إلى معاقل التمرد وتنظيفه ..." [تغزير معنى "الحملات" بإضافة سببها "لإيقاف الزحف ...].
".وهناك استجابة من أبناء النوبة والنيل الأزرق.ودارفور بكل ولايات السودان للانضمام لقوات الدعم السريع.بعدما عرفوا الزيادة".
ص 15 ".ورياك وتعبان وضيو مطوك جاءوا وقالوا دايرين دعم في الاستخبارات والتدريب .خاصة الدبابات والمدفعية وتسلحونا ومدنا بأسلحة متقدمة .نحن قلنا ما عندنا مانع ..."
".أي حكم ذاتي في أعالي النيل مفيد لينا من تأمين حدودنا والنفط .والتجارة"
ص 15 ".ولترتيب جيش حركة العدل والمساواة قمنا بتعيين ضابط برتبة عميد.الفاضل بشيرمحمدوهذه قوة كبيرة "
ص 15: "هناك جهات تطالب بنشر تقرير عن أحداث سبتمبر .أو إرجاع السودان للبند الرابع"
ص 16: ". وبعض الناس من الأحزاب. بقولوا عملو التظاهرة .لكن تم إحضار ناس خصيصا ..." [والصحيح عدم الفصل بين الأحزاب والفغل "بقولوا"]
18: ".عاين بيان المتمردين هو المراد تنفيذه بدعم من فرنسا .
والمبعوث الأمريكي وهذا تدخل في شؤوننا الداخلية وأصلا المبعوث الأمريكي ما يدخل السودان"[لا يقبل الفصل بين "فرنسا" و"والمبعوث الأمريكي". هو أضاف لاحقا عبارة "والمبعوث الأمريكي ..."]
19: ".ومشكلة المنطقتين مرتبطة ...وآليات رقابة للدعم والإيواء .وفتح نقاط العبور للتجارة والمنطقة العازلة " [إضافة "وفتح نقاط ..."
25: ".أمبيكي جلسنا معاي ...واتفقنا معاه يجب الحركات للحوار بالداخل .وبرضو بن شماس . يقنع ناسو"
فنجد دائما أن وجود النقطة في بداية الكلمة أو العبارة أو الجملة اللاحقة يبين أن هذه الأخيرة تمت أضافتها لاحقا.
وحيث وضع الكاتب نقطة نهاية الجملة كلها، قفزت هذه النقطة إلى بداية الإضافة. لتثبت لنا أنها أضيفت لاحقا.
ومؤشرات الغضافة اللاحقة واضحة. أهمها أن الناتج لا يستقيم نحويا في حال وجود هذه النقطة اللعينة.
ثالثا، الأقواس المعقوفة والمزخرفة المتروكة في النص
تحتوي الوثيقة في صفحة 24 على نص يشتمل على أقواس معقوفة ومزخرفة. وهي الحالة الوحيدة في الوثيقة.
مما يشير في اتجاه أن الوثيقة مصطنعة. لأن وجود الأقواس لا يتسق مع طبيعة أقوال بكري حسن صالح المفترض.
فلا ترد الأقواس في "المحضر" إلا إذا كان المتحدث في اجتماع نطق بها فقال "كذ وكذا بين قوسين"!
هذا هو النص موضوع الاحتيال في ص 24. فلاحظ لخبطة الأقواس، وجنون علامة النقطة، والكلمتين الملتصقتين في بداية النص، والتعبير المقلوب "الحركات المسلحة وثانيا":
"أكبر تهديدأمني واجتماعي. جايين من الجنوب لسببين أولا الوجود الأجنبي الذي يمثل تهديد مباشر لينا }
يوغندا وأمريكا وفرنسا وإسرائيل}[الحركات المسلحة.وثانيا [النازحين والاجئين جراء الحرب .أمراض وجرايم اجتماعية ][لاجئو السودان بمعسكرات المنطقتين تأخر في التعليم ونقل أمراض وتنصير ]"
...
أرى أن الكاتب عميل جهاز الأمن كان يلفق الوثيقة باستخدام عدة آليات احتيالية للكتابة.
أراه في النص أعلاه يكتب عبارات قصيرة عن فكرة "الوجود الأجنبي"، وفكرة "الحركات المسلحة"، كأكبر تهديدين.
ثم نجده يبحث عن أدلة لكل فكرة منهما، وعن أمثلة تعززها. ونراه يستدعي الأدلة والأمثلة التعزيزية ويضعها في
أشكالها الأولية بين أقواس معقوفة ثم بين أقواس مزخرفة.
على أمل أن يدرج الأدلة والأمثلة في النص الأساس المترابط فيما بعد. فهكذا تدور الكتابة للمقالات. وأحيانا تكون فوضوية. مما نراه في هذا النص.
ومن بعد، كان المتوقع أن الكاتب عميل الجهاز سيمسح الأقواس كلها؛ وأنه سيعدِّل علامات الترقيم الفوضوية. ليستقيم النص.
لكن الكاتب، لابد بسبب الفتور والكسلعند نهاية الوثيقة، ترك آثار التعديلات والإضافات اللاحقة كما هي في النص أعلاه من حديث بكري حسن صالح المفترض.
دون أن يجري عميلة التنظيف اللازمة للنص. فبقيت الأقواس المعقوفة والمزخرفة كما هي. وكما أسلفت،
لا مكان في وثيقة محضر اجتماع لوضع بعض أقوال المتحدثين بين قوسين! وهذه هي المرة الوحيدة في النص التي يستخدم فيها الكاتب الأقواس.
والفوضى في استخدام الأقواس متداخلة مع المشكلة التقنية المتصلة باتجاهية الحرف العربي في برنامج وورد.
ونرى الفوضى في علامة النقطة. وكذا حدث قلب لمكونات الجملة "وثانيا الحركات المسلحة" لتكون "[الحركات المسلحة .وثانيا".
أما وقد كان الكاتب واصل التحشير، وربما النسخ والقص واللصق لغرض الاصطناع والتلفيق، وواصل التعديل لترميم الفوضى في سياق المشكلة التقنية،
فإنه خلق آثارا في النص لم يتمكن من مسحها أو تغييرها. لأنه كلما مسح شيئا أو غيَّره كان يجد أن النص أصيب بالجنون.
مثل أن تلتصق الكلمات ببعضها، "تهديد أمني". وأن يأتي القوس المزخرف الأخير ملتصقا مع كلمة البداية،
"}يوغندا ...". فيضطر الكاتب إلى وضع قوس في النهاية بالقوة! ليجد أن القوس يبتعد بمسافة عن الكلمة الأخيرة "وإسرائيل }".
وهكذا دواليك. نشهد الكاتب عميل جهاز الأمن يتخبط في وحل التلفيق. تجي تاني!
والمشكلة هي التناقض بين ظاهر النص المتحقق، من جهة، وبين الظاهر المتوقع تحققه، من جهة أخرى.
ومن ثم، هذه الفوضى. سببها تحتي في تقنية البرنامج ولوحة المفاتيح وبرنامج ويندوز. لكن الكاتب أضاف من عنده حمى التحشير لنسج الوثيقة المصطنعة.
مما هو ديدن "الكتابة" من كل نوع. بينما نجد أن الاجتماع ليس فيه كتابة من هذا النوع.
بل كلامه تتم طباعته كمحضر مسترسل لما كان قيل في الاجتماع. دون إجراء العمليات التعديلية المتواترة في النص التي نرى آثارها الشكلية واضحة.
فبقيت الأقواس في حديث بكري حسن صالح المفترض على النحو التالي:
"أكبر تهديد أمني واجتماعي. جايين من الجنوب لسببين أولا الوجود الأجنبي الذي يمثل تهديد مباشر لينا }يوغندا وأمريكا وفرنسا وإسرائيل}[الحركات المسلحة
.وثانيا [النازحين والاجئين جراء الحرب .أمراض وجرايم اجتماعية ][لاجئو السودان بمعسكرات المنطقتين تأخر في التعليم ونقل أمراض وتنصير ]"
..
فيكون تفكيك النص أعلاه باكتشاف مسار الكتابة الاحتيالية في لحظات دورانها. بمفاهيم إعادة تركيب الجريمة. أو بمفاهيم الهندسة الاسترجاعية التي تكتشف "البرنامج" الداخلي للنص.
وإذا أعملنا الهندسة الاسترجاعية هنا، سنجد أن الكاتب كان ذكر السببين بدون أولا وثانيا.
وسجلهما ك "الوجود الأجنبي والحركات المسلحة". وفي مرحلة تغزير النص ليكون مفصلا أضاف "أولا" و"ثانيا".
ولأن "ثانيا كانت مضافة، ظهرت نقطة جملتها قبلها مباشرة. لتفصلها في ظاهر النص من "الحركات المسلحة".
أي، أن الكاتب عميل جهاز الأمن كتب سببي التهديد الأمني والاجتماعي من جنوب السودان على النحو التالي:
"الوجود الأجنبي والحركات المسلحة". ثم:
"أولا الوجود الأجنبي الذي يمثل تهديدا مباشرا لينا. وثانيا، الحركات المسلحة."
وفي النص أعلاه، أراد الكاتب عميل جهاز الأمن حشر تفاصيل السبب الأول (الوجود الأجنبي) وتفاصيل السبب الثاني (الحركات المسلحة).
وأرى أن التفاصيل كانت أصلا إما في ملفها الخاص مكتوبة بين أقواس معقوفة [ ] ومزخرفة { }.
أو استدعاها الكاتب من ذاكرته ووضعها بين الأقواس ليأتي إليها لاحقا فيدرجها في النص ويمسح الأقواس.
فحشر الكاتب مباشرة بعد نهاية السبب الأول عن "الوجود الأجنبي" بعد "تهديد مباشر لينا"،
بين قوسين مزخرفين، الكلمات التالية: }يوغندا وأمريكا وفرنسا وإسرائيل}. ولعله كان أراد التفصيل لاحقا بشأنها.
وأرى أن السبب في الوضع ذي الخطأ في القوس المزخرف الأول هو تقلبات برنامج وورد حين يتداخل التنسيق العربي
من اليمين إلى الشمال مع اتجاه اللغة الإنجليزية من الشمال إلى اليمين.
بسبب محاولة الكاتب لصق عبارات من ملف آخر.
وأحيانا بسبب محاولة الكاتب استخدام الأقواس وكتابة عبارات بينها. لأن الأقواس، مثل النقطة، مبرمجة على المعاندة، وتتجه نحو الوجهة الخطأ أثناء الكتابة. بسبب البرنامج التحتي.
فهذه اللخبطة سببها العميق هو لوغاريتمات البرمجة التي تتحكم في شكل عرض الكتابة العربية وفق برنامج وورد،
وهي من نقاط ضعف البرنامج. وتسببت اللوغاريتمات في قلبنة العبارة التالية "وثانيا الحركات المسلحة.
" تماما كما كانت صحيحة في البداية. لكنها أصبحت الآن في النص "[الحركات المسلحة .وثانيا". وتحولت النقطة الفاصلة من مكانها الأصلي بعد "المسلحة" إلى بداية كلمة ".وثانيا" المضافة لاحقا.
وبعدها أتت عبارات على دفعتين بين قوسين معقوفين.
الدفعة الأولى: [النازحين والاجئين جراء الحرب .أمراض وجرائم اجتماعية ]
الدفعة الثانية: [لاجئو السودان بمعسكرات المنطقتين تأخر في التعليم ونقل أمراض وتنصير ]
أرى أن الكاتب حشر العبارات أعلاه وأقواسها داخل النص الأساس.
فحدثت اللخبطة ربما بسبب محاولته استخدام الأقواس المزخرفة. وحين فشلت محاولته،
حاول تغيير القوس المزخرف بالقوس المعقوف. لعله يشتغل! وفشل في زحزحة القوس المزخرف الثاني ليلتصق بكلمة "إسرائيل".
فبقي القوسان المزخرف والمعقوف لقفل عبارات "}يوغندا وأمريكا وفرنسا وإسرائيل}[". فالقوس المعقوف زائد. ويبدو أنه خرج بعكس اتجاهه الصحيح.
هذه اللخبطة تفضح عملية النجارة والنسج التي كان يجريها الكاتب المحتال عميل جهاز الأمن.
وأرى أنه حشر العبارات الخاصة بالأمثلة لموضوعيه (الوجود الأجنبي والحركات المسلحة) ليتمكن لاحقا من توصيلها مع العبارات قبلها.
ومن تفصيلها. لكن لخبطة برنامج وورد حدثت. ووجد صعوبة بالغة في إصلاح النص. فتركه على حاله. على أمل أن لا يرى فيه القارئ شيئا!
لكني قبضت على الكاتب المحتال. الذي وقع في الخطأ الذي يثبت طريقته الاحتيالية في كتابة نص الوثيقة. وواضح عدم درايته الكافية باستخدام برنامج وورد العربي.
وأرى أن لخبطة برنامج وورد امتدت إلى النص الذي جاء بعد النصوص أعلاه. ابتداء من
"اصلا الجنوب لو [ما] الجوار ما دايرين علاقتو .الواقع بفرض نتكيف مع المستجدات " وانتهاء ب ".وسلفاكير مستضيف توربورا والفرقتين ."
فالكاتب بدأ بمسح النقطة في بداية الجملة الأولى في الفقرة. ليترك نقطة نهاية الجملة التالية في ".الواقع ..." تحل محلها!
لينتهي النص في نهاية الفقرة بنقطة غائبة. فأضافها الكاتب في نهاية الفقرة بعد "والفرقتين". وفشل في لصقها مع نهاية هذه الكلمة. لأن ذلك صعب إلى درجة الاستحالة! بسبب اللوغاريتمات .
ولاحظ أيضا أن الفقرة القبلية في صفحة 24 تبدأ بعلامة النقطتين المتعامدتين واحدة فوق الأخرى [: نحن في اجتماعاتنا ...] مما هو أثر آخر يبدو أنه بسبب النسخ والقص واللصق بين الملفات الالكترونية:
":نحن في اجتماعاتنا ما بالضرورة نتفق على كل شيء، لكننا نتناقش ونبدي وجهات النظر، ونوصي، وأقوم بإخطار الرئيس بما تم في المناقضات والتوصيات، مع ضمان أن يعرف الرأي الأقل والرأي الغالب في الاجتماع. وضمن عملية للتحديث والتطوير ورفع المرتبات. ... والجنوح نحو القبيلة والمنطقة .والجريمة المنظمة والجرائم الالكترونية "
لكن علامات الترقيم مثل نقطة الوقف ذاتها والشولة سارت بطريقة طبيعية وصحيحة في هذه الفقرة.
لابد بسبب نسخجزء من النص أو قصه من ملف خارجي مبرمج بطريقة صحيحة، ثم لصقه هنا.
والنص المنسوخ أو المقصوص ثم الملصوق يأتي حاملا في طياته تِحِت تِحِت برمجته السابقة ليثبتها في مكانه الجديد.
إلى أن تغير ذلك فجأة في الجملة الأخيرة من النص، ".والجريمة المنظمة والجرائم الالكترونية "،
وفيها نقطة نهاية الجملة انتقلت إلى بدايتها. مما يبين إضافة هذه العبارة الأخيرة. ويثبت دمج الكاتب لنصوص من مصادر مختلفة في ذات الفقرة.
لأنه لا يوجد سبب معقول يجعل النص يضع النقطة في مكانها الصحيح في مكانين في نهاية الجملة بعد "الاجتماع." و"المرتبات." ثم يضعها "خطأ" في بداية الجملة بالنسبة ل ".والجريمة ... ".
علما أن اللغة المستخدمة في هذه الفقرات في صفحة 24 تختلف جذريا في أسلوبهامن اللغة في بقية ذات "المقال" من قبل بكري حس صالح المفترض.
ونجد ذات آثار اللخبطة في علامات نقطة الوقف المتأتية من القص واللصق بين الملفات في الفقرة أعلى صفحة 24. وقد حاول الكاتب إصلاح الأمر بإضافة نقطة في نهاية الفقرة عند كلمة "الأجندة .". لكن النقطة المقحمة رفضت أن تبقى لصيقة بنهاية الكلمة مباشرة وظهرت بعيدة عنها بمساحة حرف.
وهنالك مؤشرات قوية تشير إلى وجود عمليات نسخ ولصق واسعة النطاق في مقال بكري حسن صالح.
رابعا، النسخ والقص واللصق لتلفيق الوثيقة
هنا أطلب من القارئ أن يضع أمامه الوثيقة مطبوعة أو على شاشة الكمبيوتر.
وأن يضع علامات على الجملة الأولى في كلام كل واحد من المتحدثين المفترضين الأربعة، مباشرة تحت اسم المتحدث المفترض، على النحو التالي [تجاهلْ الخطأ الإملائي في "علي"، والمقصود "على"]:
"أؤمن علي ما ذكره الأخ مصطفى ..." (صلاح الطيب، صفحة 4)؛
"بأمن علي الكلام من سبقني ..." (صديق عامر، صفحة 9)؛
"أؤمن علي كل ما ذكره القادة ..." (عماد الدين عدوي، صفحة 12)؛
"أؤمن علي كل كلامكم ..." (إبراهيم غندور، ص 21).
وأقدم لما أريد إثباته، بتذكير القارئ أن الكاتب يريد بالاحتيال بالكتابة أن يقنعنا أن الوثيقة محضر حقيقي لاجتماع حقيقي.
وعليه، كان لزاما عليه أن يخترع لغة تشبه لغة الاجتماعات فيحشرها تحشيرا في نص الوثيقة.
ولأن التلفيق عملية محفوفة بالمخاطر. شأنها شأن الخداع من كل نوع. فإن الكاتب عميل جهاز الأمن وقع في شر أعماله. مجددا. بأن قدم لنا البينة المادية التي تثبت الاحتيال الذي كان أراد بالتدليس إخفاءه.
حاول الكاتب أن يستخدم للمتحدثين الأربعة المفترضين العبارة المفتاحية المعروفة في الاجتماعات: "أؤمن على كلام فلان ..."
. للتعبير عن الاتفاق مع المتحدث الذي تكلم سابقا. وهي عبارة أساسية في لغة الاجتماعات. يبتدر بها المتحدثون مداخلاتهم.
فتجد في الوثيقة أن كل واحد من بين المتحدثين المفترضين الأربعة ابتدر كلامه بأحد أشكال العبارة "أؤمن علي ...". أعيد تسجيل ذات النص:
"أؤمن علي ما ذكره الأخ مصطفى ..." (صلاح الطيب، صفحة 4)؛
"بأمن علي الكلام من سبقني ..." (صديق عامر، صفحة 9)؛
"أؤمن علي كل ما ذكره القادة ..." (عماد الدين عدوي، صفحة 12)؛
"أؤمن علي كل كلامكم ..." (إبراهيم غندور، ص 21).
..
فأريد أن أقدم الإثبات أن الكاتب:
(1) حشر عبارة "أؤمن علي ما ذكره الأخ مصطفى" قبل بداية النص الذي يبدأ في صفحة 4 ب "يجب أن نفصل ...". ذلك في وقت لاحق بعد اكتمال المسودة. ثم
(2) نسخ العبارة أعلاه. ثم
(3) لصقها في ثلاثة مواقع في صفحة 9 و12 و21؛ ثم
(4) أجرى تعديلات طفيفة على كل واحد من النصوص الثلاثة، لغرض إخفاء خدعة النسخ واللصق.
هدفه أن يخدعنا بأن الوثيقة محضر لاجتماع، بعلة أن هذه هي "لغة الاجتماعات".
ولا شيء يعذب الكاتب المحتال عميل جهاز الأمن مثلما تعذبه صعوبة اختراع لغة الاجتماعات وفرضها على نص منسوج بالكتابة الاحتيالية المتدبرة.
فلابد من الإثبات هنا أن استخدام ذات العبارة النمطية في الاجتماعات، "أؤمن على كلام فلان"، كان بالتحشير الأولي للعبارة.
ثم نسخها مرة واحدة، ثم، لصقها ثلاث مرات في مواقع مختلفة في الوثيقة. ومن ثم، إجراء التعديلات اللازمة في العبارات الملصوقة لغرض التدليس وإخفاء الخدعة.
وكما قلت، إن عملية الكتابة الاحتيالية محفوفة دائما بالمخاطر. لأنها تترك آثارا باقية في النص تخبرنا عن العنف اللغوي الذي كان جرى.
وقد ترك لنا الكاتب المحتال عميل جهاز الأمن آثارا قوية تثبت فعلته الاحتيالية الخبيثة. التي اشتملت على الخداع والتدليس على الخداع، لإخفائه.
فأقدم الدليل المادي في النص وهو يأتي في شقين، أحدهما يتعلق بالخدعة ذاتها، والشق الثاني يتعلق بالتدليس عليها لإخفائها.
فالخداع والتدليس متلازمان دائما. ولا خداع دون السعي إلى التدليس عليه لإخفائه، وإلا فشل الخداع:
أولا، انظر الفرق الواضح في حجم الحرف في الحالة الأولى للعبارة المحشورة في صفحة 4. ويمكنك تكبير النص في الكمبيوتر، أو استخدام عدسة مكبرة لترى الفرق في حجم الحرف واضحا.
ثم انظر أن ذات الحجم الأكبر للحرف في العبارة موجود في الحالات الثلاث الملصوقة في صفحات 9، و12، و21.
وتجده يختلف عن حجم الحرف في النص الذي يليه في بقية النص في الوثيقة. لكنه مطابق نسبيا لحجم الحرف المكتوب به اسم المتحدث المفترض كعنوان جانبي أعلاه مباشرة.
فالذي حدث هو أن الكاتب حاول أن يدخل كتابةً العبارة "أؤمن علي ما ذكره الأخ مصطفى
..." في بداية السطر الأول، مباشرة قبل "يجب أن نفصل بين علاقتنا ..."، تحت اسم "فريق صلاح الطيب" (صفحة 4).
فواجهته المشكلة التقنية التي كان وجد لها حلا يدويا فظيعا. المشكلة المتعلقة بعدم اتجاهية النقطة إلى اليمين.
وهي مشكلة يصعب التعامل معها إلا بالبرنامج الملائم.
فاضطر الكاتب إلى حل المشكلة بخلق سطر جديد بعد اسم المتحدث المكتوب بحرف ذي حجم أكبر من حجم حرف النص.
مما فرض على النص الجديد المحشور بالكتابة حجم الحرف الكبير المختلف عن حجم الفونت الصغير في بقية النص. وهذا يحدث وفق نوع الترتيبات في برنامج وورد.
يمكنك ملاحظة الفرق في حجم الحرف بصورة جيدة بتكبير الصفحة في الكمبيوتر، أو باستخدام عدسة مكبرة للورقة في الوثيقة المطبوعة.
ولم يتمكن الكاتب من حمل النص المحشور على الاتساق مع ما يليه من النص.
رغم أنه نجح في تخفيض حجم الحرف للنص المحشور قليلا. فاصبح أقل من حجم الحرف في العنوان لكنه استمر أكبر من حجم الحرف في بقية النص.
بعدها، نسخ الكاتب عبارة "أؤمن علي ما ذكره الأخ مصطفى ...".
ولصقها في سطر جديد في بداية كل واحدة من "المقالات" في صفحة 9، و12، و21. ودمج العبارة المنسوخة مع بقية النص
. دون أن يتمكن من معالجة الفرق في حجم الحرف، فتركه على حاله.
ذلك كان على مستوى الخداع. بمعنى الغش والتزييف والتزوير واختلاق الوقائع. لكي نعيش في الوهم مصدقين أن "المقالات" كانت في سياق اجتماع أمني هذا هو محضره.
وأن الدليل هو هذه "لغة الاجتماعات"!
..
لكن، لا يوجد خداع إلا ومعه في ذات الوقت محاولات إخفائه، بالتدليس. فالخداع والتدليس يعملان معا، دائما.
وهما مختلفان على المستوى الإدراكي. رغم أنهما يستخدمان ذات الأفعال الاحتيالية.
فالتدليس يستخدم الغش مثلا لكن لوظيفة التدليس الإخفائية على خلاف الغش لوظيفة الخداع التي تريد أن تثبت وقائع كاذبة جديدة.
ثانيا، تمثل التدليس في تعديل الكاتب للكلمات من "أؤمن" إلى "بأمن". وبإجراء تعديلات
أخرى مضحكة من "بأمن على" "ما ذكره الأخ مصطفى" إلى "بأمن على "الكلام من سبقني"، وإلى "كل ما ذكره القادة"، وإلى "كل كلامكم ..":
"أؤمن علي ما ذكره الأخ مصطفى ..." (صلاح الطيب، صفحة 4)؛
"بأمن علي الكلام من سبقني ..." (صديق عامر، صفحة 9)؛
"أؤمن علي كل ما ذكره القادة ..." (عماد الدين عدوي، صفحة 12)؛
"أؤمن علي كل كلامكم ..." (إبراهيم غندور، ص 21).
فلأن الكاتب كان يعلم أنه يقترف الغش، سعى لإخفاء الغشة بالتعديلات الخفيفة في النص.
لكن الأثر الإلكتروني الدقيق المتعلق بحجم الحرف كشف أن أصل الأشكال الثلاثة للعبارة بالحرف الكبير واحد، في صفحة 4.
بالإضافة إلى الخطأ الإملائي في كلمة "على"، بالألف اللينة،
لتكون بالياء في كلمة "علي" في العبارة الأولى الأصل. لكن هذا الخطأ الإملائي موجود في مجمل النص،
فلا يعتد به كثيرا هنا للإثبات. وإلا لكان انتقال الخطأ الإملائي إلى الحالات الثلاث معضدا للإثبات.
فأخلص إلى أن العبارات الأربع لم تكن قيلت في الاجتماع الذي لم يكن. وإنما نسجها من خياله الكاتب عميل جهاز الأمن. لكن نسق العبارات الأربع، وحجم الحرف،
وهنالك حالتان إضافيتان ثابت تحشيرهما في نص الوثيقة، في بداية نص المقال المفترض.
(1) النص في صفحة 13: "كل الحديث يحول لخطط عمل نبدأ في تنفيذها لأن مهددات الأمن القومي ..
." (فريق هاشم عثمان الحسن مدير عام قوات الشرطة. ص 13). بعلة الحجم الكبير المختلف الذي يبين عملية الإضافة التي تحمل خصائص العنوان في السطر الجديد المدمج مع بقية النص.
(2) الكلمة في صفحة 15: "هناك ..." (محمد عطا مدير جهاز الأمن، ص 15). يبدو أن السبب هو السعي إلى خلق سطر جديد لتحشير كلمة "هناك .." فيه، ثم دمجها مع بقية النص.
فيكون ثابتا أن الوثيقة ليست محضر اجتماع أمني عسكري مشترك. بل تم اصطناعها لتكذب عن نفسها مستخدمة الحركات الخبيثة أعلاه، في معية حركات أخرى متكثرة.
خامسا، تلفيق التوصيات
أرى أن "التوصيات" في الصفحات 25، 26، و27 تمت كتابتها بطريقة احتيالية. فقد تم نسخ التوصيات الست الأولى من ملف الكتروني خارحي.
ثم تم لصقها في نهاية الوثيقة. ومن بعد، تم إجراء تعديل طفيف ربما في التوصية الأولى فقط.
وبعدها، تم إدخال التوصيات من التوصية السابعة "اعتماد مكتب اتصال د رياك
..." إلى نهاية التوصيات. بطريقة مختلفة من طريقة إدخال النص المنسوخ الملصوق المتعلق بالتوصيات الست الأولى.
ذلك لأنا لا نرى أي أثر للمشكلة التقنية المتعلقة بالنقطة في التوصيات الست. فالنقطة الصحيحة موجودة في التوصيتين الأولى والثانية.
ولأن عملية التنسيق مختلفة بين التوصيات الست الأولى، من جهة، والتوصيات التي تلتها، من جهة أخرى.
بسبب استخدام الخط المائل في التوصية الثانية،
وبسبب وجود الفاصلة في نهاية كل واحدة من هذه التوصيات الست (بما في ذلك الأولى بنقطتها!). بينما تجنب الكاتب استخدام أية علامة ترقيم في أي من التوصيات بعد التوصية السادسة!
سادسا، الغش المحتمل في التاريخ في عنوان الوثيقة
نحن نتعامل مع كاتب محتال. في سياق برنامج وورد بمشكلاته التقنية.
ويمكن عن طريق الهندسة الاسترجاعية التمييز بين الآثار في النص بسبب الاحتيال وتلك التي سببها لوغريثمات البرمجة للاتجاهية الثنائية.
لكن ذلك يكون ممكنا فقط بإعادة طباعة نصوص مختارة من النص في حاسوبين مبرمجين بطريقتين مختلفتين
ومن ثم إجراء عدة تجارب لنعرف مسار عمليات الاحتيال بالكتابة وتداخلها مع المشكلة البرمجية. مما سيأتي وقته في المستقبل القريب.
فأكتفين هنا بتبيين مظان الاحتيال بالكتابة مما تفضحه آثار البرمجة. وهناك أمثلة إضافية:
(1) التلاعب في الصفحة رقم 1
نجد في الصفحة رقم 1 من الوثيقة آثار القص والنسخ واللصق.
مما ينبغي أن لا يكون ضروريا إذا كان الكاتب يرقن المحضر للاجتماع الأمني. فالنص مشحون بآثار القص والنسح واللصق والتعديلات والتحشير والمسح.
هنا في صفحة 1، انظر أن كلمة "التقارير" في السطر الثالث ليست تابعة للسطر الثالث عن "عرض إعلان باريس
...". وإنما هي توأم كلمة "الأنشطة" في السطر الرابع لتكون العبارة الصحيحة "التقارير والأنشطة" كعنوان جانبي تأتي بعده "تقارير عن تحركات الصادق ..." و تقارير الرصد والمتابعة ...".
وهناك كلمة "الأولوية" في نهاية البند عن "الانتخابات والحوار والتفاوض". بينما محلها في السطر الذي يليه: مشروع السودان الجديد، فهو الأولوية.
أما قائمة المشاركين في الاجتماع فمصطنعة أيضا.
لأن الكاتب نظم أسماء المشاركين في الاجتماع وفق تسلسل المقال الذي كتبه. وحيث هو لاحظ أن خدعته ظاهرة،
حاول التدليس عليها بطريقتين. أن يقلب الترتيب راسا على عقب. فيكون آخر المتحدثين في القائمة هو أولهم في المقال (مصطفى عثمان).
وأن يكون أول المتحدثين في القائمة هو آخرهم، بكري حسن صالح. وحيث وجد الكاتب أن خدعته ظاهرة،
سعى إلى التدليس عليها بأن أجرى بعض التغييرات الداخلية في القائمة. بأن جعل إبراهيم غندور رقم 7 بدلا من رقم 3 مثلا. وقلب ترتيب الفريقين باسم هاشم. وهكذا مما هو مفضوح.
فقد تم اصطناع القائمة بالأسماء في الصفحة الأولى بعد أن انتهى الكاتب من المقال.
لهذا نرى تكثر الأخطاء في هذه الصفحة الأولى بسبب الإرهاق من الاحتيال.فظهر اسم الفريق صديق عامر في قائمة الحضور على أنه "فريق صديق" هكذا دون الاسم الكامل. المثبت في جسد المقال.
وكله أعلاه يعضد بتضافر الأسباب الإثبات أن الوثيقة مصطنعة.
سابعا، التلاعب في الورقة الأولى، غلاف الوثيقة
على عكس ما فعله الأستاذ الفاتح الضو، أورد البروفيسور إيريك ريفز صورة الورقة الأولى في الوثيقة.
وهي عبارة عن خطاب "غير مكتوب" بتاريخ 1 سبتمبر 2014 من "اللواء أمن / عبد الوهاب الرشيد"،
بدون توقيع، موجها إلى "السيد.مدير هيئة الأمن المركزي فريق عثمان تاج السر". يلي ذلك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والورقة تدعي أنها من جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
ولكن لا يرد أي كلام من الراسل إلى المرسل إليه. غير:
مرفق
1/اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية
المشتركة
المنعقد بكلية الدفاع الوطني يوم
31أغسطس
3/اجتماع دعم حماس المنعقد بمقر هيئة علماء السودان
حيث لا يوجد المرفق رقم /2! بين رقم 1 ورقم 3.
وهذه الصفحة تعضد إثبات الاصطناع. من حيث مفارقتها للمعايير والضوابط في الكتابة من هذا النوع المدعى فيها.
وأرى أنها خرجت بهذه الصورة بسبب الكسل والإرهاق لدى الكاتب عميل جهاز الأمن.
ثامنا، ظهور الأعداد ملصوقة بالكلمات
شكل الأعداد محكوم باللوغاريتمات التي تجعلها تظهر من اليسار إلى اليمين على عكس اتجاهية الحرف العربي.
ولأن البيئة في حاسوب الكاتب كانت إنجليزية، نجد أن الأعداد تظهر صحيحة لكنها تلتصق بالكلمة على يسارها،
لا الكلمة على يمينها. وهذا نسق ثابت في الأغلبية الساحقة لأشكال ظهور العدد في الوثيقة.
وبما أنه توجد حالات قليلة لا نجد فيها هذه المشكلة التقنية، فإن ذلك يعني أنها كان تم نسخها من ملف الكتروني خارجي سليم بدون مشكلة وتم لصقها في نص الوثيقة فظلت صحيحة.
وهذه الأشكال الصحيحة القلية تشمل مثل:
"أحزاب المعارض كانوا 24 عندنا 17 "؛ ص 19: 1350 مقاتل؛ ص 21: ... و15 جهاد
فنقطة الإثبات هنا هي أن مجرد مفارقة بعض النصوص لأثار المشكلة التقنية التي لا ترحم، يثبت أن النص المفارق تم نسخه من ملف خارجي ولصقه في نص الوثيقة
. ذلك في غياب أي تفسير آخر سائغ، مثل الجهد اليدوي.
فأقدم أولا الأشكال التي تعكس المشكلة التقنية التحتانية. وفيها نجد العدد ملتصقا بالكلمة التي على يساره:
ص 1: "5ذو القعدة 1435هجرية" [لا توجد مساحة قبل "هجرية"]؛ بتاريخ31 أغسطس\2014
[أدخل الكاتب عميل الجهاز الشرطة المائلة ليفصل بين أغسطس والرقم لأن كل العبارة
كانت ستكوم ملتصقة المفردات]؛ 20إلى 25 (ص 1)؛ ص 3: 200مركز؛ ص 4: ب18 مليون؛ 1350من؛
ص 5: 25سنة؛ ص 6: عندنا 20وأحزاب الحكومة 80حزب؛ ص 9: 5مرات؛ ص 12: 20إلى 25وإعلان؛
30 شخص؛ 21يوم؛ ص 13: 2000جندي؛ ص 14: 2مليون؛ 4مليون
؛ 6مليون؛ 3مليون؛ 2000مدربين؛ 1350من؛ ص 17: 5أفراد؛ 2500مقاتل؛
ص 19: 20وإعلان؛ 1989ما؛ ص 20: 2مليون؛ 4مليون؛ ص 21: 20الف و15 جهاد؛ 40شركة؛ 2مليار؛ ص 24: 11اغسطس.
فلا شك في سيطرة المشكلة التقنية على جميع حالات الأعداد، فيما عدا القلة القليلة التي تتطلب تفسيرا. فإما كانت بالمعالجة القاسية للفصل اليدوي بين العدد والكلمة التي تليه، أو هي كانت منسوخة من ملف آخر؛ أو كان العدد مضافا لاحقا وكان الكاتب تحسب بأن وضع مساحتين بعده وقبل كتابته الكلمة اللاحقة.
فأخلص هنا إلى أن التجليات على سطح النص بسبب المشكلة التقنية التحتانية تكشف حركيات الكتابة الاحتيالية المتدبرة. في سعي الكاتب عميل جهاز الأمن إلى إنشاء الوثيقة إنشاء. بالإضافة والتعديل والتحشير والنسخ واللصق من الملفات الالكترونية الخارجية، وبإجراء محاولات يائسة للتعامل مع سيطرة المشكلة التقنية.
وألتفت الآن، في مسار إثبات الاصطناع، إلى الآثار اللغوية والخطابية في نص الوثيقة.
الفصل الثالث، الآثار اللغوية والخطابية التي تثبت اصطناع الوثيقة
أقدم في هذا الجزء البينات اللغوية والخطابية التي تثبت أن الوثيقة مصطنعة. وتشمل الآثارَ المايكروسكوبية الدقيقة المتروكة على سطح النص، والتعبيرات المكررة، والأساليب ذات الخصائص الأدخل في كتابة المقالات منها في لغة محضر الاجتماع، وغير ذلك.
أولا، التنصل والتملص من الإقرار بالإجرام والنذالة
قدمت في مقالاتي الست السابقة في سودانايل عن الوثيقة بينات وإشارات إلى حركات التملص والتنصل من أفعال النذالة والإجرام في الوثيقة. وقلت إن تلك البينات والمؤشرات تثبت متضافرة مع بينات أخرى اصطناع الوثيقة، وإنها تثبت أيضا، بالتضافر، أن المصطنع هو جهاز الأمن. المستفيد نظامه الفاسد من حركات التنصل والتملص من النذالة والإجرام.
وتتمثل حركات التنصل والتملص في أن الكاتب يقر على نفسه في نص الوثيقة بأفعال تنطوي على النذالة والإجرام واقتراف مخالفات أخلاقية وسياسية وعسكرية وأمنية. لكنه، في ذات الوقت، يزلق حركات لغوية ليتنصل عن مغبة اقتراف تلك الأفعال ويتملص منها. بأن يقدم تسبيبا قانونيا لها مثلا. وبأن يفسرها في تفاصيلها الدقيقة، ويبررها سياسيا واجتماعيا، وبأن يدافع عنها. وأحيانا يلغي مفعولها جزئيا. أو يدعي بأنه أصلا لم ينفذها. أو يقول إنها مجرد فكرة طارئة. وهكذا.
ومن الأمثلة للتنصل والتملص: (1) التهديد بتجويع "ناس الجيش الشعبي"، ثم إزلاق نصوص تبين أن القصد هو العسكريين لا المدنيين؛ والتهديد المغلف للسعودية بحجة تورطها في أفعال لإسقاط نظام الإنقاذ، ثم التملص من ذلك التهديد بالقول "واتفقنا كلنا أصلا ما نعمل أي شيء تجاه المملكة ..."؛ والتبجح بالعلاقات الوثيقة مع الحركات الإسلامية المتطرفة والإرهابية، ثم التملص بالقول عن الاستعداد للتعاون مع أمريكا ضد الإرهاب؛ وهكذا.
إن مجرد تكثر الهم بتفسير الأفعال ذات النذالة وسوء الأخلاق والإجرام، وتبريرها، يصب في اتجاه أن الوثيقة مصطنعة. لأنا نعرف أن أعضاء العصابة في اجتماعهم السري مع إخوتهم لا يمكن أن يكونوا منشغلين بإزلاق مثل الحركات المايكروسكوبية الدقيقة التي تجعلهم يتنصلون من تلك أقوالهم ذات النذالة أو تلك التي يمكن تكييفها كجرائم أو كأفعال غير أخلاقية.
وكان الكاتب عميل جهاز الأمن مدركا خطورة الوثيقة على نظام الإنقاذ. من حيث الإقرار بارتكاب الجرائم، منها جرائم الحرب. ومن حيث النذالة والاهتراء الأخلاقي في سلوكيات المسؤولين في الأجهزة العسكرية والأمنية في نظام الإنقاذ.
ذلك بشأن الاصطناع. وأما بشأن أن المصطنع للوثيقة هو جهاز الأمن،
فنعرف ذلك من الوقائع الظرفية ومن إعمال العقل للتفكر في كيفية دوران الحياة.فلو كانت الوثيقة حقيقية كمحضر لاجتماع أمني بين أفراد العصابة لما كانت وردت فيها عبارات التملص والتنصل والتفسيرات التفصيلية. وبالمثل، لو كانت اصطنعتها جهة معادية للإنقاذ لما فكرت هذه الجهة في إدراج مثل هذي عبارات التنصل والتملص من النذالة والإجرام. ولكانت الجهة المعادية تركت الإنقاذ تجرم نفسها بنفسها في الوثيقة دون تتنصل أو أن تتملص بالتسبيب أو بغيره من الحركات اللغوية والخطابية.
أي، لا يمكن أن تكون المعارضة وراء اصطناع الوثيقة. لأن المعارضة ما كان يمكن لها أن تزلق في النص عبارات تبرئ الإنقاذ من الأفعال التي ظهرت في النص إجرامية أو فظيعة ذات نذالة وقبح.
فإثبات اصطناع الوثيقة على هذا المستوى من مستويات الإثبات يتداخل مع إثبات مسؤولية جهاز الأمن من اصطناع الوثيقة، نيابة عن نظام الإنقاذ.
وفيما يلي أقدم الموضوعات الخطيرة التي قرأها كثيرون خطأ، كدليل منهم على أن الوثيقة حقيقية. وفي ذلك لم يتمكنوا من التقاط الحركات اللغوية في النص المعبرة عن التملص والتنصل من النذالة والإجرام.
وتشمل هذه الموضوعات ذات الخطر: التهديد بقتل المتظاهرين؛ الإقرار بتجويع "ناس الجيش الشعبي"؛ الإقرار بالعلاقات الخبيثة المقاصد مع الحركات الإسلامية والمتطرفة والإرهابية بما فيها الأخوان المصريون؛ دعم المتمرد رياك مشار في جربه ضد حكومة جنوب السودان؛ التهديد بإيران؛ تهديد السعودية؛ تهديد مصر؛ الإقرار بوجود شركات الأمن في دول العالم المختلفة.
(1) التهديد بقتل المتظاهرين
هددت الإنقاذ في الوثيقة بتقتيل المتظاهرين، إن خرجوا يحتجون ضد نظامها. لكنها قدمت في الوثيقة الأسباب "الموضوعية" و"القانونية" للتصدي للمتظاهرين بتاعين "الفوضى" الرافضين للانتخابات وفرص الحوار.
قال مصطفى عثمان، المفترض،إن "تكاليف التداعيات المصاحبة لأي محاولة لإسقاطنا مكلفة وباهظة الثمن وان [مَن] يُقدِم عليها أو يخرج يظاهر بها يدفع حياته ثمنا لها، لذا الفرصة الموجودة عندنا هي الحوار المفضي لاتفاق لقيام الانتخابات ...".
فواضحة لفلفة الكلام. لأن عبارة "دفع الحياة ثمنا"، وهي الرسالة المقصودة، تم تغليفها ووصلها بما قبلها من حديث مبهم عن "التداعيات المصاحبة"، وبما بعدها بأن الإنقاذ تقدم غصن الزيتون المتمثل في "الحوار" و"الانتخابات".
وجاء في الأقوال المنسوبة لعبد الله الجيلي، منسق عام الدفاع الشعبي المفترض: "وأي [واحد] يتلاعب أو داير يظاهر يضرب بالنار".لكن الكاتب عميل جهاز الأمن خفف من حدة هذا التهديد الخطير. بأن قدم له التفسير القانوني والسياسي.بالإضافة المباشرة في النص أن"أمن البلد خط أحمر". وربط تهديدات الشباب المتظاهرين بأنها خيانة: "الداير مشروع السودان الجديد يمشي الجنوب عشان مستوى مشروعهم".
أي، إن البلد مهددة من قبل مشروع خاص بدولة أجنبية هي جنوب السودان، وإن أصحاب المشروع المتمردين عملاء للدولة الأجنبية. وجاء في النص كلام عن دور ياسر عرمان في الاتصال بالشباب والنساء للتحريض على المظاهرات. يعني عمالة للتمرد وبالمنطق، يصح ضربهم بالنار!
وجاء على لسان عبد الرحيم محمد حسين، المفترض، وزير الدفاع "وتعليماتنا أي مظاهرة أو تجمع أو تخريب الضرب بالنار". لكنه لم يتركها هكذا إجرامية ونذلة. بل أزلق مباشرة في النص ذات العبارات الانسحابية من نوع التسبيب القانوني المفصل والدقيق والمقنع قضائيا لتبرير قتل المتظاهرين:
".والقوات المسلحة والأمن في استعداد من الآن لحماية الانتخابات وتعليماتنا أي مظاهرة أو تجمع أو تخريب الضرب بالنار لأن تخريب الانتخابات واستهداف مؤسسات الدولة ورد في تصريحاتهم وبياناتهم الداعية لإسقاط [النظام] بالحرب أو التظاهر كل جريمة وتمرد ضد الدولة ومحاولة لتقويض النظام وإثارة الفوضى وعندنا تجربة سبتمبر لما ضُربوا بالنار وقفوا أي تصريح أو تحرك أو كلام عن العمليات العسكرية الجارية والجاية جريمة ويجب التعامل معها بالحزم الفوري".
فليست هذه لغة الاجتماع مع أعضاء العصابة. حيث لا يتم توخي الحذر بشأن كل قول يتعلق بالإجرام. مثل التصريح بأن التعليمات صدرت منه وزير الدفاع بضرب المتظاهرين بالنار.نعم، هذا تحديدا ما تقصده الوثيقة: ستضربون بالنار. وهو تهديد الشباب من مغبة التظاهر ضد الإنقاذ في سياق خطتها للانتخابات.
لكن كاتب الوثيقة عميل جهاز الأمن توخى الحذر. فقدم التبرير الكافي لقتل المتظاهرين. في العبارة: "لأن تخريب الانتخابات واستهداف مؤسسات الدولة ورد في تصريحاتهم وبياناتهم الداعية لإسقاط [النظام] بالحرب أو التظاهر".
(2) التهديد بتجويع ناس الجيش الشعبي
من أشهر النصوص في الوثيقة ذلك النص ذو النذالة والإجرام المنسوب إلى صديق عامر المفترض مدير الاستخبارات والأمن:
".وهذا العام ناس الجيش الشعبي زرعوا أراضي كبيرة بجنوب كردفان .يجب أن نسمح لهم بحصاد هذه الزراعة لابد من منعهم .لأن الحصاد يعني تشوين للحرب .وكلما جوعناهم .استسلم منهم قيادات وهروب مواطنين .ممكن نستفيد منهم في ملاحقة المتمردين"
وفهم كثير من القراء هذا النص بصورة صحيحة. بأن تلك هي سياسة الإنقاذ لها تاريخ متصل الحلقات وتلك هي نذالة القائمين على أمرها. وكيفوا الفعل على أنه جريمة حرب، وفق نظام روما الأساسي والمحكمة الجنائية الدولية.
لكن هؤلاء القراء لم يقرأوا الحركات اللغوية المزلقة خلسة في النص للتنصل والتملص من الجريمة ومن النذالة.مثل الإبهام في عبارة "ناس الجيش الشعبي". تشمل العسكريين والمدنيين. ثم نرى التنصل من ذلك بتخصيص الإشارة إلى "القيادات". وحذف أداة النفي لا في جملة "يجب أن نسمح لهم بحصاد الزراعة". بينما يبقى المعنى الأصلي مضمونا من سياق النص.
فتقول الوثيقة خلسة إن الإنقاذ تقصد العسكريين بالتجويع، لا المدنيين. مما يعني عدم وجود جريمة حرب!
(3) العلاقة مع الجماعات الإسلامية والمتطرفة والإرهابية ومع الإخوان المسلمين المصريين
تنطوي الوثيقة على نصوص واضحة تعبر عن حالة تباهي نظام الإنقاذ بالعلاقات مع الجماعات الإسلامية والمتطرفة، وبقاعدة البيانات عن الجماعات الإرهابية، وبالسيطرة على الإخوان المسلمين المصريين. ذلك، في السودان وخارجه.
لكن الذي يتضح هو الحذر والحيطة من مغبة المبالغة في الهذيان بهذه العلاقة الخاصة مع تلك الجماعات. خوفا من صاروخ كروز أو قصف جوي لأغراض التأديب. فأزلق كاتب الوثيقة نصوصا متكثرة تتنصل وتتملص عن أية خصائص إجرامية أو داعمة للإرهاب أو ضد أمريكا أو دول الخليج أو ضد مصر. في سياق علاقات سلالة الإنقاذ بتلك الجماعات.
بل تؤكد الوثيقة أن علاقة الإنقاذ بهذه الجماعات تتسم بالمسؤولية وبالعقلانية. لكن كثيرين لم يقرأوا هذه التأكيدات الخجولة الخافتة. لأنها كانت مزلقة خلسة في عبارات متناثرة وفي حركات لغوية انسحابية مضمنة بين تلافيف التباهي والتهديد باستخدام الحركات الإسلامية بأشكالها ضد الخصوم.
فبقي التهديد هو الأوضح، في النص. وظلت آثار الانسحاب والتنصل والتملص معتما عليها في سياق تكثر كلام الوثيقة.
فالنص في الوثيقة يميز بصورة في غاية الوضوح بين الحركات "الإسلامية"، من جهة، والحركات "الإرهابية"، من جهة أخرى. وتميز الإنقاذ أكثر فبقول إن لديها "علاقات" مع الحركات الإسلامية. بينما عندها "قاعدة بيانات" هي الأفضل في العالم عن الحركات "الإرهابية". وتقول إنها تتابع الإخوان المسلمين المصريين وترصد حركتهم وتتجسس عليهم، وعندها داتا كاملة عنهم، لكن "فيهم الكويسين". فالتنصل يخاطب الخائفين والجماعات موضوع الخوف!
تقول الوثيقة إنه لا خطر من الجماعات الإسلامية، بما فيها المتطرفة. "لأنها مرصودة"، وتعمل تحت إشراف الدولة: "بندير علاقتنا معها عبر الدولة إنما عبر واجهات اجتماعية".
وحين اندرجت الإنقاذ في الهذيان بالجماعات الإرهابية، قالت برَّاحة إن الأمر لا يتعدى قاعدة بياناتها الرهيبة عن الإرهابيين. ولمزيد ضمان أن أمريكا لن تتعجل فترسل إليها صواريخ كروز، قالت الإنقاذ "وحتى أمريكا تعاونا معهم في مكافحة الإرهاب ...". ثم أضافت مباشرة، ولكي لا تتهم بالعمالة، "مقابل إيقاف دعمهم للحركات المسلحة وعدم الوقوف [ضدنا] في المحافل الدولية" (ص 11 الفريق يحيى محمد خير وزير الدولة للدفاع).
وحين جاء منها التلويح بكرت "الأخوان المسلمون المصريون"، قالت الإنقاذ إنها ستراقبهم، وبعدين يا جماعة فيهم ناس كويسين. وقالت إنها تريد تعاون مصر معها "مقابل منع الأخوان المسلمون من مهاجمة المصالح المصرية". (ص 11). ثم فصلت القول: "وأن يلعب السيسي دور في تحسين علاقات السودان بدول الخليج مقابل الأمن لمصر من جماعة الإخوان المسلمين وإجراء مصالحة مع الإخوان والنظام بإيجاد تهدئة للمواجهات في الوقت الراهن." (ص 12)
وقال بكري حسن صالح عن هؤلاء الإخوان المسلمين المصريين:
"والإخوان المسلمين وزعوه ما يقعدوا مع بعض ومناطق الخرطوم وبعيد عن المنشآت الحيوية وراقبوه لأنه فيهم اختراق من دول كثيرة وعندك داتا كاملة يا عطا عنهم وجمعناها منذ أيامي في إدارتي للجهاز. لكن فيهم الكويسين. أهم تراقبوهم للحماية والمعرفة وأدوهم شرائح مبرمجة مع جهر التنصت عشان تعرفوهم أكتر هم ضيوف وتركيا بدفع ليهم" (ص 25).
فيتحدث نائب رئيس الجمهورية بلسانين: واحد إلى مصر والآخر للإخوان المسلمين.
وجاء في الوثيقة استعراض الإنقاذ بالجماعات الإسلامية. قصد تبليغ رسالة إلى الجبهة الثورية. مقصود به أيضا الجبهة الثورية وفئة الشباب المدنيين. فقد جاء في الوثيقة أن الإنقاذ مستعدة لاستخدام هذه الجماعات الإسلامية ضد خصومها:
"ونحن ممكن نجيب كل الحركات الإسلامية تقاتلهم بس نقول لهم ديل عملاء أمريكا. وممكن نفتنهم مع التطرف عشان يعرفوا مستواهم".
وقد قفز كثيرون من القراء وسنوا أقلامهم: شوفوا قالوا شنو!
لكنهم لم يقرأوا الجملة الانسحابية المباشرة التي أزلقها الكاتب عميل جهاز الأمن في النص: "هذا كرت لم نستخدمه الآن".
ومن الاستحالة أن يفكر شخص غير الكاتب عميل جهاز الأمن في ضمان تسجيل مثل هذا الانسحاب الواضح من القصد الإجرامي.
وما دامت الإنقاذ لم تستخدم هذا "الكرت"، من بين كروتها المتعددة، فلا يتم تجريمها على مجرد التفكير والتخيلات والأماني.
والمصريون "حتى الآن لم نتعامل معهم بالمثل" (ص 20، عبد الرحيم محمد حسين)
(4) التهديد بدعم قوات رياك مشار
قال وزير الدفاع المفترض إنه "لابد لنا الاستفادة من الكروت الكتيرة ضد الجنوب ونديهم درس لن ينسوه" (ص 20 عن موضوع دعم رياك مشار). وجاء في الوثيقة التهديد بدعم رياك مشار بالدبابات والأسلحة والتدريب.
لكن الوثيقة تنصلت عن ذلك حين قالت إن الأمر كله تمخض عن "استضافة مكتب اتصال" في الخرطوم لرياك مشار. وفسروا الخطوة على أنها الرد على سلفاكيير "مستضيف توربورا والفرقتين" (نهاية ص 24). يعني حركة بس، واحدة بواحدة.
(5) التهديد بإيران
هددت الوثيقة كثيرا بعلاقتها بإيران. لكن الكاتب عميل جهاز الأمن أسهب في شرح مشروعية هذه العلاقة. إن العلاقة استراتيجية. وإن الإسلام يجمع "الثورتين". وإن إيران ذاتها تحتاج الإنقاذ في سياق سياسة المحاور.
(6) تهديد السعودية
أتهمت الوثيقة السعودية بأنها دعمت إسقاط نظام الإنقاذ، وجاء فيها أن السعودية أفصحت عن رغبتها في "انقلاب بقيادات إسلامية"، مما يستدعي الرد. بالإيحاء أن ذلك ربما يكون بالحركات الإرهابية والمتطرفة والإسلامية.
لكن، لأغراض التنصل والتملص، قال صديق عامر المفترض مدير الاستخبارات والأمن إنهم بعد أن اكتشفوا المخطط السعودي: "اتفقنا كلنا أصلا ما نعمل أي شيء تجاه المملكة ونعكر العلاقة طالما نحن مسيطرين على الوضع" (ص 9).
(7) تهديد مصر
وجاء في الوثيقة تهديد للمصريين الذين كانوا دعموا إسقاط النظام. لكن وزير الدفاع عبد الرحيم قال: "حتى الآن لم نتعامل معهم بالمثل".
(8) شركات الأمن
سجلت الوثيقة الإقرار بوجود شركات الحركة الإسلامية والأمن الشعبي والأمن العام برأسمال يفوق 2 مليار. لكن عبد الرحيم محمد حسين قدم تفسيرات وتبريرات: "فكرنا فيها منذ الأيام الأولى للثورة لأن المحافظة على قطاع الأمن أولية ويحمي مؤسساتنا وما يتأثر عملنا بالوضع الاقتصادي". يعني تفسير منطقي عملي ومعقول!
فالخلاصة من أعلاه هي أنه لا توجد أية جهة، غير حكومة الإنقاذ، لها مصلحة في تسجيل أنواع التنصل والتملص من الإجرام والنذالة أعلاه في نص الوثيقة. بشأن عدة موضوعات جوهرية. بتلك الطريقة الغرضية.
وهكذا قد يكون أمرا معقدا أن نجد في الوثيقة ما يجرِّم الإنقاذ بصورة واضحة أو نهائية. بل إن كاتب الوثيقة اجتهد وأزلق في نص الوثيقة حركات لغوية مايكروسكوبية دقيقة يبرئ فيها الإنقاذ من أفعال الإجرام والنذالة. بالتسبيب القانوني، وبالتنصل والتملص من الأقوال التجريمية، وبالتبرير، والشرح، والتفسير، وبتقديم شتى أنواع الحجج.
فيصبح الأمر عملية دفاع عن النفس مشروعة. ربما بطرق غير أخلاقية. مما كذلك مشروع في سياق الدفاع عن النفس. ولا ننس أن أعضاء العصابة قالوا متصنعين الخوف إنهم يخشون من تقديمهم إلى المشانق!
ثانيا، تكرار عبارة "وخاصةً.." في عدة مقالات في الوثيقة
توصلتُ بتفكيك الوثيقة إلى أن كل واحد من المتحدثين الأربعة عشر أعضاء العصابة المفترضين كان يدعم ادعاءاته، وأغلبها كاذبة، أو من نوع الهراء والهذيان، باستدلالات مكثفة. لا يترك أي ادعاء ذا شأن دون أن يحاول دعمه بدليل، أو بحجة إضافية، أو بشرح، أو بتسبيب. فلكأن المجرم يقول خذوني.
ووجدت، على سبيل المثال، أن أغلبية المتحدثين كانوا يستخدمون تعبيرا بعينه. "وخاصةً". لتسبيب ادعاءاتهم ودعمها. وهو تعبير يشير إلى فرادة ما سيأتي من إخبار وإلى تعلقه بما كان تم الإخبار به.
..
إن "وخاصةً/خاصةً" عبارة مفتاحية لإعداد القارئ للإخبار المفحِم بوقائع جديدة ستأتي بعد العبارة المفتاحية مباشرة. وفيها الردعلىكل تشكك بشأن ما كان تم الادعاء بهسبقا في النص. ويغزر تعبير "وخاصةً" الصورة التي يريد رسمها المخاطِب. وكأنه يذكِّر المستمعين بلزامة أن يركزوا على ما سيأتي بعد "وخاصةً".
ليس هذا التعبير "وخاصةً" التركيب الوحيد في اللغة العربية للمحاجة من هذا النوع. فهنالك عدد كبير من التعبيرات البديلة يختار من بينها الكتاب. ولكل كاتب أسلوب مختلف للتعبير عن التسبيب والشرح وتغزير الصورة المنشودة المقصودة. فأستخدمُ تعبيرات مثل، "تحديدا لأن ..."، "لاحظ"، "انظر"، "فلنتفكر في"، "علما"، "ونحن نعرف أن ..."، "لأن ...."، "بالإضافة إلى"، "عشان"، "طبعا لأنو"، "يجب أن لا ننس"، و"خاصةً" ذاتها، وهكذا.
لكن المدهش، والمفهوم، الذي يثبت أن الوثيقة مصطنعة. هو أن تسعة أشخاص من بين المتحدثين الأربعة عشر في الوثيقة كانوا مْعلِّقين في تعبير "وخاصةً". مما يثبت بصورة نسقية، في معية بينات أخرى متضافرة، أن الوثيقة كتبها شخص واحد. هو عميل جهاز الأمن. الذي يحب التعبير "وخاصةً/خاصةً".
وفيما يلي أقدم جميع استخدامات "وخاصةً/خاصةً" التي وردت في الوثيقة. وذلك يسهم في الإثبات أن المتحدث هو الكاتب الوحيد. عميل جهاز الأمن. يخادعنا بأنه أربعة عشر حراميا يتحدث كل منهم بلهيجته المختلفة. بينما اللهيجة الوحيدة المستخدمة في الوثيقة هي لهيجة الكاتب عميل جهاز الأمن.
لاحظ أني أضع العبارة المفتاحية المستخدمة بين قوسين معقوفين [وخاصةً ....]
مصطفى إسماعيل:
(1) لدينا أزمة اقتصادية تحتاج لمعالجات جذرية .... . [وخاصةً أننا مقبلون على انتخابات وحوار وطني]؛
(2) هذا ولَّد العديد من المشاكل وسط المجموعات الإسلامية المتطرفة [وخاصةً نحن عندنا تيارات سلفية ...]؛
(3) وإيران ... ممكن ترفض التلويح لدول الخليج بعلاقات جيدة [وخاصةً السعودية خايفة من الوجود العسكري الإيراني
فريق أمن صلاح الطيب:
(4) يجب أن نفصل بين علاقتنا الأمنية مع إيران وأن لا تتأثر مع السعودية والإمارات دبلوماسيا وأخويا [وخاصةً بعدما ظهرت على السطح سياسة المحاور]؛
عبد القادر محمد زين منسق الخدمة الوطنية:
(5) لابد نشاور إيران وكل جماعاتنا الإسلامية. [وخاصةً بأن العلاقة مع المملكة غير مضمونة]؛
(6) والمصريين مضطرين لعلاقة [خاصةً بعد انتصار الإسلاميين في معركة طرابلس ووجود مشكلة مع ليبيا]؛
فريق أمن الرشيد فقيري:
(7) وإعطاء وظائف لناس الشرق [خاصةً أن سيد أبو آمنة ضعيف ..]؛
(8) ولابد تجيبوا أبوكم [وخاصةً إنو أصبح كبير في العمر]؛
فريق صديق عامر مدير الاستخبارات والأمن:
(9) ... ونحن باستطاعتنا نعرف كيف نضلل دول الخليج بإجراءات علنية [وخاصةً ديل وراهم أمريكا وإسرائيل وخايفين من علاقتنا مع إيران ...]؛
فريق يحيى محمد خير:
(10) وكل دول الخليج معلوماتَ عن الجماعات الإرهابية ضعيفة [خاصةً الموجودين بليبيا والصومال ونيجريا ومالي
فريق ركن عماد الدين عدوي:
(11) "قواتنا المشتركة مع تشاد في أفضل الأحوال وليبيا حدودهم آمنة [خاصةً بعد انتصار حلفائنا بطرابلس قوات فجر ليبيا]؛
الفريق أول محمد عطا مدير جهاز الأمن:
(13) وتجنيد كل الشباب القادرين في الدعم السريع [خاصةً بأن المرتبات أصبحت عالية]؛
إبراهيم غندور نائب رئيس المؤتمر الوطني:
(14) إيقاف الحرب الأهلية بولايات دارفور وكردفان برضو مؤثرة في الاقتصاد [خاصةً المواشي].
..
فيتضح النسق الأسلوبي في استخدام العبارة المفتاحية "وخاصةً". في لغة المتحدثين المختلفين المفترضين في الوثيقة. مما يشير في اتجاه المجرم. الكاتب عميل جهاز الأمن. الكاتب الوحيد. عايز يغشنا إنو في اربعتاشر حرامي بيتكلموا في اجتماع أمني حقيقي، وقال لينا دا المحضر بتاع اجتماعهم.
هذا الأسلوب بعبارة "وخاصةً" مثال واحد فقط من بين عدد كبير من الأمثلة التي تبين أن الأربعة عشر حراميا المفترضين يستخدمون أسلوبا لغويا واحدا، هو أسلوب الكاتب السوليتير عميل جهاز الأمن، المحتال. لديه عدة تعبيرات استراتيجية أختار بعضها لغرض التوضيح.
والذي يحدث هنا هو أن الكاتب المحتال لا يستطيع التحكم في لغته. خاصة في أدوات الربط الخطابي وفي الخيارات النحوية. ونجاحه الوحيد قد يكون في مجال "الأسماء". فقد يتجنب بنجاح بعض الأسماء مثلا. كأن يقمع بصورة كاملة عبارة "العبيد" ليضع مكانها "المتمردين" مثلا. لكن الأدوات غير قابلة للقمع. وهي جزء من اللاوعي اللغوي.
..
ثالثا، تكرار الخطأ في عبارة "أَمَّا ... فَ ..." في عدة مقالات في الوثيقة
"أما كذا، فَكذا". هذا تعبير استدراكي. يُستخدم للربط بين ما سبق ذكره وما سيأتي بعده في ذات النص.
هنا، يستخدمه الكاتب عميل جهاز الأمن في الوثيقة مرتبطا بموضوعات محددة. يريد الكاتب إقحامها إقحاما. لأن الوثيقة مفبركة. والكاتب لديه موضوعات في قائمة. إيران، الشيعة، السعودية ودول الخليج، الحركات المسلحة، الصادق، إلخ. وهو لا يريد أن ينسى أي موضوع حين يكون منهمكا في فبركة خطاب لأحد المتحدثين المفترضين في الاجتماع الأمني الذي لم يكن.
لكن مسار النص لا يسعف الكاتب المحتال، أحيانا.فيلجأ إلى "أَمَّا"، بمعنى الالتفاتة: "يا جماعة، بعدين الموضوع داك أنا ما نسيتو، وهسي أنا جاي ليهو"!
فانظر الأمثلة أدناه لاستخدام "أمَّا" في الوثيقة. علما أني حاولت أن أستقصي جميع حالات استخدام "وأمَّا/أمَّا" في نص الوثيقة.
كذلك لاحظ أمرين بشأن استخدام "أمَّا" في الوثيقة:
(1) لا يستخدم الكاتب الأداة الأسلوبية الصحيحة لغة. وهي "أمَّا .... فَ ....".
حيث لا نجد "ف ..." عند أي واحد من السبعة المتحدثين أعضاء العصابة المفترضين الذين استخدموا التعبير.
ونعلم أنه لا يمكن أن يُجمعوا كلهم السبعة على هذا الخطأ الأسلوبي بحذف الفاء للمواصلة. علما أن البنية "أمَّا كذا فكذا" من الأساليب القرآنية المعروفة. ونجد "أمَّا كذا ..." متبوعة بالفاء في جميع الأحوال الصحيحة لاستخدام اللغة العربية.
وبالرغم من أن العامية عند المتعلمين تقبل التباين، إلا أنها تميل إلى إثبات الفاء: "أما كذا فكذا".
(2) يرد تعبير "أما" فقط في الإشارات إلى موضوع الشيعة، وموضوع إعلان باريس والصادق المهدي، وموضوع "التمرد".ولعل ذلك بسبب قائمة الموضوعات المكلف بالكتابة الاحتيالية المتدبرة عنها الكاتب عميل جهاز الأمن. فيستخدم "أما" ليستدعي الموضوعات من القائمة أمامه ويدرجها في نص الوثيقة عند كل مخاطِب مفترض يختاره.
فلا يوجد مثال واحد في نص الوثيقة استخدم فيه أي من السبعة أعضاء العصابة المفترضين حرف الفاء مع التعبير الذي يبدأ ب "أما":
وأَضعُ في الأمثلة أدناه، بين معقوفين، حرف الفاء المحذوفة، [فَ]، عند كل مخاطِب من أفراد العصابة.
مصطفى إسماعيل:
(1) "وأما اجتماعات أديس أبابا مع الحركات المسلحة [ف] هي علاقات عامة."
(2) "أما فتح مراكز ثقافية في أكثر من 200 مركز لنشر الدعوة الشيعية [ف] هذا ولَّد العديد من المشاكل."
والصحيح هو "وأمَّا اجتماعات أديس أبابا مع الحركات المسلحة فَهي علاقات عامة." وهكذا بالنسبة لجميع النصوص،بتثبيت الفاء.
حاول أن تقرأ الجملة بدون الفاء، كما وردت في نص الوثيقة عند جميع مستخدميها السبعة. ستجدها عامية ركيكة وغريبة. والنقطة الأساسية هي انعدام مجرد التباين في استخدام "وأما ... ف ..." عند المتحدثين المفترضين السبعة.
فريق أمن صلاح الطيب:
(3) "أمَّا تحركات الحركات المسلحة والإمام [ف] قالوا المودِّر بفتح خشم البقرة."
(4) "وأمَّا دانيال كودي [ف] استطاع يجيب ضباط وجنود وعنده ناس لسع جوة الجبال ..."
فريق أول هاشم عبد الله محمد رئيس هيئة الأركان:
(5) "أمَّا المد الشيعي وأثره علينا [ف] كل اتفاقياتنا مع إيران ما فيها ربط بين هذا وذاك ولكن ..."
الفريق أول محمد عطا مدير جهاز الأمن:
(6) أمَّا موضوع التشيع [ف] الأمن الديني لديه كل شخص متشيع ومرصودة كلها ...
(7) "أمَّا إعلان باريس وكل اجتماعات التمرد[ف] عبارة عن عمالة مدفوعة الثمن"
عبد الرحيم محمد حسين:
(8)"وأمَّا تحركات التمرد مع الصادق المهدي. [ف] ما عندنا ما نخافه بعدما اتهموني بالجنائية تاني مافي حاجة أظن."
(9) "أمَّا تحركات [ف] ما بتهمنا كتير"
غندور نائب رئيس المؤتمر الوطني:
(10) "وأمَّا الحركات [ف] ما بتجي سقفها للحوار عالي .."
بكري حسن صالح:
(11) "وأمَّا الصادق المهدي [ف] أولاده معنا وكلما الزمن طال الصادق بتملل ..."
...
ففي جميع حالات استخدام التركيب الأسلوبي "أما كذا فكذا"، لا نجد أيا من المتحدثين المفترضين السبعة يستخدم التركيب اللغوي الصحيح بالفاء. جميعهم كرروا نفس الخطأ الأسلوبي، بحذف الفاء. وذلك يعني أن الكاتب لابد واحد، ذلك المحتال عميل جهاز الأمن.
وأرى أن الكاتب عميل جهاز الأمن يعرف جيدا التركيب الأسلوبي "أمَّا كذا فكذا" من اللغة العربية الفصحى، ومن اللغة القرآنية. لكنه ربما ظن أن العامية لا يمكن أن تستخدِم الفاء الفصيحة. فمسح الفاء من جميع الاستخدامات للتركيب. في سعي منه للتدليس بإعمال الركة في اللغة. بينما الواقع اللغوي في العامية يقبل التباين بين تثبيت الفاء وحذفها. والتباين اللغوي يحدث حتى على مستوى المتكلم الفرد. لكنه منعدم هنا. بتثبيت التعبير الخطأ في كل الحالات، بدون الفاء.
رابعا،تكرار استخدام أسلوب القائمة الكاملة ذات التفاصيل
من غير الطبيعي أن يندرج المتحدث في اجتماع مع أعضاء عصابته في رصجميع مفردات "القائمة" في الموضوع الذي يتحدث عنه في نصوص الفقرات.
نعلم أن في داخل كل موضوع توجد قائمة موضوعات أصغر، في داخل كل واحد منها موضوعات أكثر صغرا، وهكذا.
وعادة، يميل الشخص المتكلم في الاجتماع إلى تقديم بعض المفردات في القائمة الموضوعية، لا كلها ولا أغلبها.حين يريد التدليل على نقطته الموضوعية. ويترك لأعضاء العصابة العارفين أن يتعاونوا معه في فهم كلامه في الاجتماع المحدود الوقت. فيكملون القائمة في أذهانهم، أو يعرفون أن القائمة الكاملة، أو شبه الكاملة، موجودة في التقارير المكتوبة أصلا والمتاحة لهم جميع أعضاء العصابة.
..
تَظهر الوثيقة لنا وهي تخاطب أشخاصا وكيانات خارج اجتماع العصابة المزعوم. مثل: الجبهة الثورية بحركاتها المسلحة، والمعارضة الحزبية، والشباب، ودول الخليج، ومصر، وأمريكا، والحركات الإسلامية، وحكومة جنوب السودان، وغيرهم. أحيانا بشأن موضوعات تهم بالدرجة الأولى أولئك الأشخاص والكيانات خارج قاعة الاجتماع المزعوم. ولا تهم كثيرا أعضاء العصابة المفترضين في الاجتماع المفترض.
..
وعليه، لا مناص من أن يكون ذلك الخطاب الموجه إلى هؤلاء خصوم الإنقاذ مكتملا. بجميع مفردات القائمة. أو أغلبها. ومن ثم، يسيطر على نص الوثيقة أسلوب القائمة الكاملة المفردات.
ولا يتسق أسلوب "القائمة الكاملة وشبه الكاملة" مع لغة الاجتماع بين أعضاء العصابة. اللغة المختصرة المعتمِدة على المعرفة المشتركة والمعرفة السبقية عن ذات الموضوع. لابد دارت بشأنه اجتماعات سابقة ومكاتبات داخل الشبكة الإجرامية بين الأمنيين والعسكريين والسياسيين.
..
فأقدم هنا أمثلة لأسلوب "القائمة" في نص الفقرة المسترسلة في الوثيقة. الأسلوب الذي استخدمه كل واحد تقريبا من أعضاء العصابة المفترضين في الاجتماع المزعوم. وذلك يدعم الإثبات أن الوثيقة مصطنعة كنص "مكتوب" أصلا كمقال. لا علاقة له بلغة الاجتماعات الشفهية أو محاضرها المكتوبة.
ونعرف من التجربة أن القائمة المكتملة المفردات، بطبيعتها، من خصائص "الكتابة". ولا تكتمل القائمة إلا في سياق "الكتابة". لأن الكاتب يمكنه مراجعة النص، ومراجعة نصوص أخرى ومصادر. وشحذ الذاكرة. لأجل سد الفجوات في السلسلة، ولإكمال مفردات القائمة.
أقدم فيما يلي بعض القوائم الموضوعية في الأقوال المنسوبة إلى بعض أعضاء العصابة المفترضين في الاجتماع المفترض. ويمكن للقارئ أن يبحث عن بقية القوائم في الوثيقة لأنها كثيرة لا حصر لها. وسيجدها القارئ بسهولة. حين يقرأ النص بعدسة اكتشاف المفردات التكوينية في القائمة.
(1)قائمة الجماعات الإسلامية
خذ مثالا الكلام في نص الوثيقة عن "الجماعات الإسلامية" (صديق عامر، صفحة 10). تجده موجها بالدرجة الأولى إلى أمريكا ودول الخليج ومصر. وبصورة أقل تجده موجها إلى الحركات المسلحة ("ونحن ممكن نجيب كل الحركات الإسلامية تقاتلهم [المتمردين] بس نقول ليهم ديل عملاء أمريكا" –هاشم عبد الله رئيس هيئة الأركان المشتركة، نهاية صفحة 15).
إي، إن الكلام في الوثيقة ليس موجها إلى أعضاء العصابة المجتمعين. فهم أصلا يعرفون الكثير عن هذه الحركات الإسلامية، ولابد ناقشوها في اجتماعات سابقة للجنة الأمنية العسكرية المزعومة.
فنجد في نص الوثيقة أن الكاتب عميل جهاز الأمن يندرج في "مونولوج". لكنه يوجهه إلى الدول المهمومة بالجماعات الإسلامية. ثم يقدم القائمة الكاملة لهذه الجماعات. لا يستثني منها فيما أرى إلا جماعة بوكو حرام، لسبب.
قدم الفريق صديق عامر المفترض، مدير الاستخبارات والأمن، هذه القائمة ذات التسع أو الثمان وحدات في فئة "الجماعات الإسلامية" (صفحة 15):
[الرقم المتسلسل للمفردة في القائمة بين قوسين معقوفين مضاف، للتسهيل للقارئ لفهم "القائمة"]
"كلامي النشاط الديني الشيعي ممكن يعمل فتنة خاصةً مع وجود [1] حركات سنية سلفية و[2] أخوان مسلمين و[3] أنصار سنة و[4] انصار شريعة و[5] أهل الكتاب و[6] الهجرة والتبليغ و[7] جماعة حزب التحرير و[8] دولة الخلافة و[9] أنصار الدعوة. ونحن ما دايرين تصادم ممكن نخسر الاتنين. ....".
فالمتحدث في اجتماع أمني دوري لا يتوقع منه أن يرهق زملاءه العارفين وكلهم بتاعين استخبارات وأمن وعصابات بنوع هذه التفاصيل المملة. لم ينس الفريق أمن المفترض إلا جماعة بوكو حرام. وهذا الحذف لبوكو حرام من القائمة في النص من قبل الكاتب عميل جهاز الأمن مؤشر إضافي على أن جهاز الأمن هو الذي اصطنع الوثيقة.
فلو كانت جهة معادية، في المعارضة، هي التي فبركت الوثيقة لكانت جابت بوكو حرام في البداية. ولكانت قالت إنو زوجة القائد بتاع بوكو حرام كانت بتقرأ في جامعة أفريقيا العالمية. ولكانت جابت سيرة النيجيري الطالب في جامعة افريقيا العالمية المتهم بالتفجير الذي قتل أكثر من سبعين شخصا في موقف الحافلات في نيجريا. ولَما كانت الجهة المعادية للإنقاذ أزلقت في النص عبارات متكثرة للتنصل والتملص في نهاية الفقرة، بمثل تلك العبارة " ونحن ما دايرين تصادم ممكن نخسر الاتنين".
فالقائمة الكاملة أو شبه الكاملة من خصائص "لغة الكتابة". على عكس "لغة الاجتماعات". لأن الكاتب لديه الوقت الكافي للمراجعة لإكمال مفردات القائمة. ولأنه بإمكانه النظر في المراجع لإكمال القائمة بالمفردات الناقصة. فالوقت في صالحه.
أما الشخص في اجتماع،فلا يتمكن أصلا من تذكر جميع مفردات القائمة. وحتى إن أسعفته ذاكرة خرافية أو كانت أمامه القائمة المكتوبة، فإنه لا يميل إلى تقديم القائمة الموضوعية كاملة.لتجنب تسبيب الملل لأعضاء العصابة العارفين بكل المعلومات أصلا أو جزءا كبيرا منها.
,,
ويمكن أن نسمي هذه الوثيقة "وثيقة القوائم". لأن الفقرات الجوهرية فيها عبارة عن قوائم طويلة. لكنها قوائم بدون أرقام عددية.يتم إيرادها مرسلة في كل فقرة. لأغراض التمويه أنها لغة الاجتماع، وأنها ليست "مكتوبة" من قبل الكاتب عميل جهاز الأمن.
ونرى اجتهادا لإكمال القائمة بجميع مفرداتها المتتابعة زمنيا، من قبل كاتب النص نيابة عن أعضاء العصابة المفترضين في الاجتماع المفترض. وهذا النوع من "الكتابة" يتطلب المراجعة المستمرة، وحشر المفردات الغائبة في النص. أحيانا باستخدام النسخ والقص واللصق في برنامج وورد.
(2) قائمة الجماعات الإرهابية
"وكل دول الخليج معلوماتَ عن الجماعات الإرهابية ضعيفة خاصةً الموجودين ب [1] ليبيا و[2] الصومال و[3] نيجريا و[4] ومالي و[5] دول المغرب العربي و[6] أفغانستان." (ص 11)
"هم دايرين نتعاون معاهم في مكافحة الإرهاب لأنو تهديد مباشر لهم وحتى [1] داعش و[2] جبهة النصرة و[3] الأخوان المسلمين و[4] الجماعات الإسلامية بفلسطين علاقتهم ضعيفة." (ص 11)
(3)قوائم إعلان باريس والسودان الجديد ومخاوف الإنقاذ
جاءت القوائم التالية في كلام مصطفى عثمان، المفترض:
"وتتشكل الأزمة السياسية من إفرازات مشروع السودان الجديد والذي مصمم على [1] العنصرية و[2]القبلية و[3]استمرار الحروب و[4]خلق جنرالات حرب."
"مشروع السودان الجديد ... [1] فَصَل الجنوب ثم [2] أعاد دورة الحرب في الدولتين ...و[3] شكَّل أزمة تهديد مباشر و[4] أوقف الاستثمار. و[5] يغذيها الحرب الدائرة في دارفور والمنطقتين و[5]عوامل داخلية جراء الاقتتال ... [6] مضاف إليه تحركات الجبهة الثورية بأوروبا وأديس أبابا ...و[7] تأثير ذلك على المعارضة الداخلية. و[8] الحوار وعلاقاتنا الإقليمية والدولية."
يعني مشروع السودان الجديد عمل تسع حاجات. ما خلى حاجة بطالة ما عملها!
وقائمة أخرى لمصطفي عثمان عن مخاوف ناس الإنقاذ:
"كل هذه الجولات لها هدف واحد [1] تدمير مؤسسات الدولة ... و[2] تصفية حكم الإسلاميين و[3] إعادة هيكلة الواقع السياسي و[4] تقديم كل قادة الحركة إلى محاكمات. و[5] إفشال الانتخابات ..."
وعلى القارئ أن ينظر في قوائم مصطفي عثمان الأخرى في خطابه. مثل قائمة عناصر الاتفاق بين المؤتمر الوطني والأحزاب "الموالية لنا". وقائمة السياسة تجاه الأحزاب المعارضة. وقائمة اجتماعات أديس أبابا. وقائمة إيران.
(4)قائمة التدابير لملاحقة أعداء النظام
وهي الأكثر تفصيلا في التعبير عن حالة الهذيان بوضعية يكون فيها الفريق أمنالرشيد فقيري المفترض قادرا على الاستمتاع مستعينا بمشهد بنات سلالة الإنقاذ يلاعبن قادة التمرد:
"ونحن متابعين كل [1] تحركاتهم و[2] ونساتهم و[3] علاقتهم مع النساء و[4] أي زول بشرب شنو من الخمر ولمن يكونوا سكرانين بقولوا خيال كبير
"وعندنا بنات على اتصال دائم معاهم. واستطاعن يرسلوا لن كل [1] الإميلات و[2]التلفونات و[3] والاسكاي و[4] وكل وسائطهم و[5]استطعنا اختراقهم الكترونيا. و[5] متابعة أنشطتهم واتصالاتهم بالداخل [6] أكتر زول بيتصل ياسر عرمان ومشترك مجموعة واتساب اخترقناه. عبر [أ] التلفون و[ب] الواتساب و[ج] الاسكاي. و[7] عندهم اتصالات مع مجموعة من النساء والشباب لدعم مظاهرات سبتمبر ..."
وتستمر القائمة إلى ما لا نهاية. وتنطوي على قوائم داخلية ثم تتمدد في قائمة للإجراءات والتدابير المتخذة.
(5)قائمة الفتن الممكنة لشق الجبهة الثورية
هذه قائمة محوسبة بعناية لتضم جميع الاحتمالات المنطقية الممكنة للفتن بين قادة الجبهة الثورية:
"وفي الوقت الراهن نعمل انشقاق وكراهية وسط قيادات الجبهة الثورية مثلا [1] بين ياسر [ومنو؟] ممكن ندخل بيها. [2] بين مناوي والتوم هجو ونصر الدين عوامل. وبعدها [3] مناوي والجبهة. ثم [4] نمشي للحركة الشعبية ياسر وكوادر الحركة بالمنطقتين ثم [5] خلاف بين الحلو وقيادات ميدانية من الجبال ثم [6] مالك بينه وقيادات ميدانية ثم [7] خلاف بين الكوادر والقيادة الثلاثية مع انحياز بعض الكوادر للقيادات حتى يتم الانشقاق بصورة غاية في الروعة و[8] سحب الهادي إلى الداخل و[10] إعطاء وظائف لناس الشرق خاصةً أن سيد أبو آمنة ضعيف ويريد وظيفة دستورية ...
ثم تنداح القائمة في مزيد الهذيان بحثا عن مزيد "الروعة"!
..
وأقصى درجات الهذيان في دماغ الكاتب عميل جهاز الأمن تمثلت في النقل المضحك من الكتب الأولية عن مقدمات منهجية النيتوورك أناليسيس، تحليل الشبكات. من الصرعات الأمريكية استخدام هذا المنهج في كل شيء بما في ذلك في دراسات الإرهاب. مع تقديم الرسومات التوضيحية التي تبين العلاقات بين النقاط.
فاستلف الكاتب عميل الجهاز هذه الفكرة دون فهم لها. وقال إنهم ناس الإنقاذ قاعدين يطبقوها لدراسة "نفسيات" معارضيهم!
"عملنا دراسات عن الميول النفسية لكل كوادر وقيادات الحركة الشعبية والحركات في مناطق تواجدهم وتصنيف الكوادر النشطة والمتعلمة وذات بعد قبلي وتوصلنا إلى قوائم. والعلاقات الراسية والأفقية بين كوادر هذا الحركات. وجمعنا أي كلام يقولوا كداتا بتورينا المؤشر في كيف نعمل الأوليات في الإشاعة والحرب النفسية".
...
فالقائمة تتصاعد وتتمدد لتخدير أدمغة ناس الإنقاذ. فيدور الهذيان بأن كل شيء تحت السيطرة، بما في ذلك بوسائل النيتوورك أناليسيس.
العصابة تحلم في الوقت الضائع أن مجرد الحديث عن تكنولوجيا البحوث سينقذ نظامهم المنتهي الصلاحية.
(6)قائمة أفعال الجبهة الثورية
فريق أول هاشم عثمان الحسين مدير عام قوات الشرطة. المفترض.
نجد استحالة وقائعية أن تأتي القائمة التالية في سياق اجتماع لأفراد العصابة في اجتماعهم الأمني الذي لم يكن.. وتبين أن الكاتب عميل الجهاز ينسخ ويقص ويلصق في برنامج وورد من التقارير الأمنية التي تقدم الأحداث وفق جدولها الزمني:
"كل الحديث يحول لخطط عمل نبدأ في تنفيذها. لأن مهددات الأمن القومي كبيرة بعد [1] بيان التمرد لاجتماعهم 20 إلى 25 و[2] إعلان باريس مع المهدي و[3] الجولات التي قاموا بها في أوربا و[4] مقابلات ل [أ] مناوي و[ب] عبد الواحد و[ج] التوم هجو ... إلى منظمات حقوقية وأضف [5] مقابلة ياسر عرمان للخارجية البريطانية و[6] الندوة التي تحدث فيها مع روزالين و[7] لقائه مع قوي سياسية حليفة للمؤتمر الوطني مولانا محمد عثمان الميرغني و[8] لقائه فاروق أبو عيسى و[9] تحركات الحلو ومالك عقار
"كلها عمل عدائي غايته النهائية [أ] تصفية حكم الإنقاذ و[ب] تقديم قادة للمشانق مواجهة الحقيقة مهمة حتى [10] اجتماع أديس ماشي في نفس الاتجاه [ج] للتشهير بالحركة الإسلامية".
فتظل نقطتي الأساس أن القائمة ذات التفاصيل الدقيقة الكاملة من أساليب الكتابة. وليست من أساليب الكلام في الاجتماعات. حيث يكتفي المتحدث بمثالين أو ثلاثة. ولا يقدر المتكلم في اجتماع أو في محاضرة على استدعاء جميع عناصر القائمة من ذاكرته.
(7) قائمة أفعال مالك عقار في النيل الأزرق
بعدها، يندرج الكاتب عميل جهاز الأمن في الهذيان بوضعية يتمكن بها نظام الإنقاذ من غسل يديه من كل جرائمه في منطقة النيل الأزرق وإلصاقها بمالك عقار. مستخدما قائمة ذات مفردات متنافرة لا رابط بينها. تشبه قائمة بورغيس عن الحيوانات. القائمة التي حين وجدها ميشيل فوكو أضحكنا بها كثيرا وأفهمنا كيف كان يكون تصميم القوائم في قديم التاريخ. ذاتها نوعية قائمة الإنقاذ هنا بمفرداتها المتنافرة:
"و[ألف] مالك عقار [1] قتل ناس النيل الأزرق و[2] قتل أسري من قيسان [3] 30 شخص [4] رفضوا التصويت له في الانتخابات [5] فيهم العمدة قراش عمدة قيسان [6] حبسوه 21 يوم [7] ودفنوهم في مقبرة جماعية [8] جمعوهم في كونتينر و [9] قتلوهم بمنع الهواء [10] لأنهم مؤتمر وطني.
و[باء] مني قتل ناس كتيرين من البرتي.
و[جيم] وعبد الواحد ما عنده تنظيم.
وكانت القائمة أصلا بدأت ب [1] "وياسر عرمان ما عنده حاجة معانا و[2] الحلو عنده مشكل مع النوبة".
(8)قائمة الدعم الإيراني للإنقاذ
هذه القائمة من بين الأكثر طولا. ولا يمكن استدعاؤها من الذاكرة المجرحة بالخوف من المحكمة الجنائية (عبد الرحيم محمد حسين). بل تم نسخ مفردات القائمة أو قصها من التقارير، ومن ثم جرى لصقها في نص الوثيقة:
"أبداء من علاقتنا مع إيران علاقة استراتيجية وأبدية لا يمكن التفريط. [1] كل التطور في الصناعة العسكرية من إيران و[2] فتحوا لنا أبواب مخازن السلاح. [3] لمن العرب وقفوا ضدنا وكنا بنقاتل تمرد منتشر في الاتجاهات بما فيهم التجمع الديمقراطي [4] قدموا الخبراء و[5] دربوا كوادر في [أ] العمل الأمني و[ب] الاستخبارات و[ج] تصنيع الأسلحة و[د] التكنولوجيا الحديثة. و[6] ما زالوا موجودين كتيبة من الحرس الثوري و[7] خبراء و[8] ببنوا في قواعد تنصت وتجسس لحمايتنا و[9] منظومة دفاع جوي. و[10] بنوا قاعدة كنانة وجبل أولياء الجوية قبلي شهر [11] جابوا [أ] صورايخ و[ب] راجمات كاتيوشا [ج] عبر طيران مدني و[د] أنزلناه بكنانة و[ه]بعنا منو لقطر [0] لمساعدة ثورا ليبيا [00] بعدما تعرضوا لهجمات من الطيران المصري والأمارات [00] مما جعلهم ينتصروا ..."
ونلاحظ الثرثرة الفارغة لا تتوقف. ما أن يقول عبد الرحيم المفترض شيئا فرعيا، حتى يستطرد بالجنبة ليقدم مفرداته الدقيقة، ثم يعود إلى القائمة الكبرى.
فالبوبار بإيران واضح بدرجة تستدعي الضحك. وزير الدفاع يسرد قائمته ذات المفردات التفصيلية التي لا تنتهي. غرضها تخويف المعارضة بتضليلها بموضوع"العلاقة الاستراتيجية الأبدية" مع إيران.
لم يتعلم وزير الدفاع شيئا من فيتنام أوالعراق ولا من أفغانستان.
(9) قائمة أفعال الردحي لشق الجبهة الثورية والحركة الشعبية
وانظر قائمة عبد الرحيم المفترض عن أهمية شق الحركات المسلحة. وهي قائمة ترسم بدقة مخطط دماغ نظام الإنقاذ المرسوم في الأوراق. الدماغ المستحوذ بالخوف. يصيح مقلدا بالكتابة صراخ القذافي من القلب حين أعيته الحيلة فلم يجد من مفردات لقائمته الحقيقية غير ترداد "زنقة زنقة":
"وفي نهاية كلامي الأجهزة الأمنية والاستخبارات لازم تشق الجبهة والحركة الشعبية في آن واحد و[1] ازرعوا أكبر عدد من العملاء و[2] اشتروا القيادات والكوادر و[3] وسلطوا الإعلام عليهم و[4] ارصدوا تحركاتهم و[5] شوهوا صورتهم بالداخل و[6] خوفوا المجتمع منهم و[7] اعزلوهم من قواعدهم و[8] حرضوا عليهم أهلهم. و[9] ومرروا معلومات استراتيجية وأمنية للدول التي يتعاملون معها عبر أجهزة أمنية صديقة نحاصرهم أمنيا واستخباراتيا دولي وإقليمي لإفشال خططهم" (ص 21).
..
إن أسلوب القائمة المكتملة ذات التفاصيل المملة، والمتنافرة أحيانا،ثابت في نصوص الوثيقة. ويشكل نسقا مننُسُق جنس "الكتابة" لا نجده في لغة الكلام في الاجتماعات.لكنه يظهر في نص الوثيقة كالأسلوب المعتمد للكلام من قبل أعضاء العصابة المفترضين.
إنه أسلوب الكاتب عميل جهاز الأمن، المحتال. فأسلوب القائمة ضروري للتضليل بصورة كافية. ولتبليغ الرسائل للأعداء والخصوم. حيث يكون في مقدرو الكاتب ضبط مشروعه الخداعي بتضمينه الحزم الكاملة للموضوعات المقصود بها التضليل أو تبليغ الرسائل.
خامسا، تكرار أسلوب الرواية الخيالية
هنالك أسلوب آخر مشابه لأسلوب "القائمة"، يعتمده الكاتب عميل جهاز الأمن. هو أسلوب "الرواية الخيالية الكاملة الأحداث المفصلة".
وهي استراتيجية فاشلة تفضح أن الوثيقة مصطنعة. لأنه لا يأتي كبار أعضاء العصابة الأمنجية لاجتماعاتهم لحكاية قصص مغامراتهم من الأول إلى الآخر.بالتفصيل. من نوع حلمت إني صحيت من النوم. بعدين لبست السفنجة. شلت الابريق. مشيت الماسورة. فتحتها. لقيت الموية ما قاطعة. الماسورة كبت موية. مليت الابريق. ضحكت ....
وفيما يلي بعض القصص الساذجة التي تعكس حالة الهذيان بعالم متخيل وحالم. عالم نظام الإنقاذ الافتراضي. كيف تدور فيه أعمال العصابة رئيسها عمر البشير. رجال حول الرئيس. نشهدهم في سينما الوثيقة يحللون المشكلات بطريقة عقلانية ومنتظمة. وكمان حلوة شديد.وفيها فهم للحساسيات والتضاريس. لأنو عنده محكومة مؤسسات فيها مسارات لتدفق العمل ومشاورات وتقليب للآراء. وعندهم علاقات تشابك وترابط بين الأجهزة. أيوة، رجال حول الرئيس. طريقتنا في الإنقاذ زي أمريكا [كما جاء في التوصيات في الوثيقة "ومع مفهوم السياسة الأمريكية ...عن التداخل بين التحديات الخارجية والداخلية ..." ص 26]!
وهذه بعض الروايات الخرافية:
(1)رواية مصطفى عثمان في جلسة مع الرئيس
"وأنا جيت جلست مع الرئيس وأديته تقرير في كيف نطور علاقاتنا مع دول الخليج دون المساس بجوهر تحالفنا مع إيران. وقلنا نتشاور مع القيادة الإيرانية. والرئيس قام بدوره. وكلف كل بدوره وتوصلنا إلى إيقاف التبشير للحسينات دون المساس بالمستشارية الثقافية بالسفارة والبعثات".
حلو شديد!
(2)رواية غندور في جلسة مع الرئيس
[الفقرة مفككة إلى حركات الرواية الخيالية، عبر تلاحق أحداثها، لتسهيل قراءتها]
"وبيان التمرد وإعلان باريس ...
الصادق اتصل بمصطفى وكلمه بالاتفاق
ومصطفى قال له لم أقرأ الإعلان وبعد نشوف راي الحزب.
وبعد داك مصطفى جاني
ومشينا للرئيس في البيت
ولقينا معاه عبد الرحيم
وتكلمنا كلنا في الإعلان
والرئيس قال أرفضوه
وتمشوا للحركة الإسلامية تاخدو رأيها
ومن ثم أعرضوا للمكتب القيادي عشان الراي الرسمي طالع من الحزب.
ونفس الليل مشينا مع مصطفى للزبير أحمد أمين الحركة الإسلامية
ولقينا معه د كمال عبيد ود الفاتح عز الدين.
وسألنا طوالي جايين بخصوص الإعلان بتاع الصادق مع التمرد
قلنا أيوة
د. كمال شاور الناس
وقررنا رفضه جملة وتفصيلا
واعتبرناه مؤامرة تحاك ضدنا."
"يجب تجريم كل من حضره أو شارك فيه وتسليط الإعلام في حمله لإبطال مفعوله وتخويف الناس من الانضمام لهذا الإعلان. وأن الإعلان رعته جهات أجنبية تسعى لتدمير الإسلام والمسلمين ... وانه يحمل أفكار الحركة الشعبية."
شعر إنقاذي! من نوع لا يمكن أن يدور في سياق اجتماع أمني. فالروايات الكاملة تثير السأم.
(3)رواية محمد عطا في جلسة مع الرئيس [الأعداد داخل الأقواس مضافة]
فلا يتكلم أي شخص في اجتماع بهذه الطريقة. لكن الكاتب في سعيه لاختلاق القصص، يضطر إلى تقديم جميع تفاصيلها الدقيقة. لأنه يعرف أنه يكذب، فلابد له من التدليس على كذبه وإخفائه. بإضافة تفاصيل دقيقة.
وهو لا يعلم أن القصة الحقيقية المرسومة في الدماغ يتم تخريجها عبر عمليات معقدة يجريها الدماغ الذي يفط بعض التفاصيل،ويختصر الوقائع، ويقدم قصة غير واضحة التفاصيل لكن مقصدها هو المهم.
ولاحظ أن محمد عطا المفترض يذكر التاريخ ذاته لزيارة الرئيس في سعيه لتأكيد الواقعة، بينما لا يحتاج لذكر أي تاريخ:
"وعند حضوري للسيد رئيس الجمهورية لمن اجتمع مع كل قيادة الجهاز يوم 14 أغسطس ونورناه كيف يعمل الجهاز وأديناه رؤيتنا. قلنا [1] الحوار داخلي و[2] الانتخابات تقام و[3] عمليات الصيف تمشي و[4] نزيد التجنيد للدعم السريع و[5] إرسال قوة من الدعم السريع لحراسة عمليات التعدين و[6] منع تسرب بيع الذهب خارج بنك السودان و[7] ضبط الحدود من أبو حمد إلى ولاية البحر الأحمر وحتى وادي حلفا و[8] إقامة أربعة معسكرات للتدريب بعيدا من المدن. تحت إشراف العميد أمن . عبد السيد عمر.. و[9] أي صحفي أو سياسي يتكلم في الدعم السريع أو يتعرض لها يتم فتح بلاغ له باعتباره متخابر و[10] أثنى الرئيس على حركة بخيت دبجو و[11] قال يدربوا ناسه. كما [12] شكر قيادات جبال النوبة ل [أ] وطنيتهم و[ب] إخلاصهم و[ج] رقبتهم الأكيدة في محاربة التمرد و[د] تشجيعهم الشباب للانضمام لقوات الدعم السريع ول [ه] تخليص الجبال من الجبهة الثورية. و[12] قدمنا له مقترح بتقسيم ولاية جنوب كردفان إلى ولايتين. شريطة [أ] تحرير كامل و[ب] يتم من خلاله مساهمة أبناء شرق كردفان في التحرير. و[ج] تجنيد كل الشباب القادرين في الدعم السريع خاصةً بأن المرتبات أصبحت عالية و[د] فعلا لمن طرحنا الأمر على قيادات من شرق كردفان رحبوا بالفكرة. وبهذا التصرف ممكن نقضي على الفتنة. التي يريدون تدويل قضية المنطقة. و[13] نحن شغالين في متابعة قيادات التمرد ومحلو يمشوا نحن وريناه و[14] عندنا مجموعات ضخمة تتلاقى معاهم قاعدين عبر واجهات وآخرين عندهم لجوء سياسي ومعتمدين لدى الدول. ودائما المليشيات اختراقها ساهل. و[15] بقول إن علاقاتنا مع إيران استراتيجية ...."
...
فنلاحظ أن محمد عطا المفترض في هذيانه نسي الرئيس في شرق كردفان وذهب يتحدث عن "علاقتنا مع إيران استراتيجية ...."، وبعدها سيتحدث عن تعليمات الرئيس من يوم زيارة رياك للخرطوم.
...
هذه الروايات الكاذبة المختلقة لا تحتاج إلى مزيد إيضاح. تطغى فيها الصنعة والنبرة الانتصارية ذات الخواء. لا شيء غير الهذيان. بوضعية فيها كل شيء وقد رتبته الإنقاذ بطريقة منهجية وعقلانية وحلوة شديد خالس.
محض كذب. لإخفاء وضعية العجز الكامل والفساد والفوضى والخوف مما يستحوذ أدمغة سلالة الإنقاذ. ولو كانت الإنقاذ تعمل بهذه الطريقة المنتظمة في الروايات الخيالية لكان حالها غير ما هو عليه الآن.
...
فلا يوجد محضر اجتماع. ولا اجتماع.
سادسا، المخاطبة المباشرة لجهات خارج الاجتماع
يستبين من قراءة الوثيقة أنها تخاطب بصورة واضحة ومباشرة أشخاصا خارج الاجتماع الأمني العسكري المزعوم. وأحيانا ينسى الكاتب عميل جهاز الأمن أن الوثيقة يتم تلفيقها تلفيقا لتظهر على أنها اجتماع سري بين القادة الأمنيين والعسكريين والسياسيين. وفي هذا النسيان، يركز الكاتب بصورة مباشرة على أهداف اصطناع الوثيقة. وهي التضليل والتهديد وتبليغ رسائل محددة للجبهة الثورية وأعداء النظام المفترضين.
فتسهم آثار توجيه الرسائل إلى خارج الاجتماع في تعزيز الإثبات أن الوثيقة مصطنعة.
وفيما يلي أقدم أمثلة لهذا الأثر اللغوي في نص الوثيقة.
وردت في الوثيقة إشارات لموضوعات محددة بدت مقحمة إقحاما. وكأنها من قائمة موضوعات لدى الكاتب عميل جهاز الأمن. منها موضوع "أسرى الحرب"، وموضوع "المليشيات الأجنبية في قوات الدعم السريع".
ومن ثم، قدمت الوثيقة الرد بشأن الموضوعين. في رسائل موجهة إلى خارج قاعة الاجتماع. إلى الجبهة الثورية. بشأن العبارات التي كانت وردت في بيان الجبهة الثورية وفي إعلان باريس!
قال الفريق أول هاشم عبد الله محمد رئيس هيئة الأركان المشتركة، المفترض، فجأة وبدون مقدمات، ودون أن يكون الموضوع ذا علاقة:
"ونحن ما عندنا تبادل أسرى مع التمرد ديل محكومين وفق قانون وهم تمردوا ضد الدولة وليس في دولة أخرى..."
وهو كان يشير إلى النص في إعلان باريس:
"... الطرفان يدعوان إلى .... تبادل الأسرى بين الجبهة الثورية والحكومة السودانية".
ثم قال الفريق، المفترض:
"ومن حقنا نأجر كل من له رغبة في القتال مقابل المال. المتمردين آخرين من يتكلم عن الأجانب من يمولهم وقاعدين مش في دول أجنبية"
"وصيفنا القادم محتاجين لكل مقاتل من أي دولة مستعد يقال تحت قادتنا" .وأبناء المناطق كدليل للحرب" ص 19عبد الرحيم
وهنا كان يشير إلى النص في البيان الختامي لاجتماع المجلس القيادي للجبهة الثورية .. باريس من 20 -25 يوليو. الذي كان جاء فيه:
"و قد قام النظام باستيعاب مليشيات قبلية من السودان و من فصائل المعارضة من دولتي تشاد و مالي وأفريقيا الوسطى باسم "قوات الدعم السريع" الأمر الذي أدى إلى تشريد نصف مليون ...".
إن طريقة إقحام الإشارات إلى أسري الحرب والمليشيات الأجنبية فجأة وبدون مقدمات يشير إلى أنهما مستدعيان من "قائمة الموضوعات" المكلف الكاتب عميل جهاز الأمن بتضمينها في الوثيقة. وتزخر الوثيقة بالموضوعات التي تبدو مقحمة إقحاما دون مقدمات ودون سياق. لكنها تتناص مع نصوص خارجية. وبدون التعرف على هذه النصوص الخارجية يظهر النص في الوثيقة غريبا. وأحيانا لا يعرف القارئ المحدد النص الخارجي. بينما يمكن أن يتعرف عليه قارئ آخر. ويعمل التناص مع نصوص خارجية آنية في الماضي أو الحاضر أو المستقبل. فلأن الوثيقة مصطنعة، فهي تستخدم الغمز والخبث بإشارات لإحداث يعرف كاتب الوثيقة أنها ستحدث غدا، على سبيل المثال. مثل إعفاء الخير الفهيم من لجنة أبيي بعد يومين من توصية في الوثيقة بذلك: "إعفاء الخير الفهيم فورا، وتعيين ذو خلفية أمنية لأبيي. وفعلا تم إعفاؤه "فورا"، وتم تعيين خلف له.
وكله يصب في اتجاه أن الوثيقة مصطنعة. بعلة بروز عمليات إقحام الموضوعات، وبعلة مخاطبة نصوص وردت في وثائق خارجية على نص الوثيقة لكنها متناصة معها.
سابعا، التناص بين نص الوثيقة وواقعة ترشيح عمر البشير لرئاسة الجمهورية
تتلخص فكرة التناص في العلاقات بين النصوص (والوقائع). هنا، بين نص الوثيقة، من جهة، ونصوص أو وقائع خارجية، من جهة أخرى. وقد قدمت أمثلة للتناص بشأن المليشيات الأجنبية وأسرى الحرب. فقد وردت إشارات لهما في الوثيقة باستدعاء لأصولهما حارج النص في نصين خارجيين معروفين، إعلان باريس وبيان القيادة المشتركة للجبهة الثورية. وكنت استنتجت أن ذلك يصب في اتجاه أن الوثيقة مصطنعة. بعلة أن ذكر الواقعتين لم يكن مبررا ولا مفهوما إلا بالإشارة إلى النصين الخارجيين المحدين.
لكني أشير هنا إلى نوع آخر من التناص يثبت أن الوثيقة مصطنعة. هو ترشيح عمر البشير مرة إضافية. وأرى أن الوثيقة استخدمت التضليل حين جاء فيها عن ترشيح عمر البشير ما يلي من قبل إبراهيم غندور المفترض:
"استعداداتنا للانتخابات ماشة والمؤتمرات شغالة ومؤتمرنا في مواعيد لكن اختيار إعلان مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية بنأخره قريب مواعيد الانتخابات لنفاجئ به الأوساط السياسية."
ويمكن أن نقرأ هذا النص من خلال عدسة ما تم لاحقا. ترشيح الرئيس مبكرا، لا مؤخرا. مما يدعم إثبات أن الحكومة هي التي اصطنعت الوثيقة. وكانت أرادت بهذا النص تضليل المعارضة.
وتمت المفاجأة في سياق الإعداد للمؤتمر وانعقاده. بمباغتة المعارضة بترشيح عمر البشير.
ثامنا، حركات خطابية إضافية تفضح الصنعة
هكذا تتعدد الحركات الخطابية في النص. فتثبت، متضافرة، أن الوثيقة مصطنعة. وفيما يلي حركات إضافية تعضد نظريتي أن الوثيقة مصطنعة، ومصطنعة من قبل جهاز الأمن. فيمكن للقارئ متابعتها بالقراءة اللصيقة لنص الوثيقة:
(1) علاقتنا مع إيران استراتيجية
تكرار أعضاء العصابة لتعبير "علاقتنا مع إيران استراتيجية". وذلك بصورة مصطنعة. فلا معنى لترداد ذات العبارة، أحيانا في أشكال مختلفة لضمان التدليس على خدعة التلفيق.
قال مصطفى إسماعيل عثمان، المفترض:
".طبعا أن في رأيي الشخصي علاقتنا مع إيران استراتيجية في مجالات الأمن والدفاع"، وإن "العمل الاستراتيجي مع إيران" يستمر و"تدار بطريقة سرية كاملة في نطاق محدود عبر الأمن والاستخبارات ..."
"كل الاستهداف الذي نتعرض له ... بسبب علاقتنا مع إيران (عبد الله الجيلي منسق الدفاع الشعبي (صفحة 5).
"وعلاقتنا بإيران ليها ارتباط بالتنظيم الدولي للإخوان ..." (ص 5 عبد القادر محمد زين)
".أنا بقول نستفيد من المملكة وما بنثق فيها وعلاقة مع إيران استراتيجية." (صفحة 10 صديق عمر مدير الاستخبارات والأمن)
"علاقتنا مع إيران استراتيجية""ونحن ما بنضحي بعلاقتنا مع إيران" (صفحة 11 يحيى محمد خيروزير الدولة للدفاع المفترض)
وقال الفريق هشم رئيس هيئة الأركان المشتركة المفترض: "ومهما حصل علاقتنا مع إيران خط أحمر لولا هم لهزمت الإنقاذ" (صفحة 15).
قال محمد عطا، عند حديثه عن المتمردين، في نص الكلام، وبدون سبب، "وبقول علاقتنا مع إيران استراتيجية وفوق كل المصالح ...".
وقال إبراهيم غندور "علاقة من إيران هي من أنجح العلاقات في تاريخ السودان ..." (صفحة 23).
وقال عبد الرحيم محمد حسين، المفترض: "أبدأ من علاقتنا مع إيران علاقة استراتيجية وأبدية لا يمكن التفريط".
وقال بكري حسن صالح، المفترض، في صفحة 25 "علاقتنا استراتيجية مما تتغير" (ص 18).
ولا يحتاج أعلاه إلى شرح إضافي. فالصنعة واضحة. ولا علاقة لمثل هذه التكرارات في اجتماع أمني حقيقي هذا محضره.
(2) كروت
فكلمتا "كرت" و"كروت" من العبارات السوقية التي يرد استخدامها من قبل عدة متحدثين في الوثيقة. بينما يميل استخدامها أن يكون أسلوبا شخصيا، هو أسلوب الكاتب عميل جهاز الأمن:
"والمصريين مضطرين لعلاقة خاصة بعد انتصار الإسلاميين في طرابلس ... وفشلوا ...نحن نستخدم هذه الكروت" (صفحة 5 منسق الخدمة الوطنية عبد القادر محمد زين).
".وعندنا مرحلي بجي لحظة ردة الفعل وكروت ضغط للخصوم" (بكري ص 24) عن الجنوب؟
وتوجد أمثلة أخرى.
(3) لابد وأنا بقول
نجد كذلك الاستخدام المتكثر لدى جميع المتحدثين تقريبا لتعبير "لابد". فلاحظ أن أغلبية أعضاء العصابة المفترضين يستخدمون تعبير "لابد" بتكرار يجعله نسقا يبين أسلوب الكاتب الفرد في الوثيقة بأجزائها.
ومثله تكرار تعبيرات القول: أنا بقول، قلنا ليهم، أنا قلت، قالوا. فلوحدها منعزلة، لا تعني هذه الحركة الخطابية شيئا. أما كنسق متضافر مع وقائع أخرى، فيكون لها موقع في الإثبات. وهذا هو حال الحركات الخطابية. تتضافر في اتجاه وحيد: أن الوثيقة مصطنعة.
..
تلك كانت بعض آثار الحركات اللغوية والخطابية في نص الوثيقة وتثبت أن الوثيقة مصطنعة لا علاقة لها بلغة الاجتماعات.
الفصل الرابع، إثبات أن جهاز الأمن اصطنع الوثيقة
فلقد اعتمدت في هذا المقال أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني هو الذي اصطنع الوثيقة. فألخص هنا مسار الإثبات واقدم بعض بيناته الإضافية.
أولا، الإثبات بالأدلة المادية في النص أن الوثيقة أصلا مصطنعة. وقدمت ما يكفي من البينات الشكلية واللغوية والخطابية أنها مصطنعة.
ثانيا، إثبات أنه لا توجد جهة غير الإنقاذ لها مصلحة في هذه الوثيقة. وتبين أن الإنقاذ هي الجهة الوحيدة المستفيدة من اصطناع هذه الوثيقة. وفق محتوى الوثيقة، وسلوكيات الإنقاذ، والحركات الخطابية المستخدمة، جميعها متضافرة.
ثالثا، إثبات أن جهاز الأمن هو الجهة الوحيدة في نظام الإنقاذ التي يمكن أن تضطلع باصطناع الوثيقة. فالتضليل والتهديد وإرسال الرسائل المغلفة كله من اختصاصات جهاز الأمن. وما كان جهاز الأمن ليسمح لجهة أخرى في النظام أن تفبرك الوثيقة ثم أن تضع جهاز الأمن في الصفحة الأولى على أنه مصدرها.
وفيما يلي أقدم بعض بينات إضافية تعضد الإثبات أن جهاز الأمن هو الجهة الحكومية التي اصطنعت الوثيقة.
قصة الخير الفهيم المكي
هنا أعرض لواقعة خارجية تتناص مع وقائع داخلية في نص الوثيقة. فتثبت أن جهاز الأمن لا غيره هو الذي اصطنع الوثيقة. واقعة قرار رئيس الجمهورية بشأن ممثل الحكومة في لجنة أبيي المشتركة. وتناغم القرار الرئاسي مع ما كان ورد في نص الوثيقة عن الخير الفهيم، ممثل الحكومة كرئيس مشارك في اللجنة المشتركة لأبيي.
تدعي الوثيقة أنها صدرت في يوم 1 سبتمبر 2014، كالمحضر المطبوع لاجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة المنعقد قبل يوم واحد في يوم 31 أغسطس 2014. ووردت أربعة أقوال عن الخير الفهيم في الوثيقة.
(1) إن الخير الفهيم شخصية ضعيفة وإنه لابد من تغييره. بشخصية أخرى من أبناء المسيرية:
"هنالك خلل أمني بأبيي وراجع للنقص لضعف الخير الفهيم يجب تغييره بشخص ذو خلفية أمنية من أبناء المسيرية. دايرين زول يخترق ويخليهم [الدينكا؟] يعملوا ضد نفسهم"
[ص 14 فريق أول هاشم عثمان الحسين مدير عام قوات الشرطة، المفترض].
(2) التثنية من مشارك في الاجتماع مؤيدا:
"وبثني على تغيير الخير الفهيم بلجنة أبيي." [ص 15 فريق أول هاشم عبد الله محمد رئيس هيئة الأركان المشتركة، المفترض]
(3) تكرار للدعوة بتغييره:
"وبالنسبة لأداء الخير الفهيم ضعيف . ويهمنا علاقة دون خيانة مع الجنوب. لكن سلفا كير كل مرة يغشنا ..." [إبراهيم غندور 23].
وليس واضحا ما إذا كانت العبارة المحشورة تشير إلى "خيانة" من قبل الخير الفهيم أم من قبل سلفا كير. وهذه خدعة خطابية معروفة.
(4) ورود توصية تطلب تنحيته فورا:
وأخيرا، في السطر قبل الأخير من الوثيقة، جاءت المطالبة الصريحة برأس الخير الفهيم المكي في التوصيات:
"إعفاء الخير فهيم فورا وتعيين ذو خلفية أمنية لأبيي"
[ص 24 السطر قبل الأخير].
فلنتذكر أن التركيز على الخير الفهيم أربع مرات في نص الوثيقة كان، افتراضا، في يوم اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة، الأحد 31/أغسطس/2014.
وفي يوم 2 سبتمبر 2014، بعد يومين فقط من تاريخ ذلك الاجتماع الذي لم يكن،أصدر عمر البشير قرارا بتعيين حسن على نمر رئيسا مشتركا لآلية أبيي.
وذلك يعني تنفيذ ذات التوصية التي كانت وردت في الوثيقة بإزاحة الخير الفهيم من هذا المنصب.
وربما كان القصد من التناغم بين الوثيقة المسربة وقرار رئيس الجمهورية إعطاء المصداقية لحقيقة الوثيقة. بل إن هنالك من قرأ في التناغم دليلا على أن الوثيقة صحيحة.
ولكن، توجد أصلا بينات متكثرة ومتضافرة تبين أن الوثيقة مصطنعة. زما كان أمره سينقذ الوثيقة من فضحها كمستند مصطنع.وذلك سيعني أن التناغم بين وقائع الخير الفهيم في الوثيقة وقرار رئيس الجمهورية بإقالته بل يثبت أن جهاز الأمن هو الذي اصطنع الوثيقة. حيث لم يكن ممكنا أن تكون المعارضة، أو أية جهة استخباراتية خارجية، لفقت الوثيقة وفيها التوصية التي سينفذها مباشرة عمر البشير بعد يومين!
بالطبع، لابد أن جهاز الأمن كان أصلا على علم بالقرار من رئيس الجمهورية قبل إصداره بأسبوع أو بأسابيع. وربما كان أصلا تم إبلاغ الخير الفهيم بقرار تنحيته من منصبه في لقائه بنائب رئيس الجمهورية في الاجتماع في القصر في يوم 10/أغسطس/2014. قبل عشرين يوما فقط من الاجتماع الذي لم يكن. حيث نشرت الصحف أن ذلك اجتماع الخير الفهيم والنائب الأول تناول التنوير ودعم المنطقة بشأن ما ألم بها جراء السيول والأمطار.
وهذه المعرفة السبقية باتخاذ قرار تنحية الخير الفهيم يستحيل أن تكون كانت متوفرة لدى البروفيسور إيريك ريفز أو للجبهة الثورية أو للمعارضة أو للاستخبارات الأجنبية. ليبنوا عليها اصطناع قصة إعفاء الخير الفهيم التي تم ذكرها أربع مرات في أربعة مواقع مختلفة في الوثيقة.
وهذه طبيعة الشطن في عمليات اصطناع الوثائق. يدرج الكاتب المحتال وقائع ذات قابلية للتفسيرات المتناقضة. لكن قوة التفكيك تنفذ إلى عميق برنامج الشطن وتتعرف على "الحقيقة".
وحتى أسباب التنحية قد تتعلق بأسباب غير تلك المذكورة في الوثيقة (ضعف الخير فهيم وعدم قدرته على الاختراق وعدم خبرته الأمنية). علما أن الخير فهيم ورد اسمه في الأقوال المرسلة عن ملابسات اغتيال سلطان دينكا أبيي.
فهذه الوقائع في الوثيقة وخارجها عن الخير الفهيم لا تثبت أن الوثيقة مصطنعة. لكنها تثبت أن الوثيقة إن كانت مصطنعة، فمصطنعها هو جهاز الأمن. لأن المعارضة ما كان ممكنا لها أن تتنبأ بتنحية الخير الفهيم من موقعه الاستراتيجي كممثل الحكومة في آلية أبيي.
الفصل الخامس، نفي الحكومة لعلاقتها بالوثيقة
قدمت في مقالاتي السابقة حيثيات نفي الحكومة لأية علاقة لها بالوثيقة.
وثار التسآل: فإذا كانت الحكومة هي التي اصطنعت الوثيقة وسربتها لينشرها إيريك ريفز وفتحي الضو، لأغراض التضليل والتهديد ولإرسال الرسائل إلى الأعداء، فلماذا النفي للعلاقة بها؟
ابتداء، علينا أن نلاحظ وقائع النفي من قبل الحكومة. فقد كان نفيا دون أية حجة أو بينة. واتسم أحيانا بالرخاوة والتصنع. كان رد عمر البشير عبارة عن مغالطات، مما بينته في مقالي. وكذا كان حال الرد ضعيفا من قبل إبراهيم غندور ومصطفى إسماعيل.
وابتداء، كانت الحكومة وجهاز الأمن صمتا على مدى أسابيع. رغم أن الوثيقة تمت قراءتها مبكرا بصورة تضر بسمعة حكومة الإنقاذ.
فلماذا النفي أصلا؟ ولماذا كان النفي ضعيفا؟
أقول: لتحقيق غرضين متناقضين،
الغرض الأول، نفي النذالة عن نظام الإنقاذ. بعد أن أظهرت الوثيقة سلالة الإنقاذ كعصابة إجرامية من الموتورين. ذلك كان ما قرأه أهل السودان في الوثيقة التي صدقوا أنها حقيقية. قالوا إن الوثيقة في انحطاطها تشبه سلالة الإنقاذ. فكانت هذه القراءة نتيجة غير متوقعة وغير مرغوبة. لم يتحسب لها جهاز الأمن الذي كان اصطنع الوثيقة.
فكان لابد، عندئذ، من توجيه المزينين (رئيس الجمهورية وغندور ومصطفى) بالابتعاد النسبي عن الوثيقة التي سببت تلك القراءة. وبالادعاء أنها مفبركة ومضروبة وكذب.
ولولا قراءة السودانيين أن الوثيقة تثبت نذالة سلالة الإنقاذ، لما كانت الإنقاذ نفت صلتها بالوثيقة. كانت ترى أن أهدافها ستتحقق حين يصدق الناس الوثيقة على أنها حقيقية. وفي الحالات التي يتم تسآل الإنقاذ عنها، كانت ستشير إلى نص الوثيقة فتنبههم أنها سببت كل شيء، وأنها قالت عن استعدادها لمكافحة الإرهاب، وعن رغبتها في علاقات طيبة مع دول الخليج، وغيره.
أما الغرض الثاني من النفي، فقد كان لتفعيل التضليل. إذ يريد أهل الإنقاذ في عميق دواخلهم أن لا يصدق السودانيون نفي ثلاثي عمر البشير وإبراهيم غندور ومصطفى اسماعيل. يريدون أن يستمر أغلبية السودانيين في قراءتهم الخاطئة بأن الوثيقة صحيحة.
ذلك لكي تتحقق أغراض اصطناع الوثيقة وتسريبها من قبل جهاز الأمن. لتكذب عن نفسها ولتدعي أنها محضر لاجتماع أمني حقيقي. فيأخذ القراء محتوى الوثيقة على أنه يعبر عن الوقائع الحقيقية. منها أن حكومة الإنقاذ مثلها مثل رب العالمين. تعلم كل شيء. وأن الإنقاذ لها جبروت مدعوم بإيران وبكتيبة الحرس الثوري والراجمات والصواريخ ومخازن السلاح. لا يمكن تحديها إلا بدفع الثمن غاليا. الحياة ذاتها. وكان التوسل إلى ذلك بتقديم نفي رخو لا يصدقه أحد.
...
فلا مفر للإنقاذ من التناقض في مثل وضعية اصطناع الوثيقة. لأن الذي تريده هو أن يتم تصديق الوثيقة كمحضر اجتماع أمني حقيقي. لكي تحقق أغراض اصطناعها. تضليل المعارضين والخصوم بزيف منعة الإنقاذ، وتهديدهم، وتبليغ رسائل إلى الجميع.
أما وقد قرأها السودانيون أغلبيتهم بأنها تفضح نذالة الإنقاذ وإجرامها، كان لازما نفي الصلة بها. مع أمل في تضليل الفئات التي تصدق أن الوثيقة حقيقية. مثل بعض الحركات المسلحة.
وهذه ورطة جهاز الأمن. وكأنه حرث السراب.
الفصل السادس،الوثيقة مخطط دماغ الإنقاذ
فأختم هذا المقال بنقطته الجوهرية. أن الوثيقة المصطنعة من قبل جهاز الأمن تتمثل مخطط الدماغ الفاسد في جمجمة نظام الإنقاذ الفاسد. لأن برنامج الإسلاميين من سلالة الإنقاذ جوهره الاحتيال. بالانحراف عن المعايير والأخلاق والقانون. وبالخداع بأفعال الكذب والتزييف والتلفيق واختلاق الوقائع وإخفاء الوقائع. وبالتدليس للتغطية على انحرافهم وخداعهم، مستخدمين أفعال إعمال الركة في اللغة العربية، والمغالطات، ونشر الهراء، والهذيان، ومزيد أفعال الغش.
ويمكن أن نعتمد ثالوث الانحراف والخداع والتدليس على أنه شفرة برنامج سلالة الإنقاذ، وبصمتها الوراثية. ونجد شفرة هذا البرنامج في دماغ كل واحدة من مؤسسات الإنقاذ. هنا، جهاز الأمن.
وقد كنت اكتشفت هذه الشفرة، البصمة الوراثية لسلالة الإنقاذ، في سياق تفكيك السلطة القضائية الفاسدة.
وكلما أعملت ذات الشفرة كأداة استكشافية للتعرف على مخطط دماغ سلالة الإنقاذ أجد الاحتيال بثالوث الانحراف والخداع والتدليس. في جميع الممارسات الخطابية وغير الخطابية في نظام الإنقاذ.
وفي جميع الأحوال، فبرنامج الاحتيال بالانحراف والخداع والتدليس يعرِّف الفساد. هو ذاته نظام الإنقاذ.
...
والآن أتاحت لنا الوثيقة أن نجزم بأن لدينا معرفة بالطريقة التي يفكر بها نظام الإنقاذ. بشأن أغلبية القضايا في السودان. طريقة الفساد. فقدتم تخريج الوثيقة بعمليات احتيالية، هي جوهر الفساد من يحث هو الانحراف، والخداع، والتدليس. فهذا الفهم لسلالة الإنقاذ ومخرجاتها مهم لتعبئة المقاومة ضد قهرها وطغيانها. لفتح مسارات تفضي إلى هزيمتها.
فالوثيقة مهمة لأنها واحدة من بين وقائع أخرى متكثرة تأتينا في شكل عدسات للإبصار. مثلها مثل القرار القضائي الفاسد. ومثل صكوك الفساد المتكثرة في مؤسسات الإنقاذ. فيمكن أن نسلط الضوء بقوة خلال عدسة الوثيقة. نسلطه على حركيات الإفساد التي فعلتها الإنقاذ ووطنتها لتكون حركة الحياة ذاتها في السودان. نسلط الضوء بالدرجة الكافية التي تجعل إمكانات التغيير تشتعل نارا.
فهذا المقال لتفكيك الوثيقة ولإثبات أنها مصطنعة يأتي كفعل من أفعال المقاومة ضد نظام الإنقاذ الفاسد. بتخريب معمار الخداع الذي شاده جهاز الأمنباصطناع هذه الوثيقة.
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]
...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.