ما زال الجرح العميق الذي خلفه رحيل الفنان "محمود عبدالعزيز" مفتوحاً ولم تستطع الستة أعوام التي مضت أن ترتقه، كيف لا وقد استطاع أن يحتل قلوب الملايين، ليس فقط من خلال فنه بل للكاريزما التي يتمتع بها في إنسانيته وتعامله مع جمهوره العريض وتواضعه أمامهم، وهذا ما أكسبه حب الناس الذي لا يأتي من فراغ، ونحن اليوم نعزي أنفسنا أولاً ومن ثم أسرته الكريمة، وكل من تربطه به علاقة من قريب أو بعيد . *علاقة الأب بابنه "مصادر" نقبت في دفاتر ذكريات عدد من الأشخاص المقربين من "محمود" للكشف عن الجوانب التي لا يعلمها جمهوره في شقيقه الأصغر مأمون والذي بدأ حديثه معنا قائلاً: "علاقتي بالراحل علاقة الابن بابيه، فقد قام بتربيتنا (وقمنا سوا) وكنا نتناول معظم الوجبات سوياً، فهو يعشق "العصيدة بالنعيمية" ويكره (الكذب والنفاق) وكان يحب الاستماع لكبار الفنانين أمثال محمد أحمد عوض وزيدان إبراهيم والخالدي وبعض الفنانين الشباب"، وأشار مأمون الى أنه من المفارقات لا يوجد أحد بالعائلة يمتلك موهبة الغناء التي وهبها الله للراحل، وكان الحوت يحزن عندما يشعر بالظلم، وختم مأمون حديثه بالقول: "شهرة الراحل أكسبتنا محبة الناس وإحترامهم لنا، حتى بعد رحيله، ولا نقول إلا ما يرضي الله" .
* علاقة دم ونسب وفي ذات الصعيد، نجد أن توأمة وثنائية الراحل المقيم "محمود عبدالعزيز" والملحن يوسف القديل توأمة مميزة وفريدة من نوعها، حيث إن القديل وضع بصمته الواضحة في خارطة أغانيه (سيب عنادك، لهيب الشوق، ماتشيلي هم، نور العيون، عامل كيف، برتاح ليك)، وغيرها من الأغنيات الخالدة التي صاغ كلماتها نخبة من الشعراء وقام بتلحينها القديل . وقال الملحن يوسف القديل في حديثه: "علاقتي بالحوت علاقة نغمية من الدرجة الأولى، حيث وضعت له ألحاناً لعدد كبير من الأغاني التي وصلت في جملتها الى إحدى وثلاثين أغنية، بعضها من كلماتي، ومضى القديل قائلاً: "التقيت بالراحل في نهاية الثمانينيات بالتحديد عام 1988 في مدين الأبيض، وأثمر هذا اللقاء عدداً من الأغنيات منها أغنية (سيب عنادك) من كلماتي والحاني، وقد أختارها الفنان الراحل لتضمينها في ألبومه الذي يحمل عنوان ذات الأغنية سابقة الذكر، ثم تواصل التعامل بيننا في الإنتاج الفني وأنتجنا سوياً عدداً من الأغنيات التي أحبها الجمهور وتأثروا بها كثيراً والتي كان لها وقع خاص داخل قلوبهم مثل أغنية (خوف الوجع) .
* صداقة قوية وأضاف القديل كانت بينا صداقة قوية تحولت من علاقة نغم الى علاقة أسرية وعلاقة دم ونسب، فخاله محمد الريح السنهوري متزوج من أختي الصغرى، ورغم تعاملي مع عدد من الفنانين إلا أن محمود ترك فجوة كبيرة في الساحة الى الآن لم تسد ثغرتها، وآخر عمل قدمته للراحل أغنية (خوف الوجع)، التي أصبحت فيما بعد رسالة محمود للحواتة .
* صديق الحوت أما صديق وشبيه الراحل، الفنان زاهر عبادي مركز، المقيم في المملكة العربية السعودية فروى لنا عن قصة صداقته بالراحل وقال: "الصدفة جمعتني به باعتبار أننا في وسط فني واحد، فكنت متابعاً جيداً لكل أعماله الفنية، وكنت أسكن معه في المنزل وجمعتني به طرائف في حنة زواجه تغنى له عدد من الفنانين وكنت واحداً منهم، وجات حبوبة محمود قالت لي يا ولد الليلة حنتك، أقعد ماتغني" وكانت له طرائف كثيرة يصعب علي سردها .
* كاتمة أسراره أما الشاعرة الشابة، امتثال فضل، فتعتبر كاتمة أسرار الراحل، حيث قالت إن محمود كان يعاملني كأبنة له، فكان لقائي به أشبه بالحلم وقف بجانبي وتبنى موهبتي ووعدني بأن يتغنى لي بقصيدتين، ولكن حال مرضه دون أن يتغنى بها، وبعد وفاته تركت الجامعة لمدة ثلاثة أعوام من شدة حزني عليه، ولكن رجعت مرة أخرى لمقاعد الدراسة، لأنه كان يشجعني على أن أكون ناجحة .