فأي عوالم كوكبنا إذن تفاعلت معها بصدق إنساني هو من صميم ديننا؟.. الشرقي؟…أم الغربي؟…أم الثالث؟…أم الإسلامي؟ علماً بأن الإسلامي هذا هو جزء (أصيل) من العالم الثالث….. ويشبهه.. وكلاهما يشبهان العالم الشرقي… في كل شيء.. حيث الحاكم يقعد ولا يقوم…. وحقوق الإنسان تُنتهك… والمعارض قد يُقتل.. وتذكروا مقولة الشيخ محمد عبده…القديمة.. فقد قال عقب رحلة (غربية) له : ذهبت إلى الغرب فوجد إسلاماً… ولم أجد مسلمين.. وحضرت إلى الشرق فوجدت مسلمين… ولم أجد إسلاماً.. وأضيف إليها تذكراً حديثاً؛ قبل أيام… من وحي متابعتي برنامجاً دينياً فلسفياً.. وفوجئت بأستاذي أستاذ الفلسفة حسن حنفي مشاركاً فيه.. وهو الذي فند لنا بالمنطق لا الدين مسلمة (الأب… والابن… والروح القدس).. فقد كان بيننا أقباط… ولا يأخذون بمنطق دين الإسلام هذا.. وكان النقاش عن فتنة خلق القرآن… بالجزيرة الوثائقية.. وهي الفتنة التي اُستغلت فيها السياسة لتعذيب أحمد بن حمبل… من منطلق الدين.. فقد رفض أن يكون عالماً سلطانياً… يعين على الظلم.. ونميري في بلادنا كان قد دخل على محمود محمد طه من مدخل السياسة.. وخرج بروحه من مدخل الدين… عبر علماء السلطان.. وأنا لا أقر هنا آراءه… ولكني أنتقد امتطاء ظهر الدين للإغارة على الخصوم.. وفي البرنامج المذكور انتقادٌ مماثل؛ قديماً… وحديثاً.. فحيثما وُجدت دكتاتورية باسم الدين وُجد علماء سلطانيون… يدورون في فلكها.. ويخشون شوكة السلطان أكثر من خشيتهم غضب الله.. وما قيل فيه البرنامج قلناه كثيراً…ألَّا فرق بين طغيان ديني وآخر علماني.. فهو كله عند الله والناس طغيان… يفتقر إلى الإنسانية.. والعالم الغربي تعاطف مع خاشقي من منطلق الإنسانية المحضة هذه.. وصمتت بقية العوالم؛ عدا همهمات على استحياء…هنا وهناك.. ومنها وهذه قمة المأساة حكومات عالمنا الإسلامي؛ ففاقد الإنسانية لا يعطيها.. بل إن منها ما غلَّب مصالح السياسة على مبادئ الدين.. ومن يكبت معارضيه… أو يسجنهم… أو يقتلهم؛ من البديهي ألا تهمه حادثة خاشقجي.. إيه يعني خُطف…أو فُطِّس…أو حتى سُحل؟!…عادي جداً.. عادي عند روسيا… كما عند الصين… كما عند إفريقيا… كما عند دولٍ إسلامية.. وحده الغرب (الكافر) من يضغط لمعرفة الحقيقة.. ومن قبل هو الذي أنقذ مسلمي البوسنة من إبادة جماعية… وبقية العوالم تتفرج.. ومن ثم فإنني أتفق مع ما خلص إليه المشاركون في البرنامج.. وهو أن (روح) الدين لا نراها هنا في عالمنا الإسلامي.. وإنما هي في عالمٍ هناك….. بعيداً هناك.. في الغرب!! صلاح الدين عووضة صحيفة الإنتباهة