قبل سنوات وفي اليوم العالمي لمحاربة الايدز كتبت بوست انتقدت فيه حكومة الإنقاذ ل تكتمها على مرض الإيدز ، وعدم قيامها بالتوعية المناسبة وسط الشباب ومن خلال أجهزة الإعلام المختلفة حول المرض وخطورته ، وكيفية تجنبه ، وكيفية دعم المصابين نفسيا و معنويا و ماديا من خلال توزيع الأدوية. تواصل معي الأخ عرابي أحمد عمر في الخاص موضحا لي أن هناك أنشطة ضخمة تقوم بها الحكومة و سط المصابين في كل أنحاء السودان ، و كذلك هناك حملات توعوية تقوم بها بعض المنظمات لتوعية الشباب .. لولا أن الأخ عرابي من أشرس مناهضي و معارضي الإنقاذ ، و أيضا لولا انه ممن لم نعهد عليهم الكذب ، لولا ذلك لما صدقت ما قاله لي . و قد أوضح لي في تلك المحادثة حجم العمل الذي يقومون به بالتنسيق مع العديد من الجهات الرسمية للحد من انتشار المرض . و دعم المصابين ، و قد أقنعني تماما بأهمية العمل السري في مثل هذه الأعمال لطبيعة المجتمع السوداني المحافظ ، و الوصمة الاجتماعية التي يدمغ بها المريض ، فلا داعي للإعلان ما دام هناك عمل قائم على أرض الواقع بالرغم من سريته إلا أنه موجود …. ما دعاني لهذه المقدمة هو إعلان وزير الصحة عن التأكد بوفاة أحد المصابين بمرض الكورونا قادما من الإمارات . و هناك لغط و بوستات و تعليقات كثيرة تنفي إصابة الميت بهذا المرض … في نظري أن إعلان الوزير لهذا الأمر نوع من الاستعجال غير الحميد ، فكان يكفي أن تقوم الوزارة بوضع الاحتياطات اللازمة للحد من انتشاره . كتجهيز أماكن العزل الصحي للمصابين . و أماكن عزل أخرى لعزل المشتبه بهم . و القيام بتوعية المواطنين من خلال أجهزة الإعلام المختلفة . إعلانه أصاب بعض المواطنين بنوع من الهلع و الخوف ، وجعل الكثيرون يتجهون إلى الأسواق لشراء المواد التموينية لتخزينها، و هذا الأمر له آثار سالبة على البسطاء الذين يكتسبون رزقهم يوما بيوم .. بل سيكون له آثار سالبة على مجمل اقتصادنا الهش … على الوزير أن يتجه إلى تجهيزات الوقاية و العلاج ، فهذا أفضل من نشر الذعر وسط المواطنيين بإقامة المؤتمرات الصحفية ، على الوزارة العمل بدون ضوضاء بعيدا عن نشر الهلع وسط المواطنيين فحالنا و حال اقتصادنا لا يحتمل . في جنوب السودان اذا أصيب خمسة مواطنين بالأسهال، يسارع وزير الصحة بإعلان أن البلاد تعاني من وباء الكوليرا ، وذلك للحصول على المساعدات من المنظمات الأممية . و الآن يقال ان وزير صحتنا أعلن حالة الكورونا لحصول الوزارة على مبلغ 10 مليون دولار من الأممالمتحدة مرصودة للدول الفقيرة … مهما تكن قيمة الفائدة المرجوة من الإعلان المبكر ، إلا أن أضرارها أكبر بكثير .. فحالنا اليوم يمثل تماما مثلنا الشعبي (عايرة و ادوها سوط) .