* مواطنو العاصمة المثلثلة: الأزمة فاقت حَد الصبر ويصعب التعايش معها * مدير شركة المواصلات محمد ضياء يترافع: لا تُوجد مؤسسة في السُّودان كله تمت فيها إزالة للتمكين والفساد كما حدثت بالشركة * تم تسليم الجهات المختصة تسعة ملفات فساد وننتظر كلمة القضاء * أسطول حالك ورثته الحكومة الإنتقالية من النظام البائد * ده مفهوم خاطئ، أزمة المواصلات ليست ضمن مسؤوليتي * لا علاقة لنا بالتعرفة والخطوط، ويبدو أن البعض يُريد أن يحملنا ما لا طاقة لنا به مضت قُرابة ال(5) ساعات؛ بددتها فِي إنتظار مركبة مُتجهة إلى منطقة الحاج يوسف الوحدة حيثُ تقطن ولم تأتِ!.أم الزين إبراهيم، أرملة وأم ل(6) أطفال أكبرهم لم يتجاوز عُمره ال(20) عاماً، تعمل بائعة مُدققات على رصيف سوق الخضروات ببحري، حقيقة الأمر، رفضت السيدة البالغة مِن العمر (57) عاماً التحدث ل(الجريدة) قالت بما تبقى لها مِن صبر "الكلام ما مِنا فايدة" ثمْ جعلتها ساعات الإنتظار الطويلة تُراجع قرارها، بدأت حَدِيثها مُتسائلة:(هل فشلت الحُكومة في حل أزمة المواصلات، ماممكن سنة كاملة نحن نعاني)؟. على الرصيف طرحتُ سؤال السيدة (أم الزين إبراهيم) على المُدير العام لشركة مواصلات ولاية الخرطوم محمد ضياء الدين، هل فشلتم فِي حل أزمة المُواصلات؟ فأجاب ل(الجريدة) قائلاً : هذه لسيت مسؤوليتي؛البعض يعتقد أنّ محمد ضياء الدين وزير النقل والمُواصلات، أو مُدير مسؤول عن المواصلات بالعاصمة، وده اعتقاد خاطئ، أنا مُجرد موظف بغض النظر عن موقعي ومسؤوليتي بالشركة . يُواصل (ضياء الدين ) حديثه : نحن معنيون فِي شركة المُواصلات من إدارة وتشغيل البصات التابعة للولاية وكل مساهماتنا في حل مشكلة المواصلات تتوقف على تشغيل باصات الشركة، يعني بإختصار لا علاقة لنا بالحافلات أو وسائل المواصلات الأخرى، كما لا علاقة لنا بالتعرفة والخطوط ومشاكل المواقف مع (الكمسنجية)، حاولنا أن نوضح ذلك كثيراً لكن يبدو أن البعض يُريد أن يحملنا ما لا طاقة لنا به، واقول ذلك ليس تهرباً من المسؤولية ولكنها الحقيقة كما ينبغي أن تُقال وتُعرف. ضوء فِي نهاية النفق ما نعيشه الآن بكامل صُعوبته لم يكن وليد اللحظة، إنّها مُشكلة مُتجذرة فِي القِدَم، ولكنها تتفاقم بوتيرة سريعة جداً جعلت التعايش معها ضرباً مِن المُستحيل، وصارت تُشاطر فلذات أكبادنا قُوت يومهم، الحديث أعلاه يعود ل(المتوكل على الله هارون) الذِي قال إنّه يُنفق يومياً ذهاباً وإياباً مِن منزله بمنطقة الأزهري إلى مقر عمله في السوق العربي ما يتراوح بين ال(300 إلى 450) جنيه هذا إضافةً لوجبة الفطور و غالباً ماتكون طلب فول تبلغ قيمته (140) جنيه، يقول متوكل ل(الجريدة) : أدفع المبلغ المذكور آنفاً، بعد معاناة تستمر لساعات ليست بالقليلة، ومصارعة أنهكت الجسد المُنهك مسبقاً لحجز مقعد وسط العشرات من المواطنين الذين يتشاطرون جحيم المعاناة، ولا يبدو أنّ هُنالك ضوء فِي نهاية النفق. اليأس المُتمكن مِن المتوكل منبعه إيمانه الراسخ بوجود أطراف تقف خلف أزمة المُواصلات بهدف تضييق الخناق على المُواطنين الذِين خرجوا ضد نِظام البشير، إنّه عِقاب للسُّودانيين أجمع، قالها ومضى مُسرعاً فور سماعه صوت من بعيد يُنادي (ها مايو المركز الإسلامي ، 90 جنيه). استبعد محمد ضياء الدين ل(الجريدة) أنّ تكون الأزمة التي يكتوي بلظاها مئات المواطنين مُفتعلة، وأشار إلى أن لها أسباب ومُبررات عديدة وموضوعية فهُناك أزمة وقود، وخُروج العديد مِن المركبات عَن الخدمة، وعدم وجود قطاع عام فاعل، بالإضافة لزيادة قيمة قطع الغيار والزيوت مع العلم أنّ العاصمة الخرطوم دخلتها في فترة وجيزة أكثر مِن (200) الف سيارة (بوكو حرام) سيارات غير مجمركة تُباع بمبالغ ضئيلة ، مع إنهيار البنية التحتية والتعدي على الطرق وعدم تحديث هندسة العاصمة الممتدة والتي يتجاوز عدد سُكانها ال(10) مليون نسمة. الهُروب مِن المُحاسبة واجهت مُدير شركة مواصلات ولاية الخرطوم محمد ضياء الدين إبان توليه الإدارة تحديات جمة، يأتي احتكار النظام البائد لكافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المرتبطة بالخدمات الأساسية فِي مقدمة سنامها، وأوضح: وهذا بالضبط ماحدث بالشركة التي تحولت بقدرة قادر من مؤسسة حكومية لشركة قطاع خاص، حيث كانت ولاية الخرطوم تمتلك (19)% مِن أسهم التأسيس وذلك حتى لا تخضع للمراقبة مِن قبل المراجع العام، وعليه أصبحت الشركة بالكامل فِي يد وسيطرة جماعة النظام البائد ومحسوبيه. يكشف ضياء الدين ل(الجريدة) عّن قيامه بحملات تصفية للشركة من عناصر التمكين والفساد التيّ تفشت بِها مّنذ توليه المسؤولية كمدير قائلاّ : لا تُوجد مُؤسسة فِي السودان كله تمت فيها اجراءات إزالة التمكين والفساد كما تمت فِي شركة المواصلات العامة، مُقراً بوجود حالات فساد بشركة مواصلات ولاية الخرطوم، وتم تسليم (9) ملفات مُتعلقة بالفساد للجهات المُختصة، بيد أنّه رفض الإفصاح عنها في الوقت الراهن إلى أنّ يقول القضاء كلمته. المُشكلة شنو ؟! سُؤال غاضب طرحه بإستنكار المعاشي مبارك داوود، لم تفلح ملامح وجهه المتجهمة فِي تخبئته، دايرين نعرف الحاصل شنو بالضبط، أظن مِن حقي كمواطن بسيط يُعاني الأمرين بسبب شُح وسائل النقل عامةً (حافلات باصات ركشات) معرفة متى سيُكتب لهذه المأساة الطاحنة نهاية؟. ويُشرِح محمد ضياء الدين أسباب أزمة المُوصلات الطاحنة بأنّ مردها أسطول هالك ورثته الحُكومة الإنتقالية مِن النظام البائد، وورش فقيرة تفتقد الأساسيات المطلوبة للصيانة، ومديونيات مهولة، وبنية تحتية متهالكة في كل القطاعات التابعة للشركة ونظام تشغيل لا يراعي المصلحة العامة، مُشيراً إلى أنها أزمة قديمة ومركبة ذات أطراف كثيرة ومُتعددة وتحتاج لمعالجات متوازنة في كل القطاعات ذات الصلة بالأزمة ومِنها على سبيل المثل البنى التحتية، ادارة المرور، هندسة المدن، امدادات الطاقة والبترول، جهاز الرقابة الميدانية، ممثلو أصحاب الحافلات والسائقين، لِجان الترحيل، النقابات وهُناك أيضاً الشرطة لتفعيل قانون التعدي على الطرق، كل هذه الجهات لها علاقة بالمواصلات لذلك قلت إن المشكلة مركبة وتبدو مستعصية. ما الحل..؟ وفقاً لمنظوره فإن إيحاد حل لأزمة المواصلات الطاحنة التي تُعاني مِنها العاصمة الخرطوم يستند على عِدة حلول وإن بدت المعضلة واحدة، يُؤكد ضياء الدين ل(الجريدة) أنّ تنمية القطاع الحُكومي العامل فِي مجال المواصلات من أهم شروط حل الأزمة، هذا اضافة لتقديم الدعم وتوفير المعينات اللازمة للقطاع الخاص من أجل عودته لسوق العمل، ولابد من تنوع وسائل النقل كأقل تقدير يُمكن تفعيل دور النقل عن طريق القطار عقب فك الإشتباك مع هيئة السكة حديد. وتابع: يجب إعادة البصات النهرية، وتشكيل جهاز رقابي فاعل وعُقوبة رادعة لكل من يتجاوز القانون فيما يتعلق بعدم الإلتزام بالتعرفة المحددة والخطوط أيضاً، مُشدداً على ضرورة إعادة هيكلة قطاع المواصلات مِن خلال تحديد جِهة معينة بالإشراف الإداري على قطاع النقل بولاية الخرطوم تضم كل القطاعات ذات الصلة بالمواصلات. يقول ضياء الدين ل(الجريدة): هُناك مقترح وضعت له الدراسات العلمية المأخوذة من بعض التجارب في المحيط العربي والافريقي يقضي بتغيير مواعيد العمل بين الطلاب والعمال والموظفين وفق توقيتات محددة لكل فئة وهذه التجربة أسهمت في معالجة الازدحام وتوفر المواصلات في العديد من الدول والمدن ونرجو اخضاعها للدراسة والتقييم. سلمى عبدالعزيز