سمية سيد لطالما قلنا إن الإنتاج هو المخرج الأساسي من الأزمة الاقتصادية التي تخنق البلاد وعلى الحكومة توجيه كافة الموارد لدعم قطاعات الإنتاج وليس الاستهلاك، وأن تذهب عائدات رفع الدعم لتحسين بيئة الإنتاج وحل المشاكل التي أدت الى الانهيار. ومن الأخبار التي تستحق الاحتفاء أن البلاد تستعد لحصاد أكثر من مليون فدان قطن في عدد من المشاريع تشمل الجزيرة، حلفا الجديدة والسوكي. لقد ظل المزارعون يشتكون من ضعف الإنتاج في كل المواسم بسبب الإهمال الحكومي، من تمويل، وتوفير المدخلات لنقص الجازولين انتهاءً بالتسويق الذي لا يعتمد على أي خطط مدروسة. أما وأن يحقق القطن هذه الإنتاجية العالية للموسم الحالي فإنه يضع الحكومة أمام تحدٍ كبير خاصة وأن معظم أسباب النجاح ترجع الى دخول رواد الأعمال في القطاع الخاص في تطوير القطن إنتاجاً وتسويقاً.. دخول القطاع الخاص حل أكبر المشكلات في العملية الإنتاجية وهي التمويل.. التسويق.. توفير التقاوي الجيدة وهي المشاكل التي قادت الى انهيار الزراعة خلال السنوات الماضية. كذلك دخول القطاع الخاص مهد لعلاقات إنتاج من الممكن أن تكون النموذج الأمثل. نموذج الزراعة التعاقدية التي تم انتهاجها في زراعة القطن أزالت الكثير من تعقيدات علاقات الإنتاج، وأسهمت في تحقيق قيمة اقتصادية عالية.. نذكر هنا التجربة الناجحة للشركة الأفريقية التي تمتلك نحو 9 محالج حديثة لإنتاج 160 طن. في قروب وادي النيل الذي يضم نخبة من المفكرين ورجال الأعمال والأكاديميين والإعلاميين كان النقاش أمس حول الزيادة الكبيرة في إنتاج القطن لهذا الموسم الى درجة التخوف من عدم وجود عمال لحصاد المساحات الكبيرة. اتفق الجميع على أهمية الاهتمام بقطاع الإنتاج الزراعي في هذه المرحلة بالأخص إنتاج القطن لما له من مميزات وقيمة مضافة مع زيادة الطلب وارتفاع أسعاره في السوق العالمي. عائد الفدان من القطن يحقق 400 دولار، فيما يحقق عائد فدان السمسم 80 دولار، والفول 30 دولار. في بداية هوجة الاعتماد على الذات بداية تسعينيات القرن الماضي قرر النظام البائد تحويل مشروع الجزيرة لإنتاج القمح مع تقليص مساحات القطن.. وقتها انتقد عدد من الخبراء هذه السياسة، مرجحين فكرة التوسع في القطن وشراء القمح من الأسواق خاصة أن بواخر القمح كان بالإمكان شراؤها من عرض البحر دون التأثر بقرارات المقاطعة الأمريكية. وجدي ميرغني رئيس منتجي ومصدري القطن قال في تصريحات صحفية إن إمكانيات السودان تسمح بزيادة المساحات المزروعة قطن الى مليوني فدان، بما يحقق عائداً يصل الى 2 مليار دولار بدلاً عن 500 مليون دولار هذا الموسم. وجدي ذكر أن صادرات القطن كانت تشكل 60% من قيمة الصادرات غير البترولية. وأرجع انهيار الصادرات الى تدني الإنتاج وانسحاب الدولة من التمويل لكنه أبان أن زيادة الإنتاج تمت بدخول القطاع الخاص في التمويل مع دخول القطن المحور وراثياً عبر علاقات الإنتاج. أهم ما أشار له د. وجدي أن 60% من إنتاج القطن يأتي من صغار المنتجين وهو أمر يحتاج الى رعاية الدولة لابتداع طرق تمويل تحفز صغار المزارعين، مع تطوير عمليات التسويق. صحيفة اليوم التالي