أعلن أمس عن إجتماع سيعقد في أديس أبابا (الثلاثاء) بين أعضاء لجنة حكماء افريقيا التي يرأسها ثابو مبيكى رئيس جنوب افريقيا السابق، ومدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس اوكامبو، وتتوقع الحكومة هنا أن ينجح الإجتماع في إقناع اوكامبو بعدم المضي قدما في محاولته إستئناف طلبه للمحكمة بتوجيه تهمة (الابادة الجماعية)، وإيقاف محاولاته لدعم مثول الرئيس البشير أمام المحكمة الجنائية بتهمة إرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور. وتستند لجنة الحكماء في محاولتها تلك على موقف الإتحاد الافريقي الذي تبنى خلال قمة في سرت الليبية قرارا بوقف التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لتوقيف الرئيس البشير، وهو القرار الذي صدر بناء على التوصيات الإبتدائية للجنة حكماء افريقيا التي أجرت من جهتها اتصالات واسعة في الآونة الاخيرة بشأن الاوضاع في دارفور. وتعمل اللجنة أساسا بناء على تفويض من مجلس السلم والأمن الافريقي الذي يرفض تأييد مذكرة المدعى العام لمحكمة الجنايات بإعتبار إنها ستعوق عملية السلام وتؤدى الى مزيد من الآلام بالنسبة لشعب السودان والى اضطراب المنطقة، وتسعى اللجنة أيضا الى الطلب من مجلس الامن أن يتدخل لدى المحكمة لتأجيل النظر فى انتهاكات حقوق الانسان فى دارفور لمدة سنة حسب المادة 16من النظام الاساسي للمحكمة. ويقول عضو في لجنة حكماء افريقيا ل»الصحافة» قبيل اجتماع أمس إن أعضاء اللجنة سيشرحون خلال لقائهم مدعي المحكمة الدولية خطوات تقصيهم في قضية دارفور، وجهودهم لإحلال السلام في الاقليم، وسيبلغوه رغبة الدول الافريقية في تأجيل التهم الموجهة للرئيس البشير، من أجل تدعيم السلام الدائم والمصالحة فى دارفور، على الرغم من تأييدهم في ذات الوقت التمسك بمبادئ المساءلة القانونية وتقديم منتهكى حقوق الانسان فى دارفور الى العدالة. ويقول عضو اللجنة التي زارت السودان أخيرا، إن اللجنة ستطلب من أوكامبو إعطاء السلام فرصة وأن تكون الاولوية للسلام ثم تحقيق العدالة، ويشمل الطلب توقف محاولة مدعي المحكمة الدولية لاستئناف طلبه الى قضاة المحكمة لتوجيه تهمة إرتكاب (الإبادة الجماعية) للرئيس البشير، معتبرين أن مثل هذه الخطوة قد تعقد الاوضاع أكثر من كونها ستقود الاطراف المختلفة للتوصل الى حل. لكن عضو اللجنة الذي فضل عدم ذكر إسمه، قال ل(الصحافة) إن جهود إيقاف أنشطة اوكامبو تتطلب أن تتخذ الخرطوم خطواتٍ أكثر عجلة لتقصى الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان فى دارفور و تقديم المتسببين الى العدالة وأن يحاط الاتحاد الافريقى علما بالتقدم الذى يحرزه فى هذا الاتجاه خاصة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان والقانون الدولى الانسانى، معتبرا أن اللجنة حاولت تقييم خطوات الحكومة السودانية فى مخاطبة انتهاكات حقوق الانسان فى دارفور القضاء السودانى والاجهزة العدلية بلعب دور فى حماية المدنيين ومحاربة الافلات من العقوبة بما فى ذلك التحقيق مع منتهكى الحقوق وتقديمهم للمحاكمة. وتابع أن اللجنة قدمت رؤية للحل السياسى، ووجدت تجاوبا من كل الاطراف، موضحا إن المهم هو جلوس كل الاطراف وتهيئة الأجواء لعملية السلام، كما طرحت اللجنة مقترحات فى هذا الخصوص ووجدت تجاوبا من الجميع، وأكد علي ضرورة إلتزام الاطراف بالوقف الكامل لاطلاق النار، واتاحة الفرصة امام جهود التسوية السياسية. بيد أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، قال في تصريحات قبل أيام للبي بي سي إن قرار الاتحاد الأفريقي بعدم التعاون مع المحكمة فيما يتعلق مذكرة التوقيف لن يكون له تأثير على عمل المحكمة. وقال-الناطق بإسم الخارجية علي الصادق إن أوكامبو لم يكن يتوقع أن تقف القارة الإفريقية خلف السودان رغم التحركات الحثيثة و المريبة التي قامت بها المحكمة وسط القادة الأفارقة، لافتًا أن ذلك يعني وعي الأفارقة بحقيقة المحكمة. من جهته، توقع المستشار بوزارة الاعلام والاتصالات الدكتور ربيع عبد العاطي، أن تشكل توصيات لجنة حكماء افريقيا وقرار قمة الاتحاد الافريقي الاخير، ضغوطا كبيرة على مزاعم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وأبلغ المحلل السياسي الدكتور صلاح الدومة «الصحافة» أن إجتماع اللجنة الافريقية بأوكامبو، سيؤكد على اللجوء الى الحل السياسي بدلا من التصعيد بقرار محكمة الجنايات الدولية، لكنه أشار إلى أن أية تسوية ستجرى مع مدعي المحكمة الدولية، ستكون مقابل تعهدات بممارسة ضغوط كبيرة على الخرطوم من اجل تقديم تنازلات كبيرة في اطار حل ازمة دارفور مقابل ايجاد تسوية سياسية داخل مجلس الأمن لموضوع اتهامات المحكمة الدولية للرئيس البشير. ويعتقد الدومة، أن لجنة امبيكي ستحاول إبلاغ أوكامبو رسالة مفادها أن موضوع المحكمة الجنائية كان وسيلة ضغط لحل عاجل للأزمة، لكن كافة قوى المجتمع الدولي ودول القارة الافريقية تريد إنهاء النزاع في دارفور وان الخيار المناسب بالحل السياسي وليس بالقوة.