درع السودان..نخوض المعارك بروح معنوية عالية ونستعد بكل ثقة لاستكمال مراحل التقدم وتحقيق أهدافها المرسومة    اكتمال عملية التسليم والتسلم بين رئيس مجلس الإدارة السابق والمدير العام للنادي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    بدعم من المملكة العربية السعودية رئيس الوزراء يدشن عددا من المنشآت الخدمية ببورتسودان    رسالة رونالدو بعد تسجيله في أول مباراة لجواو فيلكس مع النصر    مدير الإدارة العامة للمرور يدشن أعمال نحت الشاسيهات بعطبرة ويشيد بشركة الوكيل لدورها في تطوير الخدمات المرورية    بقانون الوجوه الغريبة.. الإعدام لقيادي ب "الأمة القومي"    لجنة الحوكمة :تصدر بيانا مهما وندعو الأسرة المريخية للتوحد والتكاتف خلف الكيان    الجزُولي نوح في اليَد ولا (10) "إيفرا أغباغنو" في الشّجرة    أمجد فريد الطيب يكتب: حكومة "تأسيس" الموازية في السودان… صناعة الوهم السياسي وشرعنة العنف    ترامب يعلق على عزم كندا الاعتراف بدولة فلسطين    خبر صادم في أمدرمان    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    الدولي إسحاق آدم يشكر أكاديمية المشعل ونادي الشباب    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتهز "مؤخرتها" بطريقة مثيرة وتشعل ثورة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد بالفيديو.. "خريج" سوداني يختار النشيد الوطني كأغنية رسمية في حفل تخرجه..يهدي والدته "مصحف" ويوشح والده "المساعد" بالجيش بعلم السودان والجمهور يشيد: (لا رقيص ولا فارغة خريج محترم لانو طلع من أسرة محترمة)    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    حكومة الأمل: ما هي مهامها الاستراتيجية الكبرى    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بعد ضغوط متزايدة.. استقالة جماعية لمجلس إدارة نادي المريخ    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    تحذر: جسم غامض يتجه نحو الأرض قد يكون مصدره كائنات فضائية    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    اتحاد الكرة يفرض عقوبات جديدة على نادي المريخ    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    يتضورون جوعا.. ترامب يرد على نتنياهو بشأن "مجاعة غزة"    لجنة الانضباط باتحاد كرة القدم السوداني تصدم المريخ الخرطوم    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    غوتيريش يحذر من "سلاح الجوع"    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    شاهد بالصور.. الممثلة المصرية الشهيرة رندا البحيري تهنئ فريق الزمالة أم روابة السوداني بتدوينة جميلة لهذا السبب (!!!)    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    السودان..الإعلان عن إنزال البارجة"زمزم"    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    تحرك الدولار الجمركي من 2096 الى 2400 مامؤثر شديد    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    د.ابراهيم الصديق علي يكتب: *تقييد اتصال الواتساب: قضية أمن أم اتصالات؟*    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    لجنة أمن ولاية الخرطوم تؤكد دعمها للخطة التفصيلية لضبط الوجود الأجنبي بولاية الخرطوم    المباحث الجنائية تضبط عربة بوكس تويوتا وسلاح ناري وتلقي القبض على المتهم    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    عاجل..اندلاع حريق جديد في مصر    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    ((مختار القلع يعطر أماسي الوطن بالدرر الغوالي)) – غنى للعودة وتحرير مدني وغنى لاحفاد مهيرة – الدوحة الوعد الآتي (كتب/ يعقوب حاج أدم)    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة السودانية.. الوضع الميداني والعامل الخارجي ومستقبل الصراع
نشر في النيلين يوم 15 - 08 - 2023

بعد مرور نحو أربعة أشهر على اندلاع القتال بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، ما زالت الأزمة السودانية تراوح مكانها. وكانت الأزمة قد بدأت في 15 نيسان/ أبريل 2023، عندما هاجمت قوات الدعم السريع مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة ومواقع حيوية أخرى داخل العاصمة، الخرطوم، في محاولة منها للسيطرة على السلطة. وشكّل ذلك الهجوم بداية مواجهة عسكرية بين الطرفين امتدت لتشمل مناطق في دارفور وأجزاء من كردفان.
تمثّل هدف ميليشيا الدعم السريع، الرئيس، في بداية القتال، في حسم الصراع سريعًا مع الجيش واستلام السلطة، من خلال سعيها إلى السيطرة على القصر الجمهوري، ومباني الإذاعة والتلفزيون، ومطاري الخرطوم ومروي، ومرافق حكومية أخرى، إضافة إلى مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة. وتحرّكت قوات الدعم السريع في دارفور، التي تُعد معقلًا رئيسًا من معاقلها، وخزّانًا بشريًا لها، وقد نشأت فيها في أثناء مواجهة الحركات المسلّحة الأخرى في حرب دارفور (2002-2011)، واتُّهمت قوات الدعم السريع (الجنجويد سابقًا) حينئذ بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد السكان المدنيين. ودارت معارك أيضًا بين "الدعم السريع" والقوات المسلحة في مدن الفاشر ونيالا والجنينة وزالنجي. ويقتسم الطرفان حاليًا السيطرة في كل هذه المدن، عدا الجنينة التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع مع مليشيا محلية متحالفة معها. بعد مرور أربعة أشهر من القتال واتّضاح صعوبة استيلاء "الدعم السريع" على السلطة، أصبح هدفها الحفاظ على مكتسباتها وتحسين وضعها التفاوضي، من خلال استخدام قدرتها على الحركة السريعة في شنّ هجمات متزامنة على مرافق عسكرية، في محاولة لاستنزاف القوات المسلحة وتشتيت جهودها، فضلًا عن توجّهها إلى احتلال بيوت المواطنين والمستشفيات والمرافق الحكومية، مثل محطّات المياه والكهرباء ومصفاة البترول. وتزامن مع هذه التكتيكات الجديدة نهبٌ وحرقٌ لممتلكاتٍ عامة وخاصة، وارتكاب انتهاكاتٍ جسيمة ضد المدنيين، بما في ذلك الاغتصاب والتهجير القسري. وقد جعل احتلالُ بيوت المواطنين ونهبها والتحصّن فيها مواجهةَ قوات الدعم السريع داخل العاصمة أمرًا صعبًا.تتركّز المعارك حاليًا في مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري، مع هجمات متقطّعة على مدن الأبيض وأم روابة في كردفان. وتدور في العاصمة حرب مدن يستخدم فيها الجيش الطيران لقصف مواقع "الدعم السريع"، بما في ذلك بعض المرافق العامة التي استولت عليها، مع إجراء عمليات تمشيط لأحياء في مدينتي أم درمان والخرطوم. أما "الدعم السريع" فتستخدم المرافق العامة، خصوصا المستشفيات، ومنازل المواطنين، ملاذات من هجمات سلاح الطيران والمدفعية التابعة للجيش. وتعتمد "الدعم السريع"، على نحو رئيس، على القنّاصة في تأمين السيطرة على معظم الجسور التي تربط المدن الثلاث، مع استخدام مسيّرات تستهدف بها مواقع عسكرية تابعة للجيش. ويبدو أن انتشار قوات الدعم السريع في مدن العاصمة الثلاث أخذ يشكّل عبئًا عليها؛ بسبب صعوبة تأمين خطوط الإمداد، وتوفير الوقود والذخيرة. وقد لوحظ انخفاضٌ في فعالية الهجمات التي تشنّها "الدعم السريع" في الفترة الأخيرة مقارنةً بالهجمات التي كانت تشنّها في أسابيع الحرب الأولى؛ إذ تكتفي حاليًا بشنّ هجمات باستخدام المسيّرات أو القصف الصاروخي ضد مواقع القوات المسلحة. وتسعى قوات الدعم السريع للإبقاء على خطوط إمدادها من خارج السودان مفتوحة، خصوصا من ليبيا وأفريقيا الوسطى وأوغندا. وقد نقلت وسائل إعلام أميركية، استنادًا إلى مصادر ميدانية وتحليلات لصور أقمار اصطناعية، إرسال اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومجموعة فاغنر الروسية المنتشرة في ليبيا وفي أفريقيا الوسطى إمدادات أسلحة إلى قوات الدعم السريع؛ إذ جرت متابعة طائراتٍ تغادر قاعدة الخادم التي يسيطر عليها اللواء حفتر شرق ليبيا إلى مطار حميميم في سورية، حيث تملك روسيا وجودًا عسكريًا كبيرًا، ثم تعود إلى قاعدة الخادم، ومن بعد ذلك إلى مكان معزول في مطار في منطقة الجفرة، وسط ليبيا. وفي إثر ذلك، يجري توصيلها إلى قوات الدعم السريع داخل السودان.
وبحسب المصادر نفسها، فإن صواريخ "أرض – جو" التي استخدمتها قوات الدعم السريع في بداية المواجهات مع الجيش أرسلها حفتر. وقد دفع هذا الأمر القوات المسلحة السودانية إلى السيطرة على قاعدة الشفرليت التابعة ل"الدعم السريع" على الحدود السودانية الليبية لوقف إمدادات السلاح القادمة من ليبيا. وتشير تقارير أخرى إلى وجود مسار إمداد ثانٍ عبر أفريقيا الوسطى إلى دارفور، خصوصا أن "الدعم السريع" تسيطر على معبر أم دافوق بين السودان وأفريقيا الوسطى، ويشير ذلك إلى أهمية العامل الخارجي في الصراع الدائر حاليًا في السودان. يتفاوت التفاعل الخارجي مع الحرب في السودان، الإقليمي خصوصا، بين محاولة وقف القتال ومنع انتشار الفوضى عبر الحدود، وصولًا إلى الدعمين، السياسي والعسكري غير المعلن لأحد أطراف الأزمة. وتُعد الإمارات أبرز الأطراف الإقليمية المتدخلة في السودان؛ فهي ترتبط بعلاقات وثيقة مع مليشيا الدعم السريع التي توظف جزءًا منها في حرب اليمن. وللإمارات مصالح متنوّعة في السودان، بما في ذلك اهتمامها بمناجم الذهب، وبناء ميناء أبو عمامة على ساحل البحر الأحمر لتوطيد سيطرتها على موانئ المنطقة الممتدة من القرن الأفريقي إلى البحر الأحمر. ورغم أن الحكومة السودانية لم تذكر الإمارات صراحة، فإنها اتهمت دولًا أجنبية بمساندة الدعم السريع. وكانت القوات المسلحة قد وجدت أسلحة عسكرية إماراتية في حوزة تلك القوات، عندما استولت على بعض معسكراتها. وقد ذكر موقع غرجون Gerjon لرصد حركة الطيران أنه توجد رحلات طائرات من الإمارات عبر عنتيبي في أوغندا إلى أفريقيا الوسطى وتشاد بلغت، في الفترة 16 أيار/ مايو – 30 حزيران/ يونيو 2023، نحو 28 رحلة، وأن حركة الطيران هذه قد وصلت في ذروتها إلى أربع رحلات يوميًا؛ ما يشير إلى تزويد الإمارات "الدعم السريع" بعتاد عسكري عبر مجموعة فاغنر الموجودة في أفريقيا الوسطى. وكشفت مصادر أميركية، أخيرًا، نقلًا عن مسؤولين أوغنديين، أنهم عثروا على صناديق ذخيرة وبنادق هجومية قادمة من الإمارات، كانت مدرجةً في بيان الطائرة على أنها مواد غذائية وإمدادات طبّية مرسلة إلى السودان. ثمّة مصالح إماراتية اقتصادية وجيوسياسية وأخرى متعلقة بالنفوذ داخل السودان عن طريق "الدعم السريع" من ناحية. وتلتقي الإمارات مع ادّعاءات تنظيمات سياسية محلية وقوات الدعم السريع في وجود قوى إسلامية داخل القوات المسلحة من ناحية أخرى. وهذه القوى كانت سببًا لرفْض اتفاق الإطار وبدْء الحرب. ولكن ليس في وسع أيٍّ من هذه القوى إنكار ثلاثة معطيات أساسية: إن النظام القديم (الإسلامي) هو الذي أتى بمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، واعتمد عليه، وعزّز قواته عدةً وعددًا. إن حميدتي أراد الوصول إلى السلطة، وكان مستعدًا في سبيل ذلك لأنْ يظهر متحالفًا مع قوى مدنية. إن قواته ترتكب جرائم ضد المدنيين السودانيين بلغت من الفظاعة أنْ نفَّرت الشعب السوداني، بما في ذلك الأغلبية المتضرّرة من النظام السابق والمناهضة له، منه ومن قواته.
ربما تعلّم الجيش السوداني درسًا من الاعتماد على قوة مسلحة من خارجه ولا تأتمر بأوامر قيادته ولديها مصادر تمويلها المستقلة. لقد بلغ تعزيز قوة مليشيا الدعم السريع مبلغًا جعل بعضهم يدّعي أنه لم يعد للجيش سلاح مشاة غيرها.
اضطلعت المملكة العربية السعودية بدور مهم في العملية السياسية في أثناء الفترة الانتقالية، على نحو أحادي، أو في إطار الرباعية إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات، وهي المجموعة التي تشكّلت لترتيب المرحلة الانتقالية بعد خلاف العسكريين والمدنيين عقب انقلاب تشرين الأول/ أكتوبر 2021. وقد برز ذلك عبر "منبر جدّة"؛ إذ استضافت السعودية، بمشاركة الولايات المتحدة، عدة جولات من المفاوضات بين الطرفين المتحاربيْن في السودان. ورغم أن السعودية والإمارات من أعضاء الرباعية، فإنّ لديهما رؤيتين ومسارين مختلفين في التعامل مع الوضع السوداني، ففي حين تؤيد الإمارات "الدعم السريع"، تُعد السعودية أقرب في مواقفها من الموقف المصري غير الفاعل؛ ولكنه موقف منحاز، عمومًا، إلى الجيش. وتتباين الرؤى أيضًا حيال الوضع في شرق السودان، من خلال تأثير ما يدور فيه في الأمن الوطني السعودي، ومن باب المنافسة الاقتصادية؛ إذ تهدف الإمارات إلى بناء ميناء أبو عمامة على البحر الأحمر، بينما تعمل السعودية على أن يكون البحر الأحمر مركزًا لنشاطها الاقتصادي وفقًا لرؤية 2030.
ومع أن مصر تُعد الأكثر قربًا من السودان بحكم التاريخ والجغرافيا، فإن دورها فيه بات هامشيًا على نحو واضح؛ إذ جرى استبعادها من عضوية الرباعية، ومن أيّ دورٍ في مفاوضات جدّة. وتحظى مصر بعلاقة قوية مع الفريق عبد الفتاح البرهان والقوات المسلحة السودانية منذ انتفاضة كانون الأول/ ديسمبر 2018، فقد نُظّمت مناورات عسكرية مشتركة عديدة؛ أبرزها مناورات "نسور النيل" التي كانت تُدار من قاعدة مروي الجوية في شمال السودان. وكانت قوات الدعم السريع قد اعتقلت جنودًا مصريين عندما احتلّت مطار مروي، وأطلقت سراحهم لاحقًا. وبرز الدور المصري جليًا في اللقاء الذي نظّم في القاهرة بعنوان "الحوار السوداني"، في شباط/ فبراير 2023، وشاركت فيه قوى سياسية مختلفة، وقاطعه المجلس المركزي للحرية والتغيير. وتعزّز الدور المصري من خلال الاجتماع الذي نظّمته القاهرة على مستوى القمة لدول جوار السودان في تموز/ يوليو الماضي، رفض فيه المجتمعون التدخّل الخارجي في السودان، وأكدوا أن ما يجري فيه شأن داخلي لا ينبغي تأجيجه من الخارج. ومن ناحية أخرى، عقد فصيل المجلس المركزي للحرية والتغيير اجتماعًا في القاهرة، في 24 – 25 تموز/ يوليو 2023؛ إذ اعتبر ذلك بمنزلة وصلٍ لما انقطع بين المجلس والسلطات المصرية بعد مقاطعة الفصيل الحوار السوداني الذي عقد في القاهرة، في شباط/ فبراير 2023.
أما تشاد فقد أعلنت، في الأيام الأولى للقتال، عن إغلاق حدودها مع السودان لمنع انتقال الحرب إليها، ولمنع وصول إمدادات للدعم السريع عبر أراضيها. لكن هذا الموقف قد يتغيّر بعد زيارة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي الإمارات في 13 حزيران/ يونيو 2023؛ إذ قدّمت الأخيرة قرضًا يبلغ مليارًا ونصف مليار دولار لتشاد، ومنحتها معدّات عسكرية، وفتحت مكتبًا لتنسيق المساعدات الخارجية في منطقة أم جرس على الحدود السودانية – التشادية. واستضافت تشاد، في 6 آب/ أغسطس 2023، الاجتماع الأول للآلية الوزارية ل "جوار السودان" تنفيذًا لقمة القاهرة، وهدف الاجتماع إلى اقتراح سُبل الخروج من الأزمنة السودانية الراهنة. وقد برز دور إقليمي آخر من خلال الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)، إذ شكّلت الهيئة لجنة رباعية لمناقشة الأوضاع في السودان برئاسة الرئيس الكيني وليام روتو. وقاطع الوفد السوداني اجتماعات اللجنة، لأن الحكومة السودانية تتهم رئيس اللجنة روتو بإنشاء علاقات وطيدة مع قائد قوات الدعم السريع حميدتي. وقد زار روتو، عندما كان نائبًا للرئيس، السودان زيارةً سرّية في شباط/ فبراير 2020، ومن ذلك زيارته مواقع لإنتاج الذهب؛ ما يشير إلى ارتباطاته الاقتصادية بقوات الدعم السريع التي تسيطر على مواقع إنتاج الذهب في السودان. وفي اجتماع اللجنة الرباعية، في 10 تموز/ يوليو 2023، قررت أن تطلب من قمّة "القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا" الانعقاد؛ من أجل النظر في إمكانية نشر القوة الاحتياطية في السودان، لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وفي مؤتمر صحافي عقب اجتماع الرباعية، شكّك كل من الرئيس الكيني، روتو، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في شرعية القيادة السودانية، فقد صرّح روتو بأن هناك حاجة إلى تشكيل قيادة سودانية جديدة، وقال أحمد إنه يوجد فراغ في قيادة الدولة، وطالب بفرض حظرٍ جوي، وبسحب المدفعية الثقيلة. وقد رفضت الحكومة السودانية هذه التصريحات؛ ما جعل دور الهيئة الحكومية للتنمية، في حل الأزمة، محدودًا. جاءت مواقف القوى الدولية الغربية المؤثرة في السودان، خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا، مركّزة على وقف الحرب، والعمل من خلال منبر جدّة للتفاوض الذي كانت تديره الولايات المتحدة مع السعودية، ومن خلال الضغط على المنظمات الإقليمية؛ مثل الهيئة الحكومية للتنمية، والاتحاد الإفريقي، من أجل وقف الحرب، وفرض عقوباتٍ على شركات من الطرفين. أما روسيا، فقد أعلنت أنها مع مؤسّسات الحكم الشرعي بعد زيارة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار لها. الحرب الطويلة: يتمثّل هذا السيناريو في استمرار المعارك حتى يجري دحر قوات الدعم السريع نهائيًا في مدن العاصمة، ومدن دارفور الكبرى. ويدعم هذا السيناريو مجموعة من ضباط القوات المسلحة، تشاركهم في ذلك قوى سياسية ترى في وجود "الدعم السريع"، مهما ضعُف، تهديدًا مباشرًا للجيش والدولة السودانية. لكن تكلفة هذا السيناريو الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كبيرة، ويصعب تحمّلها في الظروف الحالية. الحل السياسي: يتمثّل هذا السيناريو في التوصّل، من خلال الضغوط الخارجية على قيادة الجيش، إلى حلٍّ يضمن وجودًا سياسيًا وعسكريًا ما لقوات الدعم السريع؛ إلى جانب الجيش أو كجزء منه. ولكن تحقيق هذا السيناريو يواجه تحدّيات أهمها رفض عدد من قادة الجيش هذا الحل، ووجود تيار شعبي رافض مكافأة الدعم السريع، بعد أن قام أفرادها بجرائم قتل واغتصاب، ونهب لمنازل المواطنين وممتلكاتهم. في كل الأحوال، سوف يعتمد خروج السودان من أزمته الراهنة موحدًا، واستعادة الدولة شرعيتها وسيادتها، على رفض وجود أي قوةٍ منظمة أخرى توازي قوتها أو تنافسها (مليشيا، أو فصيل مسلح مدعوم من الخارج)، وقد تبلور إجماع بين قوى سودانية وإقليمية ودولية وازنة على هذا المبدأ، وعلى ضرورة نقل السلطة إلى مؤسّسات مدنية متفق عليها ثم منتخبة ديمقراطيًا. ومن دون ذلك، سيكون أي حلٍّ يجري التوصل إليه مؤقتًا قابلًا للانهيار في أيّ لحظةٍ تتغيّر فيها موازين القوى.
مواضيع مهمة
علاج الحمى في الطب النبوي مشكلة مص الإصبع التفاح الأخضر .. فوائد
الضغط في العمل كيف نتناول الكزبرة؟ ميكب خدود البشرة الداكنة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.