كامل إدريس يؤكد إهتمام الدولة بقضايا المواطنين النازحين    الزمالك قاهر الكبار في بطولة كاس مصر للمرة 29 .    "النمير" يبشر جماهير الصفوة بمريخا مختلفا يليق بعظمة النادي الكبير    شاهد.. فنان سعودي يتغنى بالأغنية السودانية الترند (ما تضغطوني شديد) وفنانة الأغنية هالة عمر ترد بتدوينة خاصة    برلمانيون تشاديون: روسيا من شركائنا الرئيسيين وسنرد بالمثل على قرارات ترامب    تفاصيل اللحظات الأخيرة لأستاذ جامعي سعودي قتله عامل توصيل مصري    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء مصرية ترتدي أزياء العروس السودانية وتشعل الإحتفال بوصلة رقص مثيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء مصرية ترتدي أزياء العروس السودانية وتشعل الإحتفال بوصلة رقص مثيرة    شاهد بالفيديو.. أسطورة كرة القدم السعودية وفريق إتحاد جدة يتحدث عن الإداري السوداني بالنادي العم كمال الدولي: (يعتبر أبونا وكان يصحينا ليصلي بنا الفجر)    المليشيا المتمردة تستهدف بالمسيرات استاد الأبيض الدولي    شاهد بالفيديو.. أسطورة كرة القدم السعودية وفريق إتحاد جدة يتحدث عن الإداري السوداني بالنادي العم كمال الدولي: (يعتبر أبونا وكان يصحينا ليصلي بنا الفجر)    هجرة عسكية للسودانيين من مصر وارتّفاع أسعار التذاكر    تعليق لمسؤول أممي بشأن السودان    سلفاكير يتّخذ الخطوة المفاجئة    السعودية تنهي حلم البحرين.. وتحجز مقعدها بمحلق المونديال    عبدالله يحيى يلتقي رئيس مجلس الوزراء دكتور كامل إدريس    شندي: السجن عشرين عاما لمتهم تعاون مع مليشيا الدعم السريع المتمردة    الشمالية.. أسعار الخراف بين 400 الف جنيه الى مليون جنيه    رونالدو والبرتغال إلى نهائي دوري الأمم بفوز تاريخي على ألمانيا    "لبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن والصومال".. السيسي يلتقي محمد بن زايد في أبوظبي    لِيكُون (حَلَزونيّاً).. اتّحَاد الكُرة لا يَنقصُه إلّا (التوم هجُو)    تشمل دول إفريقية..ترامب يحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة    شاهد بالفيديو.. المواطنون يقررون الاستمتاع بالعيد داخل منازلهم.. مئات البصات السفرية تغادر مدينة بورتسودان في يوم واحد صوب العاصمة الخرطوم وبعض الولايات    بريطانيا تعد بتسليم 100 ألف مُسيرة لأوكرانيا    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    5 تحديات كبرى تنتظر أنشيلوتي مع منتخب البرازيل    يامال: رقم 10 في برشلونة لا يشغلني والفوز 4 مرات على ريال مدريد ليس لقباً    روضة الحاج: وأصيح بالدنيا هنا الخرطوم ! هل نيلُنا ما زال يجري رائقاً هل في السماءِ سحائبٌ وغيومُ؟ هل وجهُ (بحري) مثل سابقِ عهدِه متألِّقٌ وعلى الجبينِ نجومُ ؟    وفاة الفنانة سميحة أيوب .. سيدة المسرح والسينما    عناوين الصحف السياسية السودانية الصادرة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025    شقيق السودانية ضحية مالك عقار فيصل: «رفضت الزواج منه فقتلها» .. صور + فيديو    خطة النصر السعودي لإقناع رونالدو بالاستمرار    السودان.. السلطات تعلن القبض على"الشبكة الخطيرة"    السودان..ضبط شحنة"الصور الفاضحة"    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    تعرف على أسعار خراف الأضاحي بمدني وضعف في الشراء    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    السجن خمسة عشر عاما لمتعاون مع القوات المتمردة بسنجة    نسرين طافش تستعرض أناقتها بفستان لافت| صور    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن حادثة سرقة ثمانية كيلو ذهب وتوقف المتهمين    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    بشاشة زرقاء.. "تيك توك" يساعد الشباب على أخذ استراحة من الهواتف    علامات خفية لنقص المغنيسيوم.. لا تتجاهلها    حبوب منع الحمل قد "تقتل" النساء    العقوبات الأمريكية تربك سوق العملات وارتفاع قياسي للدولار    السلطات في بورتسودان تضبط تفشل المحاولة الخطيرة    ضمانا للخصوصية.. "واتساب" يطلق حملة التشفير الشامل    "رئيس إلى الأبد".. ترامب يثير الجدل بفيديو ساخر    سفارات كييف في أفريقيا.. خطط ومهام تتجاوز الدبلوماسية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميدتى.. مخاوف قديمة لدى تاجر إبل متقاعد
نشر في النيلين يوم 14 - 10 - 2024

يظل راعى الإبل على خوف دائم من انتقامها إذا ما أذاها، فالجمل- وفقًا لمرويات رعاة الإبل- ينفذ انتقامه قبل مرور أربعين يومًا على إهانته أو الغدر به من صاحبه.
وإذا ما لم ينتقم.. مات كمدًا وقهرًا.
ولرعاة الإبل هذا الشعور الدائم بأن معاشرة الجمال تختلف عن أى حيوان آخر، فهى تقتضى معاملة حذرة والاستعداد لانتقام وشيك، يتم بعد تخطيط عميق من الجمل.
وتختلط خبرة حدو الإبل ورعايتها مع مرويات غيبية لا تكاد تستبين أصولها بسهولة، تفيد بأن الجمل يخالطه الشيطان ويدخل فى تكوينه الجان، بما يلقى الكثير من الفزع مما يسمى «حقد الإبل» أو «انتقام الجمل».
وفى الوقت ذاته، يقال إن راكب الإبل يميل طبعه للسكون والأناة، من إيقاع مشية الجمل وصبره، وقالت العرب إن طبع الدابة ينسحب لطبع صاحبها مع الوقت.
ظلت تلوح هذه الأفكار وتحوم حولى وأنا أشاهد خطاب محمد حمدان دقلو «حميدتى»، الذى خرج قبل أيام فى قرابة 35 دقيقة، ويتهم فيه الطيران المصرى بدك قواته فى «جبل موية».
فحميدتى بالأساس تاجر جمال، تطور مع مجموعة من رفاقه إلى حام للقوافل من اللصوص، ثم إلى ميليشى سمين، يسيطر على طرق التجارة بين السودان وتشاد، وأحيانًا المتجهة من السودان إلى مصر.
إلى أن انخرط فى بنية نظام البشير قائدًا لما سمى قوات الدعم السريع، والتى كانت جزءًا من التشكيلات المسلحة العديدة التى يتوازن نظام عمر البشير بها ويدير التنافسات بينها لمصلحته. وكان حميدتى بقواته جزءًا من مآس ومجازر عدة منذ العام 2010 كأول تأريخ يمكن الاستيثاق فيه من ظهور الميليشى الشاب بقواته للعلن.
يحمل «حميدتى» رتبة «فريق»، وهو بالأساس لم يتم تعليمه الأساسى، فيما يذكرك رغمًا عنك بشخصية «الجنرال» فى رواية ماركيز الأولى «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه»، والذى كان يعتز فى رسائله العبثية الكثيرة بأن رتبته رتبة ثورية حصل عليها ضمن سياق ثورى فيما اجتاح البلاد من أحداث جسام، لا عبر مسار وظيفى بيروقراطى ترقى خلاله داخل الجيش.
لكن المسألة ليست بهذا التبسيط الذى يغرى بالوقوف عنده والاكتفاء به، والذى قد ينتهى بنا لتشخيص أوجه عبثية الشخصية التى نعاينها، عبر تلسين ثقيل الوطأة، أو حتى سخرية خفيفة الظل.
فخلف هذا الميليشى عقول منشقة تفكر وتدبر، فى السياسة والقانون والعسكرية والإعلام، ولربما بكفاءة تفوق نظيرتها لدى الحكومة السودانية ذاتها.
ففى أغسطس الماضى، شارك الدعم السريع فيما سمى «مفاوضات جنيف»، بينما أحجم الجيش السودانى عن المشاركة، وتمكن «حميدتى» من إظهار نفسه كجزء قابل للانتماء للبيئة الدولية، بالمشاركة والقابلية للتفاوض، وبتبنى اللغة العالمية التى تتحدث عن «الأطر» و«الشرعية الدولية» و«المجتمع الدولى» و«الاتفاقات والمعاهدات» و«القانون الدولى».
وفى المقابل رفض الفريق البرهان المشاركة فى هذه المفاوضات بتصريحه الشهير «سنحارب مئة عام»، وهو تصريح له وقعه- ربما الإيجابى- عند جماهير السودان المؤيدة للجيش الوطنى السودانى أو المناهضة للدعم السريع، لكنه يترجم معنى ذهنى فى المخيلة الدولية يظهر البرهان كما لو كان متعطشًا للدماء، فى حين يبدو حميدتى كرجل سياسة ومفاوضات وقانون!.
وحين تتعالى نبرة الاتهامات للدعم السريع بارتكاب جرائم حرب وفظائع فى القرى التى تسيطر عليها قواته، يرسل حميدتى رسالة إلى الوسطاء الدوليين فى جنيف تفيد بإصداره أوامر صارمة لجنوده بالالتزام بحقوق المدنيين، استنادًا إلى القانون الدولى الإنسانى والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان فى حالات السلم والصراع داخل وخارج البلاد، ووفقًا لجميع أحكام قانون «قوات الدعم السريع» لسنة 2017 المعدل لسنة 2019.
ليبدو وكأنه تتحدث عن مدونة أخلاق الجيش السويسرى مثلًا!.
وعلى ذات المنوال يتجاوب ويتفاعل حميدتى مع الاتحاد الأوروبى- سرًا- فى ضبط ملف الهجرة غير الشرعية، بامتداده وسيطرته على نطاقات سير المهاجرين غير الشرعيين فى بعض مناطق إفريقيا، ويهدده أحيانًا إذا لم يعترف علانية بطبيعة «التعاون» بين الطرفين.
ويرسل حميدتى قواته لليمن للمشاركة ضمن مصالح القوى المتحاربة هناك، ويدير تحالفاته فى الإقليم، ويتدبر حربًا إعلامية عبر السوشيال ميديا تفوق قدرة خصومه وتسبقها فى إصدار البيانات، وفى معالجات الأحداث وتكييفها.
والمتابع للشأن السودانى يلاحظ مع الوقت أن ميليشيا الدعم السريع بكل فظائعها وجرائمها تنتحل صفة لها مقومات الدولة- فى خطابها الرسمى- بأكثر مما هى سمات العصابات المارقة، فى حين تبدو الدولة السودانية الشقيقة بحاجة ماسة إلى تطوير أدائها على كل الأصعدة.
وفى الحديث الأخير ل«حميدتى»، والذى اتهم فيه القوات الجوية المصرية بدك أتباعه فى «جبل موية»، تجرد الرجل من كل هذه العقول التى تشترى البذلات الفاخرة لتاجر الجمال وقائد العصابة الصحراوية، وتنازل عن كل اللغة الرسمية لفصيله، والتى تتحدث بالقانون الدولى وبالمصطلحات السياسية البراقة، ليرتد لطبيعته وسجيته الأولى بلا ماكياج.
فقد تكلم الرجل بلغته الأصلية التى هى مزيج من العظات الدينية البسيطة والحكايا المرسلة والاتهامات والتلسينات المندفعة، وبارتباك بادٍ للجميع.
لم يتمترس خلف الكلمات المكتوبة بعناية، والتى كان يلاقى صعوبة فى نطقها وقراءتها باللغة العربية الفصحى، ليبدو كرجل دولة كما أراد داعموه، بل تخلى الرجل عن كل هذه الرطانة وتحدث ك«حميدتى» الذى يدير ميليشيا تسيطر عليها عائلته وتشغل فيها مناصب قيادية، يتحكم من خلالها بالملف المالى والتفاوضى والتسليحى عبر شقيقه «القونى حمدان دقلو»، وينثر بقية أفراد عائلته فى بنية التنظيم.
تحدث حميدتى كتاجر جمال له تأملات بدائية يعتقد أنها خلاصة الحكمة المقطرة، ممزوجة بتصورات دينية تشبه أحاديث الأرياف فى الليالى المقمرة، مدفوعة بسجية بسيطة وخيالات عن الذات وعن أخلاقياتها الرفيعة فى مقابل تجبر الخصوم.
وفق المراقبين، بدا محمد حمدان دقلو مضطربًا مرتبكًا فى هذا الخطاب، مضطرًا للاصطدام مع القوى الأكبر والأكثر قابلية للحسم «مصر»، ومعترفًا ببداية انكساره.
ووفقًا لما يبدو لى ترابطًا روائيًا بين البدايات والخواتيم، فإن تاجر الجمال بداخله يستنهض خوفه القديم من انتقام «الإبل».. وهو يدرك فى أعماقه أن «الجمل» يصبر ولا يترك حقه.
أحمد الدريني – صحيفة المصري اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتساب
مواضيع مهمة
ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان
هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.