استقبلهما الوالي بمطار الخرطوم: عقار وكباشي في زيارة العاصمة    شهيدنا الطّاهر ضحّى بى دمّو:    بمشاركة مرموش.. مانشستر سيتي يخسر بثنائية من توتنهام بالدوري الإنجليزي    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    حسام حبيب ل صدى البلد : أنا وشيرين أصدقاء مش هنتجوز    عقار يزور مقر القيادة العامة ويترحم على شهداء معركة الكرامة ويزور جسري الحلفايا وشمبات    رونالدو يدخل مئوية النصر في ليلة السوبر السعودي    وزيرا الثروة الحيوانية والصحة يؤديان القسم أمام رئيس مجلس السيادة    شاهد بالصور.. وصل بورتسودان صباح اليوم.. المريخ يستقبل "البوركينابي" أول محترفيه الأجانب تمهيداً للتعاقد معه    "الحياة زادت جمال يوم لقيتك يا حبيب الروح".. شاهد ماذا قالت المليونيرة الحسناء "مروة كادي" عن زواجها من نجل الفنان "الكابلي"    "الحياة زادت جمال يوم لقيتك يا حبيب الروح".. شاهد ماذا قالت المليونيرة الحسناء "مروة كادي" عن زواجها من نجل الفنان "الكابلي"    عودة المواطنين إلى الخرطوم ليست قضية مزايدات سياسية    جرائم تجنيد الأطفال تضع الجيش السوداني تحت طائلة "الملاحقة الدولية"    شاهد بالفيديو.. (يا سودانية يا أسياد الرجالة).. الفنانة سما المصري تتغزل في الرجل السوداني بأغنية جديدة والجمهور يعلق: (جسر فني بين الشعبين الشقيقين)    شاهد.. الناشط الشهير "الإنصرافي" يردم القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن بسبب منشوارتها الساخرة والمثيرة: (متذكرة صورك في جامعة الخرطوم الساعة 2 ظهراً؟)    ندرة المياه تعصف بأماكن متفرقة من العالم    شاهد بالفيديو.. (يا سودانية يا أسياد الرجالة).. الفنانة سما المصري تتغزل في الرجل السوداني بأغنية جديدة والجمهور يعلق: (جسر فني بين الشعبين الشقيقين)    أنشيلوتي يخرج فينيسيوس ورودريغو من حسابات البرازيل    عفيف محمد تاج .. شاهد بالفيديو كيف حقق هذا المقطع أكثر من 16 مليون مشاهدة للطبيب الإثيوبي الذي درس في السودان    وزير الزراعة بسنار يبحث مع مجموعة جياد سبل تعزيز الشراكات الذكية في العملية الزراعية    مجلس المريخ يشرع فى اجراءات السفر إلى رواندا    المربخ يطلب المشاركة في سيكافا    ماذا قال بوتين عن ترامب؟    البروفسور ابو القاسم قور (مشروع ثقافي فكري لم يكتمل)    إتحاد كسلا للألعاب المائية يحتفل بتخريج ناشئ الكرامة    «من ساعة ما رجله اتكسرت».. كواليس عودة شيرين عبدالوهاب لحسام حبيب من جديد    تطول المسافات لأهل الباطل عينا .. وتتلاشي لأهل ألحق يقينا    الشرطة في الخرطوم تعلن عن إنهاء النشاط الخطير    ترامب: "أعرف أن فرصتي ضعيفة .. لكنني سأحاول دخول الجنّة"    وزير المعادن يلتقي السفير القطري لدى السودان ويبحث معه ملفات التعاون في مجال التعدين    وقف تدهور "الجنيه" السوداني امام الدولار.. د.كامل يتدخل..!!    اعترفت ببيع ملابسها.. أول ظهور لكيم كارداشيان في برنامج حواري    بوتين اقترح على ترامب لقاء زيلينسكي في موسكو    المؤتمر السوداني يرفض مذكرة تفاهم بين شركة السكر السودانية و"رانج" السعودية    الموظف الأممي: قناعٌ على وجه الوطن    أقوال مثيرة لصاحب محل بقالة اشترى منه طفل نودلز وتوفى بعد تناوله    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    سوداني في المهجر يتتّبع سيرةَ شخصية روائية بعد أكثر من نصفِ قرنٍ    اجتماع في السودان لمحاصرة الدولار    المركزي ينفي صحة الخطاب المتداول بشأن تجميد حسابات شركة تاركو    ترامب: "تقدم كبير بشأن روسيا.. ترقبوا"    انعقاد مجلس إدارة الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    كاتب مصري: أفيقوا من غيبوبة السلام إسرائيل تجاوزت الحدود    الشرطة السودانية تشكل مجلس تقصي حقائق حول ما تمت إثارته عن صلة لأحد ضباط الشرطة بخيوط مقتل الطبيبة روعة    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    شاهد بالصورة.. إدارة مستشفى "الضمان" تصدر بيان تكشف فيه تفاصيل جديدة حول مقتل طبيبتها "روعة" على يد طليقها    الشرطة تنهي مغامرات العصابة الإجرامية التي نهبت تاجر الذهب بامدرمان    إرتفاع التمويل الزراعى إلى (59.3) ترليون بالقضارف بزيادة (80%) عن العام الماضي    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهند الفضل: سماح تبسيمه الفيه الفلجة
نشر في النيلين يوم 23 - 08 - 2025

بعيد ذهاب نظام الإنقاذ ، وفي أيام شيطنة الإسلاميين جميعهم دون فرز ، سواء من ناصر الإنقاذ أو عارضها وكان ضيف سجونها .
ما كان هتاف الفناء والإقصاء يفرز بين هؤلاء وأولئك ( كل كوز ندوسو دوس )
لا صوت يومها يعلو على روح التشفي وحملات الانتقام وخطاب البغضاء لكل ماله صلة بدعوة إلى مرجعية إسلامية .
تولى اليسار المتطرف والليبراليون الجدد كبر النفخ في نيران شيطنة كل من يقول بغير قولهم ، فالناس عندهم إما كوز أو كوز مندس بلغة تلك الأيام .
والأراجيز الساقطة تملأ الآفاق (سفه ندردمها ليك ، وما عارف ..... نجازفها ليك ، والبنقو يكون مجاني وووو) والقوم قدوتهم يومها دسيس مان وأمثاله .
في تلك الأيام كان من الطبيعي جدا أن تشاهد لايفات السفير البريطاني المدعو عرفان يتحدث في تفاصيل ما ينبغي على السودانيين فعله وما ينبغي عليهم تركه ، يصور فيديوهاته في الشارع العام مثله مثل سابلة الناشطين ولا يبرح حتى يضمن لايفاته جمل وعبارات في هجاء وذم ( الكيزان) .
وكانت الموضة يومئذ أن يحشر كل سفير أو أجنبي أنفه في شأن السودان ، ماعدا (الكيزان ).
والحال كذلك ظهر فيديو لشباب إسلاميين في إحدى الجامعات وهم ينشدون أناشيدهم المشهورة والتي يغلب على مضمونها أدب معارك صيف العبور في تسعينات القرن العشرين ، تخلد بطولات ثلاثين ألف شهيد قدمهم التيار الإسلامي الوطني المناصر للجيش السوداني الذي ظل يقاتل لدحر المشروع المرتبط بالسياسات الاستعمارية الرامية لتمزيق دولة السودان . وهو ذات المشروع الاستعماري الذي انتقلت مهمته لقوات آل دقلو وحلفائها الإقليميين والمحليين .
كان من يقود الإنشاد شاب إسمه مهند الفضل ، لاحظ المشاهدون بأنه ومن معه من الشباب غير عابئين بما يحاول القحاته إلحاقه بهم من أذى معنوي وجسدي وتنمر كان هو السائد .
ألهمني هذا الشاب الذي لا أعرفه حينها حجة ظللت أحاور بها طيف من شباب التيار الإسلامي الذين ناصبوا الإنقاذ العداء ، ولم تقصر معهم هى الأخرى سجونا ومطاردة وفصلا من الوظائف .
كنت أقول للأصدقاء الذين تعجبوا لجسارة مهند ورفاقه عليكم أن تفرقوا بين الإنقاذ التي ذهب سلطانها ، وبين الشباب الذين لن يقبلوا بديلا للإسلام هاديا للحياة ومرجعا لشؤونها كلها .
كنت أقول لهم إن رهان أعداء التيار الإسلامي بأن الولاء الإسلامي تبع للإنقاذ ويجب أن يذهب معها هو جهل بطبيعة المشروع الإسلامي وحماقة لا تعرف أن الأنظمة السياسية ومن على رأسها قد يتنكبوا الطريق وقد يفتنوا بل وقد يزولوا .
ولكن قدرة الإسلام وفعاليته على صياغة أجيال إثر أجيال لا تسقط بذهاب الحكومات الراشد منها والفاسد ، فالدول تدول ولكن مقدرة الدين على الهام قيمه للأجيال لا تزول . وأذكر نفسي وإياهم قول الله تعالى ( ثم لا يكونوا أمثالكم )
فعلا اختفى كثيرون ممن كان يوالي الإنقاذ رجاء نعيم ملكها وحكمها وذهبوا مع ذهابها .
ولكن مهند ورفاقه ولدوا من رحم هدايات الإسلام وتحديات الوطن ، لم يكونوا وزراء ولا حكام ولا وجهاء ولا صلة لهم بصولجان ولا سلطان لا مع الإنقاذ ولا غيرها .
كنت أقول للشباب من مختلف مكونات التيار الإسلامي الوطني ضعوا أياديكم مع مهند وأمثاله من شباب البلاد الصالح واصطفوا معا لبناء مستقبل الوطن ولا تحبسوا أنفسكم في خنادق ما قبل 11 أبريل 2019 ، كلكم معنيون بالغد لا الماضي ، فلا يشغلنكم الماضي بخيره وشره ، إلا بأخذ عبرته ، حاديكم قوله تعالى ( تلك أمة قد خلت)
تشرفت لاحقا بمعرفة مهند وتيقنت من صحة افتراضاتي حوله حينما رأيته أول الأمر في ذلك الفيديو . وحينما عرفته تلمست في شخصه لطفا وعلما وخلقا ووعيا مع تواضع وأدب وزهد عن البريق ، نعم رأيته زاهدا في البريق ويا لثأر أهل السودان مع فتنة البريق والزيف والأضواء .
وحينما اندلعت حرب الكرامة عرف كل الناس مهند الفضل وصار عندهم أيقونة للثبات وارتبط اسمه بحكايات صمود المدرعات التي تحطمت على أسوارها كل أحلام آل دقلو، وصارت انموذجا ناجحاً لاستراتيجية استنزاف العدو وتجسيدا عمليا لمقولة ( أرض القتل ) في القاموس العسكري .
أحب الناس مهند وصارت طلعته المهيبة وكلماته المؤثره بشرى خير وتثبيت في المدرعات ، بل وفي كل محاور القتال كافة .
تعلق الناس بذلك الوجه الملائكي دائم البشر والابتسام المتهلل دوما في إشراق ووضاءة وسبحة الأذكار والأوراد لا تفارقه .
كلما أطل مهند تذكرت مطلع بيت للشاعر إبراهيم ود نفيسة وهو يمدح شيخه بقوله :
(سمح تبسيمه الفيه الفلجة)
و قوله : أفلج واخضر في فنونه ندر .
تلك الأشعار التي كنا نرددها صغارا، فحببت الينا (الفلجة ) إلى أن أدركنا لاحقا أن المحبوب الأعظم نبينا صلوات الله وسلامه عليه كان أفلجا، فصرنا نحبّ كل أفلج لما أقترن البهاء والجمال بها .
رسخت طلعة مهند عند الناس ب (الفلجة ) مع الابتسامة المطبوعة والبشر الدائم واليقين بحتمية النصر وبالصدق والثقة فيه حتى صار لسان حاله أبلغ من لسان مقاله .
ظل مهند مرابطا متنقلا من خندق إلى خندق ، ولما حسم الجيش معارك الخرطوم ووسط السودان وجنوبه ، توجه مهند تلقاء كردفان ، ليكمل لوحة النصر باستئصال شأفة التمرد الأثيم .
حتى كان نعيه في يوم الأربعاء الحزين ونال الشهادة التي ظل ساعيا لها بصدق وتجرد ودأب .
وقد فاجأنا المجاهد قيس فضل -وهو يعزي رفاق الشهيد- بأن مهندا ما غادر أرض المعركة منذ منتصف أبريل 2023 وحتى تاريخ شهادته ، وظل يرفض كل رجاءات من حوله أن يزور أسرته ثم يعود لخندقه ، ولكنه ما بارح ميدان القتال قط .
صعد إلى ربه ومعه ثلة من الأخيار الأبطال أمين القلوباوي ومحمد وأبى علي الخضر وغيرهم .
صحيح أن فقد أمثال مهند جلل ، فقد عاش ملايين السودانيين أوجاع ليلة الخميس الحزينة ، فمثله فقد أمة ، لا فقد قبيلة ولا أسرة ولا حزب أو جماعة .
أهل الوفاء من أهل السودان لن ينسوا شابا صغيرا فداهم بروحه ، وستظل الذاكرة الوطنية تخلده في قائمة كبار أبطال الوطن الذين سيحتفي بهم التاريخ ربما لقرون قادمات .
وقد علمتنا سنن الله في خلقه أن الشهداء يعيشون أضعاف أعمارهم ، ولعل في هذا بعض معاني قول ربك ( أحياء عند ربهم يرزقون )
سيخلد مهند طويلا ويهنأ كثيرا بما أعد الله لأمثاله .
ومثلما كانت حياته فكرة ستكون شهادته عبرة .
سيخلف ألوف الأبطال مهند ويكونون قدوة للشباب ، مثلما خلف هو القادة الشهداء الذين سبقوه وحمل الراية من بعدهم ، من بعد ما ظن كثيرون أن جيل البطولات غير قابل للتكرار .
سنن الله في التاريخ تقول إن المجتمعات التي تقدم الشهداء لا تموت لأن بذرة الشهادة مؤكدة التكاثر والنمو و شجرتها كثيفة الأغصان والثمار .
د. عثمان البشير الكباشي
إنضم لقناة النيلين على واتساب
مواضيع مهمة
ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان
هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.