عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الطاقة السابق: الشمال يستحق حصصاًَ من بترو ل الجنوب إذا وقع الإنفصال
نشر في النيلين يوم 28 - 08 - 2010

ثمة قلق يجثم على الصدور حول الآثار الاقتصادية لانفصال الجنوب حال وقوعه، لا سيما وأن جل البترول المكتشف يقبع بالجنوب، وهناك أسئلة مشروعة حول ما هي البدائل الاقتصادية المتوافرة لدى مطابخ اتخاذ القرار ومدى استعدادها لكل سيناريوهات الوحدة والانفصال، وهل تدور تفاهمات فى الغرف المغلقة بين الشريكين لترتيب ملف البترول ما بعد الاستفتاء على تقرير المصير الذي دنا أجله فى يناير المقبل..؟ لسبر غور هذه التساؤلات المشروعة، كان حوارنا مع الزبير أحمد الحسن وزير الطاقة السابق، أمين الأمانة الاقتصادية في المؤتمر الوطني ووزير المالية الأسبق الذي تحدث بقدر من الصراحة الممزوجة بحذر الاقتصادي المثقل بمعادلات المشهد المالي والقراءة السياسية..
......
أخيراً بعد زيارة لك للبحر الأحمر أعْلنت عن وجود البترول فى البحر الأحمر ودارفور، إلى أي مدىً كان هذا دقيقاً، وهل كان بمثابة واقع وحقيقة أم هي دعاية في ظل تخوّف الشمال من احتمالات انفصال الجنوب؟
الناس عموماً ترتبط في أذهانهم آثار انفصال الجنوب عن الشمال بقضية البترول باعتباره أهم مورد مالي واقتصادي مرتبط مباشرةً بهذه القضية، وبوجود البترول في الشمال والجنوب بنسب مختلفة ومتفاوتة، وبالتالي يكون هناك قلق، وكما ذكرت في الشمال الكل يعلم أن البترول جلّه في مناطق الجنوب، والمنتج منه في الشمال أقل بنسبة تصل «30%» مقابل «70%» للجنوب، والتوجه لزيادة الإنتاج في الحقول المنتجة للجزئين موجودة وبتقنية جديدة وهي معروفة، مثلاً في الجنوب في مربعي (3 - 7) ما زلنا نستبشر في مناطق باكتشافات جديدة، فنحن أضفنا أكثر من «70» ألف برميل خلال السنة الماضية لكن عانينا من نسبة الانحدار العالية في الإنتاج السابق ونسبة زيادة المياه أخيراً، ولكن أنجزنا المعالجة المطلوبة. وما زالت هناك اكتشافات ممكنة ومفيدة، وآخرها الاكتشافات في الجزء الشمالي بجنوب كوستي، فقد تم اكتشاف بئر هناك وانتجت. والآن تُجرى دراسات وبحوث لتحديد مواقع حفر أخرى لمعرفة الاحتياطات، وهناك مرحلة أخرى وهي التطوير التجاري للحقل. والمجال الثاني هو زيادة الإنتاج بالمنطقة المنتجة حالياً في النيل الكبرى، حول المربعات (1 ،2،4) في ولاية الوحدة وجنوب كردفان. وهناك اكتشافات في حقل الوحدة بالجنوب، لكن هناك عوائق أمنية حالت دون التوسع في إنتاجها والآن الوضع يسير نحو الأفضل. كما أن هناك تقنيات إضافية لزيادة الإنتاج من الآبار الحالية لأنها بدأت تتناقص طبيعياً، وهناك زيادة إنتاج تزيد نسبة الاستخلاص من الاحتياطات في كل الحقول الموجودة حالياً.
والإجراء الأخير يرفع الإنتاج ل «50%» باستخدام تقنيات جديدة مثل حقن بخار ساخن في الآبار وحقن غاز وحفز رأس الآبار، قُمنا بتجربة خلال العامين الماضيين في وزارة الطاقة بالتعاون مع الشركات وأثبتت نجاحها، واعتقد أنّ هذا الأمر تم بنجاح للمحافظة على الإنتاج في الحقل، فمنذ 2009م وبدون حفر آبار جديدة الإنتاج سيحافظ على رقم محدد في حدود «60» ألف برميل ونتوقع خلال شهرين من الآن زيادة «40» ألف برميل أخرى وخلال عام من الآن يتوقع أن يصل الإنتاج ل «100» ألف برميل في الشمال تقريباً.
هذا ما يُمكن أن يقال عليه عَدم البدء من الصفر، لذلك نقول، هناك مناطق متفاوتة بالجنوب والشمال موزعة عليها الشركات، ويتم بها عمل مُكثّف، منطقة كوستي، سنار، الدندر، وفي البحر الأحمر تَمّ حفر بئر كانت بها شواهد غاز بسيطة، والآن البئر الأخرى تم البدء في العمل بها والتقارير الأولية جاءت مُبشرة.
وأقول إن الحديث عن البترول بالشمال يستند على حقائق علمية طويلة الأجل، ويجب أن نكون حذرين في الإعلان عن وجود البترول في أيّ من المناطق، ولكن الإعلام والجماهير متعجلون ويريدون نهاية سعيدة سريعة، إنّ بعض الانفصاليين يَرَكبون الموجة أكثر من اللازم لإقناع الناس بأنّ الشمال لا يحتاج لبترول الجنوب وجذبهم لخيار الانفصال، والمنطق في الحالتين غير صحيح ويَنم عن عَدم مَعرفة بمستقبل البترول والتنقيب بمراحله المختلفة في الشمال والجنوب، وليست هناك اكتشافات نهائية.
وعن بترول أبيي؟
بترول أبيي موجود، فمن الشواهد أنّ أبيي بتعريفاتها المختلفة أدّت إلى تباين الكميات الموجودة من البترول باختلاف التعريفات للمنطقة والتعريف الأخير من لدن لجنة التحكيم لا يمنح أبيي كثير إنتاج من البترول في حدود «4» آلاف برميل في اليوم، وبعد الاستفتاء غير معروف. البترول في حالة الوحدة أو الانفصال يُعد من وجهة نظري أهم المواضيع العالقة بين الشمال والجنوب، والحوار مُستمر والروح السائدة الآن بين الطرفين هي روح التعاون، وأوضح أنّ الجنوب وفي حالة خيار الوحدة سيسعى للحصول على نسبة أكثر من «50%».
وماذا عن التعقيدات الأمنية؟
أنا لا أتَحَدّث عن هذه الجزئيات، لكن أتحدث عن النقاش والحوار في حالتي الوحدة أو الانفصال وما كان للأمور حينها بالنسبة لقيادة الجنوب واضحاً كما صرح وزير من الجنوب: (بترولنا ده يصلنا عبر الشمال)، وأنهم ليس لديهم مانع في وجود فترة انتقالية يُعطى فيها الشمال جزءاً من البترول المنتج بالجنوب كمرحلة انتقالية في حال الانفصال، ذهاب وزارة النفط للجنوب بموافقة المؤتمر الوطني يُمثِّل تعبيراً عن روح التعاون الذي حدثتكم عنها. وقناعتي أنّ البترول مهم للشمال والجنوب دولة واحدة أو دولتين، وأي خيار خلاف التعاون في هذا الأمر يضر بالطرفين.
ومَا حَقيقة الحديث الذي يدور عن الضغوط التي تُمارسها الحركة الشعبية لزيادة نسبتها في البترول حَال قيام الوحدة؟
خيارات قسمة الثروة والسلطة في حال الوحدة هي ضمن القضايا المطروحة الآن بين الشمال والجنوب. والجنوب يطالب بزيادة نصيبه وهُم يَتَحَدّثون بصوت مسموع أن «50%» من بترولهم يذهب للشمال والحكومة القومية. وفي حال الانفصال، الشمال يرى أن البترول الموجود بالجنوب تمّ استخراجه بجهود كبيرة في فترة الحرب والحركة لم تكن موجودة ولم تسْهم بشئ فيه. ولا يُمكن حرمان الشمال من جهوده وحقوقه من البترول في يوم واحد في حال الانفصال، وهذا يتنافى مع روح التعاون بين الطرفين، لذلك لا بد من إعطاء الشمال في حال الانفصال حصصاً من الإنتاج بالجنوب لفترة يتم الاتفاق عليها، وأي شئ خلاف ذلك لا يفضي بنا للمصلحة العامة التي ننشدها جميعاً.
هناك اقتراح من الشمال قدمه أحد مستشاري الرئيس ذكر فيه أنّهم مستعدون للتنازل عن البترول مقابل الوحدة؟
لا أوافقه هذا الرأي، واعتقد أنه لم يكن مَطلوباً منه الإدلاء بتصريح في هذا الملف لأنه وفي حال الوحدة الحكومة القومية ليست ملكاً للشمال، لأنّ الصرف الآن من الحكومة القومية يذهب جله للحكم القومي الذي سيشارك فيه الجنوب، بمعنى أن الجنوب سينال نصيباً لا يقل عن النصيب الذي يُحظى به حالياً يزيد أو ينقص قليلاً، وليس من المعقول أن يكون هناك جزء من القطر يتمتع ب «30%» من السلطات القومية التي تصرف عليها كل الموازنة، ويكون ذات الجزء ليست لديه أيّة مسؤولية مالية، وهذا يشابه وضع شخصين يسكنان في منزل للإيجار ويدفع أحدهما فواتير الإيجار والكهرباء والآخر يجلس بلا أعباء، فلا بد أن يكون القطر كله مشاركاً حسب وضعه الاقتصادي وقدراته المالية. فالشراكة تعنى أن الموارد الموجودة بالجنوب هي ثروات قومية والتنازل عنها في اتفاقية السلام لتؤول لحكومة الجنوب كان خيار الحركة الشعبية في قسمة الثروة، ونحن ذكرنا رأياً مخالفاً له، قلنا إنّ البترول شئ يزيد أو ينقص واقترحنا تقديم نسبة محددة من إيرادات الدولة للجنوب، وقمنا بمعادلات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتحديد النسب، وحاولنا وصندوق النقد إقناع الحركة الشعبية أن القسمة تكون من إجمالي مُوازنة الدولة ستكون أفضل لهم من نسبة عائدات البترول المنتج في الجنوب، لكنهم أصروا على موقفهم بدعوى أن البترول له تبعات سياسية، وأنهم حاربوا من أجلها، لذلك يرون أن يكون البترول في الأساس ضمن القسمة، لكن القسمة في الموارد القومية بما فيها البترول حسب تجارب الأقطار المختلفة الشئ الأول فيها أن تتم بنسب وفق دراسات قوامها عدد السكان، نسبة التخلف، الموارد المحلية الأخرى خلاف البترول، اعتقد أن التصريح المناسب الذي كان يجب أن يقال بدلاً عن الذي ذكرته - الذي لم أسمعه - هو: نحن مستعدون أن تكون لدينا إسهام أكبر في موازنة الجنوب وتنميته كما هو ماثل الآن من إسهامات قومية من صندوق دعم الوحدة ولكن التنازل عن كل شئ مقابل الوحدة غير مقبول. كيف ستكون هناك وحدة بدون حكومة قومية مشتركة من حيث السلطات وموارد قومية تصرف في البلاد..!
هل هناك تفاهمات حقيقية بين الشريكين حول تقسيم عائدات البترول بعد الاستفتاء أم أن الأمر محصور في التصريحات الصحفية؟
هناك نقاش وورش عمل تم تحضيرها بمساعدة أطراف أخرى منها ورشة نظّمت في جنوب أفريقيا وأخرى في جوبا، وفي بالخرطوم خاصّة بالحكومة القومية، كما أن هناك رؤى، لكن حتى الآن لم يتم (فرز الأوراق) وإجراء حُوارٍ مُباشرٍ حول التفاصيل.
تحدثت عن زيادة نسبة المياه في البترول هل يعني ذلك أن البترول في الجنوب يتجه نحو النضوب؟
البترول هو سلعة ناضبة، وعندما تتحدث عن الإنتاج الحالي ما لم تُكتشف آبار جديدة أو تبحث في إدخال تقنيات لزيادة الإنتاج، فإن الإنتاج الحالي سينضب، وسيتم إجراء الدراسات على أسوأ الاحتمالات لأن الاكتشاف الجديد الذي تحافظ به على هذه النسبة ليس في يدك، وأنا ذكرت في المجلس الوطني بمعرض الحديث عن قانون الاستفتاء أن الناس يجب ألا أن يبنوا خيار الوحدة والانفصال على البترول لأنَّه سلعة ناضبة، وموارد السودان الأخرى خلاف البترول أكبر بكثير، وهي أثقل وزناً وأكثر استدامةً.
على ماذا استندتم في تحليل احتمالية نضوب بترول الجنوب؟
لم نقل إنّه سَينضب، قلنا إنّ البترول الحالي المنتج يمر بحالات تُسَمّى عندنا بالانخفاض العالي السنوي، بل أحياناً يكون شهرياً ويصل إلى «3%» في الشهر ذلك بزيادة نسبة المياه، وطبقاً لذلك تقوم الشركات بعمل تقديرات للإنتاج لعشرين عاماً، وهي تقديرات قديمة ومعروفة لدى الشركات، بل وتبنى دراسات الجدوى على ضوئها، وكذلك شراكاتها على هذه التوقعات، ولا يُمكن أن نتفاءل من فراغ، وليست لدينا اكتشافات جديدة. حتى الآن هناك التوقعات بنقص إنتاج البترول بنسبة كبيرة حتى 2019م لتصل لنسبة قليلة إلاّ في حَال اكتشاف حقول جديدة أو تتخذ إجراءات تقنية تزيد إنتاج الآبار الحالية والخياران ممكنان لكنهما لم يريا النور حتى الآن.
اكتشاف البترول في الشمال، إلى أيِّ مدىً يُمكن الاعتماد عليه في المستقبل؟
بالنسبة للحقول المنتجة هناك فرص للزيادة في الإنتاج ويُمكن تحقيق ذلك خلال ما تبقى من عامي 2010م و2011م خاصةً في حقل الفولة. الوضع الحالي «30%» من المنتج في الشمال ووفق هذه المعطيات نجد أنّ الشمال وفي حَال الانفصال لديه أكثر من «100» برميل يومياً.
ماذا عن احتمالات الاستيراد؟
قد نحتاج لذلك وقد نستورد من الجنوب نفسه، في ظل استمرار البترول وروح التعاون السائدة، فالجنوب يستورد منا المنتجات لأننا نملك المصفى، ونحن سنحتاج أن نستورد منهم خَامّاً وذلك أفضل من إحضارها بالسفن عبر البحر.
معنى ذلك في حَال الانفصال دولة السودان سَتَتَحوّل من مُصدِّرة إلى مُستوردة للبترول؟
لا شك في ذلك.
يدور حديث عن توجه حكومة الجنوب لتصميم خط أنابيب لتصدير البترول عبر كينيا، وهناك عرض قدمته شركة تويوتا اليابانية، إلى أيِّ مدىً يُمكن أن يكون هذا العرض مجزياً تجارياً للجنوب مُقارنةً بخط الأنابيب الحالي؟
المعلومات المعروفة أنّ الكينيين حاولوا تشجيع إنشاء ميناء للبترول وخط أنابيب لحكومة الجنوب يمر بكينيا وحاولوا الاتصال بشركات في الصين لإنشاء الميناء، وكذلك بشركات يابانية لإنشاء خط الأنابيب، لكن رغم ذلك نعتقد أن جدواها الاقتصادية غير مجدية، كما أن طول المسافة وارتفاع التكاليف، فالأمر لا يزال في طور المناقشة، ونكاد نلحظ أنّ الإخوة في الجنوب تنتابهم حالات قلق من إمكانية تعاون الشمال معهم، لذلك يسعون للخطوة التي ذكرتها، لكن إذا حدث لهم اطمئنان ووصل الطرفان لاتفاقات طويلة الأجل في أحوال الوحدة والانفصال وكيفية إدارة البترول وخط الأنابيب والموانئ لن يكون من مصلحة الجنوب الإنفاق من ماله، لأنّ ذلك يخصم من نصيب حكومة الجنوب، فالشركات لا تعمل مجاناً وستكون أكثر تَحَفظاً، حتى في حَالات العمالة، حاولوا تقليلها وإيقاف تعيين عمالة جديدة. ويمكن أن يعود عليهم الانفصال بآثار تؤدي إلى نقص الإنتاج أو عدم استقراره، والمطلوب التوصل قبل الاستفتاء لحلول في الوحدة والانفصال لاستمرار التعاون في مجال البترول.
التفكير الصيني بدأ يَتّجه كلياً نحو الجنوب باعتبار أنّه يملك معظم النفط، هل لديكم أيَّة معلومات حول وجود تفاهمات بين حكومة الجنوب والجانب الصيني في حَال الانفصال؟
ليست لديَّ معلومات محددة، لكن اعتقد أن الجنوب يحاول طمأنة شركائه في الصين وماليزيا وبعض الجهات من الخليج العربي أن لهم حق المشاركة في حقول الجنوب، هذا توقع سياسي، لكننا لا نملك معلومات حول مُحادثات، لأنّ الصينيين حذرون في موضوع دعم الانفصال. الصين حساسة تجاه أيِّ حديث انفصالي في أيَّة دولة لأنها تعاني وضعاً مشابهاً، لذلك فإنّ مشروعها السياسي الداخلي هو إعادة المناطق التي انفصلت منها، فخطها السياسي هو دعم الوحدة في السودان وهو ما أعْلنه، السفير الصيني بأنّهم سيدعمون خط الوحدة، لكن في النهاية سيعترفون بنتائج الاستفتاء في يناير المقبل.
الحركة الشعبية ترى بأنّ الحديث عن عدم جدوى خط البترول لكينيا هو جزء من الدعاية السياسية للشمال؟
بذات الفهم يمكن أن نقول إنّ خط أنابيب شرق أفريقيا جزء من الدعاية السياسية للجنوب، أليس كذلك؟ وفي النهاية يبقى الحديث العلمي: أيُّهما أفيد للطرفين من ناحية اقتصادية. هل إنشاء خط خارجي أم الاستمرار في الوضع الحالي، وهل الجنوب يريد الضرر بالشمال والعكس أيضاً.. هذه توقعات تفضي لروح عدائية، لكن إذا استمرت روح التعاون نجد أنّ الخيار الاقتصادي الواضح لكل الأطراف والشركات هو استمرار العمل بالتسهيلات الموجودة حالياً.
«90%» من الصادرات السودان مصدرها البترول، إذا حدث الانفصال هل تتوقع حدوث زلزال اقتصادي في الشمال؟
لا أقول لك مثل الانفصاليين الشماليين.. إنّ الوضع جيِّد جداً، وإننا غير محتاجين ولن تحدث أيَّة مشاكل، ولدينا بترول وعندنا ذهب، لن أقول ذلك، وفي نفس الوقت لن أقول سيحدث زلزال في حَال الانفصال، لأنّ بلادنا لديها قدرات تعينها على التكيف على المشاكل ومعالجتها، وذلك نابع من أن الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السوداني يشكل البترول جزءاً كبيراً منه وان القطاعات التقليدية كالزراعة والخدمات والصناعة، وجزء من الصناعات التحويلية للمنتجات المحلية تشكل نسبة كبيرة في الناتج المحلي الاجمالي، وإجمالاً أقول إنّ الانفصال سيؤدي لمشاكل اقتصادية ستحتاج لمعالجة ليست في الموازنة فقط.
وما هي نسبة هذا التأثير؟
ليست لديّ أرقام حولها، والانفصال ستكون له آثار وسيحتاج، كما أسلفت، لمعالجات في كل الأحوال، والجنوب أيضاً ينطبق عليه ذات الوضع حَال الانفصال، واعتقد أن الطرفين شَرَعَا في تهيئة أنفسهما لخيار وسيناريوهات مختلفة، مثلاً الحديث الآن في الشمال عن التوسع في الزراعة وحَل مشاكلها وزيادة الصادرات غير البترولية وإحداث انضباط مالي في بنود الصرف. والبناء على افتراضات أقل والبحث عن دعم خارجي لسد الفجوة ومختلف الوسائل التي تَقود لمُعالجات اقتصادية تستحق التفكير فيها واستعراضها، وخيار الانفصال كان وارداً من سنوات طويلة، وبرز عند إنشاء بنك جنوب السودان، فرع بنك السودان وهو نوعٌ من الاحتراز المبكر لاحتمال الانفصال والتحسبات موجودة، والمطلوب توعية المواطن وتوعية أصحاب القرار السياسي على المستويات المختلفة حتى يكون دعمهم للوحدة أو الانفصال مبنياً على شئ علمي وليس تحليلاً مبنياً على الأماني والعواطف.
ألا تعتقد أنّ المشروعات الأخيرة التي دشنها صندوق دعم الوحدة فى الجنوب جاءت متأخرة..؟
البعض يفكر في الوحدة والانفصال وكأنها نهاية العلاقة السياسية ونهاية حل المشاكل بين الشمال والجنوب، واعتقد أن مشروع العلاقة بين الشمال والجنوب يتغطى بثياب الانفصال، وأيّة برامج تعاون من الحكومة القومية والاتجاهات واضحة، الطرق والبنيات الأسياسية: ربط كهربائي، سدود أُقيمت لها دراسات. هذه أشياء إذا لم تكن حافزاً للوحدة يمكن اعتبارها عاملاً من عوامل التعاون الاقتصادي والشراكة الاقتصادية التي تستهدف التكامل والوحدة الاقتصادية، وتقود للحديث عن منطقة اقتصادية واحدة للجنوب والشمال وكل الخيارات الأخرى خلاف الانفصال، مثلاً وجود ربط بالطرق بالسكك الحديدية خدمات من الحكومة القومية على نطاق التعليم، جامعات أو غيرها اعتقد أن من شأن ذلك تحسين العلاقة بين الطرفين.
ما السر في الانسحاب الكامل من الجنوب قومياً بعد اتفاقية السلام، وهل التحركات التنموية الأخيرة بمثابة اعتراف بالخطأ؟
ليس هناك خطأ فى إنفاذ الاتفاقية في ما يلي قسمة الثروة، ينبغي أن يؤدي إلى ما نسعى لتحقيقه نحن الآن، يعني النسبة التي أُعطيت من الموارد للجنوب، كانت محسوبة بدقة بحيث تؤدي لتسيير شؤون وأمور الجنوب العادية وتؤدي إلى إسهام الحكومة القومية في إعمار الجنوب. والنسب والأرقام التي وضعت لم تكن تحمّل الحكومة القومية أيّة مسؤولية في التنمية بالجنوب، واعتقد أن تقصير حكومة الجنوب في ترتيب أولوياتها فوّت على المواطن الجنوبي فرصة تحسين أوضاعه الاقتصادية، ولكن أرادت حكومة الجنوب والحركة الشعبية إيصال رسالة للمواطن الجنوبي بأن الشمال لم يسع لجعل الوحدة جاذبة.. حكومة الجنوب أول قرار اتخذته هو فصل كهرباء الجنوب من الشمال وقالوا (سلّمونا كهربتنا)، حاولنا إقناعهم بأن تبقى الهيئة واحدة حتى يستفيدوا من الدعم القومي، ولم ينتبهوا للأمر إلاّ اخيراً واستنجدوا بنا وطالبونا أن نساعدهم في كهرباء الجنوب، وحتى عندما وصلت الكهرباء للرنك بقيت ستة أشهر لا يتم توزيعها للاختلاف في الإدارة، وطالبوا بجزء من إيرادات الكهرباء القادمة من الروصيرص، هذه نماذج للخلافات، ونحن نحاول تلافي القصور بمعالجات تَتَحمّلها الحكومة القومية الاتحادية.
فيما يخص الشمال في حَال الانفصال وانسحاب الموارد البترولية الخاصة بالجنوب، وفي ظل الأزمة العالمية، وفي ذات الوقت حكومة المؤتمر الوطني لديها إشكالات وحصار اقتصادي من جانب أمريكا، هذه الظروف ألا تقلل فرص البدائل لاقتصاد الشمال وتضعفها؟
السودان لمدة طويلة تعايش مع أجواء الحصار وحاول إيجاد بدائل بالتعاون مع دول الخليج والمؤسسات العربية ومع الصين وماليزيا وغيرهما، وأنا لست مع المتفائلين بأننا لو أوفينا كل متطلبات السلام والاستفتاء الغرب سيرضى عنّا، وسيحسن علاقته معنا، أقول إننا يجب أن نَتَوقّع الأسوأ، وهو أن الغرب في كل الأحوال، وطالما توجد حكومة المؤتمر الوطني وحكومة إسلامية سيستمر الحصار المفروض علينا، ونحن نحاول مقاومته وكسره.. لكن استمرار تعاوننا مع دول أخرى غير الغرب مستمر.
ذكر باقان أن الوحدة لا تتحقق بالطرق والكباري والسدود، وإنّما تحل بتغيير منهج التفكير الذي يجعل غير المسلمين مواطنين درجة ثانية بتحكيم الشريعة الإسلامية، وطالب بالعلمانية، هل أنتم مُستعدون لتقديم تنازلات في هذا المضمار؟
اعتقد أن هذا نوعٌ من الشطارة السياسية الزائدة عن اللازم، اتفاقية السلام بدأت بخيار وافق عليه الجنوبيون بإقامة الشريعة الإسلامية في الشمال ويُستثنى منها الجنوب هم يوافقون عليها مقابل مُوافقتنا على مسودة تحقيق المصير، والخياران يشكلان مشروع السودان الموحد الجديد المتفق عليه والمرجعية لذلك هو اتفاقية السلام الشامل.
اجرى الحوار : الطاهر حسن التوم وخالد عبد العزيز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.