كشف السفير الإسرائيلي في مصر يتسحاق ليفانون عن تفاصيل أحداث السفارة خلال مظاهرات جمعة الغضب واحتجاز عدد من حراس الأمن بها إلى أن تمكنت وحدات "كوماندوز" مصرية من إنقاذهم بعد عدة ساعات. كما أكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فشل في الاتصال بالمشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري أو أي من أعضاء المجلس للتدخل وإنقاذ الموقف، ما اضطره للاتصال بالرئيس الأمريكي باراك أوباما. 13 ساعة من الرعب قال السفير يتسحاق ليفانون في حوار مع مجلة "تيليت" الأمريكية المهتمة ب"الشأن اليهودي"، كما تصف نفسها، إن تغطية بعض القنوات الفضائية للحدث كشفت عدم تدخل السلطات لوقف الهجوم وشجعت حشد المزيد من الغوغاء لمهاجمة السفارة، حسب وصف السفير، الذي قال إن الحكومة المصرية استغلت الحادث لتمديد العمل بقانون الطوارئ واتخاذ إجراءات قمعية لحرية التعبير وللحريات المدنية الأخرى التي أطاح المصريون بمبارك من أجلها. وحكى ليفانون في الحوار الذي نقلته صحيفة "المصري اليوم" أحداث 13 ساعة من "الشغب" أدت إلى هروبه مع بعثته الدبلوماسية إلى إسرائيل على متن طائرات خاصة بعدها من مصر. وكان ليفانون يتناول عشاءه بفيلته الكائنة بحي المعادي عندما وصلت إليه أنباء السفارة عبر الهاتف، من خلال أحد موظفي أمن السفارة الستة. وقالت المجلة إن 3000 من المصريين وصلوا إلى السفارة بعد مظاهرة سلمية في ميدان التحرير يحملون شواكيش ومعاول، وهم يهتفون بشعارات "معادية لإسرائيل"، ثم بدأوا في تدمير الحاجز الأمني الخرساني الذي يبلغ طوله 8 أقدام الذي بنته الحكومة المصرية لحماية السفارة. الأمن لم يتدخل وأضافت المجلة أنه رغم استدعاء قوات الجيش والشرطة المسلحين بالكامل ومعهم الدبابات والمركبات لتأمين السفارة، إلا أن تغطية القنوات الإخبارية من موقع الحدث أوضحت أن القوات الأمنية المصرية لم تفعل شيئاً "لوقف الهجوم على السفارة". وفي الساعة الخامسة مساء، تلقى ليفانون مكالمة بدأ بها دراما استمرت 13 ساعة، مع البعثة التي تتكون من 85 شخصاً، فيما لعب باراك أوباما الرئيس الأمريكي والسفيرة الأمريكيةالجديدة في القاهرة آن باترسون دوراً محورياً في الضغط على الحكومة الانتقالية المصرية لاتخاذ خطوات أكبر وإنقاذ الإسرائيليين الموجودين في مصر، حسب السفير. وتناول ليفانون في حديثه مع المجلة دوره أثناء الأزمة، وخوفه على موظفين الأمن الستة الموجودين في السفارة وجهوده الحثيثة لإنقاذهم. وقال إنه أجرى محادثات كثيرة مع مسؤولين مصريين لإنقاذ الموظفين المحبوسين في السفارة، موضحاً أن المسؤولين الإسرائيليين تابعوا الموقف من مركز قيادة في وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس، وكانوا على اتصال دائم به. وبحلول السابعة مساء، اتصل موظف الأمن الإسرائيلي بليفانون وأخبره بتكسير الجدار العازل أمام السفارة وأن الأمر يحتاج إلى ساعتين أو ثلاثة على الأكثر قبل أن تقتحم الناس السفارة. وقال ليفانون إن الموقف تصاعد عقب نقل قنوات تلفزيونية للحادث ما شجع آخرين على الانضمام "للغوغاء" وزيادة حشد الجموع عند السفارة طوال الليل. وصرح ليفانون للمجلة بأنه نجح في الوصول لمسؤولين مصريين، لكنه لم يعلن عن هويتهم، إلا أن المجلة قالت إن "هؤلاء غالباً مسؤولين صغار لم يكن باستطاعتهم الوصول لأحد قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمساعدة الإسرائيليين". فشل في الوصول لطنطاوي وفي القدس، كان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي قد وصل إلى مركز قيادة العمليات في إسرائيل لمتابعة الموقف المتدهور في السفارة الإسرائيلية في القاهرة. وتحدث نتنياهو مع ليفانون عبر الهاتف، ثم أصدرت الحكومة الإسرائيلية أمراً بإخلاء السفارة من الدبلوماسيين وعائلاتهم عندما نجح "مثيري الشغب" في تكسير الجدار بأكمله واقتحام السفارة، وكان الدبلوماسيون الإسرائيليون بحلول هذا الوقت موجودين في مطار القاهرة. واستقلوا طائرة عسكرية أرسلها نتنياهو للقاهرة. وأوضح ليفانون أن الإسرائيليين عرفوا أن الوقت يداهمهم عندما اتصل موظف الأمن به وصرخ في التليفون "لقد اقتحموا السفارة!". وأضاف ليفانون "كنت أستمر في الاتصال بكل شخص أعرفه، وأصرخ في الهاتف وأتوسل إليهم ليفعلوا شيئاً يوقف نهب السفارة، كنت خائفاً جداً". وكشف السفير الإسرائيلي أن نتنياهو فشل في الوصول للمشير حسين طنطاوي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، أو لمسؤولين مصريين كبار وقتها ولذلك اتصل بأوباما. وقتها كان ليفانون يرى على شاشة التلفزيون وثائق عبرية تتطاير من النافذة، ولأنه يتحدث العربية بطلاقة، كان يعرف ما يقوله الناس ويهتفون به تحت السفارة، واتصل به موظف الأمن الإسرائيلي "جوناثان" وطلب منه أن يقوم نتنياهو بإبلاغ عائلته في إسرائيل بأي شيء يحدث له بدلاً من أن يعرفوه من الإذاعة، ووعده نتنياهو بذلك. وبعد العاشرة مساء، اتصلت السفيرة الأمريكية آن باترسون بليفانون لتخبره بمجهوداتها مع المسؤولين المصريين ولتقديم المساعدة، فيما أوضح ليفانون أن المصريين الذين اقتحموا أحد أدوار السفارة، استطاعوا في فتح باب معدني واحد فقط وأخذوا وثائق منه، ولم يستطيعوا اقتحام بقية الأدوار بسبب منع الحراسة لهم. وقال ليفانون إن المصريين استجابوا بعدها لاتصالات باترسون، ووصلت القوات الخاصة المصرية "الكوماندوز" إلى السفارة لإنقاذ الإسرائيليين المحتجزين. وكشف أن الإسرائيليين نسقوا مع القوات الخاصة شفرة سرية تطمئن الإسرائيليين الموجودين في السفارة عند وصول القوات لإنقاذهم، "كان يجب على الكوماندوز أن يوضحوا أنهم الرجال الأخيار الذين جاءوا للإنقاذ وليسوا الأشرار"، حسب قوله. وكشف ليفانون أيضاً أن قوات الكوماندوز أحضرت معها "جلابيات" و"طاقيات" مصرية تقليدية، وأخرجت الإسرائيليين متنكرين من مبنى السفارة أمام الجموع الغاضبة. وفي الوقت نفسه، كان ليفانون وبعثته الدبلوماسية وعائلاتهم و27 طفلاً على متن الطائرة، لكنهم انتظروا الاطمئنان على سلامة الإسرائيليين الستة قبل الإقلاع بالطائرة. ووصلت إلى تل أبيب حوالي الساعة 6:30 صباحاً، فيما شكر نتنياهو على التلفزيون الإسرائيلي أوباما وباترسون على مساعدتهم في إنقاذ البعثة.