أثارت تصريحات رئيس لجنة تعديل الدستور المستشار طارق البشري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة سابقاً، بشأن انتهاء العمل بقانون الطوارئ وفقاً لنص المادة 59 من الإعلان الدستوري الذي صدر بموجب الاستفتاء الشعبي المؤيد للتعديلات يوم 19 من مارس/آذار الماضي؛ جدلا واسعا في الأوساط القانونية المصرية وصلت لحد الارتباك. وتناقلت جميع الوسائل الإعلامية المصرية والعربية الأربعاء تصريحات البشري التي اعتبرت بمثابة مأزق دستوري للمجلس العسكري، ولقيت ترحيبا شعبيا غيرمسبوق، إلا أن عددا من رجال القانون الدستوري أكدوا أنها غير قانونية أو دستورية. وقال الفقية الدستوري الدكتور عاطف البنا ل"العربية.نت" إن حالة الطوارئ التي كانت مفروضة منذ عهد الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك لا تنتهي إلا بأحد أمرين، أولهما انتهاء آخر فترة لمد العمل بها، أو أن تنتهي بمجرد صدور الإعلان الدستوري الجديد، باعتبار أن إقراره تم باستفتاء شعبي معلن. عاطف البنا: هل هو قرار من المشير؟ عاطف البنا عاطف البنا لكن ذلك لم يحدث ولا تلك، وأثير إعلاميا أنه تم مد العمل بقانون الطوارئ، ومن ثم استمرار حالة الطوارئ. والسؤال الأهم هنا: هل صدر قرار جمهوري بذلك من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي على اعتبار أنه القائم بأعمال رئيس الجمهورية حاليا، وفي هذه الحالة يكون قرار مد العمل بقانون الطوارئ ساريا لمدة ستة أشهر من تاريخ هذا القرار دون الحاجة إلى اللجوء إلى إقرار من مجلس الشعب، لأنه لا يوجد مجلس شعب حاليا، ولا يجوز مد العمل به مرة أخرى إلا بعد استفتاء شعبي عليه. ويضيف البنا: أما في حالة عدم صدور قرار من المشير طنطاوي بذلك، يصبح مجرد قرار حكومي لا يجوز العمل به إلا بعد إقراره من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومن ثم لا بد أن يعرف الشعب أولا هل هذا الإعلان بمد العمل بقانون الطوارئ صدر بقرار جمهوري أم حكومي. وأشار البنا إلى أنه لا يجوز أيضا الطعن على قرار استمرار حالة الطوارئ إذا كان بقرار من المشير، ولكن يجوز الطعن على تطبيقاته في حالة الاعتقالات وأي قرارات إدارية أخرى. وردا على سؤال "العربية.نت" هل تم احتساب مد العمل بقانون الطوارئ وفقا للإعلان الدستوري الجديد الذي تم استفتاء الشعب عليه يوم 19 من مارس/آذار الماضي، وبالتالي فإنه في يوم 20 من الشهر الحالي تكون انقضت مدة الستة أشهر، وهي الحد الأقصى لمد حالة الطوارئ، ومن ثم يصبح تحليل البشري في محله وضرورة عمل استفتاء شعبي في حال رغبة السلطة في مد الطوارئ؟. قال البنا إذا كان الأمر كذلك يصبح كلام البشري قانونيا ودستوريا، ولكن للأسف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يعلن وقت إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة أنه بصدد مد سريان قانون الطوارئ، وبالتالي يصبح احتساب هذه المدة باطلة، فلا بد من سريان القرار من تاريخ صدوره، أي في شهر سبتمبر/أيلول الحالي، وقتما تم الإعلان عن مد العمل بحالة الطوارئ. صبحي صالح: الإعلان الدستوري لا يغير القوانين القائمة صبحي صالح صبحي صالح وجهة نظر أخرى تبناها عضو لجنة التعديلات الدستورية المحامي صبحي صالح عضو مجلس الشعب السابق قائلا ل"العربية.نت" إن الجميع يتمنى انتهاء حالة الطوارئ الآن قبل غدا، ولكن قانونا فإن الإعلان الدستوري لم يغير القوانين القائمة حاليا، ومن ثم فإن حالة الطوارئ لم تلغ أصلا حتى بصدور الإعلان الدستوري الجديد. كما أن مدة العمل بحالة الطوارئ لم تنته بعد وسارية حتى شهر يونيو/حزيران 2012 وذلك بناء على آخر مدة لها، والذي تم بإقرار مجلس الشعب السابق في يونيو 2010 في عهد الرئيس مبارك ولمدة عامين، وبالتالي فهي سارية طالما بقي القانون. أما فيما يخص قرار المجلس العسكري بمد العمل بقانون الطوارئ، فقد قال نصا بأنه سوف يتم تفعيل القانون، أي إعادة استخدامه، بمعنى أن القانون كان متواجدا بالفعل وساريا، ولكنهم كانوا لا يستخدمونه وقرورا استخدامه، وهذا من صلاحيات المجلس وكذلك من صلاحيات كل سلطات الدولة التي لها علاقة بتفعيل استخدامات هذا القانون مثل وزارة الداخلية وأقسام الشرطة. وأوضح صالح أن إعلان تفعيل القانون ليس بحاجة إلى قرار جمهوري، لأن القانون بالفعل موجود ولم يصدر مرسوم بإلغائه، فالقانون لا يلغى إلا بقانون، وهذه قاعدة فقهية، موضحا أنه عند انتهاء فترة مد القانون الحالي في يونيو 2012 سوف نلجأ وقتها إلى الإعلان الدستوري لوقف حالة الطوارئ، فنحن كشعب لا نملك إلا انتظار انتهاء مدته. أما المجلس العسكري فله وحده القرار، إما الإيقاف أو التفعيل، وللأسف اختار التفعيل طبقا لرؤيته للظروف التي تمر بها البلاد. البشري: التعديل الدستوري ألغى فترة الطوارئ السابقة وكان المستشار طارق البشري قد أعلن أمس أن حالة الطوارئ تعتبر منتهية دستوريا ابتداء من اليوم 20 سبتمبر 2011، ولا يجوز لأي سلطة أن تعمل بقانون الطوارئ إلا بعد استفتاء شعبي على ذلك، حسب نص المادة 59 من الإعلان الدستوري الذي يحكم مصر حاليا. مشيرا إلى أن الإعلان الدستوري الذي بدأ تفعيل تعديلاته ابتداء من 20 مارس/آذار 2011، نصت على أن حالة الطوارئ لا يجوز أن تمتد لأكثر من ستة أشهر، وإذا أرادت السلطات العامة مد العمل بالطوارئ بعد انتهاء الستة أشهر، فإن عليها أن تلجأ إلى الشعب من خلال استفتاء شعبي تقرر فيه الأمة قبولها لمد الطوارئ أو رفضها لذلك، وأكد البشري أن الستة أشهر التي حددها الإعلان الدستوري تنتهي منتصف ليل 19 سبتمبر 2011، وبالتالي فإن اليوم الأربعاء 20 سبتمبر هو أول يوم تعيش مصر فيه حرة بدون حالة طوارئ منذ ثلاثين عاما. وفي اتصال هاتفي مع المستشار طارق البشري أجاب "العربية.نت" عن الأسئلة الشائكة بشأن الارتباك الذي أصاب الأوساط القانونية حول مدة انتهاء العمل بقانون الطوارئ تحديدا. قال البشري إن مد الطوارئ كان بالفعل محددا في 2010 بقرار من مبارك لمدة عامين، أي ينتهي في يونيو/حزيران 2012، إلا أن التعديل الدستوري الأخير الذي تم استفتاء الشعب عليه، وأصبح ساريا من يوم 20 مارس/آذار الماضي تضمن نصا لحالة الطوارئ وإجراءات فرضها، واضعا مدة لا تزيد عن ستة أشهر لمد الطوارئ، تبدأ بمجرد سريان التعديل الدستوري الجديد الذي تم الاستفتاء عليه، وبعد انتهاء هذه المدة لا بد من عمل استفتاء شعبي في حالة الرغبة في استمرار العمل به. وتابع: بالتالي نحن الآن أمام موعدين، أولهما يونيو/حزيران 2012، وثانيهما يوم 20 من شهر سبتمبر/أيلول الحالي، أي بعد انقضاء الستة أشهر. وطبقا للقاعدة الفقهية المعروفة والتي نعمل بها في مصر، والتي حددت سريان القانون من حيث الزمان، فإن انتهاء حالة الطوارئ تكون في الموعد الأقرب، وهو 20 من الشهر الحالي، دون الحاجة إلى الانتظار لشهر يونيو/حزيران 2012، ومن ثم فإن حالة الطوارئ انتهت بالفعل دستوريا أمس ولا يجوز مدها على الاطلاق ومن أي جهة، إلا باستفتاء شعبي طبقا للفقرة الأخيرة في المادة 159 من الإعلان الدستوري.