إنّها ليست قضية خاصة أبداً، ولكن الصدفة وحدها جعلت القلم في يدي لأكتب عندما حدث لشقيقي الطبيب المواطن (عبد العظيم النور محمد) الذي يعمل بمركز ود مدني لأمراض وجراحة القلب، والذي قام بضربه ثلاثة من عناصر الشرطة ومزقوا أوراقاً تضمن حقه في الحضور والتسجيل، ومن ثم حبسه في غرفة منفردة والتنكيل به، دون ذنب ارتكبه سوى ذهابه أمس إلى الإدارة العامة للسجل المدني مركز تسجيل الملازمين بمدينة أم درمان بغرض استخراج الرقم الوطني، وما حدث لأخي ليس موقفاً شخصياً ولكنه قضية عامة، بدأت تخرج ألسنتها مؤخراً، وتسيئ إلى جهاز هو محل تقدير واحترام الناس لفترات طويلة، ولعل الله قد وضع هذا الموقف أمامي لأرد به مظلمة أعداد متنامية من المواطنين، ممن يتعرّضون يومياً إلى الإساءة من بعض عناصرالشرطة، قبل أن أردها لأخي وهو أيضاً مواطن سوداني اُنتهكت حقوقه، ولألفت انتباه السلطات المسؤولة إلى تصرفات رعناء وظاهرة باتت تصدر في الآونة الأخيرة عن أفراد غير مسؤولين يحملون بطاقات هذا الجهاز الحساس، فيعتمون على السيرة المضيئة لكثير من العاملين عليها بشرف ونكران ذات لحماية أمن المواطن، ويضعون سمعة الشرطة السودانية على المحك، ما يقدح في شعار (الشرطة في خدمة الشعب)، وللعالمين ببواطن الأمور وبظاهرها يدركون أن مثل هذه السلوكيات والتصرفات من أجهزة الشرطة فجّرت ثورات وما حدث لجارتنا ليس ببعيد.. يا سعادة الوزير.. أخي مواطن صالح ويعمل بمهنة صالحة، بدأ يومه كسائر المواطنين حيث ذهب آمناً سالماً إلى تلك الإدارة، ليقضي غرضه وهو ينازع وقته للعودة إلى ود مدني وللحاق بمرضاه.. دخل في حوار كلامي سلمي مع بعض رجال الشرطة العاملين بإدارة السجل المدني المذكورة، مطالباً ببعض حقوقه فاقتادوه الى غرفة جانبية لينفذوا عليه بأنفسهم عقوبة (مدعاة)، تقمص فيها ثلاثة أفراد من الشرطة كل الأدوار (المتحري ووكيل النيابة والقاضي والجلاد وألغوا دور المحامي تماماً في هذه المحكمة الصورية) ومارسوا لتنفيذها ألواناً من البطش والتعذيب الجسدي والنفسي، لكموه في وجهه وبطنه ومناطق أخرى من جسمه، ركلوه بأرجلهم، واستباحوا أغراضه الشخصية وانتهى به يومه (مضروباً) ومنتهك الكرامة داخل هذه الإدارة..! باعتبارنا في دوله يسودها القانون بأي شرع يضرب شرطي مواطناً حتى وإن كان المواطن على خطأ؟ ما هو الأمر الجلل الذي يدفع شرطياً أن يأخذ حقه بيده - إنْ كان له حق - وينفذ القانون بعصا هو ينصب محكمته وعقوبته على مواطن أعزل، أليس هناك إجراءات قانونية يمكن أن تُتَبّع في مثل هذه الحالات؟كيف يتحوّل الشرطي من حامٍ للشعب إلى جلاد؟ وأين وكيل النيابة؟!.. وسؤالنا: من يحمي أخي وأمثاله من تجاوزات مثل هؤلاء الأفراد واستغلال سلطتهم بهذا الشكل غير الشرعي؟!.. نتوقع أن تتحرك وزارة الداخلية للتحقيق في مثل هذه القضايا، لأنها تسيئ إليها والى منسوبيها، وردع كل من تسوّل له نفسه استغلال منصبه للإساءة إلى المواطنين الأبرياء. الراي العام