إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    الشعبية كسلا تكسب الثنائي مسامح وابو قيد    مراقد الشهداء    وجمعة ود فور    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    كامل إدريس يدشن أعمال اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر    كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إتفاق الحريات الأربع حى ولكنه لا يرزق
نشر في النيلين يوم 08 - 04 - 2012

ليست دراساته المتعددة في التفاوض والعلاقات الدولية وأشياء أخرى ،هى التي دفعتنا لمحاورته، ولا محطات عمله المختلفة بشرق أوربا وشرقى آسياء وأفريقيا هى التي دفعتنا إلى ذلك، فالسفير بدر الدين عبد الله محمد أحمد، أحد سفراء وزارة الخارجية الذين يمسكون بواحد من أعقد الملفات وأكثرها إثارة للجدل، منذ أن إختارته قيادة الوزارة مسؤولاً عن إدارة الجنوب حديثة التكوين بالخارجية.. فكان هذا الحوار لمعرفة دواعى وجود مثل هذه الإدارة المنفصلة بالخارجية ،بينما الملفات الخلافية سواء أكانت أمنية أو نفطية أو حدودية في أيدى وزارات أخرى مثل الداخلية والدفاع والنفط، كيف ينظر سعادة السفير إلى الطريقة التي تسير عليها المفاوضات بين الخرطوم وجوبا بحكم عضويته لوفد التفاوض، وهل صحيح أن هجوم البعض العنيف على إتفاق الحريات الأربع ،أربك حسابات الوفد وجعلهم في حالة من التردد قادتهم لأن يعودوا إلى الخرطوم دونما إتفاق؟ وماهو الوضع الصحي الآن لإتفاق الحريات الأربع بعد النيران التي إشتعلت في هجليج وتلودي ولا تزال..
(الرأي العام) إلتقت السفير بدر الدين في منزله بأركويت عقب صلاة الجمعة وخرجت منه بهذه الإجابات:
*منذ متى وهناك إدارة مختصة بشئون الجنوب في وزارة الخارجية وكيف تم إختيارك لهذة الإدارة؟
- أنشئت الإدارة الجديدة في 16 يوليو من العام الماضي عقب الإنفصال، وربما أتى اختياري لإلتصاقي الطويل بنيروبي وكثير من دول المنطقة التي كانت مثل مطبخ لما يدور في السودان في ذلك الوقت، وفي وزارة الخارجية هناك ثلاث إدارات فقط تختص بدولة بعينها، هي إدارة شئون الصين، وإدارة شئون مصر، وإدارة جنوب السودان.
* ما دلالة تشكيل إدارة خاصة بالجنوب إلى جانب إدارتى الصين ومصر؟
- لا تنشأ إدارة لدولة إلا لاعتبارات خاصة تتعلق بأمننا القومي ومصالحنا العليا.
* الملاحظ أن العلاقة مع الجنوب فيها ملفات شائكة وهى من اختصاصات وزارات قائمة كالدفاع والداخلية والنفط، ما هو دروكم بالضبط في ظل وجود تلك الوزارات؟
- واحدة من التحديات التي واجهت الإدارة نقل الملفات المتعلقة بالجنوب من ملفات داخلية إلى ملفات ذات شأن خارجي، ومنذ تكليفي قمت بلقاءات مع طيف واسع من المسئولين ومن كانوا يديرون ملف الجنوب حينما كان داخلياً، التقيت بأكثر من عشرين شخصية، والهدف هو التعريف بالإدارة والوضع الجديد للجنوب وفهم طبيعة الملفات المختلفة وفهم رؤى الشخصيات التي كانت تمسك بزمام هذه الملفات لمستقبل العلاقات.
* هل هناك تنسيق محكم بين الجهات التي تمسك هذه الملفات أم هناك تقاطع ربما؟
- لأن الخارجية تولت الملف مؤخراً بعد الانفصال، فلا تعارض بينها وبين من كانوا يمسكون بالملفات، لكن التحدي أمام الخارجية الآن هو ضبط السياسات المختلفة لأجهزة الدولة وحتى القطاع الخاص لتحقيق مصلحة السودان.
* هل دوركم إشرافي أم أنه يأتي ضمن منظومة تلك الجهات العاملة في الملف؟
- العلاقة مع جنوب السودان فريدة بالنسبة لنا لأنها دولة كانت جزءاً من السودان، وأصبحت لها وضعية أخرى، والتحدي هو نقل هذا الملف عملياً وفي الأذهان إلى ملف علاقات خارجية، وأن يتعامل كل الممسكين بالملف معه كملف خارجي ،ويصب كل العمل في وزارة الخارجية ويمضي عبر الأطر الدبلوماسية، لأن استمرار التعامل المباشر بين الأجهزة والجنوب سيقود إلى حرج لأن دولة الجنوب تسعى لتأكيد نفسها واستقلالها وسيادتها، ونحن لا نعمل على احتكار الملفات بل تنسيق الجهود لتكون تحت مظلة وزارة الخارجية.
* في الجنوب، هل هناك إدارة مماثلة في وزارة الخارجية مختصة بالسودان؟
- نعم توجد إدارة شئون السودان في وزارة الخارجية والعلاقات الدولية بدولة الجنوب.
* هل لديكم اتصالات مع تلك الإدارة؟
- العلاقة بدأت قبل انفصال الجنوب حينما كان اسم الوزارة في جوبا التعاون الدولي والإقليمي، وهذا مهد لعلاقات سلسة بين الوزارتين بعد الانفصال، وهناك تبادل للدعوات بين الجانبين لزيارة البلدين لتصبح وزارتا الخارجية في البلدين رأس الرمح لتخفيف التوتر.
* في ظل وجود أجهزة وجهات مختلفة تدير ملف الجنوب، أين موضع إدارتكم بالضبط من هذه الجهات؟
- نحن لا نحتكر الملفات بل نشرف عليها ونتابع العمل ونقدم النصح ،وليس القصد من إنشاء الإدارة احتكار هذه العلاقة، بل ولاية الخارجية على العلاقات مع الدول الخارجية.
* إلى أى مدى يشكل هذا الواقع السياسي والعسكري المتوتر ضغطاً على إدارتكم خاصة وأن الأمور تبدو في يد العسكريين في البلدين أكثر مما هى في يد السياسيين؟
- العلاقات بين الدول لها سمات، أمنية أو اقتصادية أو ثقافية، ونحن في بداية مرحلة علاقتنا مع الجنوب، والكثير من الملفات القديمة حينما كنا دولة لا تزال تؤثر، وقد تظهر العلاقة كأن الشق الأمني يؤثر عليها، ولو تمت تهدئة التوتر سيهيمن الشق التجاري الاقتصادي بما فيه النفط، وستمضي المصالح المتبادلة والاعتماد المتبادل، والظروف الراهنة تجعل الصورة أمنية وعسكرية، ولو تمت الأمور كما تم الاتفاق مؤخراً ،فإن المجال الاقتصادي سيكون السمة البارزة.
* هذا يعني أن السمة الراهنة هي السمة الأمنية؟
- بسبب الظروف الراهنة، لكن حينما تتغير سيسيطر الطابع الاقتصادي.
* هناك من يقول إن دوركم الدبلوماسي قد يضعف الدور العسكري عبر الاتفاقات العديدة؟
- الدولة لها عناصر قوة عسكرية واقتصادية وتجارية وثقافية تستخدمها بما تراه مناسباً لتحقيق مصالحها، ولا تتناقض فكلها تصب في مصلحة بناء علاقات تحقق مصالح الدولة، ولا تستطيع أن تفصل، ومع دولة بعينها قد يكون هذا العنصر أو ذاك أكثر بروزاً.
* اتفاق الحريات الأربع، ما هو وضعه الصحي الآن؟
- هناك خلط، اسم هذا الاتفاق التعامل مع مواطني البلدين، والاتفاقية إطارية تتحدث عن مبادئ، ومسماها كيفية تعامل كلا البلدين مع مواطني البلد الآخر وتتكون من شقين، الأول تكوين لجنة عليا برئاسة وزيري الداخلية في البلدين لإدارة شئون مواطني البلدين في البلد الآخر، والشق الثاني أجندة أو موضوعات مقترحة لتناقشها اللجنة العليا ومن ضمن هذه الأجندة موضوع الحريات الأربع، وبعد أن تناقشه اللجنة وإن تم الاتفاق سيقدم للجهاز التشريعي ومجلس الوزراء وهكذا.
* أيمكن أن نقول إن إتفاق الحريات الأربع حي ولكنه لا يرزق؟
- نعم.. ضحك.
* الهجمة العنيفة على الاتفاق الإطاري من قبل البعض، هل أثرت على الوفد المفاوض؟
- تأثير الرأي العام على صانع القرار تطور في إدارة الدولة في السودان، ومتخذ القرار لابد أن يراعي الرأي العام الداخلي وأن يلبي طموحاته ويشرح له المواقف والخطوات، والتأثر إيجابي وليس سلبيا إن كان في سبيل المصلحة العليا للبلاد، وهناك أشياء كثيرة تؤثر على التفاوض من التفويض إلى أهمية الموضوع الذي يعالجه، وهناك رؤى استراتيجية لابد من استصحابها في التفاوض وهي التي تحكم توجه المفاوض.
* أنت تعترف بوجود تأثير للرأي العام على خطوات المفاوضين؟
- اتفاقية معاملة المواطنين في البلدين في انتظار اللجنة الوزارية، أما المسائل الأمنية فقد كان يؤثر عليها ما يجري على الأرض في هجليج وغيرها، لأن هذه تؤثر على المفاوض والرأي العام عندنا، والتأثير الأكبر في جولة التفاوض الأخيرة كان للتصعيد العسكري على عدة جبهات.
* هناك تساؤلات عن حدود التفويض الممنوح لكم كمفاوضين خاصة بعد رجوعكم في الجولة الأخيرة للمشاورة مع القيادة السياسية؟
- الأمر لا يتعلق بالتفويض بل بمدى فاعلية ما يتم الاتفاق عليه، وفي فبراير الماضي تم توقيع مذكرة تفاهم حول عدم الاعتداء والتعاون، وموضوعاتها ذات موضوعات مقترح الاتفاق الجديد، والتوقيع سهل، لكن الحديث الجاد من وفدنا كان أننا نريد اتفاقاً يفعل على الأرض، وهم لا يريدون الاعتراف بخط حدود 1 يناير 1956 وهو المرجع في اتفاق السلام وعند الأمم المتحدة، ومن ضمن الاتفاق هناك آلية للمراقبة من الجانبين والاتحاد الأفريقي، وقلنا لو وقعنا على الاتفاق فمن أين ستبدأ اللجنة عملها، وهم اعترضوا على حدود 1956 ولم تضمنها الوساطة الأفريقية في مقترحها، والجانب الآخر المهم هو المصداقية والشفافية، وحينما أتى وفد جنوب السودان هنا بقيادة باقان أموم تم الاتفاق على المصداقية والشفافية خاصة في المجالات الامنية ودعم التمرد من قبل الجنوب، لكن خلال جلسات التفاوض رفض وفد جنوب السودان الاعتراف بوجود عنصر واحد من حركات التمرد في الجنوب، وقالوا إن الموجود لديهم شماليون تجار، فهل يمكن أن يحدث أي تقدم في هذا الجانب هكذا..؟ والأمر الثالث الذي دعا وفدنا إلى العودة للتشاور هو فك الإرتباط بين الأفراد الذين ينتمون للفرقتين التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي وبين الجيش الشعبي، وهم قالوا إنهم فكوا الارتباط منذ التاسع من يوليو، فقلنا إن هذا يجب أن يكتب في وثيقة رسمية تقدم للاتحاد الأفريقي، أنهم فكوا الإرتباط، وبعدها تكون هناك متابعة ومراقبة، لكنهم رفضوا ولم يضمن الاتحاد الأفريقي ذلك في مقترحه، ونحن نعلم أن الرواتب والمعدات العسكرية للفرقتين تأتي من الجنوب.
* لماذا لم تضمن الآلية الأفريقية طلباتكم في مقترحها ومتى ستعودون للتفاوض من جديد؟
- الآلية الأفريقية تبذل جهودا كبيرة للتوفيق، وكان القرار بالعودة للسودان والتشاور مع كل الأطراف المعنية، واقترحنا أن تكون العودة بعد عشرة أيام، والوساطة تحدد التوقيت بالتشاور مع الطرف الآخر.
* هناك من يقول إن حراك الوساطة لا يؤدي إلى طحين، هل أنتم راضون عن أدائها؟
- نحن راضون عن أداء الوساطة، والموضوعات التي تعالجها معقدة، وتعنت الطرف الآخر يؤدي إلى إفشال جهود الوساطة، وكانت لهم مقترحات توفيقية في النفط قبلها السودان ورفضها الجنوب، والوساطة تفهم هذه الملفات بطريقة لا تضارع.
* هل تعتقدون أن دولة الجنوب جادة وراغبة في الوصول لاتفاق مع السودان، أم أنهم يتوقعون سقوط حكومة الخرطوم بعد إيقاف ضخ النفط لذلك لا ينفذون ما يتفقون عليه؟
- مذكرة التفاهم حول عدم العدوان كانت إطارية وكانت تحتاج لتفصيل ،ولم تكن فيها آلية لتنفيذها، فقط يمتنع البلدان عن العدوان لكن ليست هناك آلية لتحديد المخطيء والمصيب، والمقترح الذي تم تقديمه لاحقاً هو آلية من أتيام متابعة للخروقات، ونحن نأخذ الناس بما يظهرونه، وما أظهره وفد الجنوب في الجولة الاخيرة وفي زيارته للخرطوم كان إيجابياً بالقياس لما سبق، وأعتقد أن حدوث تحول كبير من المشاكسة للتعاون يحتاج لزمن.
* استخدمت مفردة المشاكسة، هل ترى أن ما يحدث الآن امتداد لمشاكسة الشريكين القديمة أيام نيفاشا، أم تصادم مصالح موضوعية لدولتين؟
- التشاكس لا يأتي من فراغ وتكون له معطيات إقليمية أو دولية أو ديناميات داخلية.
* هناك من يقول إن حكومة الجنوب لن توقع اتفاقا حول النفط إلا بسعر زهيد، ولا توقع اتفاقا حدوديا إلا إذا ضمنت أبيي، ولن توقع على اتفاق سياسي إلا إذا ضمنت عودة جناحها السياسي في الشمال للخرطوم عبر شراكة جديدة؟
- ما يقدم على طاولة التفاوض تكون سقوفاً عالية جداً ،وبعد الحوار وجهود الوساطة يتم النزول للسقف الحقيقي وعلى أساسه يتم التفاوض، ولا يوجد تفاوض تخسر فيه كل شيء أو تكسب كل شيء، وقوة كل دولة في مقابل دولة أخرى تحكمها أشياء كثيرة، ومن ينظر للسودان والجنوب يمكن أن يقارن بين دولة لها خمسون عاما من الرسوخ والإمكانيات، وبين دولة ناشئة جديدة وبنيات أساسية ضعيفة.
* من يملك أوراق قوة أكبر..السودان أم الجنوب؟
- أترك لك التقييم والنتيجة بديهية..
* المقارنة ليست بين دولتين بل بين حكومتين..الفكرة مثلاً أن حكومة الجنوب لم تعتد تقديم خدمات.. بينما الحكومة في الخرطوم تحاصرها الكثير من المسئوليات؟
- أية دولة يمكن أن تتعرض لصدمات لكن قدرتها على امتصاصها تعتمد على قوة بنية الدولة، وليس على مورد واحد كالنفط، وما قلته لا يعني أن شعب الجنوب ليست لديه طموحات، وكانت هناك صورة وردية لمواطن الجنوب عن الواقع بعد الانفصال، والسودان تحت الضغط لأكثر من عشرين عاماً ورغم ذلك نحن من الدول الأسرع نمواً في أفريقيا بشهادة صندوق النقد.
* وفد الجنوب الذي زار الخرطوم أبدى روحاً إيجابية، ما السر وراء تغيرهم المفاجىء ذاك؟
- بدأوا في تقييم علاقاتهم بالسودان بشكل صحيح، وقبلها كان الماضي يؤثر عليهم بانفعالاته، وحينما تواجه أية دولة واقع حاجات المواطن تبحث عن مصالح المواطن.
* حدث اعتداء في هجليج أثناء وجود الوفد في الخرطوم؟
- الوفد الذي أتي كان كبيراً برئاسة باقان ويضم وزراء الدفاع والداخلية ونائبه والخارجية والشئون البرلمانية ووزير الدولة في مجلس الوزراء والاجتماعات تسمى اجتماعات الآلية السياسية الأمنية المشتركة لتنفيذ اتفاقيات عقدت في المجال الأمني، ولمرتين يذهب من جانبنا وزير الدفاع ويحضر من جانبهم وزير الدولة أو نائب وزير الدفاع، وفي هذه المرة كان وفدهم كبيراً، وربما يكون هناك تغيير إيجابي لكن التأكد من هذا يحتاج لعدد من الاختبارات، دعنا نتفاءل ونحن لسنا ساذجين، ونحكم على الأشياء بموضوعية.
* الموضوعية والعقلانية كانتا مبعث هجوم عليكم من قبل منبر السلام العادل وآخرين، ويعتقدون أنها عقلانية غير مطلوبة الآن، إلى أي مدى تأثرتم بذلك الهجوم؟
- المفاوض عن أية دولة كالجندي ،يجب أن يحمي ويدعم ويكون خلفه كل الشعب والقوى الحية في المجتمع ،ولا ينبغي أن يخذل لأن الامر ليس شخصياً، والمفاوض لا يذهب برغبته للتفاوض نيابة عن الحكومة، بل تختاره الحكومة.
* لكن يعاب عليكم كمفاوضين تقديم كثير من التنازلات ويتهمونكم بالانبطاح؟
- الوفد ينظر للأمور نظرة كلية والرؤى الاستراتيجية هي التي تحدد مسار المفاوض السوداني، ولو نظرت للملف من اتفاقية واحدة ربما يكون هناك خطأ في التقييم.
* ما هى أبرز العقبات التي تعيق خروج البلدين من حالة الاحتراب إلى مربع الاستقرار؟
- لابد من إرادة سياسية فعلية قوية في التعايش وتبادل المصالح.
=مقاطعة=
* كأنك تعني أن الإرادة السياسية غائبة في الجنوب؟
- نعم، وثانياً بناء الثقة، وهناك عدم ثقة جنوبية فيما يأتي من السودان، وهذا يحتاج لزمن كي يصلح، ربما سنوات، والاقتناع بالعيش في سلام واعتماد متبادل، وكل ما يحدث الآن في العلاقات بين البلدين طارئ.
* تعني أن التكتيكي الآن يغلب على الاستراتيجي في علاقات البلدين؟
- نعم.. والاستقرار يحتاج لبعض الوقت خاصة من جانب الإخوة في الجنوب.
* لماذا التمثيل الدبلوماسي بين البلدين منخفض ولم يتجاوز بعد مرحلة القائم بالأعمال؟
- لأنها البدايات، ومنذ اليوم الأول لاستقلال الجنوب وقعنا اتفاقية التمثيل الدبلوماسي، والرئيس البشير افتتح مقر السفارة السودانية في جوبا بعد مشاركته احتفالات الاستقلال، وقدمنا لهم مقراً هنا وقدموا لنا مقراً في جوبا، وبدأنا ممارسة عملنا الدبلوماسي في جوبا منذ اليوم الأول، وهم تأخروا لأسباب إدارية كما فهمنا منهم.
* برأيك السيد السفير لماذا لم يتم قبول ترشيح د.مطرف صديق حتى الآن سفيراً في جوبا؟
- هذا شأن سيادي للجنوب وعادة لا تنتظر الدولة الأخرى أسباباً لعدم قبول الترشيح.
* هل تعتقد أنك سفير غير محظوظ كونك مكلفا بإدارة الجنوب الشائكة لدرجة يصعب معها إحداث نجاحات كبيرة؟
- بالعكس، انا سعيد بوجودي في هذه الإدارة التي تتسم ملفاتها بالحيوية الكبيرة، وأشكر قيادة الوزارة لثقتها وتكليفي بهذا الملف.
حاوره: مجاهد بشير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.